أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير الكلابي - رواية احببت حمارا















المزيد.....

رواية احببت حمارا


امير الكلابي

الحوار المتمدن-العدد: 6301 - 2019 / 7 / 25 - 12:15
المحور: الادب والفن
    


احببت حمارا
هي الرواية الاولى للروائية العراقية الدكتوره رغد السهيل، استاذة كلية العلوم / جامعة بغداد، تصف فيها كل اوجاع النساء العراقيات، اللاتي يتجرعن الذل والهوان على ايادي الرجال. تثور الكاتبة في روايتها على الرجل، الذي تعده اقلية عاثت الفساد في البلاد التي تقطنها اكثرية نسوية، مطالبة بانهاء سيطرته؛ لاعادة الانوثة الى الجمهورية العراقية.
تسري الرواية باسلوب سردي تهكمي ساخر، يصف الاوضاع البائسة التي عانى ولايزال يعاني منها غالبية الشعب العراقي، من انفلات الامن، وغياب القانون، والفقر، والبطالة، والظلم، الذي تتعرض له المرأة من المجتمع الذكوري، باسلوب فني شيق يحلق بالقاريء في فضاءات الوجع العراقي.
فبعد ان اغتالت ايادى الجهل والظلام جارها زكي البقال، تتشرد اسرته ويهرب حماره. هذا الحمار الوديع الذي بقى ينهق حسرة على فراق صاحبه، مجسدا كل معاني الاخلاص والوفاء، هو حمار يختلف عن حمار الاديب المصري توفيق الحكيم في كتابه (حماري قال لي) ، الذي يعده فيلسوفا يساله فيجيبه عن كل التناقضات الموجودة في المجتمع التي ترهق فكر الكاتب. هو لايتلون كباقي المتلونين، يرمز للخير ولكل سجية طيبة جرى تفخيخها واستغلالها لمصالح ضيقة، فتارة يُذكّرها بحنان والديها المتوفين مذ ان اشترا لها اول دمية وتركا عطرهما عليها، وتارة تفضله على حبيبها الطويل والمثقف الذي يهتم فقط بالشؤون الخارجية ولا يخصص وقتا لسماعها او الاصغاء اليها، فماذا تريد النساء اكثر من رجل يفهمهن ويصغي اليهن؟
اخذت بطلة الرواية الدكتورة نوال تعتني بالحمار وتسلتطفه حتى وقعت في حبه، فاذنيه طويلتان يصغي بهما اليها دون ملل، مفضلة اياه على حبيبها الاول، لترسل بذلك رسالة الى كل رجل، بان حواء كائن حساس ورقيق يحتاج الى الاهتمام والاصغاء، متمنية ان يمتلك كل ذكر اذنين طويلتين توازيان طول قامته، وهنا تقع رمزية الحمار باذنيه اللتين تعدهما الكاتبة ذواتا قدرة نموذجية في التقاط اصواتها الداخلية، بعد ان يأست من الذكور الذين أخذوا يولدون باذان بلاستيكية، او صماء مذ ان حكت لها جدتها بسعاد عن ذلك الغول الذي استاصل اذان الرجال في بغداد.
تثور البطلة على المجتمع وتنفصل عنه لكن ذلك لايعني انها ليست جزءا منه، مستشهدة بالنظرية النسوية: (اذا انشققت عن الجماعة لايعني انك لست منها بل عليك ان تجد من هو مثلك لتصنع لغة خاصة بعيدا عن الخنوع). تتداخل المشاعر والاحداث في النص بصورة غير مترابطة احيانا، يصعب على القارئ اقتفاء اثرها، وتستمر بوصف معاناتها، كامرأة احبت العراق مستهجنة كل مايشوه تراثه، فالضجيج لايتلائم مع رقة روحها، والذباب يزعجها، والبنايات المدمرة تنخر كالسوس في قلبها، تعشق العراق بنخله وثماره، وتستهجن مناظر النخيل البلاستيكي المعاد تصنيعه والمستورد خصيصا لارض السواد الذي يغزو الشوارع هذه الايام، منتقدة كل الظواهر السلبية التي طفت على السطح في ظل غياب القانون. فالعشائر تتصارع على الساحة قرب نصب شهرزاد، مصورة اياهم كفريقي كرة قدم هما كل من فريق (عشيرة ال قشمر وعشيرة ال ساذج)؛ لترسم لنا بعض الصور عمن يدير العراق من القادة والخبراء الجدد الذين يلعبون ويتصارعون بشكل منفرد على الساحة، مستغلين غياب القانون وتفشي الفساد في اغلب مفاصل الدولة ، هذا الفساد الذي بات يدمر الماضي والحاضر وكل شيء جميل في هذه البلاد. تستمر اللعبة وتُضرب الكرة من فريق ال قشمر، لتكسر ذراع شهرزاد، اما الرجل شهريار فيستمر بالتحديق غير آبه باوجاعها، فكل همه هو ان تكمل شهرزاد الحكاية، وتجبّر ذراعها وتواصل السرد في آن واحد.
