أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحمن البيطار - الحلقة الثامِنة : ما هي التطورات المتعلقة بقرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١التي دَفَعَت أول أمين عام للأُمم المتحدة النرويجي ” تريچفه لي” للتلويح بتقديم إستقالته…















المزيد.....

الحلقة الثامِنة : ما هي التطورات المتعلقة بقرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١التي دَفَعَت أول أمين عام للأُمم المتحدة النرويجي ” تريچفه لي” للتلويح بتقديم إستقالته…


عبد الرحمن البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 6290 - 2019 / 7 / 14 - 02:27
المحور: القضية الفلسطينية
    



إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموقف الأمريكي من قرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١ الصادر عن الجمعية العامة للأُمم المتحدة في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧.
مقدمة :
في ١٨ آذار من العام ١٩٤٨، التقى حاييم وايزمان بالرئيس ترومان في واشنطون ، وقد عَبّرَ الرئيس لوايزمان في لقاءه معه عن موقفه من تَطَلّعات اليهود والحَرَكة الصهيونية لإقامة دولة يهودية في فلسطين في الجزء المحدد لها بقرار التقسيم ، بقوله :
“عليكَ أن تكون متأكداً في أني سأعمل على تأسيس دولة يَهودية شاملة لـ( منطقة) صحراء النَّقب ، وعلى الإعتراف بها كذلك “.
وقد لَخّص الرئيس خُلاصة اللقاء في مفكرته ، بما كتبه عنها في تلك الايام قائلاً :
“” لقد شَعرتُ ، أنه ولدى مُغادرة ( وايزمان ) لمكتبي، بأنه قد توصل الى فهمٍ كامل لسياستي ( حول فلسطين وقرار التقسيم ) ، وأني أيضاً قد عَرَفت ما هو الشيء الذي كان يُريده . ”
في النظام السياسي الأمريكي ،للرئيس المُنْتَخَب حَيِّز مهم في صِناعة الموقف السياسي الأمريكي وفِي صِياغته أيضاً .
……………………….
في اليوم التالي للقاء الرئيس ترومان بوايزمان ، أي في يوم ١٩ آذار ١٩٤٨، إجتمع السكرتير الدائم للامم المتحدة “تريچفه لي” بممثلي الدول الأعضاء الدائمين في مَجلس الأمن في مكتبه في ” ليك سَكْسِسْ” للبحث في جدول أعمال المَجلس في جَلسَتِه المُزْمَع عَقدها في ذلك اليوم أيضاً .
في ذلك الإجتماع ، أعلن “وارن أوستن” – سفير الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية ، للمجتمعين بأنَّ الولايات المتحدة سَتَقْتَرح في جلسة مجلس الأمن تعليق العمل بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٨١ ،أي قرار تقسيم فلسطين ، وسَتَدعو لتأسيس نظام وِصاية مُؤَقَّته في فلسطين.
يقول دان كيرزمان في كتابه “جينيسيس ١٩٤٨” أنَّ الإعلان أصاب المُجتمعين بحالة من الذُّهول ، وتلى ذلك حالة من الصّمت سادت للحظات حاول فيها الحُضور إستيعاب ما سَمِعوه ، قَطَعها الأمين العام بقوله:
“لكن هذا الإحتمال المتعلق بفرض نظام وصاية قد طَرَحته أُستراليا في اجتماعات لجنة اليونسكوب (لجنة الأُمم المتحدة الخاصة بفلسطين) ، وأنه سُحِبَ بعد ذلك بعدما تحقق لأعضاء اللجنة بأن تحقيق هذه الفكرة سَتُحارَب من قِبَل الفريقين معاً ، وليس من قبل فريق واحد فقط ، وأنَّ وَضْعها مَوضِع التطبيق يحتاج لتوفير قوة عسكرية أكبر من تلك التي يحتاجها فرض(قرار) التقسيم . (وعليه) ، وبِصِفَتي الأمين العام ، فإني أسأل هل أنه ، في حال تَبَنّي المُقْتّرح ، فإن القُوى العظمى سَتَقْبَل مَسؤولية وَضْعه مَوْضِع التطبيق ؟ ). ”
أجاب “أوستن”: ” بالطّبع ، إن الولايات المتحدة جاهزة لإسناد قرار الأُمم المتحدة ( في هذا الشأن)”.
