أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سمير دويكات - الجنسية الفلسطينية حق لكل فلسطيني















المزيد.....



الجنسية الفلسطينية حق لكل فلسطيني


سمير دويكات

الحوار المتمدن-العدد: 6303 - 2019 / 7 / 27 - 22:44
المحور: حقوق الانسان
    


1 آذار 2008
تقديم:

تعد الجنسية بمفهومها السياسي والقانوني في العصر الحديث احد أهم مرتكزات وعناصر وجود الدولة وفق القواعد القانونية الدولية، إذ أنها المكون الرئيسي لعنصر من عناصر الدولة وهو الشعب، وهي الأداة لتحديد هذا العنصر، فهي النظام القانوني الذي يتحدد بمقتضاه التوزيع القانوني والسياسي للأفراد المنضوين تحت مفهوم جنسية دولة ما، ويترتب على ذلك أن يقوم واضعو التشريعات في كل دولة بوضع أحكامها ثبوتا أو نفيا لالتصاق الفرد بجنسية الدولة، وبذلك نشأت الجنسية وأصبحت من الموضوعات القانونية المهمة في البحث والدراسة من خلال فروع القانون العام والخاص أو من خلال تصنيفها على أنها نظام قانوني يستقل بإحكامه ويفرض وجوده، وهذا الاهتمام بدأ خلال القرن التاسع عشر مع بداية ظهور مفهوم ومكونات الدولة بعيداً عن مصطلحات كانت سائدة كالامبروطورية والخلافة والحضارات وغيرها، والتي كانت تحدد شعوبها على أساس ديني أو قومي أو حتى سياسي.

والجنسية بمفهومها هذا، هي ذاك الانتماء الذي يربط ولاء الفرد بدولة ما على هذه البسيطة من خلال روابط أو معايير اتفق على تصنيف الفرد ضمنها، كمعيار رابط الدم أو الإقليم وغيره وذلك بارتباط الفرد من خلال ولادته لأب متجنس بجنسية الدولة أو ولادة الفرد فوق الإقليم.

تعريف الجنسية

يقوم تعريف الجنسية على أساس أنها الرابط بين الفرد والدولة والعلاقة بينهما، فهي تلك الرابطة القانونية والسياسية التي تمثل رابطة الولاء بين هذا الفرد الذي يمثل الشعب والأمة لدولة ما، وعنصر الشعب أو الأمة يعد احد مكونات الدولة الثلاث، الشعب والإقليم والسيادة أي السلطة السياسية، وعنصر الشعب يتكون من مجموعة الأفراد الذين ينتمون لهذا الإقليم والذين تحكمهم سلطة سياسية منتخبة أو معينة على النحو المنظم في دستور هذه الدولة، بالتالي فان تطور فكرة الجنسية ودراستها على هذا النحو اوجد لها أهمية واضحة في تكوينة الدولة ونظامها القانوني والجنسية احد أهم مظاهر سيادة الدولة الحديثة.

وتتميز الجنسية عن بعض المصطلحات المرتبطة بها خلال تطور الحقب التاريخية لمفهوم الدولة ومسمياتها، فهي تختلف تماما عن القومية والجنس والدين والى حد معين عن الأمة. والاتفاق هذا على أن الجنسية مختلفة عن تلك التعريفات لم يوحد التعريف للجنسية بين الفقهاء والدارسين، كونه ارتبط بارتباطات قانونية وسياسية، وهو احد مكونات الدولة وفق القانون العام، وعلى الرغم من التأكيد على أن الجنسية تدور كنظام خاص، بين الرابط القانوني والسياسي، فان البعض قد فصل بينهما على أساس أنها رابطة قانونية مع إهمال جانبها السياسي، وآخر اعتبرها رابطة سياسية مع إغفال جانبها القانوني الخاص، وهذا الاختلاف ناشئ حسب ما سنرى لاحقاً عن الاختلاف في القانون الذي يتوجب عليه حكم الجنسية واخذ تعريفها منه أهو القانون العام أم القانون الخاص.

وقاد الاتجاه من الفقه الذي اعتبرها صفة قانونية تلحق الفرد بشعب الدولة، الفقيه العلامة الفرنسي باتيفول ، والذي عرف الجنسية على أنها " انتماء الفرد قانونا للشعب المكون للدولة" وعليه فتعتبر الجنسية صفة الفرد القانونية وعنصر من عناصره حالته، هي التي ترتب له آثار تتصل بمدي قدرة الفرد على كسب الحقوق والالتزام بالواجبات، كالتزام الفرد بالدفاع عن الدولة والقيام بواجبه العسكري، ويقابل هذا الالتزام تمييز الفرد المتمتع بجنسية الدولة عن الأجانب في التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات من ناحية تفضيل وتقديم المواطن على الأجنبي، وأولى هذه الحقوق الإقامة الدائمة في الوطن.

والجنسية بوضعها الحالي هي المكون الأساس لشعب الدولة وهي منبثقة عن مفهوم الأمة التي اشتق منه مصطلح الجنسية ، إذ أن الغالب في رابطة هذه الجنسية ليس فقط الفرد بالدولة إنما الأسرة والبيئة المكونة من مجموع الأفراد الذي ينتمون إلى عناصر واحدة كاللغة والدين والعادات والتقاليد والأعراف السائدة بينهما، فقديما كانت حركتهم مرتبطة تماما، مع بعضهم البعض إلى حين استقرارهم في نطاق جغرافي واحد، إلا من تقطعت بهم السبل وعاشوا في أكثر من إقليم دولة وتجنسوا بها، وهذه الأسر والبيئة التي نشئوا فيها خلال القرن الثامن عشر كانت النواة الأساسية لعنصر الشعب الذي ساعد في ظهور الدول واندثار الامبروطوريات القديمة.

