أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال الصالح - المسيحية الصهيونية















المزيد.....

المسيحية الصهيونية


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 6285 - 2019 / 7 / 9 - 20:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المسيحية الصهيونية

العهد القديم ، ليس كتابا مقدسا لليهود فقط وإنما هو يشكل مع العهد الجديد الكتاب المقدس للمسيحيين بكافة اتجاهاتهم وكنائسهم . من المعروف أن قراءة أي نص ديني يخضع لآليات عديدة أهما المجال المعرفي الذي يحدد طرائق التفسير ومن ثم الأفق المعرفي والثقافي والسياسي للقارئ أو المفسر، وبما أن المجال المعرفي والثقافي والسياسي يختلف من قارئ إلى آخر فكان لا بد من تعدد التفسيرات والتأويلات للنص الديني، أي نص ديني. والتوراة بشقيها هو نص ديني بالنسبة للمؤمنين المسيحيين ولذلك تعددت قراءاته وتأويلاته مما نتج عن ذلك تعدد في الاتجاهات والتيارات والكنائس المسيحية.
تعتبر الكنائس المسيحية بما فيها الأرثودوكسية الشرقية والكاثوليكية وحتى البروتستانتية بشكل عام، أن رسالة المسيح جاءت استمرارا للرسالة اليهودية وأن عهد المسيح هو عهد " إسرائيل الجديدة"، ولا تعطي لليهودية أو بني إسرائيل أي دور في القصد الإلهي لمستقبل البشرية.
من بين صفوف الكنيسة البروتستنتية نشأت أصوات تصر على حرفية قراءة النص التوراتي وخاصة الفصل العشرين من سفر "رؤيا يوحنا اللاهوتي" وتعتبر أن جزءا لا يتجزأ من الايمان المسيحي ،هو الإيمان بالمسيح المنتظر أو الظهور الثاني للمسيح المخلص للبشرية الذي سينقذ العالم من أعداء المسيح ويشيد مملكة الله على الأرض وعاصمتها الروحية القدس، و عند ذلك يعم السلام على الأرض ،حتى نهاية الزمن.
يعتقد هؤلاء أن الله اختار اليهود لهذه المهمة عندما وقع معهم في سيناء الاتفاقية الإلهية، وأنه من واجب كل مسيحي أن يساعد ويعجل في عودة زمن المسيح المنتظر بمساعدة اليهود في العودة إلى الأرض المقدسة .ولقد اعتاد الباحثون على تسمية هذه الجماعات بالمسيحية الصهيونية.
ظهرت المسيحية الصهيونية كتيار واضح الفكر بين البروتستانت في القرن السادس عشر في أوروبا وخاصة في هولندا ومن ثم في القرن السابع عشر في انجلترا . في عام 1587 تم حرق الداعية فرنسيس كيت لأنه أعلن أنه وجد في التوراة إثباتات تدل على أن الله قد كتب لليهود العودة إلى الأرض المقدسة وأنه على المسيحيين مساعدتهم في ذلك . في عام 1607 أصدر توماس برجتمان في سويسرا كتابا بعنوان " الظهور الثاني" شرح فيه أن الله قد عقد مع بني إسرائيل اتفاقية وأنه لا يمكن التملص أو الهرب من هذه الاتفاقية: أن الله اختبر بني إسرائيل في عدة محن وفي النهاية وبناءا على مشيئة الله فإن اليهود سيعودون إلى الأرض المقدسة من أجل التحضير لعودة المسيح المنتظر وإنشاء مملكة الله على الأرض حيث سيعم السلام على البشرية. بنفس الاتجاه كانت كتابات إسحق دي لا بيري ( 1594-1676 ) الذي حذر المسيحيين من محاولة إجبار اليهود التحول إلى المسيحية، لأن اليهود وليس غيرهم من سيحمل رسالة الله ومشيئته وعلى المسيحيين مساعدتهم في ذلك .