في السّابعة من صَباح يوم ٢٠ آذار ، إستيقظ الرئيس الأمريكي “ترومان” من نومه. وخلال تَصَفُّحِه الصفحة الرئيسية لجريدة “واشنطون” وهو جالسٌ على مائدة الفُطور ، قَرَأ الخبر الذي نَقَلَته الجريده على لسان السناتور “أوستن” أمام أعضاء مجلس الأمن والذي قال أعلن فيه :
“…. يبدو أنَّ هناك إتفاقاً عاماً بأن خُطّة ( التقسيم ) غير قابلة للتطبيق بوسائل سِلمِيّة . وأنه لَمِنَ الواضح ، مما قيل في مجلس الأمن ، بأنَّ المجلس غير مُستعد للمُضِي قُدُماً في تطبيق خُطّة ( التقسيم ) في ظل الأوضاع القائِمة …… إن حكومتي ترى أنه يتعين إقامة (نظام) وِصاية مُؤقتة ( في فلسطين)…… للحِفاظ على السِّلم ولتوفير فُرْصة أُخرى ليهود وعَرَب فلسطين للتّوصل الى إتفاق ( فيما بينهما )…….” .
ويَستمر الخَبَر في تغطيته وقائع جلسة مجلس الأمن ، فيقول أنَّ رئيس الجلسة ، قَرَأَ على أعضاء المجلس المُجتمعين طَلَبَ ” أوستن ” من مجلس الأمن لأن يدعو الجمعية العامة للأُمم المتحدة لعقد جلسة خاصة لتعليق العمل بقرار التقسيم ولإنشاء ( نظام) وصاية .
لمْ يَتمالك الرئيس “ترومان” أعصابه لدى قرائته الخبر ،كما يقول دان كيرزمان ، فَهَرعَ الى التّلفون ونادى على سكرتيره :
” كلارك، هلا تأتِ الآن فوراً . لقد قرأت أخباراً مَنْشورة في جرائد ( هذا اليوم ) عن فلسطين ، وإني لا أفهم ماذا حَدَث “.
خِلالَ نِصْف ساعة ، كان “ترومان” في مكتبه . وقد رَحّّب بـ “كلارك كليفورد” ، وقَسَماتُ وجهة تَنْطقُ بانزعاجات لم يرها كلارك على وَجْهِ رئيسه أبداً من قبل.
أَشَّر “ترومان” الى خطاب ” أوستن ” المنشور في الجريدة وقال :
” كيف يمكن لهذا أن يحصل . لقد أَكَّدتُ لـ”حاييم وايزمان” ( في لقائي الأخير معه) أننا مع التقسيم ( قرار تقسيم فلسطين) ، وأننا سنتمسك به .إنَّ “وايزمان” سيعتقد حتماً ( لدى قراءته للخبر ) بأنّي كاذب مفضوح . إبحث في الأمر وأعلمني كيف يمكن لشيء كهذا أن يَحصل “.

إنزعج “كليفورد” لإنزعاج رئيسه ، واٌتصل بوزارة الخارجية . كان وزير الخارجية “جورج مارشال” في ذلك اليوم في سان فرانسيسكو ، و ” لَڤيتْ ” في فلوريدا . أما “لوي هندرسون”و “جون هيكرسون” (ويشغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية) ، و مستشار الوزارة ” تشارلز بولن ” ، فقد أجمعوا كلهم بأن ” لَڤيتْ ” قد حَصَلَ على موافقة البيت الأبيض ( المُسْبقة قبل اعتماد إعلان الموقف الجديد ). وفي ذلك ، فإن “ماك كلينتوك” قال بأن تلك الموافقة كانت هي الأساس لمُذَكّرة تم إرفاقها بالخطاب ( الذي تم الذي تم إلقاؤه في مجلس الأمن من قبل ‘ أوستن ‘ ).
هاتف “كليفورد” ” لَڤيتْ ” في مكان تواجده في فلوريدا ، وقال له:
” إنَّ الرئيس يَغلي غَضَباً حول خطاب ‘أوستن’ . لقد فاجأه الخطاب . كيف حَصَل هذا ؟”.