وقد عرفت الجنسية على أنها "رابطة سياسية وقانونية تنشئها الدولة بقرار منها تجعل الفرد تابعاً لها أي عضوا فيها" وهناك من التعريفات ما تقتصر على أنها صفة قانونية تتبع الفرد بالدولة، وقد عرفها بعض الفقه على أنها" تبعية الشخص تبعية قانونية للسكان المكونين للدولة" أو أنها " الرابطة القانونية التي تربط الإنسان بدولة ذات سيادة يعتبر قانونا رعية لها" وعرفها آخرون على أنها "التبعية السياسية التي تربط الفرد بدولة معينة" أو أنها رابطة سياسية بين فرد ودولة".

ومن جانبنا فإننا نرى بان الجنسية رابطة قانونية تربط ولاء الفرد أي الشعب بالدولة على أساس أن الفرد احد مكونات الدولة وهي بالتالي رابطة قانونية تمنح الفرد صفة قانونية في هذه الدولة، ومن الصعب القول بان الجنسية تمنح للفرد بقرار من الدول، لألا تكون حكرا في يد السلطة السياسية، إنما هي صفة قانونية يكتسبها الفرد، إذا ما انطبقت عليه احدى المعايير القانونية لاكتساب الجنسية على هذا الفرد، وهي حسب ما نراها يمكن تعريفها على أنها "رابطة قانونية بين الفرد الدولة، ترتب أثارا قانونية في الحقوق والواجبات بين كل من هذا الفرد والدول كل تجاه الآخر". والجنسية قد تعرف في أماكن أخرى بمصطلحات أخرى كالمواطنة، كما في أمريكيا وبعض الدول.
وعلى الرغم من كون مصطلح الأمة هو السابق إلى الجنسية، وكما سبق فهو أصل مصطلح الجنسية، لكن مصطلح الأمة أوسع واشمل من مصطلح الجنسية وهو الذي ساد قبل تنظيم وتشريع الجنسية فمثلا كان يقال الأمة الإسلامية والعربية وهي بالتالي كافة شعوب الأمة الإسلامية والعربية وفي القديم اصطلح على أطلاقة بتوسع بأمة الإسلام، أما الجنسية فذاك المصطلح لرابط الولاء بين الفرد والدولة بمفهوم القانون الحديث، فنقول الجنسية الفلسطينية وليس الأمة الفلسطينية كون أننا جزء من الأمة العربية والإسلامية.

كذلك مصطلح الجنس والذي ارتبط قديما بأجناس تعيش ضمن نطاق جغرافي معين وتقاتل بعضها على أساس وحدة جنسها، فكان هناك الجنس العربي أي الشعوب التي كانت تنحدر من العرب والجنس الروماني أي الشعوب والأفراد الذي كانوا ينحدرون من الرومان والجنس الفارسي الأفراد الذين كانوا ينحدرون من الجنس الفارسي، وهكذا، وهدف سيادة الجنس وتصنيف الشعوب على أساسه كان الهدف منه التفوق في السيطرة وحكم الشعوب والإقليم قديما والذي تسبب بنشوب كثيرا من الصراعات والحروب في الماضي وكان آخرها ادعاء الألمان بسيادة الجنس الألماني في الحربين العالميتين الأولى والثانية، والآن نواجه نفس هذا الوضع مع الصهاينة في فلسطين الذين يطالبون بسيادة جنسهم اليهودي على بقية الأجناس الأخرى، من خلال الرغبة في إطلاق مصطلح اليهودية على دولتهم، وخاصة نحن الفلسطينيين أصحاب الأرض والإقليم والهوية.

وهذا التصنيف على أساس الجنس لم يبقى له وجود في العصر الحديث، إذ يتحدد جنس وشعب الدولة على أساس الجنسية التي يكتسبها الفرد بطرق محددة تنظمها الدولة بتشريعاتها الداخلية بما يتفق والقانون.

كما أن الجنسية تفترق عن القومية، إذ أن الجنسية رابط الفرد بالدولة، أما القومية فهي الرابط بين الفرد والأمة التي تحدثنا عنها، بمفهومها الاشمل والأوسع، فمصطلح الدولة موجود في القانون الحديث أما الأمة والقومية فليس له وجود ولذلك هناك فارق بين الدولة والأمة، إذ أن الأمة قد تكون مكونة من مجموعة شعوب يكونون عدد من الدولة كالأمة العربية والإسلامية مثلا، فالدولة لها ثلاثة أركان لنشوئها ووجودها، الشعب والإقليم والسلطة، أما الأمة فيكفى لوجودها الشعب والإقليم، دون الحاجة لعنصر وركن السلطة، وهي في الغالب تربطها روابط مشتركة كالدين واللغة والعادات والتقاليد والثقافة والحضارة والجنس وغيرها، وليس هناك تلازم بين الدولة والأمة من حيث أن الفرد يرتبط مع الدولة بالجنسية فقط، وقد تتشكل الدولة من أمم مختلفة كسويسرا وبريطانيا مثلا، فهم دولة متشكلة من عدة أمم، والاتحاد السوفييتي سابقا الذي ضم أكثر من دولة من أمم مختلفة، تحكمها سلطة واحدة.

مفهوم الجنسية

رأينا مدى الاختلاف في تعريف الجنسية، والذي ارتبط بالاتفاق على أي قانون يحكم الجنسية، وكما أن هناك اختلاف في تعريف الجنسية، فالاختلاف ظاهر كذلك في تحديد مفهوم الجنسية، إذ أن الزاوية التي ينظر إليها إلى الجنسية هي التي تحدد مفهوم الجنسية ومدى ارتباطها بقانون ما، وما هي الآثار المترتبة عليها، وكيفية تنظيمها وأساسها القانوني.

