أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار أحمد - صخب الصور














المزيد.....

صخب الصور


أزهار أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1547 - 2006 / 5 / 11 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


أتنقل من صورةٍ لأخرى بحثاً عن الأفضل والأقرب، أو هكذا يتراءى لي كلما أبعدت نفسي عن رأسي المشبوب بكتل الأحلام والأوهام والحقائق والذكريات والخدع والآمال.
تتوالى علي الصور والاستعارات والكلمات والأفكار والأحداث، وينهال على رأسي كل ما يمكن أنْ يملأ هذا العالم من أقصاه إلى أقصاه بجميع لغاته وناسه، كوابلِ مطرٍ من كلمات ... ... ...
أقلب الأمر بلا مبالاة، لثقتي بأنَّ صنارتي لا تفلت أبداً في التقاط المواسم.

هكذا شددت على راحتي وتركت المرج الذي برأسي يتسع ويمتد لأَبعادٍ كثيرة ويلغي أيَ حدودٍ تعيقه، ويقيني بألا ضير من ترك كل شيء هائجاً وفائضاً، ما دام محبوساً برأسي أنا فقط، وأنَّ زيادة الخير خيرين.

ذهب عن فكري أني قد أضيع، لا لست من يضيع بل أصابعي هي من سيضيع وستصدأ من هذا الحرمان، نأى عن خاطري أنَّ السيل قد يقطر من أصابع قدمي ويترك أثراً وراءه لعابرين غيري.
لِمَا هذه الثقة العمياء بأنَّ كل هذا الفوران سيخرج مرتباً ؟ ووحدي من يملك وقته ونوعه وفنه ؟ من أكد لي أنَّ الأمواج مهما علت وتلاطمت ستوقفها ابتسامةٌ صغيرةٌ مني ؟.

أصغيت لرأسي ذات فجر ووضعته بين راحتيّ وكدت أضع مصباً أنيقاً لذلك الزخم، حتى أني فكرت في شكل الأشياء وصورها وألوانها وحتى أوزانها ونوعيتها.
كان كلُّ شيء بسيطاً كما توقعته وأعرفه، أبسط حتى من انتقال الصورة من السحابة الصفراء إلى رأسي الوردي.
أعلَنَت ابتسامتي التي توقف مدى الحركة، فتحت كفيّ الزائغتين ترقباً، ولففت الموسيقى التي التقطتها من عيني الشمس الوليدة ونسيت البعثرةَ المسكينة التي ترتكب الخوف والأمل، دفأت راحتي بلحن الشمس وخلصتهما من عفن رأسي الذي كاد يتسلل لمعصمي.

لماذا أكترث إنْ كنت لا أكترث؟ لماذا أكترث أنْ أخبز كعكاً جديداً، سواء أكان محشواً بحبات التوت أم الزبيب ؟ إنْ كان كعكاً بالنهاية وطريقة خبزه لا تختلف ؟
أنا لا أكترث إنْ كان رأسي يفيض أم يَسكن، ولا يهمني إنْ كان معبأً أم فارغاً، لأنه رأسٌ صامد فوق رقبتي، ويدي على قلبي تغلق الأبواب بإحكام، فلماذا القلق كلما ارتطمت موجة بأخرى وتعين عليْ أنْ أطلق ابتسامةَ رفق ؟
هناك أسباب ...
إنها تلك الأشياء التي تنطلق من الموسيقى، الورد، الكعك، الأطفال، وجوه الممثلات، أنهار الصور المتحركة، بخار العربات، طرقات الأصابع، نشر الخشب، صف الكتب، الطريق الساحلي والطريق الجبلي، الحلم المركون والحلم المتحرك وصوت الليل .. كلُّ هذه الأشياء وغيرها تحملني مسؤولية لا طاقة لي بها ولا قوة لي على ترتيبها .. إنها تزعجني كلما تراكمت على رأسي وكأنها ديون مستحقة حان موعد سدادها والجيب فارغ إلا من سلسلة عيون شاردة عن الدوائر المرسومة في العملات الورقية.

هذا الصخب الذي يتجمع في كل جزء من الثانية بداخلي وحولي، يدفعني بقوةِ كيدٍ وخبثٍ وحنق وغضب، وكأنه آلهةُ غضبٍ من أيادٍ ضخمة تهزني من ظهري وتجبرني على إفراغ الفوضى المتجمعة بألم.
نعم ...
هذا أكثر ما يزعجني بالأمر، أنَّ هذه الفوضى تتجمع بوجعٍ طاغ يفرز عصاراتٍ مختلطةَ الألوان بلا وضوح محدد، أهو ألم الفقد أم ألم الحزن أم ماذا بالضبط ؟ إنه ألمٌ فقط، يزداد حدة كلما هجم شكلٌ جديد على شراييني.

بات الصراع محتوماً بيني وبين كل ذلك، حتى فقدت القدرة على اللامبالاة وعدم الإصغاء لهذا الصوت النازف من بين أصابعي، أحبس أنفاسي دفعةً واحدة وأسكنها دقائق معدودة علَّها حين أطلقها تنطلق معها كل الأعاصير النازفة والمتحفزة، أجرب هجر الأشياء وأتنقل من تجربةٍ لأخرى، وأبتعد عن التجربة الحتمية، أبتعد عن قرص خلاياي وثقب شراييني الناتئة، أستبعد الأقرب وأظل أنحت في الطين البعيد والغريب والفاشل المندلق أمام قدمي.

قدمي تؤلمني والأعاصير تهدر، والوقت يحين لجمع الاضطراب، والغرور يكاد يسقط، وأذناي تستنفران هجوم الريح القذرة، والمسؤولية يجب أن تنزل على ورق أو على تلك الشاشة المنتصبة أمام عيني كنخلةٍ يابسة لا تسأم الوقوف وحيدة.
فمن أين أبدأ ؟ ...
وهذه الفوضى متضاربة، هناك ملاعق متنوعة وبكل ملعقة علي أنْ أغترف نقشاً مختلقاً. وهذا ما كان يخيفني .. الانتقاء والترتيب والفصل وتكسير الأشكال، إنه عملٌ يتطلب جهداً وهدوءاً عميقين وليلاً طويلاً. وهذا ما كان يبعدني عن الوهج الذي قد يحرق أصابعي قبل الورق، وقبل أنْ تكون البعثرةُ سلسةَ أرقام لصفحاتٍ أو لحروفٍ مركبة ومرتبة بكلمات جميلة فخمة أحياناً وكلاسيكية أحياناً أخرى .. ودائماً، جارفة ومتوقدة.



#أزهار_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والبقرة والتلفزيون
- حَدَّقتُ في الظلام فرأيتُك .. وحَدَّقتُ فيك فرأيتني
- طلبنا طعاماً صينياً
- يوكي والجمل
- غادة وابن جني
- العدُّ حتى تسع جَميلامات
- نبيُ قلبي
- كائنٌ كائنْ .. يا أنت


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أزهار أحمد - صخب الصور