مستلزمات كفاحنا الوطني

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1548 - 2006 / 5 / 12 - 10:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

نشر مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، الرفيق فهد كراسه القيم "مستلزمات كفاحنا الوطني" عام 1945الذي انار فيه سبل واساليب الكفاح الوطني واهمية الترابط والتنسيق فيما بينها والعمل على تطويرها. ورغم مرور اكثر من نصف قرن على اصداره فلا يزال يحتفظ بكامل حيويته لاسيما وقد اعادتنا دكتاتورية صدام الى عهد الانتداب ، الى ما يقرب من قرن الى الوراء. شرح فهد فيه اهمية الكفاح الاقتصادي باعتبار الاقتصاد هو البناء الاساسي للنظام السياسي والاجتماعي ، وللصراع الطبقي على الصعيد الوطني والعالمي قائلا: "اذا ما عرفنا شهوة المستعمرين لغزوبلاد الغير واستعباد شعوبها هي شهوة شركاتهم ومصارفهم الاحتكارية للاستيلاء على مصادر مواد الخام والحصول على قوة عمل رخيصة وتصريف بضائعهم بالدرجة الاولى واتخاذها رأس جسر لانزال جديد، عرفنا ما للكفاح الاقتصادي من اثر فعال في تحررنا الوطني. فاضعاف الاساس الاقتصادي للاستعمار يضعف حتما قواه السياسية والعسكرية ويقوي في الوقت نفسه القوى الوطنية . فقوات الاحتلال تهيمن اليوم على جميع فروع اقتصادنا الاساسية ولاسيما النفط. ورغم كل ادعاءاتها بالتحرر الاقتصادي وسياسة السوق فهي تعتمد في هيمنتها الاقتصادية على قواها العسكرية ونفوذها السياسي، وعلى اتفاقيات ابرمت في فترة حكمهم المباشر والتي ستبرم مع الحكومات التي ينصبوها. ولذلك لايمكن فصل النضال الاقتصادي عن النضال السياسي، كما اكد الرفيق فهد على اهمية ربط النضال الاقتصادي لتحرير اقتصادنا الوطني من الهيمنة الامبريالية بالنضال من اجل المطالب الاقتصادية الانية للجماهير الشعبية.
ويقول عن الكفاح السياسي: " يجب تدريب الشعب على جميع اشكال الكفاح السياسي وتهيئته لخوض المعارك الحاسمة مع العدو . ان الكفاح السياسي ضد العدو باشكاله البسيطة والعالية السلبية والايجابية ، من الامور المحتم خوضها على كل شعب يريد التحرر من العبودية ... اذ لا يصح الاعتماد على قوى خارجية او على معجزات خارقة للتخلص من الاستعمار ولا على الظروف العالمية الملائمة والشعب غير متهيء للاستفادة منها" وبعد ان عدد بعض اشكال الكفاح السياسي مثل عرائض الاحتجاج والخطب والاجتماعات العامة والمظاهرات والانتفاضات الشعبية مؤكدا : " لايجوز الاستهانة بأي شكل من هذه الاشكال مهما كانت فائدته الظاهرة اذ انها ترتبط مع بعضها وهي كالسلم يرتقيه الشعب لبلوغ اهدافه.. وهي في مراحل الكفاح العليا تهيء الجماهير لمقاومة العدو وتعطيل وسائل تعبئته ونقل تموينه" وإذ لم يتناول الكفاح المسلح وهو ارقى اشكال الكفاح السياسي لعدم نضوج العوامل الذاتية والموضوعية آنذاك فقد بادرت الجماهير في عام 1956 الى الكفاح المسلح ضداجهزة الحكومة العميلة للامبريالية الداعمة للعدوان الثلاثي على مصر. الامر الذي دفع الحزب الشيوعي آنذاك الى تعديل برنامجه الذي كان ينص على الطابع السلمي لكفاحنا من اجل التحرروالاقرار بالطابع العنفي لمعركتنا من اجل التحرر من التبعية. كما لجأ الحزب الشيوعي العراقي الى الكفاح المسلح ضد الدكتاتورية . فقد اكد الرفيق فهد دائما ليس المهم توعية وتعليم الجماهير فقط، بل والتعلم منها . فكثيرا ما ينشط النضال الجماهيري الواعي مبادرات الجماهير بحيث تسبق مستوى الطليعة ، كما حدث في وثبة كانون 1948 . فقد شكى قادة الحزب الى الرفيق فهد في حينها من عدم قدرتهم على مواكبة المبادرات الشعبية . فقال لهم: "لقد علمتم ودربتم الجماهير فانطلقت مبادراتها وما عليكم الا التعلم منها واللحاق بها"
وقال عن الكفاح الفكري: " ان الكفاح الفكري يسبق عادة النضال السياسي والاقتصادي ويرافقهما في جميع مراحل النضال حتى النصر وتثبيت الكيان الجديد " وفضلا عن نشر الفكر الوطني الثوري والنظريات الثورية العلمية وتطويرها يجب الكفاح ضد المفاهيم والدعايات المضللة للجماهيروالادعاءات الكاذبة وفضح مراميها ودحضها بالوقائع. كما يجب مكافحة المفاهيم المحبطة للنضال الجماهيري مثل مفاهيم الانتظار السلبي لنتائج العملية السياسية التي تنظمها قوات الاحتلال لضمان استمرار احتلالها لبلدنا او الادعاء بان النضال الجماهيري يعرض الجماهير للقتل . في حين لم تحمي الجماهير من اعمال القتل لا البيوت ولا محال العمل ولا الطرقات فما ارخص دم العراقي وهو يموت دون كفاح وما اثمن دم الشهيد في النضال من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب!! وكم كافح فهد مثل هذه الافكار الانهزامية . قائلا لو كان لدي في الحزب عشرة رفاق فقط لزججتهم جميعا في النضال الجماهيري لان النضال الجماهيري يفوق جميع وسائل الكفاح في توعية الجماهير وشحذ طاقاتها لتمد الحزب بخيرة ابنائها.
ومن وحي بحث للحزب الشيوعي اللبناني نشر في الحوار المتمدن امس بعنوان "مستويات النضال واشكاله" ومن كراس فهد "مستلزمات كفاحنا الوطني اجد: ان لمقاومة قوات الاحتلال التي تدنس ارض الوطن وتقترف افضع الجرائم بحق شعبنا من تقتيل وهدم ونهب لجميع ثرواته وتراثه هو حق يكتسبه شعبنا من جميع الشرائع والاعراف والقوانين الدولية وهو حق لا يمنح وليس بحاجة الى اقرار من أي طرف خارجي او داخلي لان مقاومة الاحتلال هو تعبير عن الانتماء الوطني ولذلك فان سلاح المقاومة مهما كان مستواه ، اكثر فاعلية من أي سلاح يستخدمه المحتلون مهما كان متطورا ومبيدا. وبما ان المقاومة تنطلق من الانتماء الى الوطن فلا يمكن ان تكون حكرا على طائفة او طبقة بل هي قضية كل مواطن احتل وطنه . ولكن ما يميز مساهمة الطبقة العاملة في مقاومة الاحتلال هو ربطها بالنضال الجماهيري في مختلف المجالات الفكرية والسياسية والاقتصادية لضمان تحقيقها الاهداف باقل التضحيات وضمان صيانة الانتصارات المكتسبة وتطويرها.
سعاد خيري في 12/5/2006

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات