أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - الأدب بين الإسهاب والإطناب والتكثيف والإيجاز














المزيد.....

الأدب بين الإسهاب والإطناب والتكثيف والإيجاز


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 20:48
المحور: الادب والفن
    



 لاشك أن الحياة، بما هي في مفهومها الشامل، إنسان، ومكان، وزمان، في حالة حركة مستمرة، وصيرورة متواصلة ، لا تتوقف ، وبالتالي فأن الحال بأشكاله المختلفة ، اجتماعياً، والإقتصاديا ، وتنمويا، ومكانيا، في حالة تغير دائم، وتطور مستمر، ولا يقف عند هيئة معينة بذاتها ، ليستقر عليها إلى الأبد.

 ولا ريب أن تداعيات حركة الحياة، بسلبها، وايجابها، لابد لها أن تنعكس على حياة الإنسان، وصيرورتها باعتباره، الكائن المعني بالتعايش، والإعمار، والمستفيد المباشر، من كل إيجابيات حركة التطور، على النحو الذي يواكب حاجاته المتجددة، ويمكنه من إشباعها، والتماشي مع جدلية علاقته بالوجود، وبكائناته المحيطة به .

 ولما كان الإنسان كائناً مرهف الحس، خصب الخيال،شجي الوجدان،فإن تعامله مع حركة الحياة، بجدلية متشابكة، أمر  لامناص منه ، حيث تتجسد تلك الجدلية، من بين الكثير من تجلياتها ، بالشعر، والأدب، والفنون بشكل خاص ، والتي لا يمكن
لفيوضات تلك التجليات الإنسانية،أن تكون شيئا جامدا، ومنفصلا، عن ارتباط الوجود الإنساني بالحياة أبدا .

ومادام الإنسان يعبر عن تفاعله مع واقع حركة الحياة، من خلال معايشته تحولات مرئياتها ، بالشكل الذي ما فتئ يهز وجدانه، ويوقد مخيلته، فإنه لابد له أن يعبر عن هذا التفاعل المتألق، بإبداعاته الأدبية بصور شتى، شعرا، او نثرا، حزنا، او سرورا، ترحا او مرحا، أو غير ذلك من أوجه التعبير السايكولوجية، او الإجتماعية .

وما دام الأمر كذلك، فلا ريب أن اتجاهات الأدب، تتغير هي الأخرى، بتغير توجهات الإنسان طبقاً لشكل رابطة العلاقة بينه وبين بيئة حياته ،حيث غالباً ما يكون الأدب وسيلة تعبير عن مشاعره في تفاعلاتها الوجدانية، مع لحظة حركة الحياة .ولأن الإنسان يحرص دائماً، على أن يكون التطور في الحياة لصالحه، فلابد أنه يحرص على توظيف الأدب لصالحه، ووضعه في خدمة المجتمع أيضاً ، وبالتالي فإن الأدب لن يكون أدبا محضا، متجردا من جمال الفن المحسوس، أو المستقرأ،في كل مشاهد حركة الحياة، وشواخصها،ولاسيما عندما يتفاعل معه الحس المرهف في اللحظة .

وربما يتمظهر هذا المعطى، وبمثل هذه الكيفية ، بشكل أكثر وضوحاً، بالتحولات المعاصرة في حياة إنسان اليوم، وذلك بفعل التطور التقني، والعلمي، والصناعي، والرقمي الراهن، المتسارع، والهائل، الأمر الذي جعل إنسان العصر يعيش في دوامة اضطرابات نفسية، واجتماعية، وثقافية، بعد ان غادر حياة الفطرة ،والعفوية،والبساطة، وابتعد عن نقاء البادية، وفضاءات الطبيعة،إلى صخب المدينة، وضوضائها، بل إنه بات يعيش أعباء اكتضاض تداعيات التطور، حتى في بيئة بؤر المجمعات السكنية الريفية الكبرى، الأمر الذي إختزل عنده روح التأمل، وعطل عنده إلى حد ما، حس التفاعل مع بهاء المكان، وايحاءات الطبيعة، وفرض عليه التكيف قسراً، مع مستجدات العصرنة، بأفقها المفتوح في كل الاتجاهات.

