أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - إختلافاتنا البهية















المزيد.....

إختلافاتنا البهية


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 1548 - 2006 / 5 / 12 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأكراد مختلفون!

تهوي هذه العبارة كالصفعة في وجه كل من يحاول أن يطرح استحقاقا وطنيا يلزم الأكراد به باعتبارهم شركاء، بمشيئتهم، في الوطن. ولان الأكراد مختلفون فسيكون بالضرورة كل شيء يمت بصلة لهم كرديا،من اقتصاد، وسياسة، وثقافة. وكل هذا حسب الخطاب الكردي السائد مختلف ومتباين مع كل ماهو عراقي، فحسب هذا الخطاب أن الكردي ليس عراقيا.

لااحد يكابر ويتنكر لخصوصية الآخرين أي كانوا، افردا أو جماعات. لان الخصوصية هي التكوين المطلق للمجتمعات مثلما هي للأفراد وعليه لايوجد عاقل يفكر بإمكان إلغاء خصوصية الأكراد، ولكننا نعرف أن المرء إذا التزم بنظرة متطرفة في إعلاء خصوصيته وتكثيف حضورها فهو يسعى ببساطة لإلغاء ماله من مشترك مع الآخرين. والأكراد بتكثيفهم لهذه الخصوصية وتركيزهم عليها يؤكدون أنهم سائرون باتجاه الفرقة مع من يتشاركون هم بإرادتهم معهم في الوطن. وان مشيئة التشارك هذه مؤقتة وعابرة، وهي طور أول اضطراري لبناء الدولة ـ الحلم.

ليس هناك عاقل يمانع في أن يسير الأكراد باتجاه تحقيق حلمهم الأزلي في تقرير مصيرهم وبناء كيانهم المستقل. ولن يقف بوجه هذا الحلم الا انسان جاحد مكابر أو ذو نفس مريضة. فليس هناك أجمل من أن يحقق الناس، كل الناس، أمانيهم وأحلامهم.

وحلم الأكراد هو الاستقلال، لكن الاستقلال، حسب خطابهم وحساباتهم، غير ممكن الآن بسبب الظروف العامة المحيطة بهم. وعليه ينبغي القبول بالعيش المشترك مع شركائهم في الوطن. وهم يؤكدون دائما على أنهم لايسعون للانفصال عن العراق بل إلى الارتباط به ضمن سياق يحقق لهم حقوقهم وخصوصيتهم، وهذا لاينبغي أن يمنعهم، بالتأكيد، من مواصلة الحلم.

ولاضير في هذاّ. فليواصل أبناء الوطن الواحد العيش المشترك لحين توفر ظروف أفضل لانفصالهم الضروري موضوعيا وقانونيا.

لكن هل الواقع هو حقا بهذه الصورة التي يحاول الساسة والمثقفون الأكراد أن يصوروه بها؟

بالتأكيد لا، وهنا مكمن الداء.
فالأكراد يلوون الحقائق ويطرحون مايدعون انه حلم بعيد، حيث لايمكن لأحد أن يمنع الحلم، كهدف عملي واقعي ينفذ يوميا وبطريقة مكثفة. وما العيش المشترك الا أطروحة برزخية للوصول إلى هذا الهدف. فالعيش المشترك له شروطه في الأخذ والعطاء، وما يمارسه الأكراد الآن، تحت ذريعة الخصوصية، هو اخذ دون عطاء.

كيف؟

كل الخطاب الثقافي والسياسي للأكراد يفصح عن هذه الرؤية. برامجهم السياسية خططهم الحكومية، نقاشاتهم الفكرية وتبارزهم الإعلامي محافلهم الخاصة والعامة. جهود ونشاط ساستهم بالمحافل الدولية وفي أروقة السياسة والحكم العراقيين، كلها مساع من اجل تكريس فكرة الاختلاف وفرض الوعي بخصوصية صلبة للكردي تميزه وتجعل من المنطقي أن يكون له علمه ومؤسساته الخاصة مثلما له لغته وجغرافيته. وتضاف لها العصمة الخاصة التي تبعد الكردي عن أية شبهة، وتجعل له أمام الآخرين خطوطا حمراء لايقربها (الأنجاس). فتصير بهذا ميليشياتهم جيش تحرير، وأرضهم ملكهم وحدهم يصرفون شؤونها ولا يحق لغيرهم أن يتدخل بأي شان لهم مهما صغر فيما هم يتشاركون في تقرير مصير العراق، كل العراق.

باختصار هم لهم شانهم وفرادتهم الممنوعة عن الآخرين فلا يحق للعراق، مثلا، أن يبرز وجهه العربي برفضه أن يكون وزير خارجيته كردياـ هنا ستبرز إلى السطح عراقية الكردي ـ بينما في أرضهم كل شيء كردي حتى الهواء والماء.

