أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - من ذكريات القناة … صمتَ الرئيسُ لتتكلَّمَ السفينة














المزيد.....

من ذكريات القناة … صمتَ الرئيسُ لتتكلَّمَ السفينة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6320 - 2019 / 8 / 14 - 09:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من ذكريات القناة … صمتَ الرئيسُ لتتكلَّمَ السفينة


يوم حفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، يوم 6 أغسطس قبل خمس سنوات، وقعت واقعةٌ عابرة، استوقفتني، رغم مرورها على كثيرين. لكنها كانت بمثابة عصفور صغير همس في أذني: “الخيرُ قادمٌ على يد هذا الرجل."، كعادة الشعراء في التقاط الدلالات والرموز من الأحداث.
تحت قيظ الظهيرة اللاهبة، كنّا جالسين في مواجهة ضفّة القناة نُنصتُ إلى كلمة الرئيس لجموع المصريين والعالم. وفجأة، مرّت من خلف ظهر الرئيس، سفينةُ بضائع عملاقة، تشقُّ صفحةَ المياه الوليدة التي ذهبنا نحتفل بسريانها في عرض القناة الجديدة. أطلقتِ السفينةُ أبواقَها صادحةً عالية، كأنما تُقدّم التحيةَ لمصرَ، ورئيسِها وشعبِها وللعالم الذي ينتظر القناة التي ستنقل الخيرَ بين موانئ العالم. قاطعَ صوتُ السفينة صوتَ الرئيس. فإذا بالرئيس يقطع كلمته، ويتوقف عن الحديث، ويُنصِتْ معنا إلى نفير بوق السفينة ويبتسم. ثم استدارَ ووجّه بصرَه، مثلنا، صوبَ السفينة التي تمرُّ في الممر الملاحي الجديد لأول مرة منذ تشييدها. وبدأ الرئيسُ السيسي يصفّق للسفينة مع هدر تصفيقنا الجماهيري، الذي بدا ردًّا على تحية السفينة للحضور وللعالم.
تزامنَ مرورُ السفينة مع إلقاء الرئيس كلمته! وبالتأكيد كان بوسع مُنظّمي الحفل، أن يؤجلوا مرورَ السفينة حتى يُنهي الرئيسُ كلمتَه. فهل ذاك "التزامنُ" مقصودٌ، أم عفويٌّ غير مرتّب؟ قلتُ لنفسي يومها: إن كان مقصودًا؛ فقد صنع رسالةً عبقرية غُزِلت دراماها بذكاء وإبداع. وإن كان عفوَ مصادفةٍ، فقد قدّم رسالةً شعريةً قَدَريةً بليغة.
توقفتُ عند تلك الواقعة ورأيتها حاشدةً بالمعنى. كأنما يودُّ الرئيسُ أن يقول إن "صوتَ العمل" يَجُبُّ "صوتَ الكلام". العملُ "يكسرُ" الكلام. الكلام يتوقف إن دقُّ العملُ ناقوسَه. وهل نحتاجُ إلا إلى العمل من أجل الارتقاء بمصر وإعلاء شأنها في هذه اللحظة الصعبة من تاريخها؟ (صمتَ الرئيسُ حين تكلمتِ السفينةُ). فكأنما بصمته يقول: (أنا رئيسُ مصر، أحترمُ هذه اللحظة التاريخية التي تمرُّ فيها أولُ سفينة تجارية في المجرَى الملاحيّ الجديد. هذه اللحظة هي ناقوسُ بدء العمل وتشغيل القناة رسميًّا، فوجبَ معها الصمتُ، لأن الصمتَ في حرم العملِ... عملٌ.) يتحتَّمُ الصمتُ عن أيّ كلام حين يبدأ العملُ. حتى وإن كان الكلامُ خطبةَ الرئيس التاريخية للعالم لحظة تدشين القناة الجديدة. يومها كتبتُ مقالا حول الواقعة ووضعتُ سؤالي في نهايته: “هل الواقعةُ عفوية قدرية، أم مرتّبة؟
