أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحين عن قصد وسبق إصرار















المزيد.....



من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحين عن قصد وسبق إصرار


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1546 - 2006 / 5 / 10 - 11:17
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


استمرار استعمال مادة الاميانت Amiante المميتة جريمة دولة

النقابات العمالية وجمعيات حقوق الإنسان أمام مسؤولية تاريخية


يمثل الدفاع عن صحة العمال والعاملات بوجه جشع الرأسماليين إحدى جبهات النضال لحماية قوة العمل من التدمير، وبالتالي يتعين ان يشكل إحدى الانشغالات الرئيسة لمناضلي الطبقة العاملة. لكن واقعنا الراهن بهذا الصدد مثير للاسى، ويستدعي عملا جبارا لتدارك القصور الخطير. لن يتحقق هذا سوى بتضافر جهود كافة مناضلي طبقتنا بمختلف انتماءاتهم التنظيمية. هذا ما يتجلى من حالة خطر مادة الاميانت القاتلة الذي يلفه صمت من جانب المستفيدين وتجاهل ممن يفترض فيهم التصدي لمظالم الاستغلال.
سنعرض في هذا الملف الى التعريف بالاميانت ومخاطره بوجه عام، وكيف يتمسك الرأسماليون بأرباحهم المتأتية من تقتيل العمال، ثم نتطرق الى الحالة المغربية، ميدانيا وعلى صعيد القوانين، ونختم باقتراحات وأفكار لتعزيز قدرتنا على النضال ضد نظام الأكل الملطف للحوم البشر كما سماه كارل ماركس.

الاميانت أرباح وموت

الاميانت amiante ، او الحرير الصخري، ألياف معدنية طبيعية تنقسم إلى صنفين: أمفيبول amphiboles وسربونتين serpentines. ويمثل كريزوليت (اميانت ابيض)، وهو من الصنف الثاني، 95% من اميانت المستعمل في العالم.
يتميز الاميانت بخصائص فيزيائية وكيماوية فريدة. فهو لا يحترق، يقاوم الحرارة حتى 1000 درجة حسب أنواعه، ويحمي من الحرارة، وله مقاومة ميكانيكية تضاهي ما للصلب. ويقاوم الأحماض والقواعد، ويتطابق مع معظم المواد الكيماوية(البلاستيك، المذيبات، الأسمنت، الزفت،...) ، وعازل للصوت وقابل لعمليات النسج... هذه الخصائص، علاوة على رخص ثمنه، جعلته مادة مطلوبة في تحضير ما لا يقل عن 3000 من المنتجات الصناعية.
يستعمل في حماية البنايات والبواخر من النار، وتصنع منها حكاكات الفرامل والواصل embrayage ، ومواد العزل الكهربائي والحراري والملابس الواقية من الحرارة، ومواد عازلة ضد الضغط القوي في الوسط البحري والأنابيب و تجهيزات سكك الحديد، ويخلط مع أسمنت لصنع ألواح للتسقيف وللتبليط، ومنتجات الورق والكارتون، ومستعمل بكثرة في أشغال البناء وتصليب مواد البلاستيك و تعزيز تبليط الطرق.
و يدخل في تركيب تجهيزات عديدة: أفران و مدافئ- مكواة- حمامات- مولدات البخار- الثلاجات- مسخنات الماء ،الطائرات، تجهيزات كهربائية، معدات مستعملة في الأشغال العمومية والبناء...
وقد بدأ الاستغلال الصناعي لأميانت قبل 140 سنة، وشهد استعمالا كثيفا إبان الازدهار الصناعي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية. واستعملت منه 200 مليون طن في العالم منذ البدء، وكان أوج استعماله عام 1975 لما بلغ إنتاجه 5 مليون طن. و يستخرج منه حاليا ويصنع بين 2 و3 مليون طن سنويا.
وتمثل بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، والصين وكندا والبرازيل، كبار منتجي الاميانت حاليا.
هذا الاستعمال الكثيف خلق حاليا أزمة صحية من حجم عالمي، تسقط مئات آلاف الوفيات بسبب التعرض مهنيا ومنزليا وبيئيا.

أمراض استعمال الاميانت

لوحظ منذ نهاية القرن التاسع عشر (1880) العدد الكبير من الوفيات بين عمال مناجم الاميانت. ويعود اكتشاف أضرار الاميانت مهنيا إلى بداية القرن العشرين، وكان من الأوائل مرض الاسبستوز( تليُـف رئوي) في 1920. ومنذ سنوات 1930، أبرزت مجلات علمية المفعول المسرطن لاميانت. واثبت بحث بإنجلترا عام 1955 بصفة قطعية الحجة الوبائية بين اميانت وسرطان الرئة. وتبث منذ 1962 انه يسبب ميزتليوم وهو سرطان غشاء الرئة المصلي.
ومع ذلك تواصل استعماله، وكانت شركات تامين بأمريكا وكندا ترفض تأمين عمال الاميانت منذ بداية القرن 20 . وعام 1997 صنفه المركز الدولي للبحث حول السرطان كمادة مسرطنة للإنسان بكل يقين. وقد مارس الرأسماليون الضغط واستعملوا خبراء علميين لتضليل الرأي العام وملء حساباتهم بالبنوك.
خطر الاميانت قائم في مختلف أطوار العملية: الاستخراج، التحضير، النقل، الاستعمال، استعمال المواد المحتوية عليه، انتزاع، تدبير النفايات. هذا ويصعب رصد الاميانت في المنتجات التي تحتويه، ويكمن الخطر في أنها قد تطلق أليافا بفعل الصدمات والاهتزازات والاحتكاكات او التدخل لصيانتها او إزالة الاميانت منها. يتعرض الإنسان للخطر باستنشاق ألياف الاميانت سواء في العمل او المنزل، وهي ألياف غير مرئية: ليف اميانت ارق 400 إلى 2000 مرة من شعرة، وكل ميلغرام واحد من اميانت قد يتفكك إلى ملايين الألياف القاتلة.
ويصيب استنشاق غبار الاميانت الإنسان بالأمراض الأربعة التالية:
اسبستوز asbestose

إصابة غير سرطانية للرئة، عبارة عن تليف ناتج عن تراكم الاميانت في الرئة. تظهر بعد سنوات من استنشاق الألياف عند بلوغ الجرعة مستوى مرتفعا. تؤدي إلى نقص تزود الدم بالأكسجين وفرط ضغط على القلب. من أعراض اسبستوز السعال الجاف، والنفس القصير، وإحساس دائم بنقص الهواء، وهزال جسماني، وانهاك بعد كل جهد. وقد يتفاقم المرض مع المدة حتى وان توقف التعرض لاميانت.
امد بروز الاسبستوز طويل بمعدل 15 إلى 20 سنة، وتطوره بطيء ولا رجعة فيه. 20 % من حالات الاسبستوز لا يظهرها الفحص بالراديو وتحتاج إلى فحوص أخرى.

سرطان قصبي- رئوي

هذا السرطان هو الذي يسقط اكبر عدد من الضحايا. ليس الاميانت سببه الوحيد، ثمة مواد أخرى تسببه. يتضاعف احتمال الإصابة به 5 مرات ان كان العامل معرضا للاميانت، و50 مرة ان كان علاوة على ذلك مدخنا. يبقى مستترا 20 إلى 25 سنة. العلاجات قليلة الفعالية لحد الساعة ونسبة البقاء على قيد الحياة ضعيفة.

* صفائح غشائية جنبية
وهي داء تخثر موضعي لغشاء الرئة المصلي.

