أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الخضر - السوريون ..... لماذا ؟ . بانوراما الفظائع















المزيد.....

السوريون ..... لماذا ؟ . بانوراما الفظائع


يوسف الخضر

الحوار المتمدن-العدد: 6316 - 2019 / 8 / 10 - 00:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحق للجميع وللسوريين خاصة أن يتساءلوا : لماذا يحدث للسوريين كل هذا القتل والتهجير والتدمير والتنكيل ؟ . ليس سهلاً أن تجد جواباً كافياً يحيط بهذه المقتلة من كافة جوانبها ، مقتلة تتميز عن سواها في هذه البقعة الحيوية من العالم التي طالما كانت محط شهية الأقوياء المفتوحة من الشرق والغرب .
سوريا كبؤرة إشعاع حضاري وثقافي ، كما هي بلاد الرافدين تثير في نفوس الأفّاقين الحاقدين من الشرق والغرب غرائز التدمير البدائية التي تجلت في مقولات صريحة لإعادة العراق إلى مرحلة ما قبل التاريخ في ( كذبة إعادة إعمار العراق ) التي زرعت بذور الفساد والفوضى والخراب .
سوريا الملعب المناسب والأشهى لهؤلاء المغامرين ولا سيما إذا سخر لهم نظام - يُفترض به أن يحافظ على وحدة وسلامة البلد - كل إمكاناته .
هذه اللعبة القذرة لم تتوقف ، واستمر القتل والتدمير والتهجير بعد ثماني سنوات ازداد فيها عدد اللاعبين ، وتجذرت في أوصالها أدوات التخريب والتدمير والتشويه ، وتنوعت الأيدي القذرة من ورثة الجنرالات الحمر ومن ذوي الأرحام والقربى ومن الأباعد ، ومن العلوج وأصحاب العمائم أخوة العقيدة .
تعود أصول اللعنة التي أصابت السوريين إلى سنوات جاوزت نصف القرن بزمن بعيد ، منذ بروز أحزاب الاستعلاء العروبي واستلامها زمام السلطة التي صبغت السوريين بصبغة النضال القومي المزيف ، وأسست لنظام شوفيني ديكتاتوري كُتمت فيه الأصوات التي لا يجب أن تعلو على صوت المعركة ، وهُدرت حقوق المواطن في ظل الشعارات الثورية ، وانسحب ذلك على كل مفاصل حياة السوري في بلده ، بل طاردته اللعنة النضالية في بلدان العروبة التي صنفت جميع السوريين في خانة الثورجيين الذين رفعوا شعارات الوحدة ولو بالقوة ، والتوزيع العادل للثروة على مستوى الوطن العربي ، والمقصود هنا طبعا دول النفط ، حتى صدحت في الستينيات أغان تمجد هذه العدوانية الثورية من مثل ( بترول العرب للعرب ...لكل أمة العرب . يا نأخذ منه حقنا الكامل أو نشعلو لهب ) .
هذه الحالة المرضية أسست لحالة جديدة من الحذر والتضييق على السوريين في مغترباتهم العربية بصورة أو بأخرى و زادت من معاناتهم في طوابير السفارات العربية وغير العربية للهجرة والعمل أو حتى للسياحة والدراسة ، فكيف يكون حال السوريين في مغترباتهم وهم يعانون من هدر الكرامة في بلدهم ! وما وظيفة العاملين بالسفارات – الذين يفترض فيهم رعاية حقوق ومصالح مواطنيهم في المغترب – ما وظيفتهم سوى تحقيق مصالحهم وجمع الرشى من عرق المكدودين البائسين المذلولين في مغترباتهم ؟ . فأية كرامة كانت للسوريين في ظل مثل هذا النظام الذي جثم على ( قلب العروبة النابض).
