أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الأسس الأيديولوجية والسياسية لبناء الحزب البروليتاري الثوري















المزيد.....


الأسس الأيديولوجية والسياسية لبناء الحزب البروليتاري الثوري


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 12:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يعتبر الخط الأيديولوجي الثوري الأساس النظري للتنظيم السياسي الثوري ويتم تحديد أسسه انطلاقا من تحديد التصور السياسي المنبثق من التحليل المادي التاريخي للواقع الموضوعي انطلاقا من دراسة الوضع السياسي الراهن، وهو بوصلة طريق الثورة للتنظيم السياسي الثوري خلال النضالات الثورية للمناضلين الماركسيين اللينينيين في أوساط جماهير العمال والفلاحين عبر الصراعات الطبقية التي تقودها الطبقة العاملة والفلاحون.
ويعتبر التنظيم السياسي الثوري أداة للصراع الأيديولوجي والسياسي ضد أعداء الطبقة العاملة والفلاحين من بورجوازيين وتحريفيين انتهازيين وإصلاحيين، كما يعتبر ميدانا لهذا الصراع بين المناضلين الماركسيين اللينينيين أنفسهم.
ويتم باستمرار تطوير الخط الأيديولوجي خلال أطوار الصراعات الطبقية في مختلف مراحلها التي يجب أن ينخرط فيها جميع مناضلي التنظيم السياسي الثوري، ومواكبة تطورات الحركة الاجتماعية التي تخضع فيها صراعات الطبقات الاجتماعية المتناقضة لقوانين التطور الطبيعي والاجتماعي (التناقض في ظل الوحدة، النفي ونفي النفي، الكم والكيف).
والتنظيم السياسي الثوري وفق النظرية الماركسية اللينينية يخضع لقوانين العلاقة الجدلية بين السرية والعلنية، من خلال العلاقة بين انتماء المناضلين الماركسيين اللينينيين إلى المنظمة الثورية (الثوريون المحترفون) وعملهم داخل المنظمات الجماهيرية وشبه الجماهيرية (المنظمات النقابية العمالية والفلاحية أساسا).
إن تفاعل العلاقة بين العمل السري والعلني أثناء الصراعات الطبقية يساهم بشكل كبير في فرز الطليعة الثورية للبروليتاريا /القيادة التاريخية للحزب الماركسي اللينيني، على اعتبار أن هذا الفرز يشكل المهمة المركزية بعد بناء المنظمة الثورية ، مما يتطلب تمحيص وتدقيق الخط الأيديولوجي الثوري للثوريين المحترفين في إطاره العام (النظرية الماركسية اللينينية والتجارب الثورية العالمية: روسيا، الصين، الفيتنام، أمريكا اللاتينية)، في أفق تحقيق الهدف الإستراتيجي لبناء الحزب الثوري للعمال والفلاحين، في العلاقة بين الإستراتيجية الثورية واستراتيجية بناء الحزب عبر وضع أسس طريق الثورة والبرنامج الثوري.
إن الحركة الماركسية اللينينية اليوم تعرف عدة خطوط أيديولوجية متناقضة من ثورية، تحريفية انتهازية، فوضوية، شعبوية ... مما يحول دون إمكانية تحقيق وحدة الماركسيين اللينينيين في منظمة ثورية واحدة وسفتح الصراع الأيديولوجي على مصراعيه بين مختلف الخطوط في فضاء الحركة الماركسية اللينينية.
