|
النساء فى تونس ، والنساء فى مصر
رفعت عوض الله
الحوار المتمدن-العدد: 6308 - 2019 / 8 / 2 - 15:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وانا اتابع الاحداث في تونس ، شاهدت جنازة الرئيس التونسي المحترم قايد السبسي . رأيت عبر الفضائيات التونسيين والتونسيات . لفت نظري وشد انتباهي الاعداد الكبيرة من التونسيات السافرات اللاتي بدون حجاب ، كاشفات عن شعرهن ، ومرتديات الملابس العصرية . نعم هناك اعداد كبيرة من المحجبات ، ولكن ان نري سافرات وغير محجبات وباعداد كبيرة في بلد عربي يدين فيه الناس بالإسلام ، فهذا امر مدهش . في المقابل في مصر حيث الكثرة الغالبة من المسلمين واقلية من المسيحيين . نلاحظ ان المسلمات تقريبا يكاد الكل يكن محجبات مع عدد لا بأس به من المنقبات ويستطيع المرء ان يتبين دين المرأة المصرية من الحجاب والسفور . فالسفور يكاد يكون قاصرا علي المصريات المسيحيات . وانتشار الحجاب علي أوسع نطاق نراة في المدرسة حتي ولو كانت مدرسة أطفال ، وفي الهيئات والمؤسسات والجامعة والشارع . ما الذي صنع الفارق والاختلاف بين التونسيات والمصريات علي هذا النحو الواضح والظاهر . في ظني ان الفارق جاء نتيجة للفارق بين شخصيتي الزعيم جمال عبد الناصر والزعيم التونسي الحبيب بورقيبة ، وتوجهاتهما السياسية والفكرية . عبد الناصر الذي كان ضابطا صغيرا بالجيش الملكي المصري كان ناقما علي الغرب ، ولا يري فيه سوي انه استعمار واستغلال وإذلال للعرب المسلمين ، وكان بصورة او باخري مشبعا بفكر وعقيدة الاخوان الحالمة بإستعادة امجاد دولة الخلافة الإسلامية . حين نظم عبد الناصر تنظيم الضباط الاحرار كان بالتنسيق مع جماعة الاخوان ، بل ان اختيار التوقيت للانقلاب علي الملك في 23 يوليو 1952 كان أيضا بالتنسيق مع الجماعة . والامر الدال علي التوجهات الإسلامية لدي عبد الناصر عدم وجود ضابط مسيحى واحد في التنظيم . عبد الناصر نظر للغرب نظرة غير موضوعية . نعم ان الغرب استعمار واحتلال وتحكم في مقدرات الشعوب الضعيفة ، ولكنه أيضا حضارة وعلم وعقل وحقوق للإنسان وقيم حداثية من علمانية وليبرالية وديمقراطية . للأسف عبد الناصر لم يري هذا الجانب المضيئ . فعاد الغرب وعادي الحداثة . فلما خلع الملك واعلن الجمهورية في مصر حل الأحزاب إلا تنظيم جماعة الإخوان ، وحكم بوصفه حاكما فردا لا يقبل اختلافا ولا معارضة . يصفق له الناس والجماهير ، ويهتفون له بروح القطيع الذي يسير خلف الراعي ،الأب للجميع . انحاز عبد الناصر لأهل الثقة وابعد اهل الخبرة والكفاءة ، واحد الأمثلة علي ذلك : وزارة المعارف " التربية والتعليم " التي كان وزيرها في حكومة الوفد الأخيرة العظيم طه حسين الذي نادي وعمل ونفذ ان يكون التعليم كالماء والهواء ، وان الجهل كالحريق علينا الإسراع في إ طفائه بكل الوسائل وإلا حولنا الي رماد . شغل كرسي طه حسين في عهد عبد الناصر الصاغ الجاهل كمال الدين حسين ذو التوجهات الاخوانية . فماذا حدث ؟ بدأ الانحدار التدريجي في التعليم ووصلنا الي تعليم هو مسخ تعليم وليس تعليما حقيقيا بفضل سياسات عبد الناصر ومن خلفه . انطلاقا من إسلامية عبد الناصر تشكل في نفس الرجل ايمان قوي بالعروبة والوحدة العربية ، وجاء بكتب التربية الوطنية المقررة علي التلاميذ بالمدارس أسس وعوامل تلك الوحدة من تاريخ مشترك ، ولغة واحدة ودين وعقيدة واحدة ، وكأن كل العرب مسلمون ، في نفي وتهميش واضح لغير المسلمين من العرب هذا التوجه الناصري نحو الإسلام اسفر عن فتح الطريق والباب واسعا امام الأصولية الإسلامية بعد هزيمة يونيو1967 التي اجهزت علي المشروع الناصري . بعد رحيل عبد الناصر استعاد الاخوان المسلمون موقعهم في توجيه الدولة والمجتمع نحو اسلمة الحياة مظهرا ومخبرا ، بعد ان فتح لهم السادات أبواب السجون ، واطلق يديهم في المجتمع . وكانت اول نتيجة هي تحجيب المصريات الذي بدأعلي استحياء ، وما لبس ان صار تيارا ضخما استوعب كل المصريات المسلمات تقريبا . هذا ما حدث في مصر ..... فماذا عن تونس ؟ الحبيب بورقيبة ناضل ضد فرنسا لتحصل تونس علي الاستقلال ، ولكنه رغم نضاله المر ضد الاحتلال الفرنسي لتونس لم يعادي الغرب ، ولم ينظر للغرب علي انه استعمار . وهذا هو جوهر الاختلاف عن عبد الناصر . بورقيبة كان مؤمنا بالحضارة الغربية ويراها حضارة إنسانية شاملة فكان مؤمنا بالحداثة ، وبالعلم والعقل ، وكان مؤمنا بمركزية التعليم الجيد الاستناري ، فلما حصلت تونس علي استقلالها عمد لإنشاء مؤسسة تعليمية راقية علي غرار نظام التعليم في فرنسا ، فخرجت متعلمين تعليما جيدا وراقيا ، تعليم احترم العقل والعلم ، وحصن المتعلمين ضد فيرس الأصولية الدينية . ومن حسن حظ الشعب التونسي ان المؤسسة التعليمية الراقية التي أسسها الرجل العظيم مازالت قائمة ، ومازالت تخرج تونسيين وتونسيات مؤهلين تأهيلا جيدا . هذا الذي بذر بذرته الرجل العظيم بورقيبة تمخض عنه ليس افرادا علمانيين ولكن تيار علماني استطاع ان يحد ويحجم حركة النهضة الاخوانية الأصولية والتيار السلفي . بفضل بورقيبة تونس هي البلد الوحيد المسلم الذي ليس به تعدد زوجات . كم نحن بحاجة لنظير بورقيبة في مصر لتتحرر نساؤنا من قيد واسر الحجاب وتغييب العقل
#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
30يونيو2013
-
فى ذكرى رحيل الشعراوى
-
السيده فرنسا عبد السيد واذلال الاقباط
-
هزيمة يونيو 1967
-
علمانيه ام مدنيه ؟
-
تعليق على حدث
-
دولة العاصمه الاداريه ودولة المنيا
-
شيخ الازهر وبناء الكنائس
-
مفهوم الله والارهاب
-
31 ديسمبر 2018
-
الدوله المصريه والمصريون المسيحيون
-
اسلام السيسي واسلام شيخ الازهر
-
ازدواجيه
-
هل مصر دوله ؟
-
اقباط المهجر والاخوان
-
ماذا لو لم تنجح ثورة 23 يوليو
-
حول حديث شيخ الازهر في ليلة القدر
-
من قتل ابونا سمعان؟
-
على من يحل غضب الله ؟
-
ميتافيزيقا المعرفه وميتافيزيقا الاخلاق
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو
...
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
-
“محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|