في القرن الثامن عشر كان الفكر المسيحي الصهيوني جزءا من "حركة التغيير" المسيحية، ولقد اشترك في دعم هذا الفكر كل من رجال الدين ورجال السياسة. قسيس مدينة بريستول الانجليزية توماس نيوتون أعلن أنه على المسيحية أن تعيد تقيمها لليهود وأن تنظر لهم " كشعب اتفاقية الله" الذي اختارهم من بين كل الشعوب لتحقيق مشيئته. وكان لتعاليمه تأثيرا ملحوظا في الأوساط البروتستانتية كما تأثرت به بعض الأوساط في الثورة الفرنسية و في موجة التنوير زمن نابليون.
خلال القرن التاسع عشر أخذت الأفكار المسيحية الصهيونية تتلاقى مع رؤى كثير من رجال الدين اليهود مثل هيرش و ألكالاي ممثلي فترة ما قبل الصهيونية السياسية والذين هيئوا التربة الصالحة لظهورها. ولقد لعب كثير من الشخصيات السياسية المسيحية دورا في تهيئة هذه التربة. مثلا تشارلز هينري تشيرشل الذي عمل دبلوماسيا في السفارة البريطانية في دمشق كتب رسالة إلى المحسن اليهودي موسيس مونتيفيور يقول فيها" أن أمر عودة اليهود إلى الأرض المقدسة سيكون سهلا جدا إذا قرر اليهود أخذ الأمر بأيديهم بالإضافة إلى الدعم والعون الذي ستقدمه لهم الدول الأوروبية الكبرى . ومن شخصيات ذاك الوقت المعروفة التي لعبت دورا مهما في بلورة المسيحية الصهيونية هو وليام هيتشلير ( 1845-1931 ) الذي كان قسيسا في السفارة البريطانية في فينا وكان على صلة وثيقة مع يهود الامبراطورية النمساوية ومع مؤسس الحركة الصهيونية هيرتسل. لقد قضى هيتشلر ثلاثين عاما من عمرة في تهيئة الظروف الفكرية والسياسية من أجل تحقيق الحلم الصهيوني بعودة اليهود إلى فلسطين وإقامة الدولة اليهودية فيها. لقد أعلن أن أسعد أيام حياته هو يوم دعي للاشتراك في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل-سويسرا عام 1897 ولا يعتبر سرا أن المسيحية الصهيونية الأنجلو سكسونية قد ساعدت مساعدة كبيرة في تهيئة الظروف لقبول وعد بلفور المشهور عام 1917.
لم تكن المسيحية الصهيونية تيارا طاغيا في المسيحية ولا حتى في الكنيسة البروتستنتية. الأحداث التي جرت في ألمانيا أثر استلام النازية للسلطة وطرحها لسياسة " الحل النهائي " للمسألة اليهودية وما تبع ذلك من اضطهاد لليهود أعطى دفعة قوية لهذا التيار في العالم الغربي والأمريكي. وبعد قيام دولة إسرائيل هجر إليها عدد كبير من القساوسة والنشطاء من أجل دعم بناء إسرائيل والعمل على جذب حب ودعم العالم المسيحي للدولة اليهودية. و كما رأت المنظمات اليهودية المتطرفة في انتصار إسرائيل عام 1976 على أنه إشارة إلهية ببدء عصر المسيح المنقذ كذلك رأت المسيحية الصهيونية في هذا الانتصار إشارة من الله لكل المسيحيين المخلصين أن يدعموا اليهود ويساعدوهم في مهمتهم من أجل استقبال المسيح المخلص الذي سيبني مملكة الله على الأرض ويخلص البشرية.