أوضح “لَڤيتْ ” في جوابه بأنه تفاجىء أيضاً كما تفاجىء الرئيس حول توقيت الخطاب ، لكنه يعرف أن التفاهم كان قائما على أنه في حال فشل التقسيم ، فإن الولايات المتحدة ستحاول ( العمل بنظام ) الوصاية. أما “كليفورد” فقد قاطع ” لَڤيتْ ” مُعْرباً له بأن التقسيم لم يكن قد فشل بعد.
وبعد مزيد من التحقيق ، عَرِفَ ” كليفورد” من “جورج مارشال” بأنه وبناء على توصية من ” لَڤيتْ” ، فإنه وَجَّه “أوستن” في يوم ١٦ آذار ١٩٤٨ بأن يُعْلِن عن الموقف ( الأمريكي الجديد ) في خطاب عَلَني في أقرب وقت ملائم ، وأنَّ ، لا وزير الخارجية ولا نائبه، قد تركا أي كلمة تُفيد بضرورة أن يتم إعلام الرئيس بالموعد (المحدد) لإلقاء الخطاب ذو العلاقة . لم يتم أيضاً، كما يقول ، دان كيرزمان ، رفع نص الخطاب المذكور لـ ” ترومان ” كي يحظى بموافقته(قبل إلقاءه) ، هذا على الرغم من أن مادة الخطاب قد تم إيرادها في نطاق مُسَوَّدة إسكتشيه تم وضعها أمام ناظري الرئيس في الوقت الذي كان فيه في القطار، ولكن دون إخطاره أو تنبيهه بأهميتها.
لدى إخبار “ترومان” بهذه التفاصيل ، قام بمُهاتفة وزير خارجيته “جورج مارشال”. وفِي تلك المُكالمة ، طَلَبَ الرئيس من وزير خارجيته أن يُدلي بتصريح يُعلن فيه بأن ( نظام ) الوصاية لم يتم إقتراحه بديلاً عن التقسيم ، ولكنه ببساطة كان مجرد مُقْتَرَح لإجراءٍ مؤقت لملىء الفراغ السياسي في فلسطين الى حين أن يُصبح التقسيم قابلاً للتطبيق.
يقول دان كيرزمان أن ردود الفعل على خطاب المندوب الأمريكي ” أوستن” الذي ألقاه في مجلس الأمن في ١٩ آذار ١٩٤٨ كانت كبيرة وعنيفة ، وأورد نماذج منها :
⁃ فقد كتبت صحيفة الـ ” نيو يورك تايمز ” التي يصفها كيرزمان على أنها ” غير صهيونية ” أن خطاب ” أوستن” المذكور كان ” إستسلاماً صريحاً لا يقبل الخطأ ( لمنطق )التهديد باستعمال القوة “.
⁃ كما انعقدت في اكثر من ثمانية آلاف كنيس يهودي في الولايات المتحدة صلوات خاصة للتعبير عن الإحتجاج في التغير الذي حصل في السياسة (الموقف )الأمريكية تجاه التقسيم .
⁃ هَدَّدَت ” إليونور روزفلت ” – وهي زوجة الرئيس الأمريكي الديمقراطي الثاني والثلاثين الذي حكم الولايات المتحدة ما بين عامي ١٩٣٣ و ١٩٤٥ بالإستقالة من عضوية وفد الولايات المتحدة لدى الأُمم المتحدة، إحتجاجا على التغيير في السياسة الأمريكية الرسمية من قرار التقسيم رقم ١٨١.
⁃ وأدلى دبلوماسي أمريكي جنوبي بتصريح، أمام مسؤول أمريكي في ادارة الرئيس الامريكي السابق وهو “سمنر ويليس” ، لخص فيه موقف دبلوماسيين آخرين أمريكيين جنوبيين بقوله: ” لقد أقنعونا بدايةً بالتقسيم على أنّه الحل الوحيد . أما الآن ، فهم يحاولون إقناعنا أن حل التقسيم كان حلاً لا عقلاني . نعم، صحيح أنّي أُمثل بلدا صغيراً لا يستطيع الوقوف على رجليه لوحده . وإنّي على إستعداد لقبول قيادة الولايات المتحدة . لكن ( ما حصل) هو غَدْر. بهذا التغيير في الموقف الامريكي من قرار التقسيم ، فإن الولايات المتحدة تكون قد تخلت عن أي مُثُل مَعنوية كانت ذات مرة تَحملها لتبرير قيادتها للأُمم الصغيرة( في هذا العالم) “.