المزوثليوم mesotheliome

هو سرطان غشاء الرئة او الصفاق( غشاء الكرش). لهذا السرطان أسباب أخرى غير ان 75% من حالاته ناتجة عن الاميانت. يبقى مستترا مدة قد تبلغ 40 سنة، ويسبب آلاما حادة جدا ولا يعرف له علاج ، ويؤدي إلى الوفاة على المدى القصير. مرض سريع التطور من بضعة اشهر إلى بضع سنوات ويفضي حتما إلى الموت .
واكثر العمال تعرضا للمزوثليوم المطالون toliers ، لا سيما في أحواض السفن و اوراش سكك الحديد، فهم مهددون به 6 مرات اكثر من المتوسط، والرصاصون 4 مرات، والنجارون 3 مرات. علاوة على هذه المهن الأكثر عرضة هناك عمال عرضة لخطر اكبر من المتوسط منهم الكهربائيون وعمال البناء والأشغال العمومية، والصباغون والمزينون، وعمال التدفئة chauffagiste ، واللحامون وتقنيو المحطات الكهربائية، ومكانيكيو إصلاح الصناعة الكيميائية.
أبانت الدراسة الوبائية المنتظمة لماضي المصابين ان أمراض الاميانت تصيب كافة المهن التي لها علاقة به. لكن العلاقة السببية معتمة بفعل طول المدة الفاصلة بين التعرض وظهور المرض.
وقد أكدت المنظمة العالمية للصحة سنة 1977 الطابع المسرطن لاميانت، حتى الأبيض منه (كريزوليت)، ودعت عام 1996 إلى إيجاد مواد بديلة لهذا الأخير. وأكدت انه لا توجد نسبة تركز معروفة يكون الاميانت تحتها غير مسبب للسرطان.

صورة عن كوارث اميانت

يعطي الوضع بفرنسا وبلدان صناعية أخرى، حيث ينيح ضغط الحركة النقابية والرأي العام كشف الحقائق، لوحة مأساوية عما سببه اميانت. يسقط حاليا3000 إلى 5000 قتيل سنويا بفرنسا. وحسب تقرير المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي inserm يرتفع عدد قتلى اميانت بـنسبة 10 % سنويا. و عام 2020 سيصل العدد إلى 10 آلاف سنويا. سيبلغ عدد الوفيات بسبب اميانت في افق 2025: 100 ألف بفرنسا ونصف مليون بأوربا. وتزداد حالات سرطان الميزوثليوم بفرنسا منذ 1979 بنسبة 25 % كل 3 سنوات. وقد سقط 35 ألف قتيل من 1965 إلى 1995 بفرنسا.
تخصص كل من ألمانيا وفرنسا مليار يورو كل سنة لتعويض المصابين بأمراض الاميانت.
ومن 1980 إلى 2003 توفي بألمانيا 12 ألف مستنشق لاميانت. ويقدر خبراء الاتحاد الأوربي ان سرطان الاميانت سيقتل زهاء نصف مليون شخص في الثلاثين سنة المقبلة.
سجلت 20 ألف حالة إصابة بالاسبستوس بالولايات المتحدة الأمريكية من 1990 إلى 1999. وتقدم بها 50 ألف شكاية سنويا ذات علاقة باميانت.
طيلة عقود وخطر اميانت معلوم، لكن أرباب العمل استخدموا كل ما أوتوا من كذب و ووسائل ضغط على الأوساط العلمية والسياسية، واستعملوا الابتزاز بالتشغيل ليراكموا الأرباح مسببين للبشرية كارثة غير مسبوقة في تاريخ الصناعة. وقد نشروا على أوسع نطاق وهم إمكان الاستعمال المراقب للاميانت. لكن نضالا شاقا وطويلا من الحركة العمالية، من نقابات وجمعيات الضحايا وأهاليهم، أفضى إلى انتزاع مكاسب جزئية فيما يتعلق بحماية العمال والعناية بالضحايا، وحتى إلى الظفر أحيانا بالحل الحقيقي للمشكل، ألا وهو منع اميانت نهائيا ببلدان عديدة. تم منع اميانت بفرنسا عام 1997. كما منعته نهائيا بلدان أخرى زيلندة الجديدة والشيلي والبيرو والتشيك وسويسرا والنرويج واسلندة. و اصبح الاميانت ممنوعا بكامل تراب الاتحاد الأوربي منذ 1 يناير 2005 .

الرأسمال يدافع عن أرباحه

دافع رأسماليو الاميانت بكل بقاع العالم عن أرباحهم على حساب صحة العمال، متذرعين بضآلة خطره المزعومة، وبكذبة إمكان استعماله بأمان، وبالحرص المنافق على فرص العمل. وعمل برجوازيو الاميانت بين 1930 و1960 على عرقلة انتشار المعلومات لتفادي إدانتهم من المحاكم. وجرت طيلة عقود مؤامرة صمت منظمة عالميا.
وتشكل حالة الرأسمال الكندي نموذجا. فقد سارعت الدولة الكندية (أول مصدر عالمي: 500 ألف طن سنويا) إلى تنظيم حملة دفاع عن مصالح برجوازيي الاميانت كي لا تقتدي دول أخرى بما قامت به فرنسا من منع للمادة الفتاكة. ركزت الدولة الكندية على تعدد أنواع اميانت، و على ان الأبيض منه (كريزوليت) الأكثر استعمالا في العالم اقل خطرا من امفيبول، وان خطر الإصابة بسرطانات الرئة ضعيف في ظروف تغبر معينة.
وطالبت كندا في أكتوبر 1998 بتشكيل فريق خاص ضمن المنظمة العالمية للتجارة بمبرر ان قرار فرنسا بمنع اميانت غير متناسب مع الهدف المبتغى، معتبرة ان استعمالا تحت المراقبة يتيح بلوغ نفس الهدف دون ضرر بنفس القدر على التجارة. وفي سبتمبر 2000 أيد أعضاء الفريق الخاص فرنسا والمجموعة الأوربية، مؤكدين حق دولة ما في تحديد نسبة الحماية التي تراها مناسبة للاستجابة لهدف متعلق بالصحة العمومية. استأنفت كندا القرار في أكتوبر 2000. لكن جهة الاستئناف في هيئة تسوية النزاعات في المنظمة العالمية للتجارة أكدت تطابق القرار الفرنسي مع القواعد الخاصة بالمنظمة العالمية للتجارة.
في 24 فبراير 2004 قامت كندا، ثالث منتج عالمي واحد آخر المدافعين على استعمال اميانت، بالتصريح أن " حكومة كندا تعترف ان ألياف اميانت بمختلف أشكالها تسبب السرطان، لكن حكومة كندا ترى إمكان استعمال كريزوليت كندا دون مخاطر مفرطة في بعض الحالات ان جرى إنتاجه واستعماله باحتياط وخفض التعرض له إلى جرعات مراقبة".
وسبق لخبراء من الولايات المتحدة الأمريكية( بلد من كبار المنتجين) أن استهانوا بخطر اميانت. كما قامت بفرنسا لجنة للتضليل( معروفة باسم لجنة اميانت الدائمة)، بحفز من أرباب العمل ومشاركة الدولة وتوريط بعض النقابات، وتواطؤ بعض الأوساط العلمية. عملت تلك اللجنة طيلة 13 سنة على الدفاع عن الاميانت، وكانت مرجعا في الموضوع، إلى ان افتضح أمرها فاختفت.
وحسب ما أوردت مجلة لوموند ديبلوماتيك (يونيو 2000)،انتقل السجال خلال سنوات 80 و90 إلى المنظمات الدولية. فتحت غطاء تقارير "رسمية" للمنظمة العالمية للصحة والمكتب الدولي للشغل سيحاول "خبراء" الصناعة إضفاء طابع الحقيقة العلمية على أكذوبتين مفيدتين لهم:
1- ضآلة او انعدام المفعول السام للاميانت الأبيض (كريزوليت) 2- إمكان "استعمال مراقب" للاميانت. فشلت تلك المحاولات بضغط باحثين غير مرتبطين برجال الصناعة نددوا باستخدام جماعات الضغط للمنظمات الدولية. وما زال نفس الخبراء يروجون أضاليلهم لطمأنة أسواق الاميانت المزدهرة ببلدان الجنوب، التي رحلت إليها تجارة الاميانت بعد تقدم منعه بالبلدان الإمبريالية.
ومن آخر انتصارات أغنياء الاميانت ذلك القرار الإجرامي القاضي بعدم إدراج كريزوليت في قائمة PIC، وهي قائمة تفرض على البلدان المنتجة إعلام البلدان المستوردة بالمفعول السام للمواد. هكذا حصل كبار منتجي اميانت ( كندا وروسيا والصين) على حق تنظيم التعتيم الإعلامي لمواصلة بيع مواد قاتلة في البلدان التي لم تمنعها بعد.
إن موقف برجوازية كندا كلبي لدرجة لا تتصور: فهي تبيع السموم للبلدان الفقيرة بينما هي لا تستعمل عمليا الاميانت على ترابها(99% من إنتاجها يصدر). و تدعي من جهة أخرى لضمان أرباحها ان بإمكان البلدان الفقيرة ان تستعمله بأمان، وفي نفس الوقت تعترض على إعلام تلك البلدان المستوردة بخطورة كريزوليت.