إن الانتقال من مستوى فضاء الحركة الماركسية اللينيننة إلى مستوى أعلى من البناء التنظيمي الثوري وفق النظرية الماركسية اللينينية لمنظمة الثوريين المحترفين، يتطلب الوضوح الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي للمناضليين الماركسيين اللينينيين، ذلك ما لا يمكن تحقيقه إلا عبر الجواب الدقيق لكل مناضل ماركسي لينيني وبشكل فردي على سؤال المرحلة: من نحن، ماذا نريد وما العمل؟
إن بناء المنظمة الثورية للثوريين المحترفين يستوجب الممارسة العملية الثورية اليومية وفق العلاقة بين "الأمن"/وضع أمن المناضلين الثوريين فوق كل اعتبار، و"السرية"/أثناء عملهم الثوري الذي يتطلب السرية التامة، هذه الثنائية في العمل الثوري يجب أن تطبع علاقات المناضلين الماركسيين اللينينيين فيما بينهم أثناء عملهم اليومي مما يتطلب بناء تصور أيديولوجي للعمل الثوري يتماشى والصرامة والانضباط التنظيمين.

الأسس المادية التاريخية للخط الأيديولوجي والسياسي

يرتكز على النظرية الماركسية اللينينية للحزب الثوري انطلاقا من دور منظمة الثوريين المحترفين في تنظيم عملهم في أوساط العمال والفلاحين، من أجل تطوير الوعي السياسي الطبقي لديهم كمهمة مركزية في أي عمل ثوري عبر حمل هذا الوعي من خارج الطبقة، عبر ربط نضالات الطبقة العاملة بباقي نضالات الطبقات والفئات الشعبية المضطهدة أي من خارج النضال الاقتصادي.
إن مهمة حمل المعرفة السياسية للعمال والفلاحين لا يمكن أن يتم إلا عبر العلاقات الواسعة للطبقة العاملة مع باقي الطبقات والفئات عبر النضال ضد السياسات الطبقية للحكومة والدولة معا، في العلاقة بين جميع الطبقات والفئات، إذ لا يمكن التوجه إلى الطبقة العاملة في الوقت الذي يتم فيه إغفال جميع مظاهر الاضطهاد الطبقي الذي تمارسه الدولة على عموم السكان.
ولا تقف مهمة المنظمة الثورية عند هذا الحد بل تتعداه إلى إيجاد الشروط المادية لفرز الطليعة الثورية البروليتارية الكفيلة بقيادة الحزب البروليتاري الثوري من أجل تحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية انسجاما مع شروط الحياة المادية للحركة الثورية وتطورها عالميا، إقليميا ومحليا.
ولن يتم فرز الطليعة الثورية إلا بتغلغل أيديولوجيا البروليتاريا في أوساط الجماهير الشعبية وعلى رأسها العمال والفلاحون مما يتطلب من الثوريين المحترفين الانغراس في أوساطهم، عبر قيادة نضالاتهم ضد السياسات الطبقية للحكومة والدولة من أجل فرز القيادة الثورية البروليتارية التي تقود استراتيجية البناء الحزبي في علاقته بالإستراتيجية الثورية.
ويشكل الأساس الاقتصادي في النظرية الماركسية اللينينية/مكونات البنية المادية لتطور الأنظمة الاجتماعية الذي يتم بداخله الصراع بين القوى المنتجة (وسائل الإنتاج المادية والثقافية والناس المنتجون) وعلاقات الإنتاج (الأسس الأيديولوجية والسياسية والقوانين التي تضعها الطبقات المسيطرة على الحكومة والدولة) أرضية العمل الثوري التي يجب فهمها واستيعابها، ويدخل في تحديد الأساس الاقتصادي للنظام الاجتماعي جميع مظاهر الحركة الاجتماعية المادية والثقافية لمجمل الطبقات والفئات المتصارعة خلال عملية الإنتاج، أي جميع الطبقات والفئات التي توجد في صلب الصراعات الطبقية بين الطبقات المنتجة والطبقات المسيطرة على وسائل الإنتاج.
ففي المجتمعات الرأسمالية تكونت طبقتان أساسيتان، الطبقة العاملة التي تبيع قوة عملها وهي طبقة ثورية والطبقة البورجوازية التي تستغل قوة عمل العمال والفلاحين وهي طبقة رجعية.