من أهم الرموز التي لعبت دورا رئيسيا في هذا النشاط هو القسيس الهولندي وليم فان دير هوفن والذي كان معروفا منذ منتصف السبعينيات في الأوساط الاسرائيلية والبروتستنتية الأصولية. تقوم أفكار فان هوفن على قاعدة أن الله اختار اليهود من أجل حمل رسالته والتحضير لعودة المنقذ المسيح المنتظر، من أجل قيام مملكة الله على الأرض وحتى يعم السلام على العالم، ولذلك فعلى المسيحيين أن يقوموا بواجبهم في مساعدة اليهود في العودة إلى الأراضي المقدسة من أجل تحقيق رسالة الله. لقد أخذ فان هوفن على اليهود العلمانيين، مثل حزب العمل الاسرائيلي، بأنهم لا يعوا تماما الرسالة الإلهية التي فوضهم الله بتحقيقها، كما انتقد بشدة الحكومات الاسرائيلية التي عقدت اتفاقات سلام مع العرب وتنازلت بذلك عن جزء من الأرض التي وهبها الله لهم . كما انتقد اتفاقات" أسلو" ودعا الحكومات الاسرائيلية لسماع صوت الرب وليس صوت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وكان يعلن أنه على اليهود أن يعوا أنهم ليسوا ككل الشعوب التي تأخذ القرارات المصيرية بناءا على الظروف الواقعية، اليهود هم شعب الله المختار ولهم رسالة إلهية وبناءا على ذلك يجب أن يتصرفوا، وكان يعلن في خطبه أمام المسؤولين الاسرائيليين " نحن أكثر صهيونية منكم." .
لقد اعتبر فان هوفن العرب كفره، لأنهم يقفون ضد الرغبة الإلهية، ويعلن: إذا كان العرب لا يفهمون طبيعة الله ورسالته المقدسة التي وكلها لليهود فلا مكان لهم في فلسطين ويجب طردهم منها". لقد توجه إلى العرب المسيحيين ودعاهم الأخوة في الدين ورجاهم أن يعوا معنى الرسالة الإلهية التي يقوم بها اليهود وأن يدعموهم في تحقيق رسالتهم بكل الوسائل.
فان هوفن يحقد حقدا عميقا على الاسلام والمسلمين ولا يعترف بالإسلام دينا سماويا، ويعلن أن الله هو رب العرب فقط الذين عبدوه قبل الاسلام وأن الله الحقيقي هو رب إسرائيل كما أنه لا علاقة أبدا بين المسلمين وبين التراث الابراهيمي أو النبي إبراهيم وإنما يحاول المسلمون أن يتطفلوا على إبراهيم والتراث الإبراهيمي. ودعا إلى إزالة الاسلام لأنه عقبة في طريق عودة المسيح المنتظر، وهو يعتقد أن إله إسرائيل سيقوم ،قبل أن يبعث المسيح المخلص بتحطيم أركان الاسلام وإزالته من الوجود.
عندما اشتعلت حرب الخليج كان يدعو و يصلي أن تكون هذه نهاية الاسلام والمسلمين وكتب في منشوراته أن صدام حسين مرسل من الشيطان وأن المسلمين هم أعداء المسيح وهدفهم منع عودته، ولا يمكنهم فهم الرسالة الربانية المقدسة التي فوض الله اليهود بها. كما دعا إلى إزالة الحرم الشريف وكل المعالم الاسلامية من القدس وبناء الهيكل الثالث .
لقد وجه فان هوفن انتقادات لاذعة لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تضغط على إسرائيل من أجل التنازل عن بعض أراضيها للعرب ، كما انتقد بشدة عدم دعمها الكافي لإسرائيل سواء المادي أو السياسي أو العسكري ووعد بتعويض إسرائيل كل ذلك من قبل أصدقاءها في العالم .
سميت المجموعة القريبة من فان دير هوفن والمتأثرة بأفكاره بمجموعة" فرع شجرة اللوز" ( ألموند تري برانش) ، و لقد قامت الجماعة بكل الوسائل المتاحة بالدعوة إلى الأفكار المسيحية الصهيونية والتي ترتكز كما مر معنا على أفكار فان هوفن بدعم اليهود في العودة إلى صهيون ومساعدتهم في تحقيق الرسالة الإلهية بالتحضير للمسيح المنقذ المرتقب. قام نشطاءها بكتابة المنشورات وطبعها وتوزيعها وإقامة المحاضرات وعرض الأفلام التي تدعم هذا التوجه كما قامت بجمع التبرعات من أجل مساعدة اليهود في العودة إلى الأرض المقدسة " أرض صهيون ".
