أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - أبو الأولاد














المزيد.....

أبو الأولاد


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1546 - 2006 / 5 / 10 - 07:36
المحور: كتابات ساخرة
    


يبدو أن الطريقة التي تزوجت بها هي السبب الرئيس في أننى أصبحت أبا مكسور الجناح منجبا للذكور دون الإناث، فبعد عصور من زواجي أجدني عجوزا أعيش في شقة ملأها الأولاد بمعاجين حلاقة الذقن وحديد رفع الأثقال وصور العضلات وماكينات صيد الأسماك ومضارب الكرة، أمارس خشونة التعامل مع الأولاد وأم الأولاد، يهمل الأولاد مجلسي وينفرون من معظم أحاديثى ويلتفون حول أمهم، يحفظون عندها أسرارهم ونقودهم ويضحكون معا ويتسامرون، هكذا أتحرق شوقا لأية لمسة أنثوية في حياتي المعاصرة، استرجع بطولات أمسكت بها زواجي القديم، وأجدني مستجمعا شجاعات الإقدام علي زواج جديد.
الطريقة التي تزوجت بها تكونت من خلطة بسيطة من الأحداث والبشر، ففي زمني القديم نشأت فكريا علي التفرقة بين الأولاد والبنات، آمن أهل قريتنا بأشعار تردد أن أبناءنا هم أبناء أولادنا وأبناء بناتنا هم أبناء الرجال الأباعد، واعتقدوا أن ألقاب العائلات تموت مع البنات، هكذا شرعوا طريقتهم في توزيع الميراث، جارنا الحاج سيد نجح في توريث ابنه الوحيد ثلاثة أرباع أرضه تاركا ربعها الباقى لبناته الخمس، والحاج احمد صاحب وابور الطحين، ظل يبث فينا إيمانه بمساواة النساء بالرجال، فحين رزق الحاج أحمد بابنته الأولي أسماها بكرية، وحين أنجب الثانية اسماها نعمة، ولما أسرفت زوجته في ولادة أربع بنات أخريات، أسماهن بأسماء الذكور عطا وجمال وعصمت وبهجت.
في زمني القديم تربي جسدي علي ما تجود به أرض قريتنا من خشاش، ملوخية وبامية وسمك البساريا نجمعه من حقول الأرز، وامتلأت شرايين فتوتي بخليط فول البصارة مع زيت القطن وفحول البصل الجافة، ونزت أوردتي بمياه الطرشي وعصير الجبن القديمة، وأصبح لائقا أن أومن بأن الزواج الفاضل سترة للفقراء.
في زمني المتوسط تعرفت علي فتاة من أهل المدينة، تحلم بأطباق الفول المدمس وزيت الزيتون مع الطحينة والبصل الأخضر، تؤمن بأن ظل حائط الرجل أفضل في ظل حائط العنوسة، ولأن الحلم بالزواج الفاضل سترة لبعض أنواع للفقراء صاحبت الفتاة أسابيع أهدهد أمامها أحلامي في اللحم المشوي والبط المحمر، فتتورد خدودها رغبة وتشوقا للحمام المحشي وملوخية الأرانب، نسير معا متكاتفين في كل قيظ نعانق الشمس، ونتجنب تحرش جموع الناس في كل ظل، وحين طرحت أمامها بعض الأمنيات، اجمع لها فيروز أحلامنا بالطعام المشبع والشراب السائغ، خيل لها أنني قادر علي جر الذئب من ذيله لأطوح به بعيداً عن طموحاتنا، وحين طرحت أمامي بعض السلوكيات، تستحي وتخجل وتصفنى بالقوة والكرم، بانت لي الفتاة حبيبة جميلة راضية بحالي، فجأة هاجمتنا الجرأة فخلطنا أمنياتنا وطموحاتنا بمباركة بعض الأهل والأصدقاء والحاقدين ووقع المقدور فدخلت مع الحبيبة حياة زوجية تطورت من رقة وطاعة إلي نكد وتوريط ومعارك إثبات الذات وتعديل قوائم الطعام، وحين أنجبنا ولدنا الأول اكتشفت أن زوجتي كانت تلعب كرة القدم مع صبيان وبنات الحي، كانت تحمل أخاها الأصغر علي رقبتها وتجري وراء الكرة، وحين أنجبنا ولدنا الثاني اكتشفت أن زوجتي كانت تضارب أخاها الأكبر وتعض ذراعه، وأنها ذبحت دجاجتين بسكين فاسدة، وحين أنجبنا الولد الثالث اكتشفت أن زوجتي عضت ثلاث بنات وذبحت قطة وكسرت رجل أختها.
في زمني المعاصر لا يخفي حسادي بهجتهم من همومي، يروني أبا للأولاد منجبا لثلاثة من الذكور، الأكبر دخل الجيش، يحب كرة القدم، ممتلئ عضلات وفتوة لا يحب البط المحمر، ويتعجب من ضعف قدرتي علي حمل جراكن مياه شربنا الثقيلة، والثاني طالب في الجامعة، يعلق صورة لفتاة علي رقبته، لا يحب لحم الأرانب ويري أفكاري متخلفة لا تحيط بالديسك جوكي ولا تعرف حلاقة الكابوريا، ويؤكد أن نظري ضعيف لا أجيد التصويب ببندقيته الرش، والثالث طالب في التعليم الثانوي، مغرم بمطاردة القطط، لا يحب الحمام المشوي ويرفض أن أغطيه إذا ما تعري أثناء النوم ويشعر بالضيق كلما حاولت احتضانه، وتراني أم الأولاد رجلا بخيلا قاسيا وقليل البركة.
رغم احتياج جسدي للتطبيب وبلوغي العمر المناسب اجتماعيا ووظيفيا كي يضحي الآخرون برأسي، إلا أنني مازلت ابحث عن طريقة عصرية مناسبة أتزوج بها من حسناوات في العشرين، أنجب منهن، غير أجلاف الذكور، بنات رقيقات، واني مخلصا اسأل القادر الكريم أن يرزقني صحة شاب في العشرين لأكون جديرا بحمل لقب أبو البنات 0



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع للثقافة المصرية
- خدش الحياء العام
- أزمة ثقة - قصة قصيرة
- حالات من الكسوف
- قوافل الثقافة
- شلاتين 00 أرض البكارة
- الأثنين المرصود
- أستاذ الجامعة ... والفراغ الثقافى
- إجازة .. فى حب الوطن
- حلم00 بالمحبة
- بالعربي( ميّة) 00 بالفرعونى ( إمبو) 00
- غلابة 00 ترسة
- حقن الشفافية
- التفوق الكاذب جداً
- جمعية السد العالى
- !!.. إنى أنتظر الوزارة
- أطلس ذاكرتنا الشعبية
- الإنحشار فى كرسى الوظيفة
- ربطة عنق 00 هدية
- آه.. يا رجلى


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - أبو الأولاد