لقد أكدت الماركسية أن العمال والبورجوازية طبقتان متناقضتان تشكلان أساس الصراعات الطبقية في النظام الرأسمالي، لهذا أكد ماركس على أهمية البروليتاريا في الصراعات الطبقية باعتبارها طبقة ثورية حاسمة في إسقاط الرأسمالية وبناء المجتمعات الاشتراكية. وأكد لينين على أهمية الحزب الثوري في تحقيق انتصار البروليتاريا على البورجوازية في عصر الرأسمالية الحديثة/الإمبريالية التي سماها "أعلى مراحل الرأسمالية" و"عشية الثورات الاشتراكية".
وحدد لينين أسس الإمبريالية فيما يلي :
ـ سيطرة الرأسمال المالي على الرأسمال التجاري والصناعي في السوق التجارية العالمية.
ـ سيطرة الاحتكارية على المزاحمة الحرة في عملية الإنتاج عالميا.
ـ ظهور الدولة الاحتكارية تعبيرا عن تطور أعلى للاحتكارية في عصر الإمبريالية.
ـ الاستعمار والحرب ميزتان أساسيتان تلازمان سيطرة الإمبريالية عالميا.
لهذا دعا لينين إلى بناء الأنظمة الاشتراكية عبر قيادة الثورات الديمقراطية البروليتارية في البلدان التي تحكمها دول امبريالية وتحرير البلدان المضطهدة التي تستعمرها هذه الدول، كما دعا إلى الثورات الديمقراطية البورجوازية في البلدان المضطهدة تقودها البروليتاريا : الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية في أفق بناء مجتمعات اشتراكية في ظل الديمقراطية البروليتارية.
وأكد لينين أن البروليتاريا لم تنتصر على البورجوازية في روسيا إلا بالتحالف الحربي مع الفلاحين والذي تطور إلى التحالف الاقتصادي لبناء النظام الاشتراكي، كما أكد على الدور الطبقي للدولة الذي وضع ماركس وإنجلس أسسه الطبقية باعتبار الدولة "أداة قهر الطبقات المسيطرة للطبقات المضطهدة"، أي قهر العمال والفلاحين في المجتمعات الرأسمالية، لهذا فالدولة في ظل الديمقراطية البورجوازية لا يمكن أن تسمح إلا باضطهادهم من طرف الطبقة البورجوازية المسيطرة على وسائل الإنتاج المادية والثقافية.
وتعتبر الديمقراطية البروليتارية الوسيلة الكفيلة لحل التناقضات بين البروليتاريا والبورجوازية لصالح الطبقات المضطهدة عبر سيطرة البروليتاريا على السلطة وتجاوز نتائج الثورة الديمقراطية البورجوازية بالشروع في البناء الاشتراكي، وذلك بالانتقال من مستوى الثورة الديمقراطية البورجوازية إلى مستوى أعلى أي الثورة الديمقراطية البروليتارية.
وأكد لينين على أهمية العمل السياسي السري في المنظمة الثورية للثوريين المحترفين في كتابه ما العمل؟ الذي وضع فيه أسس بناء المنظمة الماركسية اللينينية الثورية، معتمدا في ذلك على دراسة التناقض بين العفوية التي تطبع نضالات جماهير العمال والفلاحين والوعي الذي يجب أن يتجسد أكثر فأكثر في عمل الثوريين المحترفين كلما ارتفع نهوض الجماهير العفوي، واعتبر صفة العفوية التي تطبع نضالات الجماهير العمالية المرحلة الجنينية للوعي، معتبرا أن المنظمة الثورية هي أرقى مظاهر الوعي والكفيلة بنقل الوعي السياسي الطبقي إلى الطبقة العاملة.
وواجه لينين الاقتصاديين الذين يدعون إمكانية نقل المعرفة السياسية للطبقة العاملة عبر النضال الاقتصادي، معتبرين أن النضال الاقتصادي وسيلة أساسية لجذب الجماهير الشعبية إلى العمل السياسي عبر التحريض الاقتصادي الذي يتبعه التحريض السياسي، وهم يجهلون أن جميع مظاهر الاضطهاد الذي تمارسه أجهزة الدولة ضد جماهير العمال والفلاحين غير المرتبط ارتباطا مباشرا بالنضال الاقتصادي أساسية في جذب الجماهير إلى العمل السياسي.
