أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ملهم الملائكة - يوميات عراقي - عذراء قصر شيرين














المزيد.....

يوميات عراقي - عذراء قصر شيرين


ملهم الملائكة
(Mulham Al Malaika)


الحوار المتمدن-العدد: 6287 - 2019 / 7 / 11 - 19:36
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم تُسجل في سنوات الحرب العراقية الإيرانية حالات اغتصاب نساء نفذها مقاتلون من الجانبين، وربما كان لهذا علاقة بالإيمان الديني لدى المحاربين، لكن مدينة قصر شيرين شهدت حالة كانت نتائجها مروعة.

سرتُ في شوارع قصر شيرين بعد ساعات من انتهاء المعركة، كانت قوارير شاي ربات البيوت ما تزال تنفث بخارها استعداداً لفطور الصباح، سكانها مذهولون من هول الصدمة، البعض لم يشأ مغادرة المدينة، رغم احتدام القتال حولها لمدة أسبوعين، فداهمه سقوط المدينة التي كانت مطوقة دون قتال.
دخلتُ مع القطعات العراقية إلى المدينة الواقعة على الحدود مقابل خانقين، صبيحة السادس من أكتوبر / تشرين الأول 1980. الصحافة والإعلام دخلت المدينة بعد يومين، وبعضها تأخر اسبوعا كاملاً.
لم أر جثثا في الشوارع، ولم أر جرحى، وكل البيوت كانت كاملة سالمة، ولم أر عمليات إعدام أو تهجير أو ترويع أو اجلاء سكان أو فضائع من أي نوع. بعض المدنيين رجالا ونساء تقدم بهم السن كانوا يسيرون كالأشباح بين المدرعات والشاحنات والجند الغرباء. ترجلت من سيارتي الواز الروسية، ورافقني السائق وجندي المخابرة وهما يحملان بنادقهما الكلاشنكوف. تجولنا في شارع يسير على امتداد نهر الوند (وهو النهر الذي يصل إلى خانقين ويتجه جنوباً) . أردت أن أسجل في ذاكرتي وقائع نصر سريع، وكان يخال لي أنّه مقدمة لانهيار الجمهورية الإسلامية في إيران كما كان تُشيع تحليلات الخبراء الغربين والعرب.
بعض السيارات تُركت سالمة في الشوارع لنفاذ وقودها، ورأيتُ جندياً، يستولي على سيارة رينو 4 برتقالية اللون. فيما بعد تحولت السيارة لخدمات حانوت وحدة الميدان الطبية التي ينتسب إليها الجندي، وبات منظر تنقلها بين قصر شيرين وخانقين يوميا لنقل البضائع مألوفا للجميع.
وجدتُ دكاناً قد فتح بابه، فاقتربتُ منه، وطلبت زجاجة كولا، ودفعت ثمنها دراهم عراقية، ظل البائع الكهل يقلّبها بيده، ويقول أشياء لم أفهمها، إلا أنّه وضع النقود في النهاية في صندوق الدخل، ومضى يجيب طلبات المقاتلين الذين تكاثروا حوله.
لفت نظري بيت قد أقفل بابه، ولابد أن أهله غادروه، ورُبطت حول الباب ضفيرة شعر نسائية يميل لونها للحمرة، وتحتها قرآن مسند على قطعتي آجر. المنظر يثير الحزن والأسى، بل ينبئ بنتائج ستكون كارثية.
على حافة نهر الوند، جلست امرأة طاعنة في السن اتشحت بلباس كردي أزرق وفوقه كنزة، وإلى جانبها جلس شيخ بسروال أسود وكنزة ملونة، يتطلعان في الماء، ويمضغان خبز العسكر الصلب أسمر اللون الخاص بالجيش العراقي. وأمست لهما قصة سأرويها في مناسبة أخرى.
وغادرتُ المدينة على عجل ملتحقاً بأرتال القطعات الزاحفة على مدينة كيلان غرب التي تقع شرق القضاء المنكوب.
بعد أيام شاعت قصة بين القطعات، وأؤكد هنا أني لستُ شاهداً عليها بل رواها لي أكثر من مصدر، وهي قصة تواترت بشدة في تلك الأيام العصيبة.
نائب ضابط من أحد منتسبي الفرقة الثامنة ومأمور حانوت وحدته، اعتاد أن يعطي بعضاً من بضاعة الحانوت إلى بيوت في قصر شيرين. في إحدى الليالي، عاد متخفيا إلى أحد البيوت، حيث كانت تعيش امرأة كهلة، ومعها ابنتها البالغة من العمر 15 عاماً. قرع باب البيت، وقدم لأهله هدايا من طعام وصابون وما شاكل، ثم طلب شاياً من الأم، وحين ذهبت لإعداده ، هاجم ابنتها، واغتصبها بقوة السلاح. وحين عادت الأم، عاد واغتصب البنت أمام أمها بقوة السلاح.
في اليوم التالي، مر قائد الفرقة الثامنة بسيارته المرسيدس التي تحمل علم العراق وعلم الفرقة، وتوقف أمام بيت تبكي على بابه امرأة وضعت على رأسها ووجها وحلاً وطين وهي تندب بصوت عال. ترجل الجنرال من سيارته، واقترب منها يسألها عما جرى، فروت له ما فعله بابنتها العسكري العراقي، وتولى مترجم يرافقه ترجمة كل ما قالت. ثم سألها عن اسم العسكري، فقالت له (...)، ولا تعرف عنه غير أنه يدير دكاناً في الفرقة الثامنة!
عاد القائد، وكلّف فصيل أمن الفرقة بجلب كل مأموري حوانيت الفرقة للتحقيق الذي تابعه شخصياً. وسرعان ما عُرف الجاني وجرى توقيفه. فرفع الجنرال الهاتف، وكلّم صدام حسين شخصياً وروى له القصة، طالباً منه البت فيما ارتكبه هذا العسكري بحق المراهقة الإيرانية. بعد دقيقة صمت أمر صدام حسين بإعدام المعتدي، أمام باب بيت الضحية.
عصر ذلك اليوم، قامت حضيرة من انضباط الفرقة بإعدام نائب الضابط المذكور بعد ربطه على شجرة تواجه بيت الضحية، وبحضورها وحضور أمها مع جمع من منتسبي الفرقة بعد تلاوة التفاصيل عليهم.
لا أدّعي أنّ القصة صحيحة، وقد تكون كذلك فهي متواترة، ولكن يمكن أن تكون الحقيقة بالاحتمالات التالية:
*كل القصة مصنوعة لتأكيد عدالة صدام حسين وسيفه البتّار بحق المعتدين.
*نائب الضابط المذكور، قد طوّر علاقة من نوع ما مع البنت أو مع أسرتها، وقد وشت به أجهزة الأمن وأجهزة الحزب، فأعدموه ليكون عبرة للآخرين.
*قصة صُنعت بأمر أجهزة اعلام وأمن صدام حسين، بقصد ردع من تسول له نفسه الاعتداء على المدنيين.
*قد تكون القصة صحيحة وحقيقية.
ملاحظة: هذا فيديو وزعته وكالة الأبناء الفرنسية عن دخول القوات العراقية إلى قصر شيرين يوم 8 اكتوبر 1980. إن لم يشتغل، خذه كوبي، وضعه على النت أو على يوتيوب للمشاهدة:
https://www.youtube.com/watch?v=TU4zOEEeQ-4
*هذه الوقائع، مشاهدات في حرب السنوات الثمان التي أؤكد على تسميتها "قادسية صدام" لأنّها حربه وحده. أنقل اليوميات كما عشتها وعاشها أغلب ذكور العراق المكلفين بالخدمة الإلزامية ضباطاً وجنوداً ومراتب. بعضها شهدته بنفسي، وأخرى رواها لي بأمانة شهود عيان.