إن ظهور النزعة العدوانية تجاه السوريين قد ينبع من طرف خفي - حديثاُ - من التشفي بنظام اتسم بالاستعلاء والغدر والتحالف مع أطراف إقليمية لا تضمر إلا الشر لدول العرب ولدول الخليج العربي خاصة ، هذه النزعة العدوانية جعلت الكثير من الناس لا يميزون بين النظام والشعب ، ويعتقدون أن كل سوري يمثل النظام بسبب البروباغاندا التي برع في أدائها نظام العسكر الطائفي .
استطاع النظام وبمعونة إقليمية وخارجية تأليب العالم على الشعب السوري الذي ثار على الديكتاتورية ووصْمهِ بوصمة الإرهاب مستغلاً المناخ الدولي العام بعد 11 سبتمبر الذي أسفر عن عداء سافر للإسلام و المسلمين ، وتعميم مصطلح الإرهاب والإسلام السياسي على كافة العرب والمسلمين.
لقد أسهمت في ذلك أيضاً الجماعات الإسلامية المأجورة إسهاماً فاعلاً ما يلتقي مع أهداف النظام والتوجه السياسي الدولي اليوم رغم افتضاح حقيقة النظام وأطراف خارجية أسست لنشوء هذه الجماعات والتي دُعمت بأموال خارجية عربية وغير عربية .
وقد ساهم في ذلك الإعلام الموالي المأجور في دول الجوار والذي اجتهد بشكل وقح في إلصاق تهمة الإرهاب الإسلامي بأي سوري معارض حتى لو كان علمانياً . فقد زج هذا الإعلام بكلمة " سوري " في أية حادثة عنف أو قتل أو سطو أو أية جريمة في أي مكان في العالم ، فيرد في الخبر ما يشبه عبارات : ( زار سوريا عام .... تلقى تدريباً في سوريا .... زوجته السورية ... كان ينوي السفر إلى سوريا ..... ) هذا الانحطاط الإعلامي غير المسبوق دليل فاضح على سقوط الضمير في فخ المصالح والطائفية البغيضة التي لا يستطيع هذا النظام وأعوانه العيش خارجها .
من الصور الفظائعية التي عاناها السوريون سقوط الكثير من العرب والإعلاميين والسياسيين ضحايا التضليل الذي مارسته جماعات طائفية وأفراد حاقدون وعنصريون لهم مصالح مادية ، ومنهم في دول اللجوء العربية ودول الجوار القريب جداً مَن كشف عن سريرته السوداء المتسترة مرددين مقولات مشروخة بأن السوريين سبب في رفع أسعار البيوت والمعيشة، وهم سبب البطالة ، ونافسوا أبناء البلد في لقمة العيش ، هذه الشعارات تحرك الغرائز البهيمية والروح الوطنية الشوفينية والطائفية ، وتعبر عن الشعور بالنقص والدونية لدى بعض الفئات الغوغائية تجاه تأقلم السوريين مع حياتهم الجديدة وتحمل الحياة الصعبة و نجاحهم في مجالات الحياة المختلفة ، هذا النجاح ليس غريباً عن طبيعة الشباب السوري ونشاطهم وإخلاصهم بالعمل وجديتهم ومهارتهم ، بل ينكر هؤلاء على السوريين إسهامهم في رفد الاقتصاد الوطني في بلدانهم وتنشيط التجارة والصناعة حتى الزراعة بشهادة كثير من المنصفين في تلك البلدان ، بل حققوا تميزاً في مختلف الدراسات والعلوم والاختراعات ، و أثبتوا قدرة إيجابية على الاندماج في المجتمعات التي انخرطوا فيها .
ومن الصور البشعة الأخرى لمعاناة السوريين استغلال الوضع الإنساني للسوريين في مخيمات اللجوء في دول الجوار في مجال تراخيص العمل وعقود السكن وحرية التنقل وعروض الزواج الجائر مستغلين حالة الضيق والفقر التي يعيشونها هناك ، و كذلك الضمان الصحي والعلاج ، وسرقة كم كبير من المساعدات الإنسانية الدولية بذرائع مختلفة . فقد بلغت الخسة لدى البعض قيامهم بترحيل بعض السوريين قسرياً وهدم ما أقاموه من خيام وجدران تأويهم وأطفالهم في الجرود الجبلية الموحشة وحرق محلاتهم و تدميرها في العديد من دول الجوار ، وزيادة في الانحطاط والخسة مُنع السوريين من التجول في ساعات معينة في بعض البلدات أو منع تشغيلهم أو تأجيرهم البيوت للسكن .