ولخص نقده للاقتصاديين فيما يلي : "والواقع أن عبارة "إضفاء الطابع السياسي على النضال الاقتصادي نفسه" خالية من كل شيء عدا النضال في سبيل الإصلاحية". ما العمل؟
إن النضال الثوري يتضمن دائما المطالب الإصلاحية عبر استعمال التحريض الاقتصادي لكن ليس فقط من أجل الإصلاحات ولكن لمطالبة الحكومة أولا وقبل كل شيء ب"أن تكف عن أن تكون حكومة استبدادية"، والنضال السياسي ضد جميع مستويات مظاهر الاضطهاد الذي تمارسه الدولة على الجماهير الشعبية إلى جانب النضال الثوري من أجل الحرية والاشتراكية.
إن العمال والفلاحين لا يمكنهم أن يكونوا واعين لذاتهم/بمصالح الآخرين إذا لم يستطيعوا التعبير عن المظاهر الاجتماعية لباقي الفئات المضطهدة بشكل علمي مادي، حيث وعيهم بذاتهم/بمصالحهم لا يتم بمعزل عن معرفتهم بواقع جميع الفئات الاجتماعية المضطهدة، فتوجيهم إلى وعيهم بذاتهم لا يمكن أن يجعل منهم ثوريين قادرين على الاستقلال الأيديولوجي والسياسي عن البرجوازية والملاكين العقاريين الكبار.
وأكد لينين على بناء منظمة الثوريين المحترفين تكون مهمتها المركزية اليومية تنظيم العمل السياسي للثوريين المحترفين هدفه نقل المعرفة السياسية إلى العمال والفلاحين، فلا يكفي اندفاع الشباب الثوري لبلورة الوعي السياسي الطبقي لدى العمال والفلاحين في الوقت الذي يفتقدون فيه لأيديولوجيا ثورية تنير طريقهم نحو الثورة.
لقد درس لينين واقع الحركة الثورية بروسيا في أواخر القرن 19 واكتشف ما يلي:
ـ وجود مجموعات شبابية ثورية شغوفة بمعرفة الماركسية تتوجه إلى الطبقة العاملة.
ـ عدم وضوح التصور الأيديولوجي لدى هذه المجموعات الشبابية الثورية.
ـ سهولة اختراق هذه المجموعات من طرف البوليس السياسي لضرب أنويتها التنظيمية وتفكيك مجموعاتها.
ـ انتشار الأفكار التحريفية والفوضوية والشعبوية في صفوف الحركة العمالية الروسية مما يعرض الحركات الشبيبية الثورية للخطر.
وأكد لينين أن "نمو حركة العمال يسبق نمو المنظمات الثورية وتطورها" حيث يكون الثوريون العاملون في أوساط الطبقة العاملة أقلية غير قادرة على استيعاب نضالات العمال المضطربة، وحدد عمل المنظمة الثورية للثوريين المحترفين وسط الطبقة العاملة فيما يلي:
ـ ضرورة وجود وسائل التحريض السياسي في أوساط الجماهير الشعبية وعلى رأسهم الجماهير العمالية، وأساسها الجرائد والمناشير والنشرات والمطبوعات السرية مما يتطلب الدعم المالي.
ـ الابتعاد عن العمل الحرفي الضيق والعمل الاقتصادي باعتبارهما منافيان للمنظور الماركسي الثوري.
ـ النضال الثوري أبعد بكثير من النضال الاقتصادي ضد الباطرونا والحكومة مما يطرح أهمية المنظمة الثورية في بلورة النضال الثوري ضد الدولة.
ـ منظمة الثوريين المحترفين يكون عملها سريا وتضم بداخلها أناسا مهمتهم المركزية النضال الثوري عكس منظمة العمال المهنية الواسعة للجماهير.