تستمر الكاتبة بتسليط الضوء على معاناة المراة في المجتمع العراقي، منتقدة الكثير من العادات والاعراف البالية التي لازالت منتشرة في البلاد. فعائلة الاستاذة شروق رفضت تزويجها بشخص احبته واختارته ، بل اجبرتها على الزواج من ابن عمها القروي، الذي ماتت على يديه اثر ضربة سببت لها نزيفا حادا، وبدل ان تقتص منه يد العدالة اتهمها بشرفها لينجو بفعلته. اما فهيمة فتقول: انهم يستعرضون منجزاتهم كلما تعرفوا على امرأة، وانا اريد احد يسمعني ويفهمني، و دموع التي احرقت نفسها بالبنزين لان اخاها فاضل اجبرها على الزواج برجل عجوز طمعا بالمال، ومعاناة ام كرار وسرطانات حي الانصار في النجف الاشرف، وام صابر التي تدفع عربة غاز لاعالة اطفالها، وام مظلوم التي تنبش الازبال بحثا عن المخلفات بعد اختطاف زوجها وقتله، لتجد راسه بين النفايات، وطفلة تتسول لتشتري دفتر رسم والوان لتستمر برسم الؤد الجاهلي المستمر لكل احلام الطفولة في العراق.
هكذا تصور الكاتبة الرجل، عقله بين ساقيه، لايكترث عندما تحدثه امراة واثقة من نفسها، لكنه ينتبه لها حينما تظهر جزءا من جسدها، وهي وجهة نظر صحيحة على الجميع الالتفات اليها رغم قساوتها. لايزال الكثيرون يتزوجون النساء ويطلقونهن لاتفه الاسباب، بل يضحون بهن على شكل فصلية لاصلاح مهاتراتهم الصبيانية، او على شكل زواج مصلحة، اما البعض الاخر فمازالوا يغصبون ارث اخواتهم كي لا يكون للغريب فيه نصيب على غرار الجدة بسعاد التي استولى اخوتها على ارثها وهذا امر شائع في العراق.
تبقى المرأة ليس لها خيار في هذا المجتمع الذكوري، فهي دائما تتنازل عن شروطها جميعا عندما تشعر بالوحدة، وتبقى هذه الرواية تصور وجع العراق برجاله ونساءه وارامله وايتامه وما مر عليهم من ظلم ممنهج على ايدي خفافيش الظلام من شراذم العصر اللئام عبر الانظمة السياسية المتعاقبة.
ستحقد النساء على كل الرجال عند قراءة هذه الرواية، لكنني ارى فيها بصيص امل لكل الشرفاء من الرجال ليحذوا حذوا جد امل الذي اعتاد ان يعتني بجدتها بسعاد ويلازمها حين مرضها.
تستشهد الكاتبة بقول الروائية البريطانية فرجينيا وولف التي تقول فيه : (ان مستقبل الرواية يعتمد على المدى الذي يمكن فيه تعليم الرجال على تحمل الخطاب الحر لدى النساء)
لذلك اقول انها وجهة نظر امرأة ان لم يستطع الرجل تقبلها فعليه ان يسمعها وذلك اضعف الايمان. اهنئك فقد اجدت السرد.
د. امير الكلابي
استاذ كلية اللغات / جامعة الكوفة



#امير_الكلابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدنيا واهل الدنيا عند جلال الدين الرومي واستاذه شمس الدين ا ...
- الكسندر فلمنج
- احتار بوصفك ايتها العراقية
- عندما حطم حافظ الشيرازي كأس يزيد وخمرته بقبس من فيض الحسين ع
- اصلاء ....
- قصيدة شعرية
- رسالة الى العالم الاخر


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير الكلابي - رواية احببت حمارا