أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - طواعية الفلسفة بناء ٌ لحياة التعدد















المزيد.....

طواعية الفلسفة بناء ٌ لحياة التعدد


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1547 - 2006 / 5 / 11 - 11:16
المحور: الادب والفن
    


تشير بعض الرؤى الى تعزز علاقة المخلوق بالخالق على اساس المقايسة العقلية المنطقية ، لا على أساس الحلولية وادعاء مشاهدة المصاغ للمصوّغ عبر الاستغراق ، ان الادعاء هنا مسألة مرفوضة بالنسبة الى ابن خلدون الذي تتناوله اطروحة الدكتور حسين الهنداوي بالقول : [ .... "... ان مايرفضه ابن خلدون بشكل قاطع ، هو- وحدة الوجود - التي تفضي الى احلال الله في كافة الوجود الطبيعي والانساني ، وليس اتصاله بالعقل وحده . لذلك فهو يحمل بشدة على ماقال به قوم من المتصوفة المتأخرين ، الذين توهموا ان الوجود ينحصر في مدارك النفس ، وزعموا " انهم كشفوا ذوات الوجود ، وتصوروا حقائقها كلها ، وتكلموا في حقائق الملك والروح والعرش والكرسي وأمثال ذلك " انظر ص 867-868 مقدمة ابن خلدون ... " ].
وبذا يأتي الرفض ضد فكرة حلول الله في الأجساد البشرية أو ان ينحصر في مدارك النفس او في حيزها الذاتي او اوهامها ! .. الأ ان ابن خلدون ليس الحكم في الرأي ولا هو الفيصل الحاسم ولايمكن الايمان برأيه من اول وهلة ، أي لابد من ان نرى مالدى الآخرين رغم اختلافنا او اتفاقنا معهم فنزولا عند شعار - ضرورة الاطلاع على كل شئ - يقول الحلاج ذاته شارحا الأمر في صورة اخرى فيقول :
" اذا اراد الله أن يوالي عبدا في عباده ، فتح عليه باب الذكر ، ثم فتح عليه باب القرب ، ثم اجلسه على كرسي التوحيد ، ثم رفع عنه الحجب ، فيريه الفردانية بالمشاهدة ، ثم أدخله الفردانية ، ثم كشف عنه الكبرياء والجمال ، فاذا وقع بصره على الجمال بقي بلا هو ، فحينئذ ٍ صار العبد فانيا وبالحق باقيا ً " .
وهنا رب قارئ ٍ أديب وأريب ينبري الى النص اعلاه ، مع كل ايمانه بوجود الخالق ، فيقول ياترى كيف عاد الينا هذا العبد الذي شاهد وقد افنته المشاهدة ولم يعد موجودا ، ليكتب لنا كما قال الحلاج ؟ أليست ابسط مساجلة رياضية تدحض ماورد اعلاه مما يسمى أثغاث احلام او خرافات يراد تلبيسها تخويفا وارهابا في عقول الناس من سكان العصر الحجري ؟
ان التفكر شئ والإدعاء شئ آخر .
يكتب الشاعر جميل صدقي الزهاوي ، قصيدة هي أدعى الى اللوعة في عجز العقل عن المعرفة ، يجاورها الشعور كون الله منحصرا في مدارك النفس ، وهذا وجه آخر للطريقة التعددية في التفكير :

انا لست ُ من ذنب ٍ جناه العقل بالمتنصل ِ
انا في حياتي ماكذبت لنيل شيء ٍ ليس لي
انا ماكفرت بكل عمري بالكتاب المنزل
انا لم ازل اشدو بنعت ٍ للنبي المرسل
انا لست بالمسؤول عن نزوات عقل ٍ مبطل ِ
مازال يبدي رأيه سألوه أم لم يُسئل ِ
قد شاء عقلي بعد تفكير ٍ وطول تأمل ِ
بالله حل المشكلات فكان أكبر مشكل ِ
ماضرنا لو ظل هذا الكون غير مُعَلّل ِ