ـ ضرورة محو كل الفروق بين أعضاء المنظمة الثورية بسبب مهنهم أو ثقافتهم بين العمال والمثقفين.
ـ ضرورة الاستفادة من المناضلين الأكفاء الذين تفرزهم الحركة العمالية.
ـ أهمية المركزية الديمقراطية والنقد والنقد الذاتي في عمل المنظمة الثورية.
لهذا فإن أي عمل ثوري في أوساط جماهير العمال والفلاحين يتطلب التنظيم داخل منظمة ثورية للثوريين المحترفين.

موقع التجارب الثورية العالمية في بناء الخط الأيديولوجي والسياسي

تعتبر التجارب الثورية العالمية أهم روافد الخط الأيديولوجي الثوري الذي تستمد منها المنظمة الثورية للثوريين المحترفين أسس عملها الثوري، حيث نضالاتها الثورية مرتبطة بنضالات الحركة العمالية الثورية العالمية، إذ يعتبر النضال الثوري ضد الإمبريالية أهم منطلقاتها الثورية إذ تشكل وحدة الطبقة العاملة التي نادى بها ماركس إحدى المهام المركزية للحركة العمالية الثورية العالمية، ويشكل الخط الثوري للحركة العمالية بالبلدان المضطهدة إحدى روافدها المهمة حيث تعتبر مستهدفة في الإستراتيجية الإمبريالية/الاستعمار والحرب، نظرا لموقعها الجيوسياسي الإستراتيحي في الثورة المضادة للثورات الشعبية/الغرب الأفريقي ومجمل القارة الأفريقية والشرق العربي، ويعتبر ضرب الحركة العمالية الثورية بهذه البلدان من بين المهام التي تضعها الأجهزة الاستخباراتية الإمبريالية في أولوياتها لما يشكله الحفاظ على الأنظمة التابعة لها من أهمية في الإستراتيجية الإمبريالية الأمريكية والأوروبية.
لهذا فإن النضالات الثورة للمنظمة الثورية مرتبط أشد ارتباط بالنضالات الثورية العالمية ضد الإمبريالية، مما يجعل خطها الأيديولوجي الثوري متعلق بالتجارب الثورية العالمية وعلى رأسها التجربتين الروسية والصينية.

التجربة الثورية البلشفية

تعتبر الثورة البلشفية إحدى أسس الخط الأيديولوجي للمنظمة الثورية لما لها من تأثير كبير على بناء طريق الثورة في البلدان التي تحكما أنظمة إمبريالية، فهي أول ثورة اشتراكية أسقطت أوهام الإمبريالية وزعزعت أركانها في مرحلة تاريخية كان يتم فيها حسم الصراع بين الإمبرياليات حول تقسيم العمل عالميا خلال الحرب الإمبريالية العالمية الأولى.
ولم يكن تحقيق سيطرة العمال والفلاحين على السلطة في دولة ديكتاتورية البروليتاريا، دولة السوفييتات سهلا إنما تم بتضحياتهم، ولم يسلم الوطن الاشتراكي من هجوم الإمبريالية وحلفائها البورجوازيين والبورجوازيين الصغار من أجل إجهاض الثورة الاشتراكية وإعادة الرأسمالية إلى روسيا.
فخلال الحرب الإمبريالية العالمية الأولى والحرب الأهلية تعلم لينين الكثير حول مسألة البناء الاشتراكي الذي وضع أسسه المادية عبر مسألتين أساسيتين:
ـ ضرورة التحالف الحربي بين العمال والفلاحين ضد تحالف البورجوازية والملاكين العقاريين الكبار/الكولاك من أجل الانتصار في الحرب.
ـ ضرورة التحالف الاقتصادي بين العمال والفلاحين في مرحلة البناء الاشتراكي قي دولة ديكتاتورية البروليتاريا.
إن هاتين المسألتين تشكلان الأساس المادي التاريخي لنظرية البناء الاشتراكي في الوطن الاشتراكي حيث لا يمكن بناء الاشتراكية دون القدرة على الدفاع عن الثورة الاشتراكية عالميا، إقليميا ومحليا.
