أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة// تهنئة














المزيد.....

قصة قصيرة// تهنئة


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 6286 - 2019 / 7 / 10 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


تهنئة
في قلب المدينة النابض بالحياة، كان كل شيء يأوي إلى قرينه، المصابيح الصفراء تغازل بيضاوات يحلن الحياة إلى نهار أبدي، الحافلات، اصطفّت في مرائبها يحدّ بعضها بعضا، لا حركة للطيور في الفضاء البهيم، كل الأعشاش تشتعل دفئا و حنانا، صافرات الحرّاس الليليين تناغي إحداها الأخرى، كأنها ابتلعت كل الأضواء، ثم تحاول أن تطلقها على دفعات بأوقات منتظمة، الشوارع صارت تتزيّن و تستعد لاحتواء حفلات تودعها بالتّزمير و التطبيل إلى شوارع أخرى، التلفاز هو الأخر ينقلب فجأة مدينة للحب و الغزل و الهيام.
الناس كل في شأنه، يزيح الجمع من حوله بالانصراف إلى غايته، الابتسامات ترتسم على الوجوه رغم محاولة سرّيتها و خصوصيتها.
الحياة تمطر أحداثا رغم هدوئها الظّاهر، ليس هناك حجر يئن من وحدة، المدينة كلها تعمل على وتر الديمومة، و شخوصها يعيشون لحظاتهم بلا تردد.
في ليلة عيد ميلادها، ترى القمر أكثر قربا، أشعاره تنزل على نوافذها المفتوحة، فيعتصر نفسه ليسيل حبّا و حنانا، تتعطر بقارورة امتلأت ذات ليلة من رحيق اسمه، البيت يعبق بشذاه لا غيره أبدا، التّهاني تصلها من كل بقاع المعمورة، تبحث فيها عن تهنئة واحدة، غرقت في رسائل الهاتف دون جدوى، تفقّدت منشورها على التواصل الاجتماعي، لا أثر لإطلالة اسمه و رعشة تجدّد أنوثتها و تجعلها أصغر من عمرها بعشرين عاما، تذكرت كيف كانت أمها تسمّي القمر، له عندها تسميات كثيرة، الآن، تتذكر (مؤنس الغريبة) إنها غريبة في العالم كله، إنها قريبته وحده، لكن أين هو، أليس الأَولى أن يكون بقربها، فكلمة واحدة تكفي، مثل الأغراب أيضا تفي، هي سوف تجعل منها صرحا آخر و شكلا يزهو، عليه فقط أن يقول:
- كل عام و أنت بخير.
هذه تختلف عن كل من قالها، وقعها له ترجمة أخرى، وحدها من يفقهه، الهاتف يومض، قطعا ليس هو، الرسائل تتوافد، شكرا لكم جميعا!!!
نثرت ورودا و قلوبا على المهنّئين في منشورها على صفحتها الشخصية، و عين على الإشعار الوارد.
الحياة في المدينة بدأت تشعر بالملل، استلذّتِ النعاس، بدأ كل شيء بالأفول، غفت المدينة على وسادة الأحلام، يخرج الفرسان مدججين بقوافي الغرام، يخطفون الحبيبات من براثن الانتظار!
النهار يستعجل الظهور و الأحلام تحاول السبق و البقاء في ليل يجعل الحياة أكثر صدقا من الواقع.!
غفت و هاتفها يشكو نفاد البطارية، لكنها تتجاهل نداءه، و تلح أناملها تتساءل إن كان قد مر بجوارها و حيّا، عبثا، فعطره لم يثمل ثمالتها بعد.
غفت، استسلمت إلى عالم الأحلام، تنتظر خروجه بحصانه الذي سيردفها خلفه في لحظة عشق، لم يظهر فارسها.
رأته هناك، ليس واضحا تماما، مثل أبطال الأحلام، يحاولون أن يخفوا وجوههم، و لا أحد يعرف السبب، رأته هناك، في خيمة كبيرة، تحيطها الصحراء من كل جانب، الحياة فيها قصيرة جدا، أبيات شعر و قهقهات و مجاملات و استلطاف، حياة باهتة، سمعت ضحكاته المجلجلة على طرائف سمجة لفتيات مدعوات لحفلة أنيقة، سمعت أشعارا و توثيقا لذكريات، سمعت أحدهم يذكّره بعيد ميلادها، لكنها لم تسمع إجابته، فقط رأت اللامبالاة على محياه، ثم سمعته يكتب بصوت عال تهنئة لصديق، لم تكن لها.!
فزعت من نومة مرتبكة، مدت يدها لهاتفها، كان منطفئا، يشبه انطفاء جذوة حب.
عماد نوير



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراك
- قصة قصيرة جدا// علاقة
- قصة قصيرة جدا// متابعة
- قاص من بلادي... قراءة في نص قصّصيّ (ملاذ)
- قرار// قصة قصيرة جدا
- القصُّ و الأسلوب الجماعي/ قراءة في نصّ قصّصيّ
- قصة قصيرة جدا// قدر
- قصة قصيرة جدا// كشفٌ
- قصة قصيرة جدا/ تجسّد
- متلازمات
- قاص من بلادي
- لكل ذكرى.. كتاب
- الحضور الديني في النص الأدبي/ قراءة في ققج
- ترتيب مشاعر
- حتما ستصدّقين
- خلود
- قصة قصيرة/ مقاومة
- اللهجة المغاربية بين الغرابة و القرابة.!
- أياد جمال الدين: يحق لرجل الدين ما يحق لغيره!
- وسيم يوسف/ يؤكد وسامته و ينكر أخلاقه


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة// تهنئة