ويعلق الاستاذ محمد فريد وجدي فيقول : " انا اعترف بأن الاستاذ الزهاوي كان شاعرا ، ولشعره طلاوة وانسجام في كثير من موطن ، ولكني أنكر بأنه كانت له فلسفة ! وكل مايؤخذ مما كتبه في كتبه أنه افتتن بمقررات العلم الطبيعي ، وشغف حباً بالفلسفة المادية ، فخلعته عن العقائد الدينية ولم يستطع ان يتغلب على عقائده الوراثية فيعلن انه اصبح ماديا ، فوقف حائرا لايدري بأي فريق يلتحق : أبفريق الذين يؤمنون في الغيب ، أم بفريق الذين يؤمنون بالواقع ، فاعتراه من الهم مايعتري كل واقف بين طرفين في الوحشة والذعر ، فهذا الذي أقوله يؤخذ من شعره صريحا بغير تأويل ، فقد قال :

رأيت الهدى في الشك والشك لايهدي
كأني في الظلماء قد كنت أستهدي
فطورا أقول الروح كالجسم هالك
وطورا أقول الهلك عنه على بعد ِ
فيا لك من شك يبرح بي ولا
يبارحني حتى اوسد في لحدي

انتهى رأي الاستاذ محمد فريد وجدي ، الذي وقع في خطأين تاريخيين : اولهما ان الشاعر الزهاوي هو الحقيقة الساطعة عراقيا في كونه الشاعر الفيلسوف ، وثانيهما ان الحيرة الفلسفية ليست عيبا بل توهج فكري تنتج عنه ثمار عقلية لا متناهية في تعدد الاشكال والمضامين تولد عنها تقاطعات فكرية حوارية مع الآخرين مما يثري الطاقات والابداع ويمهد الى مجتمع حضاري قائم على تعايش الرؤى مثل باقة ورد تختلف في ألوانها لكنها تشكل اضمامة الحسن والجمال . وما واجبنا الحضاري الاّ الحفاظ على الألوان كافة
وبلا استثناء . وبعبارة اخرى لاتفضل وردة على اخرى كي لا تكار ِهُها مع محيطها ، وانسانيا لا تجزأني كي لا اتقاطع واتناقض مع كليّانيّتي او انسانيتي وهذه عتبة خطيرة في الوعي الفلسفي القادم .
ان الأبيات الشعرية أعلاه لتشي باستحالة الوصول عبر المحدود العقلي الى الإحاطة باليقين الغيبي وهنا علة الأسى لدى الزهاوي والمتبحرين من اضرابه ، ولكن الأسى يبدع السجال . وان جماليات ابداء الرأي في شك ما أو يقين ما لأية قضية هي حاجة فكرية عصرية مطلوبة . وهذا لن يقلل من تفلسف الفيلسوف فهو على مايسوق من مكابدات أو حجج ومقايسات يبقى في اغلب الاحوال كحال أبي العلاء الذي لم تمنعه مناقضة ذاته لذاته من الايمان في آخر المطاف :
أليس هو القائل في شطحة فلسفية مفجعة
للإيمان :

قلتم لنا خالق عظيم
قلنا نعم هكذا نقول ُ
زعمتموه بلا مكان ٍ
ولا زمان ٍ ألآ فقولوا
هذا كلام ٌ له خبيئ ٌ
معناه ليست لكم عقول ُ

انه هو ذاته الذي ينتهي به المطاف وفي أكثر من موضع من مدركاته النفسية الى البوح بالتسليم وكما اشار هو على سبيل المثال ، في ديوانه سقط الزند :

" سلّم الى الله فكل الذي
ساءك او سرك ، من عنده "