منظمة العمل الدولية ملاذ زائف

ترى منظمة العمل الدولية ان 100 ألف شخص يموتون سنويا بسبب استنشاقهم ألياف الاميانت بأماكن العمل. وأن السرطانات الناتجة عن اميانت ستؤدي إلى 15 ألف قتيل باليابان في 5 سنوات المقبلة و100 ألف بفرنسا في 20 إلى 25 سنة المقبلة .
ويمثل الاميانت، حسب جوكا تاكالا Jukka Takala مدير برنامج المكتب الدولي للشغل حول السلامة والصحة بالعمل والبيئة، السبب الرئيس للوفاة المرتبطة بالعمل، ويمثل اكثر فاكثر التحدي الرئيس في مجال الصحة العمومية بالعالم. ويضيف انه بدل حل المشكل جرى ترحيله، اذ تعاظم الخطر ببلدان العالم الثالث والمعسكر الشرقي السابق حيث الاميانت قنبلة موقوتة في أفق 20 إلى 30 سنة المقبلة.
فماذا كان دور هذه المنظمة الدولية في وقف الجرائم المقترفة جريا وراء أرباح الاميانت؟
طيلة سنوات مثلت منظمة العمل الدولية أمل العديد من النقابيين عبر العالم في تسوية سياسية لمشكل الاميانت لصالح العمال والسكان. تعلقت الأنظار بالمؤتمرات السنوية للمنظمة بجنيف، حيث كان يجري نوع من "التفاوض الجماعي على صعيد عالمي" حول اميانت. لم يكن لممثلي العمال- الذين يمثلون الأغلبية- وزن أمام ممثلي أرباب العمل المساندين بممثلي الحكومات. و عام 1986 بعد عشر سنوات من النقاش و72 دورة صدرت الاتفاقية 162 والتوصية 172 حول الاميانت. اختارت منظمة العمل الدولية ضمان أرباح أرباب العمل على حساب صحة العمال، فلم تمنع من الاميانت سوى صنف كروسيدوليتcrocidolite (اميانت ازرق). وحتى التقدم المحقق في الوقاية افرغ من محتواه بصيغ من قبيل" ان أمكن من الناحية التقنية" أو "إن سمحت الظروف الاقتصادية"، وبفتح باب الاستثناآت : استثناء بعض فروع النشاط الاقتصادي والمقاولات من تطبيق الاتفاقية اذا تأكدت الدولة من انتفاء الضرورة (مادة 1) ، و استثناء فيما يخص منع الكروسيدوليت (المادة 11)، وفيما يخص منع تقنية الرش بالاميانت (المادة 12).
يدل تعامل منظمة العمل الدولية مع خطر الاميانت على ان ما يجري بهذه الهيئة من مفاوضات، مهما كانت رسمية وعالمية، عديم الجدوى ويفك عل العكس تعبئة العمال الذين غالبا ما يمثلهم بيروقراطيون مشبعون بأيديولوجية التعاون الطبقي.
هذا بينما يجمع النزهاء والحريصون على صحة البشر، وليس على أرباح البرجوازيين، ان ليس من أجراء يحل مشكل اميانت أقل من منعه بصفة كلية ونهائية.
فهل نقصر مطالبنا على "ملائمة التشريع المحلي مع اتفاقات منظمة العمل الدولية" كما جرت عادة القيادات النقابية عندنا؟

خطر الاميانت بالمغرب

بقدر ما تذر صناعة مادة اميانت وتجارتها الأرباح، وبقدر ما تسبب من مآسي للعمال و أسرهم، بقدر ما يحيط بها غموض وصمت وتمويه مقصود. رغم الحدة التي دق بها ناقوس الخطر عالميا حول اميانت، لم يجد صداه بالمغرب في انكباب الإعلام التقدمي على أداء واجبه إزاء المواطن الضحية، ولا في سعي إلى رصد حجم المشكل من طرف الباحثين والمهنيين المعنيين. لذا يظل موضوع اميانت بالمغرب غير مطروق، لا بل هدفا لمؤامرة صمت رهيبة. لهذا السبب لا يمكن تقديم سوى شذرات ترسم بعض معالم الجريمة، وتدل ان حتى الاستعلام يستدعي ميزان قوى طبقي يجبر المتآمرين عن كشف حقائق جرائمهم.