فالصلة التي تربط الفرد بالدولة هي التي يمكن من خلالها تحديد مفهوم الجنسية، هل هي صلة الفرد بالدولة مانحة الجنسية سياسية أما قانونية، فهنا اتجاهين يتنازعان مفهوم الجنسية الأول يعتبرها أنها رابطة سياسة بين الفرد ودولته والآخر يعتبرها رابطة قانونية بين الفرد ودولته.

فالاتجاه الأول، الذي اعتبرها رابطة سياسية قام اتجاهه على أساس أن الدولة هي التي تمنح الفرد متلقي الجنسية جنسيته بقرار منها، وهم بذلك اعتبروها جزء من نظام القانون العام لان القانون العام يقوم على حكم علاقة الفرد بالدولة، وان الدولة تضفي على الجنسية روحها، والتي تستعين فيها لتحديد عنصر الشعب المكون لها في الدولة، وهي رابطة سياسية بمقتضاها يغدوا الفرد عنصرا من العناصر المكونة، بصفة دائمة للدولة.

أما الاتجاه الثاني، فهو يعتبر الجنسية رابطة قانونية خالصة بين الفرد والدولة، وعلى أثرها يتحدد للفرد حقوقه وواجباته القانونية، مثلا فالفرد يصبح بموجب الجنسية ملتزما تجاه الدولة بالخدمة العسكرية والدفاع عنها وحمايتها، والدولة مسؤولة عن تامين حياة كريمة لهذا الفرد من عمل وحماية وامن وغيره، وهذا الاتجاه الذي تبنيناه، كما ظهر في تعريفها على أساس أنها رابطة قانونية بين الفرد والدولة، يستوحي دلالة الجنسية من الفرد نفسه وينسبها له بوصفها صفة قانونية.

وحيث أنني انضم لأصحاب هذا الرأي على أساس أن الجنسية رابطة قانونية، فأنني اعتقد بأنها كذلك هي رابطة قانونية يكتسبها الفرد من الدولة متى توفرت فيه شروطها وانطبقت عليه معاييرها حسبما تشرعه الدولة، بما تكسبه من حقوق وتميزه عن الأجنبي ، وفي هذا لا أرى من الصواب إعطاء الدولة الحق المطلق في منحها للفرد، الدولة أي السلطة السياسية، كون أنها تحتكرها على هواها ويمكن أن يخرج كثير من المواطنين خارج هذه الرابطة بقرار من السلطة الحاكمة وخاصة لدينا كعالم عربي. ولا يمكن إغفال جانبها السياسي، لكن هي بالأساس رابطة قانونية، ومن ثم تأتي الروابط السياسية وحتى المدنية والاجتماعية، فأولا يدور السؤال حول حق الفرد في اكتساب الجنسية أم لا، والذي يأتي كرابطة قانونية تربط الفرد بالدولة إذا ما حصل تجنس بجنسية الدولة، ومن ثم تأتي الروابط الأخرى وأولها السياسية.

والواقع الموجود في عالمنا العربي أن الجنسية رابطة سياسية، تمنحها الدولة للفرد، متجاهل كون منشأها قانوني تولد مع الفرد بوالدته أو حالما تنطبق عليه شروط التجنس، وان القانون هو الذي يمنحها للفرد ويحكم بزوالها ويحدد كافة أثارها ، والتي يفترض منحها للفرد فرضا على الدولة، ولا يكون للدولة سلطة سوى السلطة الإجرائية في إصدار شهادة تجنس بالجنسية، إذ أنها تختص بحالة الفرد الذي هو احد مكونات هذه الدولة.

وفي هذا يقول الدكتور فؤاد رياض ، أن "الجنسية علاقة قانونية بمعنى أن القانون هو الذي يحدد كيف تنشا وكيف تزول كما يحدد الآثار المترتبة عليها"، ويشير إلى قرار محكمة العدل الدولية التي قضت بان " الجنسية علاقة قانونية ترتكز على رابطة اجتماعية وعلى تضامن فعلي في المعيشة والمصالح والمشاعر"، إذ أن الجنسية هي بالأساس رابطة قانونية بين الفرد والدولة.

وهناك اتجاه ثالث، يرى توافر الوصفين القانوني والسياسي في رابطة الجنسية، فكما هي متصلة بكيان الدولة وعنصر من عناصر وجودها، وهي المانحة لها، فإنها كذلك ناشئة عن الفرد ذاته، باعتبارها صفة قانونية فيه، ولذلك يرون بأنها صفة في الشخص قوامها رابطة سياسية وقانونية تربط بينه وبين دولة هو عنصر من عناصر تكوينها.

وهذا الاختلاف بين الفقه في توصيف الجنسية، انعكس على القضاء الذي لم يخرج عن مضمون التشريعات السارية، إذ لم يستقر القضاء على وصف أو رأي واحد عند تناوله للجنسية، فمحكمة التمييز اللبنانية رأت بان الجنسية " رابطة بين الفرد والدولة" وقد شطح هذا الرأي بعيداً أدى إلى انتقاده من قبل الفقهاء ، وهناك أحكام أخرى لمحكمة التمييز اللبنانية رأت بان الجنسية رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة" ، وفي مصر استقرت المحكمة على أن الجنسية رابطة سياسية وقانونية توجب الولاء لها وتوجب عليها حمايته.. ".

وبغض النظر عن نوع هذه العلاقة كما سبق بيانه، فان التشريع المنظم للجنسية يستند في الأساس إلى طبيعة هذه الرابطة وما ينتج عنها من روابط روحية واجتماعية وسياسية، تحدد علاقة الفرد بالدولة التي يتجنس بجنسيتها، وهي التي تنبثق من روح التشريع نفسه، حتى لو كان ظاهره على خلاف ذلك وهذا الأصل، والتي يجب دراستها فقهيا مع الأخذ بعين الاعتبار كافة جوانبها العملية.

