أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبد الخالق كيطان - المثقفون العرب وأم الحواسم: الحيرة واليقين في مخيلة مواطن عراقي















المزيد.....

المثقفون العرب وأم الحواسم: الحيرة واليقين في مخيلة مواطن عراقي


عبد الخالق كيطان

الحوار المتمدن-العدد: 445 - 2003 / 4 / 4 - 02:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 
مرة أخرى نقف أمام حمى البيانات التي أصابت المثقفين العرب في الآونة الأخيرة، وبالطبع فقد أصبحت ( قضية فلسطين ) قضية قديمة حقاً بالنسبة لهؤلاء المثقفين فأداروا أفواههم وأقلامهم للقضية الأحدث، وهي قضية العراق!
حرب بيانات قادها المثقفون العرب، وبجدارة يحسدون عليها، كان العراقيون يملكون فقط أن يتفرجوا عليها فهم من وجهة نظر أصحاب تلك البيانات يقفون في خندقين لا ثالث لهما : عملاء للأجنبي أو خدم في حاشية النظام.. أما إذا تجرأ أصحاب القضية ذاتها وأصدروا بياناً يدعو سبب الخراب الأول إلى واقعية الخيار بترك العراق وشأنه اتهموا من جديد بعمالتهم للأجنبي، لا بل للأمريكي تحديداً ….
مناسبة هذا الحديث هو ما نشرته جريدة السفير البيروتية مؤخراً تحت عنوان : بيان من مثقفين عرب وغير عرب ضد الحرب على العراق.. ولعمري أنها يافطة ملائمة كثيراً لكي يعبر العديد من المحسوبين على الثقافة العربية من موقفهم السابق المعلن أيضاً من نظام صدام حسين .. فلقد وقع على هذا البيان، والذي دعت إليه كما يبدو مجلة الآداب البيروتية، أسماء لا رابط بينها حقاً، فهنالك مثلاً المعارض الأردني المعروف جداً ليث شبيلات جنباً إلى جنب مع الروائي الشهير عبد الرحمن منيف.. وهناك أيضاً حياة الحويك عطية وموسى حوامدة وجمال الغيطاني موقعين على ذات البيان الذي وقعه فيصل دراج ونزيه أبو عفش وحيدر حيدر ….. وقائمة المتناقضات هنا تطول بالنسبة للأسماء الموقعة على هذا البيان التاريخي، الوثيقة، ولكن ينقصها حقاً أسماء مهمة مثل عضو مجلس الشعب المصري السيد عماد السعيد الجلدة والممثلة المعروفة رغدة والسيد معن بشور والكاتبة حميدة نعنع والسيد محمد المسفر فهم أولى بالبيان من بعض الموقعين عليه لأسباب ليست خافية على اللبيب..
سأعترف أولاً بأنني صغير بالسن والتجربة إلى الحد الذي يمنعني من فهم ما يفهمه الموقعون على هذا البيان ورؤية ما رأوه، حصيلتي سنوات طويلة من ثقافة حزب البعث العربي الاشتراكي التي فرضت عليّ حيث ولدت وقد كان الحزب قد استلم نظام الحكم في العراق، وعشت سنواتي تلك دون أن أسمع رأياً غير رأي الحزب ولم أر صورة غير صورة القائد، وكنت في بغداد أرى دائماً العديد من الذي وقعوا على هذا البيان ضيوفاً في فنادق العراق الراقية ضيوفاً على الحكومة العراقية يصرحون لصحفها وتلفزيونها بجد واجتهاد وهم يكيلون المديح الثر لقيادتها التي أعرفها جيداً، فلقد تربيت عليها، وقد قلت ذلك! وما أن تنفست الهواء النقي، سمه هواء الحرية إذا شئت، خارج وطني حتى استطعت أن أفهم وأتفهم الكثير من أسباب تلك الزيارات المستمرة بإصرار كبير.. ثم تبصرت في حشود المثقفين العراقيين الضخمة التي تعيش في المنائي والمنافي، بعضهم امتدت به سنوات النفي والنأي حتى شارفت الثلث قرن مضى ( ياه … ثلث قرن بلا وطن! يا لهم من مجانين! ) وأقول تبصرت في أحوال هذه النخبة العراقية المحرومة من فخامة الاستقبال في فندق المنصور ميليا والرشيد والشيراتون.. محرومون من حظوة اللقاء بالسيد الرئيس ومكارمه السخية، والتي وصلت كما هو معلوم إلى كوبونات النفط العراقية، محرومون من الكتابة في الجريدة التي كنت أعمل فيها، جريدة القادسية، وغلاظة رئيس تحريرها والذي صار رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ( لعلكم تتذكرون أنه كرسي الجواهري أيضاً ).. محرومون من الكثير من النعم التي عاشها ويعيشها المثقفون العرب …