#ملهم_الملائكة (هاشتاغ)       Mulham_Al_Malaika#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات عراقي- ضربات نقيب شملان*
- الزوجة الجميلة - لعنة مستحبة تتقدم عليها العشيقة!
- قيلَ وقالَ وكثُرَ السؤال!
- الثمانينات في الذاكرة العراقية- ما لا يعرفه عراقيو الألفية ا ...
- العراق البريطاني والعراق الأمريكي
- عن الرؤساء الخالدين والجنود المجهولين
- الأكثرية والأقلية - تبادل أدوار بملابس دامية
- 8 شباط - بديهيات قتلت عبد الكريم قاسم
- أين اليسار عن حشود المهاجرين إلى أوروبا ؟
- رغم الدماء مازال العراق العراقي فتياً !
- الحرب على نادية الأيزيدية الفائزة بجائزة نوبل
- بعد قرن من ثورة أكتوبر، أين تقف حرية المرأة ؟
- علم العراق- لواء الوطن أم بيرق الوهم؟
- صديقي أسعد ورحلته من البصرة إلى القمة
- وداعاً للهوية الحمراء فالناس تريد الاشتراكية
- آسو براون الإيرانية الألمانية التائهة !
- بعد قرن على ثورة أكتوبر، ماذا تحتاج الشيوعية؟
- -الرئيس- ومسدس الريس
- الزعيم ومسدس الزعيم
- الحب اليساري والحب اليميني


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ملهم الملائكة - يوميات عراقي - عذراء قصر شيرين