وتشكل الثورة الاشتراكية في البلدان الرأسمالية الهدف المركزي للإستراتيجية الثورية للعمال والفلاحين من أجل إسقاط الأنظمة الإمبريالية وتحرير الشعوب المضطهدة، سواء شعوب البلدان الرأسمالية أو شعوب البلدان التي تحكمها أنظمة تابعة لها/تحالف البرجوازية التجارية والملاكين العقاريين.
وتعتبر وحدة العمال في البلدان الرأسمالية أحد الأسس المادية لانتصار البروليتاريا على البورجوازية وبناء دول ديكتاتورية البروليتاريا بها، إن أعداء البروليتاريا في الدول الديمقراطية البورجوازية يعملون على عرقلة وحدة العمال عبر:
ـ نهج سياسات طبقية لاستغلال قوة عملهم وسيادة القمع البوليسي ضد الحركة الثورية واضطهاد الشعوب.
ـ دعم الأروستقراطية العمالية والأحزاب التحريفية والإصلاحية داخل الحركة العمالية ضد البروليتاريا وأحزابها الثورية.
إن تطور الرأسمالية الحديثة/الإمبريالية من احتكارية الشركات الإمبريالية إلى احتكارية الدول الإمبريالية عبر الانتقال من اتحادات الرأسماليين الاقتصادية إلى اتحاداتهم السياسية، يتطلب وحدة العمال والتحالف مع الفلاحين عالميا لمواجهة السيطرة الاستعمارية لاتحادات السياسيين الإمبريالية واتحادات الأروستقراطية العمالية في أحزابها التحريفية والإصلاحية عالميا، ويشكل هذا النضال الثنائي بالنسبة للحركة العمالية الثورية العالمية الأساس المادي للصراع الطبقي بين الرأسمالية والاشتراكية.
لقد وضعت الثورة البلشفية أسس النضال الطبقي الاشتراكي ضد الرأسمالية الإمبريالية عبر ممارسة العنف الثوري لتحالف العمال والفلاحين في مواجهة عنف تحالف البورجوازية والملاكين العقاريين الكبار عبر ديكتاتورية البروليتاريا ضد ديكتاتورية البورجوازية.
ولن تستقيم طريق الثورة خارج هذه المعادلة المعقدة والمحددة لتطور الصراعات الطبقيات عالميا.
ويشكل الحزب البروليتاري الثوري التنظيم السياسي الوحيد القادر على تحقيق هذه المهام الثورية والذي وضعت الماركسية اللينينية أسسه المادية والنظرية، من خلال التجربة الثورية بروسيا (الثورة الديمقراطية البورجوازية 1905/1907 وفبراير/مارس 1917 والثورة الديمقراطية البروليتارية في أكتوبر 1917) ودور العمال والفلاحين فيهما.
لقد تعلم البلاشفة من هزيمة الثورة الديمقراطية البورجوازية الأولى كيفية التراجع الصحيح من أجل بناء الهجوم الصحيح، وكان الحزب البلشفي الحزب الوحيد الذي استطاع رص صفوفه وإعادة بناء قوته من منطلقات ثورية جديدة، بينما باقي الأحزاب البورجوازية الصغيرة التحريفية والإصلاحية غرقت في الرجعية على طول الخط، مما أهله إلى قيادة الثورة الديمقراطية البروليتارية في أكتوبر 1917.
إن الحزب البروليتاري الثوري هو الذي يتعلم في زمن الأزمة أكثر مما يتعلمه خلال أيام الرخاء وذلك عبر استراتيجية التراجع الصحيح واستراتيجية الهجوم الصحيح، ولما يقرر إشهار سلاحه فليس تمة فرصة للتراجع بعد ذلك ولو في ظل تحقيق انتصارات قليلة الأهمية يتم الحفاظ على مكتسباتها.