عندما أعلنت إسرائيل سنة 1980 ضم القدس الشرقية واعتبار القدس بكاملها الشرقي والغربي عاصمة أبدية لإسرائيل رأت المسيحية الصهيونية في ذلك فرصة لتطوير نشاطها فقامت وبناء على أفكار فان هوفن وتحت قيادته بتشكيل " السفارة المسيحية العالمية" . لقت لاقت هذه السفارة ترحيبا ودعما من كل فروع وتيارات المسيحية الصهيونية، وفي عام 1985 وبمناسبة الذكرى الثمانية والثمانين لتأسيس المنظمة الصهيونية العالمية وبدعم وتمويل من هذه السفارة عقد في بازل في سويسرا مؤتمرا صهيونيا تكلم فيه المؤتمرون من جملة ما تكلموا عن ذنوب المسيحية والمسيحيين عبر التاريخ ضد اليهود "شعب الله المختار" وكيف أنه آن الأوان للتكفير عن هذه الذنوب بقيام المسيحيين بواجبهم الديني بدعم عودة اليهود إلى صهيون ومساعدتهم في تحقيق مشيئة الله بإقامة مملكة الله على الأرض . منذ تأسيس هذه السفارة وقف على رأسها إلى جانب فان هوفن مجموعة من المسيحيين الصهاينة من نشطاء الكنيسة البروتستنتية من مختلف بلاد العالم ، ورغم عدم ظهور فان هوفن في المقدمة وإعطاء الانطباع بأنه ليس إلا ناطق متواضع باسم السفارة، إلا أنه لا أحد يشك بأنه هو الزعيم الروحي والفكري للسفارة. يقف إلى جانب فان هوف عدد من الشخصيات منها يوهان موكهوف و الأمريكي تيم كينج و الفنلندية الدكتورة " أولا يرفيليهت" والتي كانت عضوا في البرلمان الفنلندي والمعروفة بميولها الرومانسية نحو إسرائيل، وتقوم بإلقاء المحاضرات التي تنتقد فيها موقف الكنيسة المائع من الصراع العربي الاسرائيلي، وتدعو العالم المسيحي لدعم اليهود وإسرائيل دعما صريحا بدون حدود، وكذلك الأمريكي دفيد بارسون ،الذي تخرج عام 1986 من كلية الحقوق في جامعة ويك فوريست وعمل عدة سنوات كمستشار لأعضاء الكونغرس الأمريكي المؤيدين لإسرائيل، ومن خلال وظيفته هذه صاغ عدد من الوثائق القانونية التي تدعم السياسة الخارجية المؤيدة لإسرائيل، وهناك كذلك القسيس مالكوم هيدنج من جنوب أفريقيا ،وغيرهم.
أحد أهم الأهداف التي وضعتها السفارة نصب عينيها هو لفت أنظار كل المسيحيين " المخلصين" للاهتمام بإسرائيل ودعم المصالح الاسرائيلية فقامت من أجل هذا الهدف بفتح فروع في مختلف أنحاء العالم واستطاعت أن تنشئ فروعا لها في كل من الولايات المتحدة الأمريكية و في معظم بلدان أوروبا الغربية مثل فنلندا، الدانمرك، ،النرويج، السويد، هولندا ، سويسرا، ألمانيا، وانجلترا، كما التفتت إلى أوروبا الشرقية فأنشأت فروعا في روسيا وفي الجمهورية التشيكية، كما استطاعت أن تخترق بلدان أمريكا اللاتينية الكاثوليكية، وتقوم بطبع ونشر منشورات وصحف بلغات كل تلك البلاد تشرح فيه أفكارها وأفكار زعيمها فان هوفين، وتدعو إلى تشجيع هجرة اليهود إلى إسرائيل كما تدعوا إلى دعم المصالح الاسرائيلية بكل الوسائل المتاحة. كما تقوم بتنظيم الرحلات إلى إسرائيل حيث يحدد للزوار الأماكن التوراتية التي يجب زيارتها وخاصة تلك التي ترتبط حسب رأيهم بتاريخ إسرائيل في فلسطين، كما يقوم نشطاء السفارة بعقد لقاءات ومحاضرات ودروس للزوار من أجل تنويرهم بأهداف وأفكار السفارة وتهيئتهم لكي يكونوا دعاة نشيطين في بلادهم للقضية الاسرائيلية. إلى جانب كل ذلك تقوم بجمع التبرعات من كل أنحاء العالم من أجل دعم القضية اليهودية والمصالح الاسرائيلية.