وفي النظام الانجلوسكسوني، تقوم هذه العلاقة بأساسها على علاقة نفعية تبادلية بين أطراف هذه العلاقة، الفرد والدولة كل من جانبه، إذ ترتب لكل منهما حقوق وواجبات على أساس الشعور الوطني تجاه كل منهم، من حيث أن الفرد يجب أن يكون مطيع للدولة وولاءه لها والدولة يجب أن تحميه وتلبي رغباته في ظل سيادة الدولة.

وفي أوروبا فهي مؤسسة على الشعور القومي والصلة الروحية التي تربط الفرد بالدولة، وهذا قائم على أساس التطور التاريخي للجنسية هناك، من حيث انتقال أوروبا من الشعور بأمة واحدة إلى دول لكل منها جنسيتها الخاصة فيها، وعودة القومية لها من جديد على الرغم من بقاء الكيان السياسي والجنسية لكل دولة.

والنظرة السائدة في أوروبا هي تلك النظرة السائدة في عالمنا العربي والإسلامي على أساس أن فكرة الجنسية ما هي إلا شعور قومي وروحي يتبادله الفرد مع الدولة، وخاصة في فلسطين حيث ما يزال الشعور الوطني في أوجه، وهو تحليل واقعي لمجريات العلاقة التبادلية بين الفرد والدولة، وهذا نتاج الحالة التي عاشها ويعيشها عالمنا العربي في ظل حالات الاحتلال، وتحوله من شعور الأمة والقومية إلى الشعور الوطني لدولة يحمل جنسيتها، وبقاء الشعور المعنوي والوطني على أشده، وخاصة أن الجنسية هي الوطنية وتقوم بالأساس عليها ، بغض النظر عما تقدمه الدولة لهذا المواطن، وهو ما يصعب الأمر في فلسطين في الحاجة إلى سن قانون جنسية ليربط العلاقة بين الإنسان الفلسطيني ووطنه المحتل، فلسطين.


تاريخ الجنسية

لقد جاء مصطلح الجنسية وليد للتطورات السياسية والاجتماعية التي ارتبطت بطور كيان الدولة منذ أواخر القرن التاسع عشر عند ظهور الدولة وخاصة مع بداية تشكيل النظام العالمي الجديد، أما قديما فكانت الجنسية بمفهومها القديم مرتبطة مع مصطلح الأمة في روابط سياسية ودينية وجنسية، أي أن الشعوب كانت تتجمع على أساس الجنس ضمن نطاق جغرافي محدد، ففي ظل الخلافات الإسلامية كان هناك ما يسمى بشعب الدولة الإسلامية دون وجود إجراءات معقدة، كالموجودة الآن في قوانين الدول، فكان الشخص لمجرد انه اعتنق الإسلام يكون قد تجنس بجنسية دولة الخلافة، وأما المواطنين الآخرين مثل أهل الذمة فكانوا يعاملون معاملة خاصة وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن هنا يمكن القول بوجود الجنسية في القديم، ولكن المصطلح كان مختلفا بعض الشيء.

وقد نشأت دول خلال فترات ما قبل التاريخ، وفي نطاق الخلافة وهو ما عرف بنشوء دويلات خلال الفترات التاريخية، كالدول التي نشأت في مصر وفي فلسطين كانت هذه الدولة لها شعوب ومتجنسين إلى حد ما بجنسيات الدول التي يتبعون لها على الرغم من كونها جزء من الأمة الإسلامية، وكان يعرف لها جنسية محددة تربط الفرد بدولته، وتكون شعب هذه الدولة. ولم يكون مصطلح الدولة موجود، بمفهومه الآن، ولكن كان هناك جماعات قبلية وأسرية تنحدر كلها من جنس واحد وتتفق مع بعضها بكثير من الصفات مثل اللغة والدين والثقافة وغيرها، تتشكل على أساس جماعات، أشبه ما تكون دولة لان عناصر الدولة كانت موجودة؛ الإقليم والشعب والسلطة المتمثلة بشيخ القبلية أو زعيمها، وكانوا يعرفون أن هناك ارتباط بين أفراد القبيلة وإقليم القبيلة حتى في زمن ما كانوا بدو رحل، والزوجات من خارج القبيلة أو الأزواج كانوا يدخلون في علاقة تجنس وارتباط مع القبيلة.

وقد تجسد مفهوم الجنسية والتصاقه بالأمة بشكل واضح، خلال فترة سيطرة الدولة العثمانية على العالم الإسلامي، وكانت الجنسية العثمانية بارزة في ذلك من خلال سيطرة الحكام على الولايات وظهور علاقة تبعية الفرد بالدولة واشتراكه في حروبها وولاءه غير المحدود لها، وقد برز بشكل واضح خلال فترات حكم الدولة العثمانية الأخيرة، أثناء نشوب الثورة الفرنسية التي قامت على أساس التحرر من عصور الظلام والمناداة بالحقوق والمساواة لكل فرد، وبدأت الدولة العثمانية بسن القوانين ونقلها عن فرنسا ومنها قانون الجنسية العثماني الذي انطبق على الفلسطينيين كجزء من الدولة العثمانية.

وخلال تلك الفترة بدأت المناداة بالقومية العربية والاستقلال عن الدولة العثمانية، وفكرة الاستقلال أدت إلى الحديث عن دول تنشا على أنقاض الدولة العثمانية في العالم الإسلامي، في حين أن الدول في أوروبا كانت قد تشكلت بالمفهوم الحديث في وقت نشوء الثورة الصناعية وأصبحت الدول بحاجة إلى تنظيم أفرادها والجنسية كانت خير وسيلة لتوزيع سكان أوروبا على الدول الناشئة.

