أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - ميزان العدالة الفرعوني














المزيد.....

ميزان العدالة الفرعوني


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6306 - 2019 / 7 / 31 - 16:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


آمن سكان وادي النيل بوجود حياة أخرى بعد الموت و لذلك اهتموا بتجهيز قبور موتاهم بأدوات متنوعة تفيدهم و تساعدهم في الحياة الأخرى و هي عادة كانت حكرا على العائلة الملكة الحاكمة بداية ثم انتشرت بالتدريج لتشمل النبلاء و باقي الشعب . من هنا تم العثور في قبور الحكام و النبلاء على أدوات و كنوز كثيرة من مثل أدوات الطعام و المفروشات و الملابس و حتى الأطعمة المجففة لكي يستخدمها الميت في الحياة الأخرى . طبعا الوصول للحياة الأخرى الهانئة ليس بالأمر اليسير و السهل بل يجب على الميت أن يمر بامتحان صعب و يعبره بنجاح ليتاح له الحياة الهانئة بعد الموت و إلا فسيكون مصيره الإلتهام من الوحوش . الامتحان هو محاكمة يخضع لها الميت من قبل الآلهة و يرأسهم الإله أوزوريس و يتواجد بقاعة المحكمة أيضا الإله أنوبيس و مهمته قيادة المتوفي ليتم وزن قلبه . أوزوريس هو ابن الإلهين جيب و نوت الذين يمثلان السماء و الأرض . و كان إلها للطبيعة و الخضرة ثم انتقل لاحقا ليصبح إلها لعالم الموتى . أما أنوبيس فيمثل بهيئة رجل له راس ابن اوى و هو من يقود الميت لتوزن اعماله بقاعة المحاكمة .
في قاعة المحاكمة نرى اوزوريس جالسا في صدر القاعة و حوله الآلهة ال42 الذين يمثلون أقاليم مصر . و يتقدم أنوبيس و هو يقود الميت لتوزن اعماله في الميزان . و يتم الوزن بوضع قلب الميت في احدى كفتي الميزان ويوضع في كفة الميزان الأخرى ريشة الحق و تمثل الربة ماعت . في حال رجحت كفة القلب فتكون النتيجة إيجابية و يعبر الميت للحياة الأخرى .... اما في حال رجحان الريشة فيعنى أنه مذنب و تلتهمه الوحوش هنا .
ميزان العدالة الفرعوني لم يختفي مع اختفاء دولة الفراعنة و ديانتهم بل نراه تسرب الى الديانات الأخرى كالإبراهيميات و حتى الرزرادشتية . في المسيحية بالإمكان ملاحظة أثر لميزان العدالة في شخص الملاك ميكائيل رئيس الملائكة الذي يجري تصويره كملاك مجنح يحمل سيفا بيده اليمنى و ميزانا كرمز للعدالة . فالملاك ميكائيل يصور عادة و هو يقتل الشيطان بسيفه و من الممكن ان هذه الصورة للملاك ميكائيل في الكنيسة القبطية جذورها من صورة اوزوريس الاله الفرعوني رئيس المحكمة في الديانة الفرعونية و منها انتقلت كصورة نمطية للملاك ميخائيل لدى باقي الكنائس . (الاديب جبران خليل جبران استعار صورة الملاك ميكائيل حامل السيف في قصته الشيطان)
نفس الفكرة عن ميزان العدالة نراها في الزرادشتية متمثلة في شخص الملاك رشنو ملاك الصدق و العدالة الذي يقوم بوزن لأعمال الأرواح بكل دقة قبل عبورها للجسر الوصل إلى الجنة . فإما ان ترجح كفتهم و يتوجهوا الى الجنة حيث تقابلهم أعمالهم الحسنة على هيئة فتاة رائعة الجمال . اما من يدان بسبب خطاياه فيتناوله الشيطان و يقوده الى الجحيم رغما عنه و تقابله فتاة بالغة القبح تمثل أعماله السيئة .( صورة قريبة عن عبور الصراط يوم القيامة لدى المسلمين ).
مفهوم وزن الأعمال الصالحة و السيئة للميت نراها موجودة في الموروث الإسلامي بأحاديث كثيرة منها على سبيل المثال ما أورده ابي الدرداء (قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ) رواه الترمذي(2003)..... و نراها موجودة بالنص القرآني ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) ...... فمفهوم المثقال مرتبط بالوزن و ان كانت الدلالة الإسلامية معنوية و تقصد غلبة الحسنات على السيئات و لا تحمل دلالة حرفية عن وجود ميزان . اما ميكائيل بالفكر الإسلامي . فرغم انه لا يعتبر رئيسا للملائكة الا ان وصفه في كتب التراث بأنه الملاك المسؤول عن الامطار و نمو النبات ( ابن كثير ج1 ص49).... أي له ارتباط بخصب الأرض و هو ما يذكر بدور أوزوريس الفرعوني كأله للطبيعة و الخضرة قبل أن يصبح إلها لعالم الموتى
ميزان العدالة الفرعوني ما زال حيا لليوم وبالإمكان رؤيته كرمز للعدالة في مجتمعاتنا فهو شعار القضاء و المحامين و نراه مرفوعا في جميع دور القضاء . ممثلا بامرة معصوبة العينين للدلالة على أن العدالة عمياء و تحمل بإحدى يديها سيفا و الأخرى ميزان .



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حور العين ما بين العربية و السريانية
- game of thrones و أساطير الشرق الأدنى
- أبناء الآلهة و المعراج للسماء
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي
- من تدمر و البتراء .... إلى مكة
- طقس الاستسرار initiation ...(موت و حياة)
- العماد و استعمال الماء في طقوس الطهارة الشرقية
- الاشجار المقدسة


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - ميزان العدالة الفرعوني