عمال الصناعة: طمس آثار الجريمة

لا يخضع استعمال الاميانت في المغرب لأي رقابة، ولا لأي تقنين خاص يعتبر خطورته، وليس ثمة حتى ضبط للمقاولات العاملة في مجال الاميانت. وقد عبر الدكتور شكيب العراقي رئيس الجمعية المغربية لطب الشغل والارغونوميا ( غازيت دو ماروك 31 اكتوبر 2005) عن هذا الوضع اللامسؤول بقوله:" يباع الاميانت بالمغرب كما يباع الطحين".
وقد ُقدر مستوردو اميانت إلى المغرب عام 1995 ب14 والشركات المستعملة ب72.
في سنوات90 كان المغرب يستورد قرابة 2000 طن سنويا من اميانت، ويترقب الكنديون بلوغ هذا الرقم 5000 طن سنة 2000 .
وجاء في مصدر آخر ان المختبر العمومي للتجارب والدراسات ( LPEE) يقدر الكمية المستورة سنويا بــ 8500 طن.
بخصوص عدد المعرضين لأخطار اميانت، تشير معطيات مصلحة أمراض الجهاز التنفسي بالمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء سنة 1995 أن ثمة اكثر من 3000 شخص معرض.
أما عدد الضحايا الذين أسعفهم حظ الوصول إلى المستشفيات العمومية، فقد سجلت أطروحة أنجزتها الدكتورة نجاة اليبو عام 1990 بكلية الطب بالبيضاء حول الاسبستوز التنفسي بمستشفى 20 غشت من 1970 إلى 1988، ثماني وخمسين (58) حالة.
و أبرزت نتائج دراسة ثانية حول الاميانت، قامت بها مصلحة الأمراض التنفسية بمستشفى 20 غشت، وأعلنتها في مؤتمر بالدار البيضاء من 13 إلى 16 فبراير 1997، ان ضحايا الاميانت عمال صناعة، وعمال مناجم، و رسامون- و machinistes و كهربائيون ميكانيكيون... وقد مستهم مختلف الإصابات المرتبطة بالاميانت: سبستوز وسرطان غشاء الرئة ومزوثليوم وسرطانات أخرى قصبية-رئوية.
وكانت النتائج المعلنة متعلقة ببحث اجري ما بين 1989 و 1995، حيث سجلت في هذه الفترة 78 حالة مرضية تنفسية مقابل 58 في دراسة أولى (1970-1988)، أي ارتفاعا بنسبة 35% في مدة اقل.
ان كانت الدراسة الأولى كشفت ان المهن الأساسية المعرضة مرتبطة بإنتاج الاميانت. فقد أبرزت الثانية اتساع دائرة الناس المعرضين لاميانت: chaurdonnier –mineurs deminateurs- ميكانيكي في منجم الفوسفاط.
كانت 67 حالة من عمال مقاولات صنع المواد الاسمنتية المعززة بالاميانت fibrociment. كما كان من المصابين امرأة تسكن قرب مصنع من هذا القبيل.
هذا ومعلوم ان مصلحة مستشفى 20 غشت لا تمركز كل حالات التضرر بالاميانت، فهناك 20 مصابا آخر لم تكلف بها مصلحته، وهم عمال مصنع حكاكات فرامل في برشيد.
حالة ديماتيت
ديماتيت من اكبر المنشآت التي تستعمل الاميانت لصناعة أنابيب المياه وألواح التسقيف. يعمل بها 400 اجير. وحسب دليل الشركات كومباس - طبعة1996- تنتج ديماتيت 30 ألف طن من ألواح الأسمنت المعزز بالاميانت، و40 ألف طن من الأنابيب من نفس المادة. وبالنظر إلى احتواء هذه المنتجات على زهاء 10 % من الاميانت، يتضح أن الأرقام آنفة الذكر حول كمية الاميانت المستوردة إلى المغرب غير مطابقة للواقع.
وقد أفادت نشرة الاتحاد المغربي للشغل "أحداث و نضالات" ، عدد فاتح ماي 1987، أن النقابة الموحدة للمواد الكيماوية قامت منذ 1973 بتنبيه إدارة ديماتيت إلى خطورة غبار الاميانت، وان 15 عاملا ماتوا ما بين 1973 و1981 أي بمعدل 2 في السنة.
هذا وكُشفت أمراض الاميانت لدى عمال ديماتيت مرتين من طرف أطباء مغاربة في الدراستين المذكورتين ( 1970 إلى 1988 و 1989 إلى 1995).
بعض الضحايا توفوا، ولم تعط فرق الأطباء أرقامها رسميا الا في مؤتمرات طبية.
ويظل جانب خطير طي الكتمان، الا وهو درجة التغبر، وقد قام خبراء من معهد الاميانت الكندي بأخذ عينات من ديماتيت لمواد الإسمنت المعزز بالاميانت و من منشأة siprof لصناعة حكاكات الفرامل، لكنهم لم يكشفوا ما توصلوا إليه. كما قامت هيئة خاصة فرنسية بزيارة أماكن العمل بالشركة لكنها لم تظهر أي نتيجة.
أما مسؤولو ديماتيت فقد ابقوا ملفات العمال الطبية في سرية تامة حتى عن أنظار طاقم طبي.
وتبرز أجوبة العمال تخوفهم من فقدان عملهم، مما يحدو بهم إلى إخفاء إصاباتهم .
هذه كلها قرائن تدل على خطورة الوضع الصحي لعمال ديماتيت، خطورة أتت على حياة المدير التقني ذاته، حمزة ارستيم، الذي توفي سنة 1995 نتيجة سرطان الاميانت بعد اشتغاله 30 سنة.
ليست الأرقام التي اتينا على سردها معبرة عن حجم الخسائر التي يكبدها لطبقاتنا إصرار البرجوازية على استعمال الاميانت، بقدر ما تفضح حجم الطمس الذي تتعرض له الحقائق المتعلقة بتلك المادة القاتلة. كيف لا ونتائج بحث المختبر العمومي للتجارب والدراسات بالبيضاء حول بنايات جديدة وأخرى مضى عليها 15 سنة بينت ان نسبة الاميانت بلغت 40 إلى 70 ألياف في ليتر من الهواء ( بفرنسا عتبة الخطر هي 5 ألياف في ليتر وفي ألمانيا 1 في ليتر)

فئات شعبية غير محمية

يتدبر آلاف الكادحين قوتهم اليومي بالتعاطي لمهن إصلاح العديد من التجهيزات المنزلية، كالثلاجات ، ومسخنات الماء، وميكانيك السيارات، الخ. ويؤدي ذلك إلى تعرضهم إلى خطر استنشاق ألياف الاميانت غير المرئية، والمخاطرة بصحتهم في الوقت الذي لا حماية اجتماعية لهم. كما يطرح بحدة مشكل نفايات الاميانت الذي لا تنشغل به أي جهة.

قرويون بورزازات
حسب البرفسور شكيب العراقي، رئيس الجمعية المغربية لطب الشغل والارغونوميا (لاغزيت دو ماروك 14 غشت 2003 )، ثمة" ثلاث مناجم للاميانت بمنطقة ورزازات، لم تعد مستغلة رسميا، لكنها تعرض للخطر قسما من سكان المنطقة الذين ما زالوا يستعملونه في النسج".

حادث بالمحمدية يفضح شروط تناول ونقل الاميانت
الظروف التي يتم فيها نقل و تخزين واستعمال المادة القاتلة لا تراعي صحة العاملين ما دامت المراقبة منعدمة، والدولة البرجوازية ذاتها تستهين بالخطر لانه لا يهدد سوى صحة العمال. وهل ثمة مثال معبر عن هذا الوضع اكثر من الحادثة التي شهدتها مدينة المحمدية سنة 1993: سقطت بالمحمدية قرب حي البرادعة أكياس اميانت محملة في قطار من ميناء الدار البيضاء بعد إنزالها من باخرة نقلها من كندا. كانت عربات القطار محملة بعشوائية دون غطاء. تم تسجيل 15 إصابة بحساسيات جلدية، قال عنها الدكتور بلمامون عضو مكتب المجلس البلدي " إنها لا تشكل أي خطورة على صحة المصابين على المدى القصير".
هذا جاء في جريدة الاتحاد الاشتراكي( 11 يونيو 1993)، دون ان تورد رأي الدكتور في خطورة الاميانت على المدى الطويل. لا يبدو ان الأمر يشغل بال تلك الجريدة، وهذا ما يؤكده عنوان الخبر ذاته الذي اعتبر الاميانت مادة مشعة!؟

أكواخ أحياء الصفيح
قسم غير معلوم من سكان أحياء القصدير مهددون بخطر الاميانت، لان الأكواخ قد تكون مسقفة بالألواح الاسمنتية المتموجة التي يستعمل الاميانت في صناعتها ( لإكسابها الصلابة)، فمع تقادم تلك الألواح يتناثر منها غبارالاميانت ليتسرب إلى رئة القاطنين في الاكواخ. وكثيرة أيضا هي المعامل والورشات المغطاة بألواح ديماتيت.

مؤسسات عمومية، منها الجامعة
يوجد الاميانت في مواد البناء الجاهزة prefabrique بكلية الآداب بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان. تأكد ذلك بعد القيام بجملة تحاليل في نهاية فبراير 2001 من طرف باحثين في مختبرات كلية العلوم بالرباط ، شعبة الكيمياء.
وقد عهدت الأداة المركزية لوزارة التعليم العالي إلى المختبر العمومي للتجارب والدراسات للقيام بخبرة مضادة لتحديد نسبة الاميانت.
طالب الأساتذة بخبرة طبية، وباستبدال معدات البناء تلك، وبلجنة بحث في المبالغ التي أنفقت في أشغال ترميم البنايات. اضرب الأساتذة بتطوان، وحدا حدوهم الطلاب، فتم التخلي عن تلك البنايات. هذا وقد استخدمت نفس المعدات في ملحقات جامعات أخرى كالبيضاء وفاس. ومن المحتمل أيضا ان تكون مدارس قروية قد استعملت بها مواد بناء تضم الاميانت.