وكان السكان في فلسطين يتجنسون بجنسية الدولة التي تحكم في فلسطين، فخضعوا لحكم الرومان والأشوريين وغيرهم، وهو ما يعرف في القانون الدولي الحديث بتوارث الدول أي أن الدولة التي تحل محل دولة أخرى في إقليم معين يتم تجنيس أفراد الدولة السابقة بجنسية الدولة الجديدة أي الحكم الجديد وهذا ما وجد في فلسطين بشكل متواصل سواء قبل التاريخ أو بعد التاريخ، ولكن هذا بقي فقط إلى حين فتح فلسطين وإدخالها في الإسلام على يد الخليفة عمر الخطاب رضي الله عنه، فارتبط الشعب الفلسطيني والإقليم الفلسطيني بدولة الإسلام والخلافة والأمة، وعلى الرغم من حالات الاحتلال التي مرت على فلسطين كشعب وإقليم فيما بعد، إلا أن الفلسطينيون بقوا محافظين على جنسيتهم وارتباطهم بالإسلام والدولة الإسلامية، سواء السلطات السياسية التي حكمت من سوريا أو العراق أو مصر أو في فلسطين نفسها، ومنذ حل دولة الخلافة العثمانية واحتلالها من قبل البريطانيين، فلم يوجد سلطة سياسية سوى ما وجد بقرار ودعم من الجامعة العربية ما عرف بحكومة عموم فلسطين والتي كانت تصدر شهادات وجوازات سفر فلسطينية وهي التي كانت تمنحها على أساس أنها جنسية فلسطينية في ظل الاحتلال الانجليزي لفلسطين، وفيما بعد بقيت القوانين الانتدابية الخاصة بالجنسية الفلسطينية سارية في فلسطين، إلا أن اليهود وفي ظل احتلاهم لفلسطين اخذوا على التضييق على الفلسطينيين وحرمانهم من الجنسية ، كسبيل لتهجيرهم عن الأرض، وفي عهد السلطة الوطنية الفلسطينية تقف السلطة الوطنية الفلسطينية عاجزة عن سن قانون أو منح الجنسية لأي فلسطيني بدون موافقة إسرائيل، كونها سلطة احتلال مسيطرة على كل فلسطين، إقليم وشعب، وسلطة سياسية.




الحق في الجنسية

تولد على مدار حياة الإنسانية وتطور الجنس البشري منذ أوائل التاريخ حقوق ثابتة للإنسان منها ما سن باتفاقيات وقوانين ومنها ما بقي كأعراف ولكن هذه الحقوق ثبتت لكل إنسان في هذه الخليقة ومنها الحق في الجنسية، وقد أكدت معظم الاتفاقيات الدولية على الحقوق لكل إنسان منها المدنية والسياسية غيرها وتبنتها معظم التشريعات الداخلية في قوانينها.
وقد نصت المادة السابعة من اتفاقية الطفل على " يسجل الطفل بعد ولادته فوراً ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان، والحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما. وتكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقاً لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان ولا سيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك".
بالتالي فان هذه الاتفاقية رعت هذه الجانب منذ ولادة الطفل لحماية الجنس البشري من الضياع والوقوع في المتاهات، وهذا ثابت لكل إنسان وقد تبنته كل الدول.

وحيث أن معظم شعبنا عبارة عن لاجئين بفعل الاحتلال في فلسطين فقط عالجت الاتفاقية الخاصة باللاجئتين حقهم في الحصول على الجنسية وجاء في المادة الأولى " لأغراض هذه الاتفاقية، تنطبق لفظة "لاجئ" على:
1- كل شخص اعتبر لاجئا" بمقتضى ترتيبات 12 أيار/مايو 1926 و 30 حزيران/يونيه 1928، أو بمقتضى اتفاقيتي 28 تشرين الأول/أكتوبر 1933 و 10 شباط/فبراير 1938 وبروتوكول 14 أيلول/سبتمبر 1939، أو بمقتضى دستور المنظمة الدولية للاجئين.
ولا يحول ما اتخذته المنظمة الدولية للاجئين أثناء ولايتها من مقررات بعدم الأهلية لصفة اللاجئ، دون منح هذه الصفة لمن تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذا الفرع.
2- كل شخص يوجد، بنتيجة أحداث وقعت قبل 1 كانون الثاني/يناير 1951، وبسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد. فإذا كان الشخص يحمل أكثر من جنسية، تعني عبارة "بلد جنسيته" كلا" من البلدان التي يحمل جنسيتها، ولا يعتبر محروما" من حماية بلد جنسيته إذا كان، دون أي سبب مقبول يستند إلى خوف له ما يبرره، لم يطلب الاستظلال بحماية واحد من البلدان التي يحمل جنسيتها.
وينقضي انطباق هذه الاتفاقية على أي شخص ينطبق عليه الفرع أعلاه من هذه المادة: 5. إذا أصبح بسبب زوال الأسباب التي أدت إلى الاعتراف له بصفة اللاجئ، غير قادر على مواصلة رفض الاستظلال بحماية بلد جنسيته.وذلك علما" بأنّ أحكام هذه الفقرة لا تنطبق على أي لاجئ ينطبق عليه الفرع اعلاه من هذه المادة ويستطيع أن يحتج، في رفض طلب الاستظلال بحماية بلد جنسيته، بأسباب قاهرة ناجمة عن اضطهاد سابق.
والذي دعاني لإيراد هذه النصوص في الاتفاقية للتدليل على حق شعبنا المشرد من اللاجئين سواء في الداخل أو الخارج من حقهم القانوني والسياسي والتاريخي باكتساب الجنسية الفلسطينية، وان كانوا ومازالوا يطلقون على الفلسطيني "عديم الجنسية" وخاصة منهم اللاجئين في البلاد الأخرى كالعراق ولبنان وسوريا ومصر وغيرها، فانه من الحق إلصاق الجنسية الفلسطينية بالفلسطيني أيمنا وجد وله الحقوق وعليه الواجبات بموجبها وفق القانون.