وكَتبَ الأمين العام للأمم المتحدة “تريچفه لي “حول الإنقلاب في الموقف الامريكي قائلاً:
“لقد شَكَّل ( هذا الإنقلاب) ضَرْبة للأُمم المتحدة، وقد بَيَّن قَدْراً عَميقاً مُحزناً من عدم إيلاء الإعتبار لمركزها ولفعاليتها. لقد جَعَلَني ذلك أسأل نفسي كثيراً حول ماذا سيكون عليه مُستقبل الأُمم المتحدة اذا ما كان ذلك ( أي ما حصل من إنقلاب في الموقف الامريكي من قرار التقسيم ) يُمثل مِقياساً لمَدى الدَّعم الذي على الأمم المتحدة أن تتوقعه من الولايات المتحدة (في مستقبل الأيام)”.
وفِي الليلة ذاتها التي ألقى فيها ” أوستن” خطابه أمام مجلس الأمن ، إختلى الأمين العام بنفسه ، وأخذَ يَطَّلِع على تقارير بدأت تَرِده حول ” (حالة ) إحباط ( تكتنف ) الأُمم المتحده، و( حالة ) فرح وبهجة لدى العرب، و ( حالة ) يأس وقنوط لدى الصّهاينة ، و(حالة) من الثقة والشعور بصواب الرؤية لدى البريطانيين “.
وبعد ظهر اليوم التالي ، أي في ٢٠ آذار ١٩٤٨، ذَهَبَ الأمين العام للأُمم المتحدة والتقى بِـ “أوستن” على الغَداء في أحد مطاعم “وولدورف أستوريا تاورز” ، وفيه ، عَبَّر لـ ” أوستن” عن مَشاعر الصّدمة والألم التي إنتابته (إزاء الإنقلاب في الموقف الامريكي). وقد اٌعتبر الأمين العام الإنقلاب في الموقف الامريكي من قرار التقسيم على أنه ” صَدٌ ( قاسٍ) للأُمم المتحدة ، وله كذلك ، وذلك في ضوء إلتزامه المباشر والعميق”( تجاه المنظمة الدولية).
وأضاف الأمين العام مخاطباً ” أوستن “:
” إنكم أيضاً (مُلزمون) بالإلتزام .إنَّ ( ما حصل) هو هُجوم على صِدْقية إخلاصكم لقضية الأُمم المتحدة ، ولقضيتي (الشخصية) أنا. في ضوء ذلك ، فإني أرغب أن أقترح ، في أَنْ تقومَ أنت ، كما أقومُ أنا ، أي أن نقوم معاً ، وكمقياس على الإحتجاج على التعليمات التي صدرت إليك ( أي إحتجاج على الخطاب الذي قمت بإلقاءه والمتضمن إنقلاباً في السياسة الامريكية تجاه قرار التقسيم ) ، وكوسيلة لإثارة الرأي العام ليتحقق من الخطر الذي يحيق بِبُنية الأُمم المتحدة كلها في الموقع الذي وُضِعَت فيه ( بعد إعلان التغيير في الموقف الامريكي من قرار التقسيم ) ،… أقول ، أريد أن أقترح بأن نقوم معاً بالإستقالة من مناصبنا “.
يقول كيرزمان أن ” أُوستن ” أُصيب بالهَلَع لدى إستماعه لكلام الأمين العام للأمم المتحدة . وبالنسبة لـ ” أوستن ” ، فإنَّ ما لم يفهمه الأمين العام ، كما بدا لـ ‘أوستن’ ، أنه هو شخصياً كان يُحَبِّذ مُقترح ( الوصاية ) ، لأنه يعتقد بأن المُقترح كان يملك فرصة للنجاح . ففي محادثاته مع العرب ، فقد بدا أنهم مُستعدون لقبول فرض نظام وصاية ( على فلسطين ) ولو لعِدّة شهور ، وذلك كي يمنحوا الأُمم المتحدة فرصة لعمل ترتيب بخصوص الوضع النهائي لفلسطين خلافاً لأمر تقسيمها. كما كان بعض الأميركيين اليهود ، وهم من العناصر البناءة ، مهتمون بالمقترح أيضاً. وكذلك ، فقد كان قادة المجلس الأمريكي لليهودية ، وهم معروفون بمعاداتهم للصهيونية ، مؤيدون بشكل صريح للوصاية . كما أن اللجنة اليهودية الامريكية غير الصهيونية لم تُجِب على أسئلة وُجِّهَت اليها ، وهي إشارة إعتُبِرَت إيجاببة( وقد غَيَّرت اللجنة موقفها من المقترح فيما بعد) .أما الأهم، فقد كان لدى ” أوستن ” الإنطباع من خلال أحاديثه مع ‘موشي شاريت’ و’ناعوم چولدمان’ من الوكالة اليهودية بأنَّ من المحتمل أن تقبل الوكالة اليهودية المُقترَح إذا ما تم ممارسة ضغط كاف عليها . لقد كان مُقْتَرَح الوصاية في نظره ، حلاً يستحق أن يتم تجربته في أقل تقدير.