وقام ستالين بتطوير دور الحزب البلشفي خلال مرحلة البناء الاشتراكي وأعطاه بعدا أدق وأشمل انطلاقا من المباديء الأساسية للحزب البروليتاري الثوري التي وضعها لينين بوضعه لعلم قيادة البروليتاريا إلى السيطرة على السلطة في ظل دولة ديكتاتورية البروليتاريا.
واستطاع ستالين بلورة مفهومي علم التاكتيك والإستراتيجية لدى لينين في قيادته للحرب ضد النازية والفاشية اللتين سحقهما خلال أطوار الحرب الإمبريالية العالمية الثانية، ولم يتم ذلك إلا بفضل قيادة الحزب الذي يتسم عمله بالانضباط والطاعة الثوريين للمناضلين الثوريين المحترفين.
ولعب الحزب البلشفي دورا هاما في إعادة بناء ما دمرته الحرب الإمبريالية على دولة ديكتاتورية البروليتاريا واستطاع ستالين بفضله توحيد شعوب وقوميات الاتحاد السوفيييتي في ظل نظام اشتراكي امتد إلى شرق أوربا، وأسس سوق تجارية اشتراكية عالمية مناقضة للسوق التجارية الإمبريالية العالمية.
وهكذا أصبحت الثورة البلشفية رمزا من رموز التجارب الثورية العالمية الناجحة التي لها دور كبير في بناء النظرية الثورية، التي تعتبر أساس الممارسة العملية للإستراتيجية الثورية في علاقتها باستراتيجية بناء الحزب الثوري، والتي تعتبر فيها الماركسية اللينينية أساس كل أيديولوجية ثورية للمنظمات الثورية للثوريين المحترفين في طريق بناء الحزب الثوري في علاقتها بطريق الثورة.

التجربة الثورية الصينية

تعتبر التجربة الثورية الصينية الشكل الثاني من التجارب الثورية التي أفرزتها الصراعات الطبقية بين الاشتراكية والرأسمالية في عصر الإمبريالية، وتختلف عن الثورة البلشفية بكونها تمت في بلد شبه مستعمر ونظام شبيه بالإقطاع، وكلتا الثورتين تلتقيان في قيادة البروليتاريا للثورة.
وتعتبر الثورة الصينية النموذج المكمل للثورة البلشفية في بعدهما العالمي للثورة، في التناقض بين الثورة الديمقراطية البورجوازية والثورة الديمقراطية البروليتارية، وفي تكاملهما في الانتقال من الديمقراطية البورجوازية إلى الديمقراطية البروليتارية، التي دعا إليها لينين حيث المهام الثورية للبروليتاريا لا تتوقف عند حدود الديمقراطية البورجوازية بل تتعداها إلى تحقيق الديمقراطية البروليتارية، فلا يمكن تحقيق الديمقراطية كاملة إلا بسيطرة البروليتاريا على السلطة في ظل ديكتاتورية البروليتاريا.
وعمل ماو على بلورة مفهوم الديمقراطية البروليتارية التي سماها "الديمقراطية الجديدة" في بلد يسود فيه نظام شبه إقطاعي لم تنضج فيه شروط الثورة الاشتراكية بعد، التي تتطلب بلوغ مستوى الرأسمالية في مراحلها العليا أي الإمبريالية كما هو الشأن في روسيا، وأكد ماو تسي تونغ على دور البورجوازية الوطنية في التحالف الطبقي ضد الإمبريالية وحلفائها الكومبرادوريين والملاكين العقاريين الكبار، من التحالف في حرب التحرير الشعبية التي قادها الحزب الشيوعي الصيني والسيطرة على السلطة بقيادة البروليتاريا إلى البناء الاشتراكي في بلد مضطهد من طرف الإمبريالي.
وكان للحزب الشيوعي الصيني دور هام في بلورة التاكتيك والإستراتيجية الثوريين أثناء حرب التحرير ضد الإمبريالية، فكان للتحالف التاكتيكي مع الكومبرادور أثناء الحرب الإمبريالية العالمية الثانية أثر كبير في انتصار حركة التحرر الوطني بالصين، وكان لاستراتيجية التحالف الطبقي بين العمال والفلاحين أثر كبير في القضاء على الكومبرادور خلال حرب التحرير الشعبية وسيطرة البروليتاريا على السلطة، وجاء التحالف التاكتيكي مع البورجوازية الوطنية من أجل التسريع في بلورة الشروط المادية للبناء الاشتراكي في دولة ديكتاتورية البروليتاريا.