مدى سلطة الدولة في تنظيم جنسيتها والقيود المفروضة على تنظيم الجنسية

لكل دولة أو كيان سياسي تتوفر فيه عناصر الإقليم والشعب والسلطة السياسية الحق في أن ينظم جنسيته من خلال منحه الجنسية لكل فرد من مواطنين وفق الإجراءات المشرعة في الإقليم.

والجنسية هي الأداة التي يتم من خلالها توزيع الأفراد على إقليم الدول وهذا الظهور جاء وفق أحكام عمل المجتمع الدولي الحديث عقب الحرب العالمية الأولى بشكل واضح، والدولة هي المختصة فقط في منح الجنسية ولا يحق لأي دولة أو منظمة أخرى منح جنسية ما لأي فرد.

وفي حالتنا القانونية والسياسية في فلسطين فان السلطة السياسية في فلسطين تستطيع من خلال مؤسساتها الدستورية من تشريع ومنح الجنسية الفلسطينية وهذا ما تأكد في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة من أن الإقليم الفلسطيني يتمتع بالسيادة والحقوق المتفرعة عنه ، ولا يحق لأي احد أن يمنع أو يحرم أي فلسطيني من حقه في نيل الجنسية، وان إجراءات الإسرائيليون كدولة احتلال أو مستوطنين لا تتعدى عن حالة من السيطرة غير القانونية والتعسفية ترقى إلى احتلال الإقليم الفلسطيني وفق ما هو مقر في القانون الدولي العام وبالأخص فرعه القانون الدولي الإنساني، وليس لهؤلاء الإسرائيليين من حق في منح الجنسية الفلسطينية لأحد أو سلبها من احد.

بل أن إسرائيل تمادت في ضرب جوانب الجنسية الفلسطينية من خلال إهمال القوانين الفلسطينية وسن قوانين عنصرية تمنح بموجبها الجنسية لليهود كجنسية لدولتهم وفق ما يسمى بدولة اليهود (إسرائيل) وتحرم الفلسطينيين جميعاً من حق تمتعهم بالجنسية الفلسطينية كأثر قانوني وسياسي لفلسطين ارض الآباء والأجداد سواء في ارض 1948 أو في المخيمات في الدول الأخرى أو الجاليات أو في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وكون انه ليس هناك صفة قانونية لوجود دولة إسرائيل وإنما هي كمؤسسة احتلال لا تتصف بالدولة فان الجنسية الإسرائيلية باطلة والجنسية الفلسطينية هي الجنسية القانونية المرتبطة في ارض فلسطين ولا يحق منح الإسرائيليين المولودين هنا الجنسية أو المواطنة في فلسطين كونهم مستوطنين غير شرعيين ولا ينتسبون لهذه الأرض.

ولا يشترط في الدول لثبوت جنسيتها والاعتراف فيها وحقها في منح الجنسية اكتمال السيادة وإنما يمكن لفلسطين على الرغم من نقصان سيادتها ممارسة هذا الحق كون أنها دولة ثابتة وفق أحكام القانون الدولي منذ انسلاخها عن الدولة العثمانية سنة 1920 ونيل استقلالها بموجب اتفاقية لوزان.

من هو الفلسطيني
التصقت كلمة فلسطين باسم الفلسطيني الذي ولد في فلسطين أو ولد لأب فلسطيني أو أم فلسطينية أو تجنس بالجنسية الفلسطينية وهي الكلمة التي أطلقت على فلسطين منذ التاريخ ، ولم يشر إلى تعريف الفلسطيني من قبل ومن هو الفلسطيني حتى صدور قانون رقم (13) لسنة 1995 بشأن الانتخابات، والذي نص في الفقرة الثانية من المادة السابعة على "يعتبر الشخص فلسطينياً لأغراض القانون:

1. إذا كان مولوداً في فلسطين وفق حدودها في عهد الانتداب البريطاني أو كان من حقه اكتساب الجنسية الفلسطينية بموجب القوانين التي كانت سائدة في العهد المذكور.
2. أو إذا كان مولوداً في قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف.
3. أو إذا كان أحد أسلافه تنطبق عليه أحكام الفقرة (1) أعلاه بغض النظر عن مكان ولادته.
4. إذا كان زوجاً لفلسطينية أو زوجة لفلسطيني حسبما هو مُعرف أعلاه.
5. ألا يكون قد اكتسب الجنسية الإسرائيلية.
والمادة أعلاه كررها قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005 في المادة التاسعة، وباعتقادي أنها جاءت شافية لتعريف الفلسطيني، والفلسطيني المعرف أعلاه هو من يحمل الجنسية الفلسطينية للأرض الفلسطينية القانونية والتاريخية التي حددت حدودها بعد انسلاخها عن العثمانيين والتي رسمت في بداية احتلال الانجليز لفلسطين.
الجنسية الفلسطينية في ظل الحكم العثماني

تعد فلسطين إحدى الولايات العثمانية خلال الفترة التي امتدت من سنة 1250وحتى انهيارها في سنة 1920، وكان الفلسطينيون ينتمون إلى الأمة والدولة العثمانية التي تعتبر فلسطين آنذاك جزءا منها حتى تقرر انسلاخها بموجب اتفاقية لوزان الموقعة في تاريخ 24 حزيران 1923 ، وقد نصت المادة(30) من الاتفاقية "إن الرعايا الأتراك المقيمون عادة في ارض منسلخة عن تركيا بموجب أحكام هذه المادة يصبحون من رعايا الدولة التي تنتقل إليها تلك الأرض وفق الشروط التي يضعها قانونها المحلي" وكانت الدولة العثمانية قد نظمت الجنسية بموجب قانون بشان الجنسية صدر بتاريخ 19 كانون الأول 1869، والتي كانت تمنح الجنسية على أساس الدم والإقليم أو التجنس وبهذا فان الفلسطينيين كانوا يتمتعون بالجنسية العثمانية كولاية عثمانية شملت كافة الإقليم الفلسطيني.

