أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - الشيخ (شلندخ)... قصة قصيرة














المزيد.....

الشيخ (شلندخ)... قصة قصيرة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 6322 - 2019 / 8 / 16 - 09:58
المحور: الادب والفن
    



بدلال تمايلت أجسادهن الغضة التي لم تكتمل عليها بعدُ خارطة البلوغ، ينفشن الشعور طويلة بكل الاتجاهات، تارة للأمام ينحنين، وتارة أخرى يستدرن للخلف؛ كما يشتهي ضارب الطبل، وعازف الرباب، يشاطرهما مغنٍّ استحضر أبيات مهوال أجير، خال نفسه الشيخ شلندخ من سماعها أنه جلالة الإمبراطور، بسيل من رشقات المسدس لها يستجيب، فتحْتَ القدمين صندوق الرصاص، عباءة طرَّزت حواشيها خيوط الذهب الخالص من نسيج خاص، عقال أميري مُقصَّب، تماشيا وهزات أجساد الصغيرات طربا يهتزّ، طوقت خصورهن أحزمة من فئات العشرة الدنانير التي كانت واحدة منها تطعم العشرات من عوائل الفقراء، الذين يبيت صغارهم جوعى، صرعى يتضورون، تباهيا منه أشعل سيجار ضيفه القائد الإنجليزي بواحدة من الوريقات، أبو ناجي ببدلته العسكرية التي تطرزها ما لا يقرؤه الحاضرون- من شيخهم حتى أصغر تابع مُجبرا نال من سلطانه الثمن البخس إذ باع الضمير- من نياشين، وهو يكتفي بابتسامة نصر صفراء حين يطرق سمعه ما ردَّد المهوال من مديح يخصّ اسمه به، بوليمة دسمة فاخرة بمقامات الضيوف الكبارتليق سيختم الحفل، وهدايا ثمينة من خابية الشيخة استلها وهي مزهوة تشعر بالفخر؛ فسلاسل اللير الحميدي سوف تطوق أعناق الإنجليزيات.
أكواخ القرية خاوية تهزها الريح من كل صوب، كلابهم تعوي مثل صغارهم جوعا، وما نالهم من نصيب حاصل الموسم الماضي إلا النزر القليل، ومنهم من أوشك مخزونهم منه على النفاذ، وآخرون باتوا من أمرهم بحيرة؛ أيعلنون المجاعة وهذا مالا يجرؤ عليه القرويون، فهم وإن ماتوا جوعا؛ كرامتهم لا يبيعون، أم من جيرانهم المفلسين مثلهم يجرؤون فيقترضون؟ وكلا الاختيارين لديهم صعب المنال، فمنهم من غادر وهم لا يملكون درهما من ثمن العلاج، وهناك من على وجهه هام طلبا للقمة حمّالا أو خادما في مدن الضياع، هاربا بجلده من سوط الجلاد، والحل في مثل هذا الموقف عند الحكيم، والحكيم لمن بات بلا مأوى ينحاز، قد يتبعه من يرتضي الرأي منه، أو به يستخفّ من فقد اللبّ، أو ارتضى الذل من جبّار.
لقد نفذ المخزون من الطعام، الجوع يقتلنا، يا حضرة الشيخ؛ صاح آخر: مروءتك (يا محفوظ)، افتحوا الأبواب لهم كي يأكلوا من بقايا الطعام، وبعدها أبلغوهم بألا يعاودوا اقتحام حرمة الديوان؛ لا، يا مقام شيخنا الجليل، ما من أجل بقايا الطعام جئنا، وخلفنا صغارا تركنا ونساء على طوى بطونهم يبيتون، جد لنا حلاّ، أو أقرضنا مما لديك من مخزون، أفاد الحكيم.
في مثل ذا الحال يُنتدب المختارون، وهم مستشاروه، ومن عند الضرورة يُفتي بما يُرضيه، كما من قبل أفتى بأن حصته الكبرى من المحصول تحصيل اتفاق بين المالك والمملوك، وأن الاعتراض على السلطان كبير ذنب ليس له غفران، معلم القرية المذنب، فهو يحرّض التلاميذ وأهلهم على استهلاك مزيد الطعام، مستشار آخر قال: لا، هم بلا عمل عاطلون غير التسكع لا يجيدون، لا همَّ لهم سوى التهام الخبز والطبيخ في كل الوجبات، فليشغلهم شيخنا بتكرار حفر القنوات، انبرى المفتي هنا بحلّ على بال أحد لم يخطر قط: الذنب ذنب البصل، أيُّها الحضور؛ فهو الاشتهاء يزيد لأكل المزيد من الخبز.
انفرجت أساريره، وهزَّ الشيخ شلندخ رأسه بالرضى.
عند الفجر، مياه النهر طافت بشتلات البصل المخلوع من الجذور.



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديثُ الصباح... القدَر...
- انتحار... قصَّة قصيرة
- ميشانُ... نصٌ شعري
- إيَّاكِ أعني... نصٌّ شعري.
- لي في العراقِ حبيبة... نصٌّ شعري
- وتلك ثمار نظام المحاصصة القومية الطائفية البغيض...
- تقريرمُفصَّل عن مهرجان شقائق النُعمان الشعري في تورونتو بكند ...
- قراءة للنصّ الشعري ( إش زهرون ) للزميل الشاعر، الدكتور وليد ...
- السُلطان... قصَّة قصيرة
- إنَّ غدَ الثوَّارِ لآتٍ، آت
- ادعموا المُعتصمين، نداء إلى الناشطين في الجالية العراقية في ...
- اضطهاد المرأة جزء من اضطهاد أكبر، ملف المراة والتطرف الديني ...
- خواطرُ ليلةٍ شتويِّة
- صلاةٌ في حضرةِ الحبيبةِ... نص شعري
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد ( حركة الشهيد حسن سريع ) 3 - 7 ...
- ( تالي الليل تسمع حِسّ العِياط )...
- حبيبتي ووجهُ الوطن... نص شعري
- تراتيلُ الدماء.... نص شعري
- سلاماً، سلاماً، سلاما، للذكرى الحادية والثمانين لميلاد الحزب ...
- شباطُ الأسودُ في عَينَي صَبِي


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - الشيخ (شلندخ)... قصة قصيرة