هذا الواقع يؤكد حقيقة لايمكن لأحد تجاوزها هي أن الأكراد مختلفون حقا ثقافيا وعرقيا وبمختلف أشكال التكوين ألهوياتي الأخرى مما يؤهلهم تماما، زائدا تشوقهم السياسي الكبير، للانفصال. وإن تحقيق هذا الهدف ـ الحلم في ظل الظروف العامة المحيطة بهم يقتضي توفير الأرضية المناسبة له وهي، حسب ممارساتهم وتصوراتهم، شرذمة العراق وتفكيكه ليكون للاستقلال والانفصال مبررا موضوعيا لايمكن لأي قوة أخرى في المنطقة ممن تقف عائقا في وجهه أن تؤاخذهم عليه وبالتالي تعمل على منعه. فعراق غير موحد وفق كيانه الحديث سيكون الأرضية المناسبة لتحقيق الأكراد لحلمهم، وهم لهذا لايتوانون عن العمل ، بغض النظر عن الشعارات المزوقة ودعاوى حسن النية المزيفة، على الحث نحو هذا التفكيك عمليا، ونشر القناعة به خطابيا بالطعن بشرعية الكيان العراقي وادعاء انه تكوين هجين، وهذا يفسر كثيرا اهتمامهم بتفقيع الهويات الأخرى واختزال الإنسان بها وحدها. والذي يؤكده جزئيا تحالفهم ودعمهم غير المحدود للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية (الحكيم) الميال إلى تقسيم الوطن وفق ذات الرؤية المضخمة للخصوصية. فالمجلس الأعلى يكرس هو الآخر خصوصية الشيعة وفرادتهم ويسعى لإيجاد إطار ديموغرافي شيعي صرف ( مناطق الجنوب بعد طرد السنة منها) للوصول إلى فدرالية طائفية انقسامية.

ومع إن هذه الطروحات مبثوثة في حيثيات الخطاب السياسي والثقافي الكردي تصل أحيانا فيه حد الاجهار الصريح، الا أنها، وهو أمر متعب ومقلق حقا، غالبا ماتكون غامضة، مغلفة، تحس ولا تدرك. لكن الأكثر إتعابا هو تشبث كثير من المثقفين والساسة العراقيين ، أما مجاملة أو ارتشاءا، بالقبول بممارسة الأكراد وعدم كشفها وتحديد أبعادها الخطيرة على وحدة العراق الوطنية المهددة بشكل جدي من هذا المشروع ومن تلك الممارسات.

الا ينبغي بمثقفي العراق ان ينشغلوا قليلا بجدية التساؤل حول جدوى التشبث بوحدة أراض ضمن سياق يخدم فئة تريد الانفصال وتمهد له وتعمل، خدمة لمشروعها وحلمها، على تخريب وحدة الوطن كله؟. الا ينبغي بالمثقفين والساسة العراقيين امتلاك الجرأة لقول الحقيقة عارية ومطالبة القوى السياسية العراقية والدولة على اتخاذ خطوة عملية لوقف هذا الخطر وفصل كردستان عن العراق ليتسنى للجزء العربي ( مع تلاوينه القومية الأخرى) بناء دولة ومجتمع منسجم موحد يسير باتجاه مشترك واحد؟.

لايتوقع بطبيعة الحال أن تنشغل الطبقة السياسية الفاسدة الحاكمة في العراق الآن في بحث أسئلة الوطن، مع مالهذه الأسئلة من مخاضات مبهجة، لأنها طبقة لاهية ومنغمرة في سباق الحصص المضني. لكن هموم الوطن تدعوا مثقفيه ممن ليس لهم غير العراق وطنا أن يعملوا، بطليعية، ولو لمرة واحدة في حياتهم، على إبقاء وطنهم ثابتا في عالم الخرائط الزلق.


11-5-2006



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشتاشان ذاكرة التاريخ
- ربطة العنق التي ستخنق العراقيين
- سيف البغي
- صفعة على خد ناعم
- من هو رجل أمريكا القوي في العراق؟
- ماقالته الانتخابات
- معبر الانتخابات الى الهزيمة
- الانتخابات العراقية... منتصرون ومهزومون
- صحوة الدائخ
- المصالحة الوطنية... ماساة ام مهزلة؟
- نظرة في الدعاية الانتخابية
- محنة الناخب العراقي وسؤال الشرعية
- ثوب الديمقراطية الفضفاض
- تمخض الجبل فولد فارا
- حق الانفصال وداعا ايها الكرد وداعا
- خلل بنيوي وتبعية مركبة
- ماذا عن القتلة
- هيئة علماء المسلمين بين الكراهية الدينية واعادة الاعتبار للن ...
- الجانب الاهم في جرائم النظام البعثي
- الحوار المتمدن في لحظة اختبار


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - إختلافاتنا البهية