الجنسية الفلسطينية في عهد الاحتلال البريطاني

وقد سنت بريطانيا في عهد احتلالها لفلسطين مجموعة من القوانين والأنظمة المنظمة للجنسية الفلسطينية ولكنها كانت في المعظم تهدف إلى دعم اليهود وتعزيز وجودهم ودورهم في فلسطيني على حساب الفلسطينيين، واعتبرت فلسطين وأهلها رعايا للامبروطورية الانجليزية والتي استولت على فلسطين سنة 1917 وحتى سنة 1948، وما جانبنا نقول هنا أن الجنسية العثمانية للسكان الفلسطينيين قد حلت محلها الجنسية الفلسطينية والتي لم تستطع بريطانيا إهمالها أو حلها وحتى الآن فان الفلسطينيين أينما وجودوا يتمتعون بالجنسية الفلسطينية على الرغم من نقصان السيادة بفعل الاحتلال البريطاني ومن ثم وحتى الآن الاحتلال الإسرائيلي لكامل الأرض الفلسطينية.

الجنسية الفلسطينية في عهد الحكم الأردني والمصري

اثر إعلان دولة إسرائيل واحتلالها لجزء من فلسطين، عقب حرب سنة 1948 بقيت القوات الأردنية في الضفة الغربية وقد عملت المملكة الهاشمية على ضم الضفة الغربية للحكم الأردني واعتبرت كل فلسطيني ولد في فلسطين قبل 15 أيار 1948 ومن غير اليهود يحمل الجنسية الأردنية وجاء ذلك بموجب أحكام المادة 2 من قانون رقم (6) لسنة 1954، وكان أول قانون أردني ينضم الجنسية الأردنية، وقد حمل الفلسطينيون الذي عاشوا في الضفة الغربية آنذاك الجنسية الأردنية التي بقيت حتى تاريخ فك ارتباط الأردن عن الضفة الغربية الذي أعلنه الملك حسين سنة 1988، والذي جاء نتيجة موقف سياسي بعد تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للفلسطيني بسنوات حيث تم الإعلان فيه عن إنهاء الرابطة القانونية ببين الأردن والضفة الغربية وقد وجد أكثر من مليون فلسطيني أنفسهم آنذاك أنفسهم بدون جنسية.

وهكذا عملت مصر مع سكان قطاع غزة الذين تم منحهم الجنسية المصرية وفق ضوابط وحدود حددت من قبل الإدارة المصرية آنذاك.

الجنسية الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي

ضربت إسرائيل بعرض الحائط كافة الحقوق الفلسطيني منذ إنشاءها وما قبل ذلك على يد العصابات الصهيونية، حيث اتسمت تصرفات إسرائيل على أساس من العنصرية ضد الفلسطينيين من حيث إجبارهم على تركهم الأرض وتجريدهم من الجنسية والمواطنة في فلسطين سواء في ارض الداخل أو الضفة الغربية والقدس أو قطاع غزة.

هذه السياسة التي انتهجتها إسرائيل كانت تهدف بالأساس إلى إجبار الفلسطينيين على ترك فلسطين وخوفها من زيادة عدد السكان الفلسطينيين الذي من الممكن أن يهدد وجودها في المستقبل، وقد حرمت الإجراءات الإسرائيلية الفلسطينيين من التواصل مع بعضهم البعض أو مع الخارج وكانت حائل وعائق إما لم شمل العائلات مع أبنائها في كل الأوقات.

وقد قامت إسرائيل بسن قانون الجنسية والعودة الإسرائيلي الذي منح لليهود الحق في الجنسية الإسرائيلية وبالتالي الحق في الإقامة في فلسطين على عكس حرمان الفلسطينيين من هذا الحق في فلسطين.

الجنسية الفلسطينية في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية

عمدت السلطة الوطنية الفلسطينية على سن مجموعة من القوانين التي تنظم الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وعمل المجلس التشريعي الذي انتخب في العام 1996 عقب توقيع اتفاقيات أوسلو على تشريع القوانين وبناء المؤسسات الوطنية على أساس رؤية أوسلو، وقد سن القانون الأساسي سنة 2002 لأول مرة وعدل سنة 2003 وعدل مرة أخرى سنة 2005، وهو بمثابة الدستور الفلسطيني الذي شرع لسد حالة الفراغ القانوني خلال الفترة الانتقالية، وقد تطرق القانون الأساس إلى الجنسية ونص في مواده على أن الجنسية ينظمها القانون الخاص فيها، وكان قانون الجنسية الفلسطينية في ذهن المشرعين الفلسطينيين إلا أن طرحه لم يكن في وقته المطلوب حتى اليوم كون أن قانون الجنسية يحتاج إلى اكتمال عناصر الدولة الفلسطينية وخاصة نقصان السيادة بفعل الاحتلال ومعرفة حدود الدولة ورعاياها الذين سيتمتعون بالجنسية الفلسطينية خاصة وان الاحتلال الإسرائيلي يعطل هذا الجانب، ومن ناحية أخرى قضية اللاجئين الفلسطينيين.

