أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - داود السلمان - الغجر مأساة انسانية خالدة














المزيد.....

الغجر مأساة انسانية خالدة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6293 - 2019 / 7 / 17 - 16:41
المحور: حقوق الانسان
    


في سنة 2010 أصدرت كتيباً عن الغجر، وتحديداً الغجر الذين يسكنون العراق، وحاولت أن اشرح فيه مأساتهم ومعاناتهم المستديمة، وسلطت فيه الضوء على مشاكلهم بصورة عامة. وظل موضوع الغجر يؤجج مشاعري الانسانية، ويرهق ذاكرتي، بحيث بقيت اتعايش مع مأساتهم، وأتحين الفرصة تلو الاخرى لتسجيل صور أخرى في خزينة ذاكرتي لهم، فرأيت المأساة أكبر مما تسع الذاكرة، والمحن أعظم مما تروم الصمود امامها الانسانية، ويصعب على اليراع أن يسجل ما يمر به مجتمع الغجر، هذا المجتمع المسالم، من محن لا يدرك كنهها الا الغجر انفسهم، فهي مأساة بالمعنى الحقيقي لهذه المفردة.
وخرجت بحصيلة تفوق التصور، ووجدت ملحمة مروعة من مآس مجتمع كأنه يعيش خارج التاريخ، ويقبع في كهوف مظلمة، لها أول وليس لها آخر، مجتمع أموات في اجساد احياء، فهم مشروع لإبادة جماعية، حكمت عليها بعض العقول المتحجرة ونبذتها في العراء، أن عاشت وأن ماتت فسيان عند تلك العقول الهرمة، التي تنظر الى بعض المجتمعات ومنها مجتمع الغجر، على انهم انصاف بشر، واحيانا تعاملهم اقل مما تعامل الحيوانات، إذ جعلوا بينهم وبين الغجر حاجزا محاطا بالصلب والحديد، وتحرسه جنود جفاة اغلاظ الاكباد لا تعرف الرأفة والرحمة، علاوة على انهم اختلقوا لهم قصصا مروعة، منها انهم يسرقون الناس ويخطفون الاطفال ويرتكبون جرائم قتل ومختلفة، وفوق هذا وذاك ادعوا أنهم يعملون على فساد وافساد المجتمعات بشذوذهم، كما عبروا عنهم، وتلويث بيئة مجتمعية بعاداتهم تلك، حتى عزلوهم تماما عن مجتمع المدينة، بحيث لا يروهم ولا يختلطون بهم ولا حتى يكلمونهم بكلمة واحدة، وقالوا أن ذلك لا يليق بالإنسان السوي المتصف بالأخلاق الحميدة. وهكذا ظل مجتمع الغجر يرزح تحت ظل هذا الانعزال، منطويا على نفسه مكبلا بقود ذلك المجتمع واوامره، فلم يستطع أن يحرك ساكنا، بحيث حرم من ابسط وسائل العيش، تصب على رؤوسهم صنوف الشدائد، فأطفالهم عراة، حفاة، لم يدخلوا في المدارس، ولم يعرفوا مصطلح تعليم، اميون لا يعرفون القراءة والكتابة، وشيوخهم يرزحون تحت وطأة المرض، عاطلون عن العمل، واما نساؤهم فيشحذن في الطرقات والشوارع، فالدولة لا توظفهم، والمجتمع المدني لا يشغلهم، والحكومة لا تحل مشاكلهم، ومنظمات المجتمع المدني لم تزرهم، الدول الاخرى التي تنادي بحقوق الانسان لا تلتفت اليهم، الامم المتحدة لا تصلها اخبارهم، وأن وصلتها اخبارهم، فهم لا يعملون لهم شيئا، فقد زارتهم بعض الفضائيات العراقية وبثت لهم بعض التقارير المصورة، وشاهد هذه التقارير ملايين الناس، من مختلف العواصم العربية وربما الاجنبية كذلك.
لماذا العالم مطبق الصمت حيال هذا المجتمع، الذي يموت رويدا رويدا؟، من خلال الفقر والعوز والحرمان، وهو تتكالب عليه مختلف الامراض، ومنها الخطرة، لأنهم مجتمع معزول. اليس هم أناس؟، بشراً مثلنا، يريدون أن يعيشوا الحياة ويتمتعون بالدنيا كما نتمتع نحن، يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويناموا كما نحن نفعل هذا، يريدون أن يتمتعوا بمتعة الكهرباء وأن يشربوا ماءاً معلب بالقناني كما تشربه بقية البشر.
نفوس الغجر لعله اليوم قليل، لماذا الدولة لا تزجهم في المدن، على أن تفرقهم في جميع المحافظات، حتى يندمجوا هناك فيعملون وينتجون، وعلى الاقل يحصلون على جزء ولو يسير من حقوقهم، وبذلك نطوي صفحة من مأساة مجتمع مسالم كاد أن ينقرض بسبب الاهمال المقصود، ومن ظلم المجتمع الذي عزلهم عنه.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالفلسفة نغير العالم: النزعة العقلية: اكتشاف الهندسة التحليل ...
- بالفلسفة نغيّر العالم: ما هو العقل، وهل ممكن نقده؟
- مقالات في التصوف والعرفان(4)
- مقالات في التصوّف والعرفان(3)
- مقالات في التصوّف والعرفان(2)
- مقالات في التصوّف والعرفان(1)
- خدام الفلسفة:(2) إمام عبد الفتاح إمام
- لا منقذ للإنسان الا الموت
- اساطير وخرافات الطبري المؤرخ(3)
- ابن المقفع وانكار وجود الله
- اساطير وخرافات الطبري المؤرخ(2)
- اساطير وخرافات الطبري المؤرخ(1)
- هل الدين ضرورة للمجتمعات؟
- قرار نهائي
- عَلموني كيف أحب وطني
- الحمير وحدها التي تعيش حرة
- مقهى
- صورة
- صفقة بيع وطن
- انحطاط


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - داود السلمان - الغجر مأساة انسانية خالدة