 ولعلنا لا نجافي الحقيقة، عندما نقول ، ان المتلقي اليوم، لم يعد لديه الوقت الكافي، ولا الرغبة اللازمة، لتلقي النصوص المسهبة، ولذلك فإنه بات يفضل تلقي المقالات المختصرة، والكتابات الموجزة، ما دامت تمده بنفس المعلومة، وتفي بالغرض، حيث يلاحظ من خلال الاطلاع على مقالات الكتاب في الجرائد، والمجلات، والمواقع الإلكترونية، ومنشورات المتصفحين في الفيسبوك، جنوحهم بشكل واضح نحو الاختزال، والإيجاز، والتكثيف، في كتابة، وإبداع النصوص، التي يقومون بنشرها في أغلب الأحيان.

كما يلاحظ في ذات الوقت، ان المتصفحين من المستخدمين، أخذوا نفس المنحى في التكثيف والاختزال، في الرد، والتعليق على نصوص تلك المنشورات، عندما أصبحت  غالبيتهم ، تميل إلى مجرد الإعجاب، او التفاعل فقط، باستخدام ايقونات الإعجاب، بأشكالها المعروفة، تاركين خلفهم أساليب الإطناب، والإسهاب.

ومع أن الإيجاز من أساليب البلاغة في اللغة العربية، التي تعكس الإبداع، والتميز ، بما يعنيه من قلة الألفاظ، الدالة على معاني كثيرة، حيث حاز الأسلوب على الثناء، ونال الإعجاب، باعتباره مناط اقتدار الكاتب في ابداع نصوصه ، حتى قيل في ذلك المنحى ،(خير الكلام ما قل و دل)، إلا أن قصر الإبداع عليه، وإبطال استخدام الاطناب، والإسهاب، او الإقلال من استعماله بشكل ملحوظ، ربما يعكس نضوبا واضحاً، وقصورا بائنا، في قدرات الكاتب على الإبداع.

وإذا كان هذا الأمر قد انعكس سلبا على مختلف جوانب حياة الإنسان المعاصرة، الثقافية، والاجتماعية، ليتخلى بالتدريج عن إبداع، وقراءة النصوص المسهبة، بما يمكن أن تتضمنه من صور متعددة ، ومعاني مضافة، وليكتفي بإنشاء، وتلقي، النصوص الأدبية، والمقالات القصيرة،فإنه يبدو ان هذا الملحظ، قد أصبح بشيوعه، وموضوعيته، ثقافة عصر .



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة تهافت الجيل الجديد من الشباب على التقليعات الحديثة
- نزعة الحنين إلى الماضي هروب وجداني من ضجيج العصرنة
- الأديب إبراهيم المحجوب.. ومناقب الكرم عند آسية الضاحي في نظم ...
- الشيخ مطلك الصالح الحسن الحمادة.. وإعداد القهوة العربية أيام ...
- أخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي
- الشاعر احمد علي السالم أبو كوثر.. والهيام في الموصل الحدباء
- الأديب إبراهيم المحجوب..موهبة متوقدة وحس مرهف
- الشاعر أبو يعرب.. يسح دمعا رثاءا وثناءا
- المرأة نصف المجتمع.. واذن فالحياة ليست رجلاً فقط
- تقنية متمركزة النشأة أفقية الإستخدام
- عباس حمدان خلف .. بين الحب والحنين والشقاء والأنين
- أسعار سوق النفط دالة في أكثر من متغير
- الشاعر أبو يعرب.. جدلية الرثاء والاطراء في مرثية آل زويد
- يضيق فيك المدى.. وتراتيل وجع الشاعر حسين اليوسف الزويد
- الجولان محتلة نعم.. ولكنها أرض عربية سورية
- العراق وصناعة النفط والغاز.. كتاب مرجعي قيم يستحق التنويه
- تيسير القرآن للذكر
- دور الإشراف التربوي في النهوض بالعملية التعليمية
- القهوة العربية في الموروث الشعبي.. تقاليد التقديم وآداب التن ...
- التأويلية الحداثية للقرآن الكريم.. بين معيارية المعرفة الإسل ...


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - الأدب بين الإسهاب والإطناب والتكثيف والإيجاز