وبذا سيظل التفكر بهذه القضية حتى نهاية العالم هاجسا مرافقا لمن شاء ان يتأمل من دون قدرته على ادعاء المعنى او سبر كنه الجوهر المفارق وعلى ضوء ذلك فان لابن خلدون الحق وكل الحق في رفضه لما تدعيه بعض النفوس من اتصال في الغيب . ولكن السؤآل هل سنطلق النار على بعض هذه النفوس ؟ ان هذا الأمر لاتقترفه الفلسفة بل حملة الغدارات والقامات والسكاكين والدرنفيسات .
لقد تضمنت قصائد كثيرة موضوعة الالوهية وحصرته في مدارك النفس لا على الطرائق الحلولية او التشكيكية او العجزية بل على اساس
ايماني ، ففي " احلام الفارس القديم " يقول الشاعر صلاح عبد الصبور :

" وحين يأفل الزمان ياحبيبتي
يدركنا الافول
وينطفي غرامنا الطويل بانطفائنا
يبعثنا الإله في مسارب الجنان دُرّتين
بين حصى كثير
وقد يرانا مَلَك ٌ اذ يعبر السبيل
فينحني حين نشد عينه الى صفائنا
يلقطنا ، يمسنا في ريشه ، يعجبه بريقنا
يرشقنا في المفرق الطهور . " .

ان صلاح عبد الصبور حالة ايمانية متميزة في طهرها ، حالمة بالخلود مستلقية بين حصى كثير في أديم الفردوس الالهي حيث لانهائيته الخالدة . هكذا يغدو الايمان حلما عذبا راتعا بالنشوة الالهية . والقصيدة هنا حالة من الايمان السائد وهذا هو البسيط في الفكر أما المعقد فهو درجات تبدأ من الشك وهلمجرا ! والبساطة ادعى الى راحة البال وهذا ما اختاره الشاعر اعلاه .
وهنا عند عبد الصبور ، ادراك النفس لله بالايمان لا بادعاء تقمص الاتصال بالاله عبر الرؤية . وفي تعزية المرحوم محمود سامي البارودي باشا في ابنته ، قال الشاعر حافظ ابراهيم :

وديعة ردت الى ربها
ومالك الأرواح أولى بها
ألم يكن صبرك في بعدها
يربو على شكرك في قربها

ان الحياة هنا كما يقول الشاعر ، صبر على البعد عن العوالم السامية ، كما ان في الموت قربا من البدء والاساس والمنطلق . ان حافظ ابراهيم يعطي للموت هنا جمالية القرب من مالك الأرواح وهي ودائع ردت اليه .
وقد قالوا ، مع حبنا وانتمائنا الى الجمال والنور الانساني والسماوي ، بأنْ دعوا مائة مدرسة تتنافس دعوا مائة وردة تتفتح . وهذا مانسب الى الشيوعي ماو تسي تونغ - في اخريات ايامه ! – ويقينا ان في حلحلة حزبية الفلسفة وتطرفها دعوة الى امكانية بناء حياة جديدة قائمة على التعدد .
..................



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا كان الله صائغا فلمن يهشمون مصوغاته ؟
- شكراً ... من الكامب
- رسالة الى فنان عراقي فاته قطار الثقافة
- اذا كان الله نورا فالارهاب ظلام
- مهرجان الربيع وقصيدة لمشمسة العينين
- قبالة أجمل قصر في العالم الاوروبي
- - بم التعلل لا أهل ٌ ولا وطن ٌ -
- أزكى جورية لنواظر طفلة عراقية
- صخرة سيزيف بين العقوبة والرجاء
- عراق الفجر أنت بريق عمري
- أبكيك ياوطني الحبيب
- ياارجوان الندى
- شموع محبة لحزب الحياة
- قصائد مشرق الغانم بين جلجلة وطن وصليب منفى
- وردة حمراء لحزب الشيوعيين
- عراق الضحايا والسبايا
- كتابة على صليب وطن
- ذكريات ٌ ، عن حلبجة ، ألهبت افق خيالي
- أزهار ذابلة على شبابيك منفى
- عراق القمر والنار


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - طواعية الفلسفة بناء ٌ لحياة التعدد