وقد طرحت وزارة الداخلية الفلسطينية مسودة مشروع قانون الجنسية الفلسطينية سنة 1995، وجاء هذا القانون من خلال عملية نسخ أعمى عن القوانين العربية الأخرى دون مراعاته لحق الفلسطينيين أينما وجودوا في التمتع بالجنسية الفلسطينية دون أن تأثر على حقهم في الحقوق الأخرى التي اكتسبوها في البلدان التي يقيمون فيها وخاصة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها.

ويبقى موضوع الجنسية الفلسطينية هو العنوان الرئيسي للقضية الفلسطينية لأنه هو الذي تتحدد معالمه من خلال معالم الدولة الفلسطينية وتجسيدها على كامل التراب الفلسطيني، وهو الذي سيحدد رعايا الدولة الفلسطينية دون حرمان أي فلسطيني من حقوقه الوطنية القائمة على حقه القانوني والسياسي والديني والتاريخي في فلسطين ارض الآباء والأجداد على أساس حق تقرير المصير الذي كفلته كافة الشرائح الدينية والدنيوية والمواثيق الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945.
وعلى الرغم من ذلك فان الفلسطيني الذي ينطبق عليه كلمة الفلسطيني من حقه وحتى في ظل هذه الظروف أن يحمل الجنسية الفلسطينية وان يصدر له جواز سفر فلسطيني كأي إنسان في هذا العالم لان فلسطين الدولة قائمة حتى تحت الاحتلال .

الخلاصة:
تعد الجنسية في أي بلد عنوان للدولة التي تمنحها وعنوان كذلك للشخص متلقيها وهو ما يطلق عليه المواطن لهذه البلد، ولكن في حالتنا الفلسطينية لم تكن كذلك بل أن رابط القضية الفلسطينية كانت ومازالت الجنسية التي نعبر بها عن العنوان، ففلسطين عنوانها الفلسطيني أينما وجد وفلسطين عنواننا الذي نحيا عليه ونموت عليه، وهي رابطتنا القوية والدائمة لا يفرقا احد عنها أو يبعدها عنا فكانت اقوي من الجنسية بمفهومها العادي في القانون الحديث.

ولكن في علاقتنا مع الآخر وخاصة من أبناء جلدتنا في الأمة العربية في دولهم الشقيقة واجهنا حالة من عدم القبول بهذه الرابطة وأرغمونا على البحث عن ما يعرف بالجنسية، والتي تتجسد رابطتها بجواز السفر وعلى الرغم من كون هذا الجواز الفلسطيني الناشئ عن هذه الرابطة واضح للجميع وان فلسطينيتنا واضحة للجميع إلا أنهم أجبرونا على البحث عن هذه الرابطة العادية لتسهيل مرورنا عبر حدودهم.
لقد كانت فلسطين السباقة في كل جديد وتنظيم، فشرعت فيها القوانين الخاصة بالجنسية منذ زمن بعيد ونظمت هذه الرابطة بينها ككيان سياسي وبين مواطنيها الذي شردوا من ديارهم رغما عنهم، ولكن تبقى رابطة فلسطين مع الفلسطيني أقوى من كل اعتبار وأقوى من الاحتلال، وهنا نستنج مجموعة من التوصيات لا بد من مراعاتها عند البحث في مشروع جنسية لفلسطين الدولة وفلسطين المواطن وهي:
1. ضرورة إيجاد حل سريع ومؤقت لحالة اللاجئين عديمي الجنسية في البلدان المختلفة ليكون بإمكانهم ممارسة حقهم في العيش الكريم والتنقل بحرية.
2. الإصرار على حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها مع ضرورة الإبقاء على حقهم في الانتماء إلى فلسطين وحمل جنستها.
3. يحظر حرمان أي فلسطيني من حقه في اكتساب الجنسية الفلسطينية وفق أي قانون يتم تنظيمه مستقبلاً.
4. العمل سريعاً على حل مشكلة مواطني القدس من حيث انتمائهم لأي جنسيتهم كحق طبيعي.
5. الاستفادة من أحكام القانون الدولي الخاصة بالقضية الفلسطينية وخاصة ما يتعلق بها بحق السيادة والتمتع بالحقوق والمقاومة.
6. عدم التعامل مع إسرائيل كدولة ذات صبغة قانونية لان حقيقة إسرائيل وفق أحكام القانون الدولي العام ليست بدولة.
7. القبول بحالة ازدواج الجنسية.
8. وبالمحصلة دراسة الواقع الفلسطيني لكل الفلسطينيين قبل سن قانون الجنسية.
9. أن الاتفاقيات الموقعة بغض النظر عن قانونيتها لا تشكل سندا قانونية بأي حال لحرمان أي فلسطيني من حقه في التمتع بالجنسية الفلسطينية من منطلق فلسطين التاريخية.

انتهى،،،
الفهرسة والهوامش:



#سمير_دويكات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تكره وطنك
- البحر
- رسالة حربية
- لماذا لا نطبق العلمانية الاسلامية؟
- ذاك فلان ابن فلان
- كذبة كبيرة
- عين على القدس
- نحن شعب
- شهوة ليل
- اصلاح
- جوع سمين
- بيان عسكري
- لبنان ليس في مواجهة اللاجئين الفلسطينيين
- في زنزانته
- مجنون أنت
- كأنه الموت يا سيدي
- أمريكا الشر
- أنا الشهيد غد
- بقايا انثى
- العبد في المعبد


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سمير دويكات - الجنسية الفلسطينية حق لكل فلسطيني