ومن الصور المضحكة المبكية لاستغلال السوريين امتهان بعض النساء التسول باسم السوريات ، وممارسة الدعارة كذلك تحت مسمى لاجئات سوريات ، وكذلك انتحال بعض العرب و الأفارقة والآسيويين صفة السوري للحصول على حق اللجوء في أوربا و غيرها .
تبقى معاناة السوريين في مغترباتهم أشمل وأعمق من معاناة أقرانهم العرب الذين عانوا من أنظمتهم الديكتاتورية سواء كانت في الداخل أم في الخارج .فبعض هذه الأنظمة استطاعت صرف الرأي العام في بلدانهم عن قضايا الفساد والمظالم الكثيرة والأزمات الداخلية نحو اللاجئين ، وتحميلهم المسؤولية عن تدهور الأوضاع للتغطية عن التجاوزات والفساد ، وجعل اللاجئين شماعة يعلقون عليها مفاسدهم مستغلين جهل وتغييب بعض الفئات ، وعن وعي أحياناً وجعل السوريين يدفعون الثمن في كثير من الحالات التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والأمثلة لا تحصى في دول الجوار ومستمرة دون أن يتم التدخل من أية جهة لرفع الظلم عن ضحايا الحقد والسياسات الفاسدة .
السوريون في جانب آخر من جوانب الاستغلال كانوا سلعة انتخابية لأحزاب المعارضة المختلفة ، فكل منها يحاول الاستحواذ على صناديق الاقتراع بحشر السوريين فيها وتقديمهم كوجبات سائغة على موائدهم الانتخابية مستغلين عواطف الناخبين ومشاعرهم الهائجة ما ينتج عنه أحداث كراهية للسوريين ومحاربتهم في أرزاقهم ، حتى صارت معاداة السوريين شعاراً انتخابياً لدى بعض الموتورين من السياسيين الأذناب التابعيين لأنظمة الاستبداد ، ومحاولات لكسب ود جهات إقليمية ذات نفوذ سرطاني في تلك البلدان .
تبقى محاولات استقراء ما تفردت به الحالة السورية قاصرة بالقياس إلى الكم والامتداد الزمني والجغرافي لمعاناة السوريين ، وديمومة هذه المعاناة وانعدام آفاق الحل ، وتنوع أيدي اللاعبين في الداخل والخارج .
لقد تدرب السوريون من قبل على ألوان المعاناة والصبر والقدرة على الحفاظ على الأمل والوقوف من جديد ، وهذا ما يثبتونه في كل يوم في دول الغرب ؛ دول الكرامة والإنسانية ، لا في دول ليس من أولوياتها أي اعتبار للإنسان وحقوقه بحدودها الدنيا . هذه الأنظمة إلى زوال أكيد بعد أن تنتهي صلاحيتها حسب ما تحكيه دورة التاريخ التي لا تتوقف أبداً .





#يوسف_الخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصب مبحوح
- منمنمات شامية
- جوزيف
- بدوي الجبل يشيِّد عالماً من الحرية في السجن
- ما زال في الروح بعض الهبوب
- الآخر
- شآم الروح
- سدوم
- جرائم الشرف .. أعراف فاسدة وقانون أعور
- سوريا . أيقونة الأديان ومشربية الحضارات
- دمشق. أغمض قلبي عليك
- إضاءة حول مسرحية -سليمان الحكيم- لتوفيق الحكيم
- النمل الأشقر للكاتبة الكويتية ليلى العثمان


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الخضر - السوريون ..... لماذا ؟ . بانوراما الفظائع