أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - خيري شلبي















المزيد.....

خيري شلبي


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 6323 - 2019 / 8 / 17 - 15:06
المحور: سيرة ذاتية
    


كانت حياة المبدع خيري شلبي رواية مدهشة ثرية بالخبرات والتجارب التي تضيق بها حياة فرد واحد، ما انعكس على غزارة اعماله وثراء عوالمها، هذا ما تحدث به صديق عمره القاص ابراهيم اصلان في مقابلة اجرتها معه القناة الالمانية (dw) في سبتمبر 2011 العام الذي توفي فيه شلبي الملقب بـ(وتد الرواية المصرية).

يقول اصلان انه كان يخشى بشدة المستقبل - وخاصة بعد حالة الارتباك.. نحن نعيش في حالة من الالغاز، وبدأنا نتأقلم مع هذا الوضع.. وللاسف فصيل، مثل فصيل الاخوان المسلمين اطمأن إلى ان الامور قد اصبحت مهيأة بالنسبة له فتخلى عن رفاق الثورة تقريباً وعن الذين قاموا بها. وعندما يخرج الناس ليطالبوا بتصحيح المسيرة فإنهم لا يخرجون معهم، مع ان تصحيح المسيرة اصبح فرض عين، ثم تفاجأ - وهو يعني شلبي - بهذه الجحافل من السلفين الذين لا تعرف من الذين اخرجهم؛ فطبعاً هناك خوف من ان تصبح مصر دولة دينية، مصر لا يمكن ان تكون طالبان او افغانستان، هذا لا يتواءم مع الحالة التاريخية بشكل عام، ولا مع تكوين المواطن بشكل عام، المصريون اكثر شعوب الدنيا تديناً.

المصري متدين ولكنه يحب الحياة، متدين في النور، وليس في العتمة، كما لا يمكن الاستهانة بكتائب لا اول ولا آخر من الليبراليين والمستنيرين الذين يتطلعون الى دولة تصون حقوق المواطن وكرامته وتمنحه حريته، هذه قوة لا يستهان بها على الاطلاق، مخاوف خيري شلبي مشروعة، لأنه كان يرى أن هذا إن حصل فستكون نهاية سوداء بالنسبة لمصر.

روايات خيري شلبي تنبض بالحياة، ومن طالع روايته البديعة «موال البيات والنوم» أو روايته المشهورة «وكالة عطية» او «صالح هيصة» يعرف انه لم يكن يكتب من وحي الخيال، بل من قلب الحياة، وبالتالي كيف كانت مكانة شلبي في الأدب المصري المعاصر؟ ولماذا تجاهله النقد؟

لم يكن - كما يقول اصلان - شلبي سواء حالة خاصة جداً يكتب بكل عنفوانه، ورغم هذا عاش طوال الوقت وهو ينتوي كتابه روايات أخرى، وطوال الوقت كان يتحدث عن مشاريع روائية جديدة، خيري اضافة بالغة الاهمية والقيمة للرواية العربية «في السنوات الاخيرة تم الاعتراف به، وكان من المتصدرين للمشهد الثقافي».

لم يكن مترجم خيري شلبي على دراية بالثقافة المصرية - ليست الثقافة المكتوبة - بل يجب ان تكون لديه القدرة على إدراك تفاصيل الحياة المصرية حتى يفهم اعمال شلبي التي هي تعبر عن خصائص شعبية، وهو احد الاسباب التي ضيقت الفرصة امام ترجمة اعماله، ليس هناك من المترجمين سوى قلائل من يستطيعون ان نقلوا أعمالاً مثل أعمال خيري شلبي، الدليل على هذا ان نجيب محفوظ نفسه قبل نوبل لم يكن قد ترجم بشكل كافٍ.

ويعني بذلك لابد ان يكون المترجم - وهذا ينطبق على أي مترجم، وليس على مترجم خيري شلبي فقط - على معرفة بالثقافة بمفهومها الاوسع، وبالعادات والبيئة التي يترجم عنها، هناك مترجمون اجانب لم يعيشوا الحياة العربية، وبالرغم من ذلك قاموا بأعمال الترجمة.. هناك عامل آخر بالنسبة لشلبي وهو ان معظم اعماله مطولة وهذا لا يغري المترجمين.

واذا ما توغلنا في ابداعات الاديب خيري شلبي فإنه من الاهمية بمكان الاشارة إلى ما ذكره الكاتب عبدالرحمن بدوي في موقع «بوابة الاهرام» بأن شلبي المولود عام 1938 يُعد من اوائل من كتبوا ما يسمى الآن «الواقعية السحرية»، ففي أدبه الروائي تشخيص المادة وتتحول إلى كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات وتؤثر وتتأثر، وتتحدث الاطيار والاشجار والحيوانات والحشرات وكل ما يدب على الارض، حيث يصل الواقع إلى مستوى الاسطورة، وتنزل الاسطورة إلى الواقع.