وأعود إلى بيان السفير حيث يقرر الموقعون عليه بقطعية ثابتة ونهائية إن غايات الولايات المتحدة الأمريكية من حربها الحالية هي : ( وضع اليد الأمريكية على النفط العراقي، العبث بمستقبل العراق ووحدته الوطنية والجغرافية، ودعم تصورات اسرائيلية تجدد المأساة الفلسطينية التي لا تنتهي ) وبصراحة فأنا، على قلة حيلتي، وجدت في هذه الأسباب أضعف من أن تضحي أمريكا وبريطانيا وأستراليا بابنائها من أجل تحقيقها خاصة إذا ما علمنا : إن النفط العراقي هو أرخص نفط العالم بالنسبة لأمريكا، بل أن القيادة العراقية كررت في مناسبات عديدة استعدادها للتفاوض مع الأمريكان بشأنه واللبيب يفهم أن القيادة العراقية كانت مستعدة إلى ما قبل الحرب بدقائق أن تمنح هذا النفط بلا مقابل سوى تجنب الحرب التي تتقصد إزاحتها من على كرسي الحكم …. ناهيك عن أن العراقيين طيلة العقود الماضية كانوا يكفرون بالنفط الذي أوصلهم إلى أن يكونوا أفقر شعوب الأرض قاطبة.. أما مستقبل العراق ووحدته الوطنية فلعل المثقفون العرب نسوا، أو بالأحرى تناسوا عن حقيقة أن الوطن العراقي قد تعرض لأعنف تهديد من قبل النظام الحالي بدليل : الحياة في كردستان العراقية الخارجة عن سلطة بغداد منذ أكثر من عقد كامل من السنوات، ثم التغيير الجغرافي والديموغرافي الذي لحق بمناطق واسعة من العراق استناداً إلى حكمة القيادة العراقية الشهيرة في مناطق الأهوار على سبيل المثال، ثم هجرة الملايين من العراقيين غير المسبوقة ناهيك عن روح العداء التي استحكمت في عقول العراقيين تجاه كل ما يمت بصلة لحزب البعث ومبادئ القومية العربية التي ما برح النظام يستخدمها لتبرير غزواته العدوانية وحملات قمعه المنظم … وأخيراً فالمضحك المبكي هو ما ساقه المثقفون العرب حول دعم التصورات الاسرائيلية، وكأن الأمريكان وحلفائهم لا ينقصهم غير تغيير نظام الحكم العراقي لدعم التصورات الاسرائيلية، يا للعجب …. فقد أصبح النظام العراقي اليوم يهدد التصورات الاسرائيلية في الوقت الذي يجد العراقيون فيه هذا النظام داعماً لتلك التصورات بشكل فعال … و لا عجب في ذلك ما دام الأشقاء الفلسطينيون يصرون جهاراً على الهتاف لصدام في الأراضي المحتلة : ( بالروح بالدم نفديك يا صدام ) بل أن قيادات فلسطينية كثيرة طالبت العراقيين بتنفيذ عمليات انتحارية دفاعاً عن النظام.
هذه هي غايات الحرب على نظام صدام الدائرة رحاها حالياً في أرض العراق من وجهة نظر المثقفين العرب.. والتي وجدت نفسي أمامها حائراً : الحيرة من هذا الشقيق الذي لا يعنيه من محنتي غير شعار غدا قديماً وبدا كاذباً لجهة الموت الذي أعيشه ويعيشه أبناء جلدتي يومياً في العراق وعلى مدى عقود طويلة.. والحيرة من كون المثقف العربي يريد أن يبدو أكثر تفهماً مني، أنا أبن هذه الأرض، بتاريخها وجغرافيتها، بهمومها وآلامها.. والحيرة من كون هذا المثقف يريد أن ينسيني عنوة مظاهر احتفاءه بحارس البوابة الشرقية.. والحيرة من كون هذا المثقف لا يريد فقط أن ينسيني مواقفه الثابتة في الدفاع عن الجلاد الذي أذاقني ويلات لا يمكن عدها أو حصرها بل يناورني بالقول أنه ضد تدميري القادم من قبل الأمريكان وحلفائهم.. أنه يحيرني عندما ينعتني بالعمالة وأنا الذي يبكي كلما ذكر أسم العراق أمامي، يحيرني أيضاً موقفه الواضح من رفاق الكلمة، الأشقاء كما يسميهم، ليسوا الذين قضوا في معتقلات التعذيب الرهيبة، بل أولئك المحرومون من وطنهم فلا يسمعون من المثقف العربي غير تهم التخوين والعمالة.. يحيرني أمر المثقف العربي أنا العراقي الذي ما عرفت في حياتي غير قيادة واحدة في العراق هي قيادة صدام حسين وما شاهدت صورة غير صورته وما ذقت عذاباً إلا عذابه وما سمعت بقسوة إلا قسوته وما نلت أذى إلا أذاه وما بكيت بحرقة إلا بسببه..
أخيراً، طال الزمن أو قصر، فالعراقيون سينالون حريتهم المفتقدة.. عند ذاك فقط ستذهب حيرتي ويحل محلها اليقين الصافي.. اليقين الذي لن يصله أبداً منظرو الدم والطغيان..

*-  شاعر عراقي مقيم في أديلايد
خاص بأصداء  

 



#عبد_الخالق_كيطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبد الخالق كيطان - المثقفون العرب وأم الحواسم: الحيرة واليقين في مخيلة مواطن عراقي