إن التحالف الطبقي المركزي في البناء الاشتراكي هو التحالف الحربي والاقتصادي بين العمال والفلاحين وفق النظرية الماركسية اللينينية، ويبقى التحالف مع البورجوازية الوطنية في التجربة الصينية تحالف تاكتيكي، نظرا لشروط الحياة المادية لتحقيق الثورة الاشتراكية التي لم تنضج بعد بالصين لكون البنية الرأسمالية ضعيفة في وطن شاسع غالبية سكانه فقراء، حيث لا يمكن الحديث عن الثورة الاشتراكية دون وجود مقدمات الأساس الاقتصادي الرأسمالي في أعلى مراحله/الإمبريالية.
وهكذا تكون الثورة الصينية قد أتمت مقومات النظرية الماركسية اللينينية ممارسة حول مفهوم الثورة في عصر الإمبريالية، في التناقض بين أقلية من الدول الإمبريالية التي تضطهد شعوب البلدان الفقيرة للسيطرة على ثرواتها الطبيعية وترويج سلعها في السوق التجارية العالمية، وبين الغالبية العظمى من الدول التابعة للإمبريالية التي تقوم باضطهاد شعوبها في ظل التحالف الطبقي بين الرأسمال المالي والرأسمال التجاري ضد مصالح الشعوب المضطهدة.
إن العلاقة الجدلية بين الثورات الاشتراكية في ظل الديمقراطية البروليتارية بالدول الإمبريالية والثورات الوطنية الديمقراطية الشعبية بالبلدان المضطهدة، يحيلنا إلى العلاقة الجدلية بين التحالف الطبقي بين العمال بالدول الإمبريالية والعمال بالدول التابعة لها وحلفائهما الطبقيين الفلاحون والبورجوازية الوطنية في التجربة الصينية.
وهكذا فإن الثورتين البلشفية والصينية صيغتين متناقضتين متكاملتين لطريق انتصار الثورات الاشتراكية على الدول الإمبريالية، طريق الثورات البروليتارية يكون فيها الحزبان الشيوعيان البلشفي والصيني الصيغتين التنظيميتين المتكاملتين في تحقيق الثورة الاشتراكية عالميا.



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب البروليتاري الثوري وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية ال ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش - المسيرة في اتجاه ال ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش -الحركة تتعسكر- المسي ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش -الحركة تتعسكر- سرد ا ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش -الحركة تتعسكر- سرد ا ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش -الحركة تتعسكر- سرد ا ...
- مأساة يغود - الجزء الثاني - الحلقة الخامسة
- مأساة يغود - الجزء الثاني - الحلقة الرابعة
- مأساة يغود - الجزء الثاني - الحلقة الثالثة
- مأساة يغود - الجزء الثاني - الحلقة الثانية
- مأساة يغود الجزء الثاني الحلقة الأولى
- لماذا المذهب الماركسي اللينيني أعلى مراحل الديالكتيك الماركس ...
- مأساة يغود - الثورة والثورة المضادة - ج 2
- مأساة يغود - الثورة والثورة المضادة
- مأساة يغود - الزاوية
- مأساة يغود - القسم الأول، الفصل الأول، القبيلة
- مأساة يغود - مقدمة رواية - أول رواية من سلسلة روايات
- ثورة أكتوبر في علاقتها بثورات الشعوب المضطهدة
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش -الحركة تتعسكر- سرد ا ...
- التجربة الثورية الفيتنامية : تأسيس جيش - سرد الجنرال جياب - ...


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - الأسس الأيديولوجية والسياسية لبناء الحزب البروليتاري الثوري