لم تمنعه الصحافة من انجاز 70 كتابًا، بل اعانته عليها، فعلى عكس ادباء جيله ومن سبقوه الذين كانوا يؤمنون بأن الصحافة تأكل الاديب وتضيع وقته وتسطحه كان هو يقول «اشتغالي بالصحافة اعانني على الأدب».

عمل خيري شلبي في حرف عدة وعن ذلك يقول: عندما انتقلت للدراسة في معهد المعلمين اصبحت طالبًا مرموقاً في القرية، وبالتالي أصبح من العار ان اعمل مع عمال التراحيل لذلك اتجهت لتعلم حرفة شأن اقراني في القرية، تعلمت الخياطة والنجارة وسمكرة بوابير الغاز، كما عملت كواء، استطيع هذه اللحظة ان احيك قمصاني اذا لزم الامر، كما عملت بائعاً سريحاً احمل حقيبة ملأى بنحوه 50 كيلوجرامًا من المنظفات ادور بها على المحلات لكي اكسب خمسة قروش في اليوم، ثم تمردت على هذا العمل لابيع الامشاط والغلايات وعلب الكبريت وابر الخياطة في الترامات.

برغم ان السينما والتلفزيون تناولا بعضاً من رواياته، فإنه كان يرى نفسه ضيقاً عليهما، كما كان يرى انه لا تعارض في ان يكتب الشعر والرواية وادب الرحلات والمقالات الصحفية.

وعندما نتحدث عن المبدع شلبي فلابد من التطرق إلى ما كتبه الناقد حاتم حافظ: ان كانت كل رواية يكتبها كاتب تضاف إلى مسيرته الادبية فإن خيري شلبي في تصوري أدب قائم بذاته، ربما لانه اكثر جيله انتاجاً، وربما لان ادبه يتنوع في اشكاله وطروحاته بصورة كبيرة، فغالباً لا يتكرر شكل او موضوع في روايتين، فالذي يقرأ «فرعان من الصبار» و«منامات عم احمد السماك» و«وكالة عطية» و«صالح هيصة» قد لا يصدق انها نتاج قريحة الاديب ذاته، وفي تصوري ان تسكين شلبي في خانة «أدب المهمشين» قد ظلمه إلى حد كبير، لا لانه لا يكتب عن المهمشين ولكن لانه في كتاباته عن «المهمشين» قد تجاوز المفهوم المباشر لما هو مهمش، واطلقه في مساحات اكثر رحابة فهو يكتب لا عن المهمش فحسب، وانما عن المهمش في الذات البشرية.

يستكشف خيري هذا المهمش فإذا به هو الركن الركين في الشخصية وما تهميشه الا من قبيل عدم الوعي به، أو رفضه من ملامح شخصياتنا، او خوفاً من ان يكون صفحة مقروءة او لقمة سائقة لدى بشر يعيشون كأنهم يسوا بشراً.

ولعل أكثر ما يميز أدب خيري شلبي هو ان شخصياته معجون باللحم والدم الانسانيين اكثر مما ينبغي، ولعل حميمية حضورها تكتسب كثافة تفوق ما لدى اشخاص نعرفهم ويعرفوننا ويملأون الارض صخباً وضجيجاً.

وترى الناقدة الدكتورة أماني فؤاد حين تنهي قراءة أحد مؤلفات الروائي خيري شلبي يتجسد حولك اناس لا يفارقونك يتركون آثاراً غائرة في الوجدان، تتشاركون في المناقشات السياسية والادبية، تتناولون الطعام معاً، تتندرون على الحياة، تسخرون منها في احدى السهرات، أو على احد المقاهي الثقافية، يجوبون الشوارع معك ويمنحون الاماكن حياة، شخوصه الذي يتجسدون بقلمه لا ينحبسون ويستقرون بين دفتي الكتاب حين تغلقه.

ترجمت معظم أعماله إلى الروسية والصينية والانجليزية والفرنسية والاوردية والعبرية والايطالية.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن حقوق الإنسان
- الجوع في العالم يرتفع مجددًا!
- مخاطر الليبرالية الجديدة!
- الإعلام و«سوق» الفتاوى!
- إمام عبدالفتاح إمام
- اضطهاد المرأة في إيران!
- إشكالية الأقليات والتعدد الإثني!
- مناهج التعليم والتفكير النقدي!
- التطرف والإرهاب حالتان متلازمتان!
- المفكر طيب تيزيني
- مجلة الفيصل: الفلسفة أسئلة مشروعة وتفكير بلا قيود
- ابراهيم المصري
- الإسلام السياسي والسلطة!
- تقارير عن انتهاك حقوق الأطفال!
- الإعلام وثقافة الاستهلاك (2)
- ثقافة الاستهلاك
- الدول العربية وهجرة العقول!
- ترامب وانتهاك الشرعية الدولية!
- المدير الفاشل!
- المرأة في الدول العربية وسوق العمل!


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - خيري شلبي