جاء جَواب ‘أوستن’ على الكلام الذي سمعه من الأمين العام كما يلي:
” تريچفه، لم أكن أعتقد أنك على هذا القدر من الحساسية ” . وأضاف:
“إنّي لا أعتقد أنّه من الحكمة أن أَقوم أنا بالإستقالة ( من منصبي) ، كما لا أرى أن تُقَدِّم أنتَ إستقالتك أيضاً. إن من الخطأ أن تأخذ سياسة واشنطون على أنها مسألة شخصية تستهدفك أنت “.
بَقِيَ الأمين العام متردداً وغير مُقتنع، فَقَصَدَ في اليوم التالي “أندريه غروميكو” – المندوب السوڤييتي لدى الأُمم المتحدة ، وأَسَرَّ له عن رغبته بتقديم الإستقالة إحتجاجا على الإنقلاب في الموقف الامريكي من قرار التقسيم.
أما “غروميكو” ، وكما ورد في كتاب كيرزمان ، فقد قال للأمين العام :
“( السيد) ‘لي’، بالنسبة إليَّ ، فأنا آمل أن لا تُقْدِم على الإستقالة . ماذا سيُفيد ذلك ؟ . كيف يمكن لمثل هذا الموقف أن يُغَيِّرَ من السياسة الأمريكية ؟ . في حالتي، سأكون ممتناً لك ، أن تمنحني الوقت لاستشارة حكومتي. وأن تمتنع عن القيام بأي إجراء في هذا الإتجاه قبل ذلك “.
في ٢٣ آذار ١٩٤٨، اَي بعد ثلاثة أيام، استفرد “غروميكو” بالأمين العام وهو يمر في أحد كوريدورات مبنى الامم المتحدة ، وقال له إن البرقية التي اٌستلمها من موسكو بخصوص نية الإستقالة التي أعرب عنها الأمين العام في حديثه معه في ٢١ آذار ١٩٤٨ ، جاءت لتقول على نحو بات :
” لا ، بالتأكيد لا (أي لا لإستقالة الأمين العام)”.
وعليه ، وفي ضوء الموقفين الأمريكي والسوفييتي من الرغبة التي راودت الأمين العام بتقديم إستقالته، وهما موقفان رفضا فكرة الإستقالة ، قَرَّر الامين العام للأُمم المتحدة العزوف عن الفكرة والإستمرار في عمله.
ماذا حصل بعد ذلك .
ذلك ما سيتم تَناوله في الحلقة التاسعة



#عبد_الرحمن_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة السابعة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموق ...
- الحلقة السادسة : إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموق ...
- إستئناف رحلة الإبحار في تفاصيل ودقائق الموقف الأمريكي من قرا ...
- عن الموقف البريطاني من قرار التقسيم وتفاصيل اجتماع توفيق ابو ...
- المطلوب بخصوص قضية اللجوء الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين
- الحلقة الثانية : قراءة في تفاصيل الموقف الامريكي من قرار الت ...
- - كَلَّات - مَلِك البلاد ، و -الغد- وصفقة القرن ....!؟ هكذا ...
- قراءة في تفاصيل الموقف الأمريكي من قرار التقسيم رقم ١& ...
- رسالة الى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
- وقائع استجواب -بومبيو-: لا حل دولتين.. وضم الضفة الغربية -لإ ...
- الحل الديمقراطي في فلسطين
- في الهمِّ الوطني والقومي الراهن : رسالة الى والدي( وهيب البي ...


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحمن البيطار - الحلقة الثامِنة : ما هي التطورات المتعلقة بقرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١التي دَفَعَت أول أمين عام للأُمم المتحدة النرويجي ” تريچفه لي” للتلويح بتقديم إستقالته…