وفكّرتُ، حتى إن كانت عفوية فقد كان بوسع قبطان السفينة أن يوقف سفينته قبل المنصّة، حتى يُنهي الرئيسُ كلمتَه. وكان بوسعه كذلك، وقد وجد الرئيس يتحدث، أن يمرَّ في صمت فلا يُطلق نفيرَه الذي طغى على كلمة الرئيس. كلا السيناريوهين "منطقيٌّ" وأكثرُ قبولا، لكنهما ليس الأجمل. فليس كلُّ منطقيّ جميلاً. وليس كلُّ جميلٍ منطقيًّا. الأجملُ هو السيناريو الثالث الذي حدث بالفعل. كلٌّ سار في طريقه يؤدي عملَه وفقَ برنامجه. الرئيسُ يفتتح القناةَ الجديدة ويقول كلمته للعالم، وقبطانُ السفينة يقودُ سفينتَه لنقل البضائع إلى العالم. فإن تقاطعت اللحظتان، احترم الرئيسُ لحظةَ "العمل" وقدّمها على "كلمته" التاريخية التي ينتظرها الشعبُ المصريُّ والعالم.
ثم سافرتُ إلى أمريكا في اليوم التالي. وجاءتني مكالمةٌ من الرئاسة تجيبُ على سؤالي في المقال: “الواقعةُ مقصودةٌ ومرتبة وفق السيناريو الذي حدث بالفعل. لا شيء عفويًّا ولا مصادفةً. والمعنى الذي وصلني هو المقصود بالضبط: "العملُ قبل الكلام.”
ازدادت بهجتي لأنني تأكدت من معدن هذا الرجل الذي قال والشعبُ يناديه للترشّح: (لو قبلتُ الترشّح للرئاسة لن تناموا! سنستيقظ في السادسة صباحًا لنبدأ العمل.) وقبلنا شرطَه الصعب. وألزم الرئيسُ نفسَه بما تعهّد به. فبدأ يومَه في السادسة وحثَّ الوزراءَ على الذهاب إلى أعمالهم في السادسة صباحًا. بينما لم نلتزم نحن بعد، للأسف، بالشرط الذي قبلناه، راضين مرضيين. فمازلتُ أرى الكسلَ والتراخي ينهشُ في خاصرة مصر. فيا ليتنا لا نقف عند لحظات الفرح بإنجازاتنا، ونعمل بكامل طاقتنا على استكمال مشوار الحلم الصعب والطويل الذي بدأنا أولى خطواته. يوم افتتاح القناة تأكدتُ أن العمل لن يتوقف في القناة مع افتتاحها، بل ستتبعه مشاريعُ ومشاريع. وبالفعل بدأ العمل في اليوم التالي في مشروع شرق التفريعة التي أبطل بطالة 3 مليون شاب مصري، ليدرّ الخير على مصر والعالم وتتبعُ المشاريعَ مشاريعُ.
قال الرئيسُ في كلمته: (سننتصرُ على الإرهاب بالحياة، وعلى الكراهية بالحب.) وأقول لنفسي ولشعب مصر الطيب: “ولن ننتصر على الفوضى والفقر والفساد والقمامة والترهّل والكساد، إلا بالعمل. دعونا نصمتُ عن الكلام، كما صمت الرئيسُ عبد الفتاح السيسي لحظة مرور سفينة البضائع، حتى نسمحَ لسفينة "العمل" أن تمرّ. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن هم الأقليّة في مصر؟ (2)
- الفلاتر الثلاثة … والأخلاق
- مَن هم الأقليّة في مصر؟ (1)
- الإخوان السفاحون…. لم يرحموا المرضى
- فيلم: الوباء الصامت … احذروا
- نزار قباني … نهرٌ دافقٌ وشركٌ صعب
- في مديح الضعف والضعفاء
- صُهَيْبَة
- صمتي صلاة
- المنهزمون!
- سمير الإسكندراني … يا غُصنَ نقا مكلّلاً بالذهب!
- سيادة الرئيس … انقذْ لنا مجمعَ مسارح العتبة!
- إمام مسجد … يدعو لنُصرة الأقباط
- موعدنا 30 يونيو!
- ماذا تنتظر؟
- الوطنُ …. عند السلف الصالح
- برقياتُ محبة للبابا تواضروس … من المسلمين
- لماذا مصرُ استثنائيةٌ؟
- مرسي ... جاوز الإخوان المدى
- طاووسُ الشرقِ الساحر


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - من ذكريات القناة … صمتَ الرئيسُ لتتكلَّمَ السفينة