ترموس قاتل
ببالغ الابتهاج، زفت جريدة لاغازيت دوماروك إلى القراء، يوم 19 سبتمبر 2005، خبر إقدام
المدير العام للجمارك، بعد ظهور مقالات بالصحف حول الموضوع، بحبس زهاء عشرة حاويات بميناء طنجة تحمل 50 ألف ترموس ( الإبريق الحافظ لحرارة محتواه) قادمة من الصين.
لكن الفرحة لم تعمر طويلا، فبعد عشرة أيام عادت نفس الصحيفة لتخبر بالإفراج عن الترموس القاتل بمجرد مكالمة هاتفية وباجتياحه البلد متسائلة :"ما هي شبكات المافيا التي تمسك بخيوط هذه الممارسات الإجرامية من اجل جني ثمار عملياتها التجارية بالتضحية حياة البشر ؟" مضيفة "قرار المنع هو مرسوم السلطات التشريعية الوحيد المطلق والجذري لكسر مؤامرة الصمت من اجل وضع حد لمشاكل صحة إنسانية تعني مجمل سكان بلد.. مؤامرة صمت ما زالت تخرس الضمائر الفاسدة في دواليب القرار بالمغرب مسدلة ستارا على قتل محتمل لآلاف المواطنين الذين قد يلامسون ألياف المادة الخطيرة المسرطنة".
يوم 7 نوفمبر 2005 تخبرنا الصحيفة ان وزارة الصحة هي التي رخصت للترموس القاتل دخول المغرب. كان المبرر ان الاميانت ليس خطيرا الا عند استنشاقه وانه لا يحمل أي خطر هضمي.! كأن كادحي المغرب سيأكلون تلك الأواني.

يقظون قلائل

تأسست لجنة اليقظة comite vigilance amiante يوم 2 مايو 1998 في ندوة بورزازات حول اميانت حضرها أطباء وممثلو منظمات غير حكومية وجمعيات حماية البيئة ومهنيو البناء والأشغال العمومية. رد فعل لجنة اليقظة جاء بعد صمت السلطات حول المواد المسرطنة
اللجنة تؤكد وجود وفيات اميانت سواء بالمعامل او السكان المجاورين. تدل على ذلك أشغال الدكتور زبيدة بوعياد( عضو باللجنة) رئيس مصلحة أمراض الرئة بمستشفى 20 غشت بالدار البيضاء.
وقد قدمت لجنة اليقظة ملاحظاتها حول مشروع تقنين الاميانت المروج آنذاك في إطار مساعي الطمأنة الحكومية.

لا يأخذ بالاعتبار بعض الأوجه المرتبطة بصحة العمال ولا يتناول وسائل المراقبة.

تغيب مقتضيات متعلقة بتجاوز العتبة وتسيير النفايات وكيفيات التدخل داخل البنايات التي استعمل فيها الرش بالاميانت flocage ، هذه التقنية التي يدعي اللوبي المدافع عن الاميانت أنها لم تعد مستعملة بالمغرب.
ترى لجنة اليقظة وجوب جرد المقاولات المعنية بالاميانت، وتشخيص الحالة بالمصانع والبنايات والمطارح، وجرد المواد التي فيها اميانت وإمكانات استبدالها، وإحصاء المرضى والسير نحو منع الاميانت.
لم يظهر لها في الاعلام ولا قي الواقع

الحملة الكندية بالمغرب

نظمت الدولة الكندية حملة عالمية دفاعا عن أرباح بورجوازيي الاميانت الكنديين، وتصاعدت تلك الحملة بوجه خاص لما أقدمت فرنسا على منع الاميانت. وصلت الحملة المغرب
فنشرت سفارة كندا بالرباط 16 يناير 1997 بلاغا لوزارة التجارة الدولية الكندية حول نتائج خبراء كنديين ( بطلب من الحكومة) يعتبرون ان تقرير المعهد الفرنسي للصحة والبحث الطبي، الذي استندت عليه حكومة فرنسا لمنع اميانت ابتداء من يناير 1997، قد بالغ مخاطر اميانت.
و24 يونيو 1998 نظمت سفارة كندا بالمغرب، بتعاون مع معهد الاميانت بكندا، يوما "إعلاميا" بعد صدور مقالات بالصحافة المحلية حول خطر الاميانت اعتبرها محامو الرأسمال الكندي تهويلية. لم يكن اليوم "الإعلامي" غير فرصة لترويج نفس الأضاليل حول الاستعمال الآمن لاميانت، وتبرئة الكريزوليت بإلقاء كل الملامة على صنف امفيبول....
ولحفز ترويج اكاذيبها، نظمت كندا زيارة لوفد من الصحافة المغربية إلى مناجم اميانت سنة 1998

قوانين المغرب و خطر الاميانت؟

يتجلى مشكل الامراض المهنية في المغرب في غياب سياسة فعلية للوقاية من جهة، وفي طابع العقوبات القانونية غير الرادع لأرباب العمل. وفيما يخص الاميانت ابان حكام المغرب عن استخفاف بصحة العمال المعرضين لهذه المادة القاتلة بعدم اعتراف القانون المغربي بكافة أمراضها. فطيلة عقود لم تكن جداول الأمراض المهنية، قبل تعديلها عام 1999، تعترف ضمن الأمراض الناتجة عن استنشاق ألياف الاميانت سوى بالاسبستوز.
تم الاعتراف بالاسبتوز كمرض مهني بالمغرب بصدور قرار فبراير 1960 ( ج-ر13-02-1960)، حيث ادرج هذا المرض بالجدول رقم 22 ضمن أمراض البنوموكنيوز (التليُـفات الرئوية المهنية) دون تحديد مدة مسؤولية المشغل [مدة تحتسب من يوم توقف العامل عن العمل، اذا ظهر المرض بعد انصرام تلك المدة فلا يعتبر مهنيا يستوجب التعويض]. وظلت جداول الأمراض المهنية تتجاهل باقي الأمراض الناتجة عن الاميانت. وبعد الحملة العالمية ضد الاميانت ومنعه ببلدان عديدة، أضيفت إلى جداول الأمراض المهنية بالمغرب أمراض الاميانت الأخرى.
فعند تعديل تلك الجداول ( ديسمبر 1999 ) خصص لأمراض الاميانت جدول على حدة (رقم 44). اعترف إلى جانب الاسبستوز(حددت مدة المسؤولية في 20 سنة)، و بالإصابات الجنبوية الطفيفة (مدة المسؤولية 20 سنة)، و المزوثليوم(مدة المسؤولية 40 سنة)، والأورام الجنبوية البدائية ان تبثت طبيا صلتها بالاميانت ( 40 سنة)، والسرطان القصبي الرئوي ( 35 سنة شرط التعرض مدة 10 سنوات).
مثل هذا الإجراء خطوة إلى أمام ستمكن بالأقل ضحايا الاميانت بأماكن العمل من المطالبة بالتعويض عن المرض المهني، هذا إن كان رب العمل قد أمنهم لدى شركة تأمين. فالتامين على الأمراض المهنية ليس إجباريا في القانون المغربي. فحتى بعد ان جاء تعديل قانون التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في غشت 2002 بإجبارية التامين تصدى له أرباب العمل، لدرجة ان رئيس نقابتهم الشامي اعتبره "مؤامرة ضد المقاولة"، ونظموا حملة ضده انتهت، بفعل تقاعس القيادات النقابية، إلى التراجع في ظهير 19 يونيو 2003 عن إجبارية التامين عن الأمراض المهنية.
هذا وثمة مشاكل تعترض المصاب بأمراض اميانت، فالميزوثليوم لا يظهر إلا بشكل متأخر، عقودا بعد التعرض لاميانت، وبالتالي قد تفلت العلاقة السببية من إدراك الأطباء، وقد تنكرها شركات التامين بمبرر ان مهنة العامل او مكان عمله لم تعرضه لاميانت. وعليه آنذاك ان يأتي حجة الطابع المهني لاصابته ليتمكن من الاستفادة من التامين .
علاوة على ان لهذا المرض الفتاك أعراض لانمطية مستعصية على التحديد مما يتيح لبعض الأطباء عزوه إلى إصابات غير مهنية. هذا ما يجعل عدد ضحايا ميزوثليوم غير معروف.