لقد اختارت السفارة عيد ( تابيرناكوله) (سوكوت) التوراتي ليكون عيدها الرسمي، ومنذ عام 1979 يعقد هذا العيد في سبتمبر من كل عام في مدينة القدس ويأتي إليه آلاف من أعضاء وأصدقاء السفارة من كل أنحاء العالم ويدعى إليه القيادات الدينية والسياسية ورجال الاعلام الاسرائيليين، ومن الرجالات الاسرائيلية المعروفة التي احتضنت هذا العيد رئيس بلدية القدس السابق تيدي كوليك . تقام في هذا العيد المهرجانات الخطابية حيث يشرح فان هوفن أفكاره ،ودعوته لجميع اليهود في العالم أن يعوا رسالتهم الإلهية ويسارعوا في العودة إلى الأراضي المقدسة. كما ترتب السفارة للزوار لقاءات وزيارات للأماكن " التوراتية" وتطعمهم ،خاصة الجدد منهم، بأفكار المسيحية الصهيونية ليكونوا دعاة لها في بلادهم ،و في نهاية العيد تجري مظاهرة من الزوار وغيرهم في شوارع القدس ،تنتهي في "حمام السلطان" الذي بني زمن العثمانيين كخزان ضخم للمياه والذي أعيد بناءه ليكون مسرحا مفتوحا. يحمل المتظاهرون اثنى عشر علما لتدل على أسباط اليهود الاثني عشر، وترفع اللافتات المكتوب عليها بكل من اللاتينية والعبرية " المسيح المنتظر" .
منذ نهاية الثمانينات ركز فان هوفن كل طاقته من أجل كسب التحالف مع الأصوليين المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية، وقام من أجل هذا الهدف برحلات منظمة إلى معظم مدن أمريكا دعا فيها إلى دعم المسيحيين للقضية اليهودية. فوجئ فان هوفن أنه يوجد في أمريكا عشرات الجمعيات المشابهة والتي تقوم على دعم المصالح الاسرائيلية والتي استعدت للتعاون معه في سبيل الهدف المشترك ولكن رفضت الانضمام تحت لواءه. لقد توجت السفارة بزعامة فان هوفن نشاطها عام 1992 بعقد مؤتمر لدعم إسرائيل حضره إلى جانب السفير الاسرائيلي، شخصيات أمريكية معروفة بدعمها لإسرائيل كرموز منظمة " ايباك " المعروفة بدعم المصالح الاسرائيلية وأحد أهم أعضاء اللوبي الاسرائيلي السيناتور "جيسي هيلمس" والقسيس " خريسويل" المعروف بصداقته وعلاقاته باليمين المتطرف في الجنوب الأمريكي ، ولقد انتهى المؤتمر بمسيرة كبيرة في شوارع واشنطن، ولقد جرى تغطية المؤتمر والمسيرة من قبل كبريات الدوائر الاعلامية المقروءة والمرئية.
مع كل ما قام به فان هوفن في الولايات المتحدة فأنه وصل إلى نتيجة مفادها أن منظمته في الولايات المتحدة ليست إلا واحدة من عشرات المنظمات البروتستانتية التي تؤمن باليهود كشعب الله المختار و وبدوره في حمل مشيئة الله بعودة المسيح المنتظر و تعمل على تأييد وحماية المصالح الاسرائيلية و الضغط على صانعي القرار في أمريكا من أجل توجيه السياسة الامريكية في مصلحة إسرائيل، وأنه رغم الهدف المشترك مع منظمته إلا أن هذه المنظمات ترفض الانضواء تحت مظلته.
