أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ -Wuthering Heights















المزيد.....

الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ -Wuthering Heights


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 21:49
المحور: الادب والفن
    


الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ
لم تكن تفعل ايميلي برونتي التي ماتت بالسل أكثر سوى الجلوس فوق المرتفعات ,لتروى ما يحدث في ذلك الجزء الضيق من العالم من انكلترا وخصيصا في "يوركشير الريفية " حيث لا يوجد ضجيج ولا ضوضاء ولا اسواق ولا حركة ولا إزعاج , بل طبيعة غناء وموسيقى شعرية رائقة وعالم داخلي يموج بالقرب من المدفأة المشتعلة الذي يحيط بها هثكليف وهاريتون , طيلة رواية هذه النوفيلا ,فهي رواية لا تتجاوز المائة وعشرين صفحة, ترويها على لسان الخادمة نيلي دين اثناء خدمتها الطويلة لهذه العائلة . فما عسى عجوز مثل دين أن تسرد لمستأجر جديد للبيت أن تسرد في الإمسيات الباردة سوى قصة ذلك البيت الذي عاشت فيه كل عمرها - عشرين عاما وهي خدمة العائلتين التي تدور حولهم هذه القصة , مات الكثيرين في سن صغيرة ومات كل سكان المرتفعات وسكان البيت , وبقيت الخادمة لوحدها لتسرد لنا قصة الفتى الصغير الأسود اليتيم -الذي حمله الأب العطوف من أحد أسواق المدينة المكتظة بالمشردين واللقطاء والأيتام وقدمه هدية لعائلته - التي رفضته ماعدا الفتاة الصغيرة التي بقيت مرافقة له في نمو مزدهر للحب الطفولي , حتى بلغوا سن الشباب , ولكن كل ذلك الحب المتعربش بخلايا الروح ,لم ينفع الطفل اليتيم في الزواج من كاثي في ظل طموح كاثي بزيجة أكثر رقيا , فاختارت غيره , ا ادجار الفتى الوسيم النظيف والمحامي اللامع وهرب هثكليف من حياتها بعد سماعه انها اختارت ادغار بكل ارادتها وبدون ضغط اسري ,ولذا اختار الانتقام حتى آخر حياته .
تقول الخادمة في صفحة 320 سألت نفسي" لكن من أين جاء ذاك الصغير الأسود الذي آواه رجل صالح ليحطم عائلته؟"
أو لنقل - بالأحرى ليحطم نفسه ,فقد لازمته كاثي بعد موتها السريع لعشرين عاما تزوره وتبكيه كشبح يطرق نافذته كل يوم , وبقي طيلة تلك المدة يعاني ولم ينس ولم يغفر,,,
وما اشد ذلك وقعا على نفوس القراء فقد مات هيثكليف أخيرا , وبقي بيت المرتفعات مهجورا , تأكله الذكريات ,وذهبت النسخة الأخرى من كاثي وهيثكليف ليتوحدوا بدلا منهم في نفس البيت الجيل الثاني من ابناءهم فقد ارغم هثكليف ابنه من ان يتزوج ابنه كاثي , وبدأت قصة اخرى من الحياة .
الرواية وبعد عشرين عاما من القراءة الثانية بدت مختلفة ,,, وجدتني اتمحص بما فيها من جمال , حيث بساطتها وندرة افتعال الأحداث المثيرة بداخلها , فقد كانت تجري الأحداث برتم عادي ومريح يناسب البيئة الرعوية المنعزلة , وكم راعني حجم ما قلدت في روايات معاصرة ,ولكنه تقليد صحي ومطلوب حيث التقنيات البسيطة والشكل المحدد سلفا وتصاعد الأحداث بشكل يملأ صفحات بيضاء قد يبدو مملا في عصرنا هذا ولكنه رتم ذو ايقاع مناسب لذلك الزمان ,فالرواية كتبت في القرن الماضي وبقيت ملاصقة للحدود والأطراف القريبة من الجو الريفي الذي كانت تتسم به تلك البلاد من الجفاء والعزلة - وخاصة أن الجو العام للمزرعة والتلال والبيت كانت تفوح مع رائحة الخبز المحمص وبدت قصة الغرفة المسكونة التي تعشعش بروح كاثي ,وبكاء هثكليف المرير لقصة الحب القديمة التي نبتت وقصت جذورها بعنف النزعات البشرية والطبقية المقيتة التي تفرض نفسها على الأحداث .
قصة بقيت معلقة على تلال تلك المرتفعات تبوح بما كان من حب عظيم يحمله هثكليف , لكاثي -التي خانته مع أول فرصة زواج لائقة.
والمعلوم ان قصص الحب وحدها على امتداد العصور هي التي تجعل أكثر الروايات خلودا .
صحيح , أن نوازع ومآسي الحب واحدة في كل العصور والأزمان ولكنه هنا ذو رائحة متسربلة بالحنين و مشبعة بكثافة الندم والوجع والانتقام الذي لا ينتهي بل والاحتراق بكل ما يحمل من تلاشي .
ان الجو العام للمزرعة والتلال والبيت لم يظهرا في التقليد بل فكرة المكان القصي فرضت نفسها والعزلة التي هي مؤشر لعزلة داخلية تعاني منها الشخصيات , ان شخصية هثكليف هي شخصية تستحق أن تدرس وتمحص كشخصية مريضة بالحب وكيف اظهرت هذه الشخصية المتألمة بكل تفاصيلها .
واظهرت كيف ان الفشل بالحب قد يولد قسوة عنيفة في الروح وفي السلوك ,وأن كلما كان الحب كبيرا كلما كان الألم مضاعفا وكلما خلف جروحا ناتئة بالروح لا تمحى .
أن المحب الذي يقسو كما ظهر في هثكليف إنما يدل على أنه حب مغروس في نسغ الروح وليس حبا من ذاك الذي ينسى بعد أول خصام .
حب نما في الأحراش وفي الحقول وتغلغل في الروح اليافعة ونما وئيدا وعلى نار هادئة ولم يكن حبا مسلوقا من ذاك الذي يشيع في مجتمعاتنا ,انه حب الطفولة الذي نما وترعرع في احضان الحياة البرية, حب بدائي وطاغ , حب يجعلك بكل ما فيه من انتقام .تنحني له خشوعا .انه باختصار يعمق معنى كلمة الاحتراق بكل ما في هذه الكلمة من رماد.
إن فقدان محبوبته , جعله يتألم وجعلنا نتألم معه ,إن انعكاس وجهي في شاشة اللاب توب وأنا احضر الفيلم , رسم ملامح لم يكن لي أن اتسنى بأن ارصدها لولا أن رأيت تفسي وملامح ألم وتجاعيد تجتاحني وأنا ارصد عذابات هثكليف .
ماتت كاثي واستراحت , ولكن هثكليف من يعتني بأمره !
الرواية سردت عبر ثلاث اشخاص منها مذكرات كاثي و شخصين ساردين للعمل هما الخادمة التي عاصرت اجيال العائلتين والمستأجر الجديد الذي لمح طيف وشبح كاثي في النافذة .وهي تترجاه أن تدخل .
ان الايحاء بأن هثكليف هو ابن احدى الغجريات , قد اعطى تصديقا لتلك الأرواح الهائمة في البيت وهذا يحيلنا الى أن الفيلم بنسخاته العديدة قد لعب المخرجين باحداثه , ففي1992 لعب رالف فاينس دور هثكليف ,وقد اجاده ليس بكونه دور الظالم والشرير بل أنه صور لنا كيف يغير الإنتقام من روح المحب , وحتى وهو في قمة استبداده يظهر مشاعره المكبوتة , ففي لقطة استدعاءه من هاريتون قال له عبارة تصف احواله هو متعجبا : عد الى البيت ,لديك رفقة , لا أعلم كيف تتحمل تركها .فقد ذكره منظرهما برفقة كاثي التي كان يحصيها في ورقة ويدون فيها الأيام التي لم يرها فيها .
أما في نسخة عام 1970 انتهت الرواية بموت هثكليف مباشرة بعد موت كاثي ودفنها بالمقبرة
وفي نفس نسخة 1970 . كانت الأم تعتبر هثكليف انه ابن زوجها من غجرية حيث ظهرت في الفيلم وهي تتحدث عن ميراث ابنها فقال لها الزوج الطيب , أنه لم يمت بعد وأن ميراث ولدها لن يمس .في محاولة لتطمينها .فهل كان هثكليف اخ لكاثي وهل كان فراق الحب ضروريا بسبب ذلك ,وهل كانت ايميلي فعلا توحي بذلك .
في الحقيقة , نحن لا نعلم ولكننا سمعنا ان ايميلي وهي تكتب الرواية كانت تكتبها كقصائد شعرية اولا وربما هي التي ستكون سببا لمعرفة ان فراق كاثي وهثكليف كان سببه هو رابطة الاخوة بينهم ولذا فكان فراقهم عنيفا لذلك السبب أم أن الأمر لا يتعدى خيال المخرج بابتداع ذلك الحوار ليبرر مخاوف امرأة فجأة وبدون تمهيد ,احضر زوجها صبيا غجريا بعمر ابنته ,وجعله فردا من العائلة .الجدير بالذكر أن العمل الأدبي لإيميلي لم يحظى بأي نوع من التقدير إلا بعد موتها ولكن من المهم ذكره أن طريقتها في استكمال العمل عبر تعدد الساردين اعطى للعمل صفة التجديد ,وأن كان السارد الآخر أضاء جانبا واحدا من روح شخصيات وجوانب هذا البيت ,ومع طريقة الفلاش باك التي تم فيها استرجاع الإحداث مع زمن سابق , تكون هذه الرواية نموذجا لعمل روائي بدائي متقدم عن زمنه لمدة قرن .



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف قام charelle Wilson بتمويل المجاهدين الأفغان لدحر البعبع ...
- رحلة صباحية سيرا على الأقدام
- شيفرة دافنشي ودراسة عن التوافق بين الرواية والفيلم .
- شجرة جوز في الهند والزهايمر وأشياء اخرى
- سبع رسائل لسبع شخصيات وحرب عشواء
- الفيل الذي يجب ان يعرف من يمتطي ظهره.
- -A Hologram for the King - توم هانكس والسعودية والفيلم الممن ...
- غاتسبي العظيم والحب الذي قتله
- سيدفعون وهم صاغرون
- الجامعات ليست للبيع و لا لشراء الولاءات والاصطفافات السياسية
- عالم متصهين ومجزرة نيوزلندا الجديدة
- كشك الزرعيني والاحتفال بمكر المرأة العالمي
- يا له من عالم طريف ! قراءة في رواية عالم جديد شجاع
- ظاهرة شحادة و وسيم يوسف
- تسييس الرياضة والفوز المكبل
- إبكي ايتها الصغيرة - نقولها إلى وزيرة الرياضة في الكيان الصه ...
- ملفوفا بسجادة
- ماركات و مجوهرات لاتصنع كينونتك
- دروع بشرية و رهائن لخدمة شعب الله المحتار
- حقائب ثقيلة و مراييل طالبات لا تتغير و يا غريب كن أديب


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ -Wuthering Heights