مرسوم كذبة الاستعمال الآمن

تحت ضغط الحملة العالمية ضد مخاطر الاميانت تحركت الحكومة المغربية لتدارك الأمر باستباق أي ضغط محلي حقيقي، فشكلت لجنة وزارية مشتركة ( من وزارات الداخلية - الأشغال العمومية- البيئة - الصحة - التعليم العالي)، دون ان تضم خبراء المختبر العمومي للتجارب و الدراسات، ولا أطباء 20 مستشفى غشت بالدار البيضاء الذين قاموا بدراسات حول الاميانت. وراج في الإعلام منذ 1997 ان الحكومة بصدد إعداد مرسوم لحماية الأجراء المعرضين لغبار الاميانت.
رغم اليقين التام المحيط بخطر الاميانت، وتزايد البلدان التي منعته، لم تر اللجنة الوزارية المغربية داعيا لمنعه. و لم يكن كل ما اقترحت خارجا في آخر المطاف عن المنطق المتحكم في التعامل مع الأمراض المهنية في القانون المغربي، منطق التعويض بعد وقوع الكارثة وليس اتقاؤها الذي يعني في حالة الاميانت المنع الكلي. هكذا اقترحت اللجنة الوزارية إتمام لائحة الأمراض المهنية المرتبطة الاميانت بإضافة مرض ميزوثليوم إلى الجدول 22 من جداول الأمراض المهنية.
وزادت اللجنة فاستهانت بالخطر نافية وجود تعرض من نوع بيئي في المغرب بمبرر أن تقنيات الرش بالاميانت flocage و تقنيات حفظ الحرارة قليلة الاستعمال.
بينما بينت نتائج المختبر العمومي وجود نسبة مخيفة من الألياف في بعض البنايات، علاوة على انعدام أي إحصاء للبنايات المستعملة للاميانت. ومن جهة اخرى تواصل لجنة اليقظة من أميانت ابداء تخوفها منددة باستمرار عمليات الرش بالاميانت flocage الممنوعة دوليا . (لاغزيت دو ماروك 14 غشت 2003 )
الحقيقة هو ان حكومة المغرب لم تسع أبدا إلى وضع حد نهائي لفتك الاميانت بصحة العمال والكادحين، بل دوما إلى تبرير مواصلة استعمال الامانيت لمواصلة جني الأرباح . ففي اليوم "الإعلامي" - 2 يونيو 1998 - حول أكذوبة الاستعمال الآمن للاميانت، حيث جرى تقديم الخطوط العريضة لمشروع المرسوم الذي تعده اللجنة المشتركة، تم الدفاع عن الاميانت ب3 حجج متساوية في زيفها:

تبرئة الكريزوليت بادعاء ان الخطير هو الاميانت امفيبول

تقليل مخاطر الأسمنت المعزز باميانت الذي يمثل 90 % من استعمالات الاميانت

التشكيك في البدائل المقترحة لاميانت
وتدخل ممثل ديماتيت في اليوم الإعلامي ليدعي ان العمال لا يكونون في اتصال مع الاميانت الا في مرحلة تسمى defibrage ، لكنه لم يكشف عدد ضحايا الاميانت.
ما مانع منع الاميانت بالمغرب ؟ إنها الأرباح، انه منطق النظام الرأسمالي المدمر لكل شيء من اجل التراكم. فحسب الأرقام الرائجة، يمثل الاميانت بالمغرب سوقا تقدر ب300 مليون درهم بالنسبة للمقاولات سنة 1997.
مضمون المرسوم
بعد سنوات تداول حول الاميانت بضغط من الحملة العالمية، اتضح لحكومة المغرب انعدام تعبئة عمالية وشعبية محلية ضد القتل والإعاقة بالاميانت، فلم تر أي حاجة إلى منع المادة الفتاكة، فاكتفت بمرسوم حول أكذوبة لم تعد تنطل سوى على الجهلة: أكذوبة الاستعمال الآمن لذلك السم.
أدرجت صحافة الاتحاد الاشتراكي إصدار مرسوم الاميانت ضمن منجزات حكومة التناوب، والحقيقة أنها على صواب، فالمنجز المزعوم شبيه بحكومة التناوب ذاتها: انه استكمال لما هيأته الحكومة السابقة، و مجرد كذب على فقراء المغرب وخدمة لبرجوازييه.
صادق المجلس الحكومي على مرسوم اميانت يوم 5 يوليوز 2000 ومر من المجلس الوزاري، برئاسة الملك، يوم 19 اكتوبر 2000. و صدر بالجريدة الرسمية 23 يناير 2001 مع التنصيص على تطبيقه ابتداء من 23 يوليوز 2001.
عوضا عن الحل الحقيقي الوحيد، أي المنع النهائي، نص المرسوم على وجوب الالتزام بتدابير وقائية. وعلى خلفية تبرئة صنف الكريزوليت، نص المرسوم على منع اميانت الامفيبول، بيد انه منع جزئي يقتصر على حالات صنع وتحويل المنتجات التي يدخل الاميانت عنصرا أساسيا في تركيبها. (نص الجملة في المرسوم)؟
ومنع المرسوم أعمال الرش بالاميانت، والزم رب العمل بتدبير منع تطاير الاميانت واحترام نسبة التعرض. وفي حال تجاوزها يحدد السبب ويتدارك ... وبمد العمال بمعدات تنفس وملابس واقية عند الاقتضاء (يصونها ويستبدلها عند الحاجة) وتفاصيل اخرى حول الملابس.
كما نص على مراقبة نسبة اميانت في الجو من طرف مختبر يعينه قرار لوزير التشغيل كل 3 اشهر، تخفض إلى مرة في السنة إذا لم يطرأ تغير جوهري على ظروف العمل ولم تتجاوز القياسات الثلاث السابقة نصف النسبة القانونية (نسبة التعرض للاميانت تحدد بقرار مشترك من وزراء الشغل والصحة والصناعة والبيئة)
والزم المرسوم رب العمل بمسك سجل لتلك القياسات يكون بمتناول العمال وممثليهم ومفتشية الشغل، و يحتفظ به طيلة 40 سنة، والمراقبة الطبية لصحة العمال بفحص طبي قبل الالتحاق بالعمل وآخر كل ستة اشهر وما يراه طبيب الشغل من فحوص أخرى.
وضم المرسوم جملة أمور أخرى : تكوين العمال على ممارسات العمل السليمة، والاعلام حول خطر اميانت، ونسبته في جو أماكن العمل، وحالات تجاوز النسبة القانونية، واستخدام التجهيزات والملابس الواقية، والتنبيه إلى مخاطر اميانت واحتياطات استخدامه الآمن.
ولم يرق المرسوم المغربي حتى إلى مستوى اتفاقية منظمة العمل الدولية حول اميانت، إذ تغاضى على مقتضيات منها عديدة، مثل وجوب عنونة مناسبة للأكياس وغيرها مما يحتوي على الاميانت، وتحيين نسبة التعرض، وان يُعهد هدم البنيات التي بها مواد عازلة من الاميانت وإزالة ذلك الاميانت إلى مقاولات معترف من السلطة المختصة بكفاءتها في المضمار. كما تجاهل المرسوم المغربي المادة 19 من اتفاقية 162 المتعلقة بالتخلص من نفايات الاميانت دون خطر على صحة العمال و سكان محيط المقاولة، و اتخاذ إجراءات لتفادي تلويث البيئة العامة انطلاقا من أماكن العمل.كما ترك مرسوم المغرب جانبا إطلاع العمال بشكل كاف ومناسب على نتائج فحوصهم الطبية، وتامين دخل من يتعذر لاسباب طبية تعيينهم الدائم في عمل يعرض للاميانت ، الخ.
وجلي ان تنفيذ هذا المرسوم، غير الفعال، شبه مستحيل بالنظر إلى واقع تطبيق قانون الشغل بالمغرب، والحالة المزرية التي يوجد عليها جهاز تفتيش الشغل، والحالة الكارثية للمنظمات النقابية.
هذا علاوة على أن المرسوم لا يهم سوى اميانت أماكن العمل. اما الذي غادرها، أي المتضمن في المنتجات والنفايات، فلا حديث عنه.
يعني هذا الإجراء الحكومي في آخر المطاف ترك جريمة قتل العمال متواصلة، وطمأنة أغنياء الاميانت بضمان تدفق أرباحهم. و بالفعل فور مصادقة مجلس الوزراء يوم 19 أكتوبر 2000 على المرسوم الزائف ابتهج المستفيدون من الوضع. كتبت أسبوعية ماروك ايبدو مدافعة عن إحدى اكبر المقاولات المسببة لكوارث الاميانت: ديماتيت التي يملكها ميلود الشعبي . قالت إن ديماتيت كانت دوما محترمة لمقتضيات المرسوم، وان السيد الشعبي "انما كان ضحية سوء تفاهم تقني ومؤامرة استبدادية. فالاميانت المثير للصخب هو الذي يستعمل في أعمال الرش، بينما ديماتيت تستعمل اميانت لصنع صفائح تسقيف". و كما تلصق كل جرائم ما قبل 1999 بإدريس البصري أوردت الجريدة ان " ميلود الشعبي يتهم وزير الداخلية السابق إدريس البصري بتعمد الخلط بقصد الإضرار مجموعته". وتخلص ماروك ايبدو إلى أن "المرسوم الجديد يرفع حظرا ويبدد شبهة غير مبنية على أي خبرة خاصة".
كان التمييز بين أنواع الاميانت آخر خطوط دفاع الرأسماليين عن أرباحهم الاميانتية، وهو تضليل روجته بكثافة الدولة الكندية، والتقطته حكومة أرباب العمل بالمغرب، متجاهلة الأبحاث العلمية الني أثبتت أن اميانت كريزوليت يسبب سرطان الرئة ومزوثليوم.