سفارة فان هوفن ليست أيضا المنظمة الوحيدة التي تحمل أفكار المسيحية الصهيونية في أوروبا، فهناك منظمات عديدة تختلف أحجامها وتأثيرها منتشرة في مختلف الدول الأوروبية، نذكر منها منظمة القسيس ألف إكمان رئيس الكنيسة السويدية التي تدعى "صوت الحياة" . تصدر هذه الكنيسة نشرة باسم " شعب المستقبل " تشرح فيها أفكار إكمان القريبة من أفكار فان هوفن ومختصر فكره أن الله أراد أن يخلص العالم ولهذا الهدف اختار شعب الله المختار " شعب إسرائيل" المتمثلين في يهود اليوم . لقد عقد الله مع هذا الشعب اتفاقية بموجبها منحهم الأراضي المقدسة خالصة لهم . ولكن الشعب الاسرائيلي أذنب فغضب منه الرب ثم عفا عنه وأعاد اتفاقيته معه في سيناء وجدد وعده بمنحهم الأراضي المقدسة. اليهود في رأي إكمان هم شعب الاتفاقية ، ولقد اختارهم الله من بين الشعوب من أجل إنقاذ البشرية من جديد وهم قبلوا هذا الواجب. لم تفهم الكنائس المسيحية ،حسب ما يقول إكمان، طبيعة الدور المقدس الذي سيلعبه اليهود فوقفت عثرة في طريقهم والآن على المسيحيين أن يفيقوا من غفوتهم ويخرجوا من الوضع المشوش الذي يعيشون فيه ويقدموا العون لليهود ويسهلوا عودتهم إلى الأرض المقدسة من أجل تحقيق مشيئة الله. يصف إيكمان اليهود بأنهم " شعب المستقبل" الذي سينقذ الانسانية. كذلك إيكمان يرفض الاسلام كدين سماوي ويؤكد أن النبي محمد رفع من شأن الإله البدوي "الله" ليجعله في مصاف الآلهة، ويرفض أن يكون "الله" هو إله إبراهيم وأنبياء التوراة كما يدعي الاسلام. يقول أن الاسلام يخلوا من الرحمة والعفو وهو دين العنف والعدوان والكراهية، ويرفض ان يكون الصراع العربي الاسرائيلي صراعا عرقيا بين العرب واليهود وإنما هو صراع روحي ديني بين شعب الله المختار ذو الرسالة الربانية وبين اعداء الله والمسيح. كما يطالب بهدم المسجد الأقصى وكل المعالم الاسلامية في القدس وبناء الهيكل الثالث، ويقول إذا كان العرب مؤمنين بالله الواحد الأوحد فعليهم أن لا يقفوا في طريق شعب المستقبل، شعب الله المختار ورسالته المقدسة.



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع الذئاب
- العصر الإسرائيلي
- السؤال الذي لم أجد له جوابا.
- الإنسانية في النظام الاشتراكي مقابل النظام الرأسمالي، تجربة ...
- رسالة إلى الله
- كيف عادت كاتكا من الموت
- اللص الفاشل
- خلافة إسلامية ام قبلية عصبية وصراعا على الملك والسلطان
- الديموقراطية الأوربية ماتت ودفنت
- التوراة : الخيال الأدبي في خدمة اللاهوت والسياسة
- الدولة تأكل أولادها، من علامات النزع الأخير للنظام الاشتراكي
- الأعراض المرضية السعودية
- علم بصمة النص وإمكانية تطبيقه على النص القرآني:
- مهمة فاشلة
- المسلمون في أوروبا
- لماذا انقطعت عن الكتابة
- الجد و الحفيد
- حرق القرآن الكريم
- السياسة بين النظرية والتطبيق
- داعش وأخواتها لم تأتيا من فراغ, بل هما نتاج فكر مزروع في وعي ...


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال الصالح - المسيحية الصهيونية