مسؤولياتنا

بعد انتهاء شوط من مواجهة الاميانت بانتصار ربح الأقلية على صحة الأكثرية، سيظل ذلك السم خطرا محدقا بأجيال أخرى من كادحي المغرب. فاستهلاك الاميانت مرتفع ببلدنا ( يمثل الشرق الأوسط وأفريقيا، لا سيما الجزائر و انغولا والمغرب والسنغال حاليا 20 % من الطلب العالمي). وما دامت الحركة النقابية تغط في سباتها، ستواصل حكومة أرباب العمل تجاهل الدراسات العلمية واخفاء المعلومات الطبية عن العمال الضحايا. و ستتواصل الوفيات ببطء، وتستمر العدالة في الكيل بمكيالين إزاء جرائم رجال الصناعة، فكم رب عمل ُسجن بعد ان سبب موت عماله بالاميانت؟
وسيؤدي تعاظم البطالة، وشبح الطرد من العمل، إلى تدهور ظروف العمل وقبول العمال بها كرها. والحكومة لا تأبه بكوارث الاميانت، فما بالك بباقي الأمراض المهنية.
ان مسؤولية عظيمة تقع، من جراء هذا الوضع، على كاهل منظمات النضال، على رأسها نقابات العمال وجمعيات حقوق الإنسان، مسؤولية النضال من اجل:
ـ وقف نهائي لاستعمال الاميانت بقصد حماية الأجيال المقبلة: ليس ثمة أي درجة تعرض الاميانت آمنة، وليس ثمة منتوج يحتوي على اميانت وآمن، وليس ثمة نوع من الاميانت عديم الخطورة.
يجب ان تتضافر جهود كافة الأوفياء لعلة وجود منظمات النضال من اجل:
ــإجراء بحث وطني حول حجم الكارثة، تتعاون عليه النقابات العمالية وجمعيات حقوق الإنسان . وتتعين المطالبة بأن تقدم المقاولات كافة المعلومات حول العمال المعرضين لخطر اميانت، مع متابعتها قضائيا في حال رفض تقديم هكذا معلومات بتهمة عدم مساعدة شخص في خطر.
ــ قيام النقابات العمالية بمقاضاة الدولة لأنها تعلم الخطر ولم تمنعه.
ــ تنظيم حملة وطنية للظفر بمنع نهائي لكافة أنواع الاميانت، تشارك فيها كافة منظمات نضال الكادحين، بمقدمتها النقابات العمالية، وبتعاون مع منظمات شبيهة ببلدان أخرى، منها الفيدرالية الدولية لمنظمات عمال التعدين FIOM التي أطلقت يوم 25 مايو 2005 حملة من اجل منع عالمي للاميانت، و Ban Asbestos التي تنسق النضال من اجل منع اميانت بالعالم، واللجنة الخاصة بالوقاية في الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي AISS التي تبنت في بيكين 16 سبتمبر 2004 تصريحا موجها إلى البلدان المنتجة والمستعملة لاميانت، تدعوها إلى الإقدام بوجه السرعة على منع إنتاج وتجارة واستعمال كل أنواع الاميانت والمنتجات المحتوية عليه.
ـ اتخاذ إجراءات للحد من خطر اميانت المتبقي في البنايات والتجهيزات الصناعية والمنزلية.
وبما أن سرطان اميانت وأمراضه الأخرى تظهر بعد عقود من التستر، لا يكفي المنع.
لا بد من حملة لإعلام العمال بما يهدد صحتهم. يجب إنذار العمال الذين استنشقوا الاميانت بأماكن العمل، ولا زالوا على قيد الحياة، ليتمكنوا من مساعدة أطبائهم على تأويل الأعراض المرضية المنذرة بقصد ضمان علاجات ناجحة.
ـ التكفل بضحايا الاميانت، ومنه تمكين عماله من تقاعد قبل الأوان بكامل الحقوق.
ـ مساعدة الضحايا و أقاربهم بإرشادهم حول الإجراءات القانونية والطبية الواجبة لإحقاق حقوقهم في العلاج والحماية القانونية والتعويضات.
هذا ويجب ان يكون طرح مشكل الاميانت، فرصة لتنهض الحركة النقابية بدورها في الدفاع عن شروط صحية بأماكن العمل، وعن تحسين العناية بضحايا الحوادث والأمراض المهنية.

إعادة بناء النقابات العمالية

لا يقتصر مشكل النقابات على تخليها عن مشروع بديل لنظام عبودية العمل المأجور، بل تقاعسها حتى عن ابسط وظائف الدفاع عن شروط افضل لبيع قوة العمل.
فهي لا تولي صحة الشغيلة في أماكن العمل حدا أدنى من الاهتمام والجدية. ليس هذا بالأمر الغريب بالنظر إلى أن باقي مجالات العمل النقابي ضحية لنفس الإهمال او السفسفة في احسن حال. هذا مع ان كوارث عديدة حلت بالعمال بفعل ما آل إليه ظروف العمل من انعدام شبه تام لشروط السلامة، وتكاثر الإصابات بالأمراض المهنية (السيلكوز بالنسبة لعمال المناجم، البيسنوز وامراض اخرى بالجهاز التنفسي بالنسبة لعاملات النسيج، وامراض الحساسية والبرودة بالنسبة لعاملات التصبير، ...). لذا فان كل توق الى إضفاء الطابع الكفاحي على النقابات يقتضي، ضمن امور اخرى، الاضطلاع بهذه المهمة وفق رؤية طبقية تكشف التناقض التام بين صحة العمال وأرباح الرأسماليين.
يعني هذا النضال من أجل:

قيام مؤسسة عمالية لمخاطر الشغل، تنظم حملات حول الوقاية من الإصابات المهنية وتقدم المساعدة للضحايا، تكون إحدى لبنات بناء وحدة الحركة النقابية.
تأهيل النقابات في هذا المضمار بقيام لجان خاصة بالمخاطر المهنية في الأجهزة النقابية على الصعيدين المحلي والوطني.
طب شغل حقيقي: استقلال أطباء الشغل عن أرباب العمل، وإخضاعهم لرقابة النقابات ولجان السلامة ، الخ.

لجان سلامة حقيقية باماكن العمل، لها حق الاعتراض على كل ما يضر بصحة العمال. تسيير مشترك مع الادارة لمشاكل السلامة بل اداة نضال باستعمال ما يعطيه القانون وتوسيعه قيام لجان السلامة بأبحاث وخبرات حول الأمراض المهنية
دمج التعويض عن حوادث الشغل وأمراضه في الضمان الاجتماعي، بدل تركه مجالا لاغتناء الشركات الخاصة.
ويبقى الأمر الجوهري هو تعزيز المقاومة الجماعية للأخطار المهنية، هذه المقاومة هي التي ستمد بالفعالية المساطر القانونية القائمة او التي ستنتزع.

من اجل بديل لنظام تقتيل العمال من اجل الربح

ليس مشكل الاميانت غير أحد أوجه فساد نظام الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. و لا يتعلق الأمر بأرباب عمل بلا ضمير يشكلون الاستثناء، بل بمنطق نظام العمل المأجور الذي يعتصر الأرباح باستعمال البطالة لفرض شروط عمل سيئة على الأجراء، والذي يعتبر السلامة كلفة تستدعي الخفض لرفع الأرباح.
والحال ان غالبية النقابيين استبطنوا ان التنظيم الرأسمالي للاقتصاد هو وحده العقلاني وانه يجب الحفاظ على أرباح الرأسماليين لمصلحة العمال أنفسهم. وهذا منظور يجب تغييره راديكاليا بجهد التشهير بنظام العمل المأجور و التعريف بالبديل الاشتراكي الكفيل باستعادة انسانية الانسان، و بالطريق الثوري اليه، طريق التنظيم والنشاط الذاتيين للعمال وكافة الكادحين.



--------------------------------------------------------------------------------
مراجع:
* موسوعة مخاطر الشغل: كي لا تفقد حياتك في السعي إلى كسبها - بالفرنسية. منشورات لاديكوفيرت- باريس 1985
* نص اتفاقية منظمة العمل الدولية حول الاستعمال الآمن لاميانت - موقع المنظمة بانترنت
* جدول الأمراض المهنية - الجريدة الرسمية عدد 4788 بتاريخ 20 ابريل 2000 .
* مرسوم وقاية العمال المعرضين لاميانت - جريدة رسمية عدد4870 بتاريخ فاتح فبراير 2001
* دراسة عن اميانت بموقع http://www.aimt67.org
* الاميانت : مدة الكمون سيف ديمقليس حقيقي ، مقال بموقع منظمة العمل الدولية. (بالفرنسية)
طب الشغل بالقطاع المنجمي- منشورات الجمعية المغربية لطب الشغل والارغونوميا- دار القرويين- 1998.(بالفرنسية)
* الامراض المهنية في التشريع المغربي- محمد برادة غزيول. مطبعة ومكتبة الامنية -1991.
كراس "المخاطر المهنية، لا شكرا". منشورات العصبة الشيوعية الثورية – فرنسا
حوادث الشغل وامراضه بين انعدام طب شغل حقيقي وهزالة التعويض العدد 5 المناضل-ة
كل المادة الاعلامية حول الاميانت بالأرشيف الإلكتروني لجريدتي لكنوميست ولاغازيت دو ماروك



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النيبال : نصر شعبي أول ورهانات سياسية واجتماعية جديدة
- صعود السلفية الاسلامية الثمار المرة للسياسة الامبريالية
- صندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية: مكسب شعبي في مهب العاصفة ...
- توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ ...
- أزمة نقابة التعاون مع ارباب العمل ودولتهم ومهام النقابيين ال ...
- توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ ...
- 25 ابريل 1974: «ثورة القرنفل» بالبرتغال
- الحزب الاشتراكي الديمقراطي و الاتحاد الاشتراكي: دلالة الاندم ...
- حصيلة 6 سنوات من ميثاق التربية و التكوين: التلاميذ بكلميم يق ...
- التعليم ليس بضاعة...دفاعا عن التعليم كخدمة عمومية
- وفاة ثاني قادة الاتحاد المغربي للشغل التاريخيين:محمد عبد الر ...
- مركب النسيج بفاس (كوطيف) : دروس هزيمة عمالية
- الى أين يهوي -البرنامج المرحلي-؟ماذا بعد الإفراج عن المجرمين ...
- حدث قبل 30 سنة انقلاب فيديلا العسكري: إرهاب دولة ضد الأرجنتي ...
- بمناسبة الذكرى الخمسين لاغتيال المناضل الشيوعي المغربي عبد ا ...
- ماذا تبقى من تيار القاعديين(البرنامج المرحلي) بجامعة مراكش؟
- فرنسا :الحركة ضد عقد التشغيل الأول تدخل منعطفا
- حزب المؤتمر الوطني الاتحادي: من أين؟ والى أين ؟
- أضاليل هيئة بنزكري حول قتلانا في فاس
- مؤتمر الرابطة الشيوعية الثورية (فرع الأممية الرابعة بفرنسا) ...


المزيد.....




- إجازات العيد.. عدد أيام عطلة عيد الفطر 2024 للموظفين والعامل ...
- متظاهرون يغلقون مدخل وزارة التجارة وسط لندن احتجاجا على حرب ...
- “Renouvelez-le maintenant“ تجديد منحة البطالة في الجزائر 202 ...
- 100,000 دينار عراقي .. حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في العرا ...
- عاجل | مرتب شهر كامل.. صرف منحة عيد الفطر 2024 لجميع العاملي ...
- الحكومة المغربية تستأنف “الحوار الاجتماعي” مع النقابات العما ...
- هتصرف قبل العيد؟!.. تحديد موعد صرف مرتبات شهر أبريل 2024 بال ...
- منحة البطالة الجزائر 2024 .. تعرف على الشروط وخطوات التسجيل ...
- 3.5 مليارات دولار تدفقات الاستثمار الأجنبي للسعودية والبطالة ...
- البطالة في السعودية تسجل أدنى مستوى منذ 1999


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحين عن قصد وسبق إصرار