أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ليندا كبرييل - حوار في الأديان في حمّام مقطوعة مَيْتو 3















المزيد.....

حوار في الأديان في حمّام مقطوعة مَيْتو 3


ليندا كبرييل

الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 20:45
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


أرجو من القارئ الكريم التفضّل بالاطلاع على المقال الماضي وما قبله لربْط الأحداث . في ملحق هذا المقال تجدون الرابطين وشكراً.

الموضوع يتناول جدالاً حاداً بين مجموعة من الأجانب، حول عقبات الاندماج الثقافي التي تُواجِه الإنسان في بلاد الغربة، وما تشهده أوروبا من رياح التغيير الشديدة مع تدفُّق الهجرة.


كلنا على شارلي !

اسْتأذنتْ السيدة الماليزيّة في الكلام ثم قالت بأدب جمّ :
ــ عفواً .. هذه المناقشات العبثية سمعناها كثيراً من الجناح اليميني المتطرّف، وأرى أنها استغرقَتْكم حتى نسيتم أننا نشارككم البلاء والأزمات كلما اشتدَّ ساعِدُ الإرهاب عليكم وعلينا أيضاً . بدأنا الحوار بالحديث عن عقبات الاندِماج الثقافي التي تُواجِه المُهاجرين في بلاد الغربة، وإذا بنا نصِلُ إلى اتِّهام الإسلام بالتطرّف.
ــ مَنْ جَرَّنا إلى هذا الكلام ؟ الزميلة الصومالية .. كأنها تتقصَّد ذلك!
ــ مهْلاً زميلتي، ألَا تروننا نخرج في مظاهرات مندِّدة بأفاعيل الرعاع الحقيرة ؟ ألا ...
قاطعها صوت ناعم :
ــ نعم نراكم . ترفعون شعارات في مظاهراتكم من نوعيّة ( كلنا شارلي )، فإذا عدتم إلى بيوتكم انقلبتْ إلى ( كلنا على شارلي ).
فوجّهتْ الماليزية كلامها باتجاه الصوت :
ــ يا حضرة المعترِضة : نحن نستنكر بكل قوة هذه العمليات الإرهابية، ديننا دين العدل والرحمة ولا يمكن أن يكون إلا دين السلام، وشعاره الأول في التحية وفي الحياة : السلام عليكم، أفلا تفكِّرون؟
أجابتْها ذات الصوت الناعم :
ــ بلى .. أنا فكّرتُ، فوجدتُ تناقُضاً مُذْهِلاً ؛ فَمِن أقصى التسامح والعدل مع المختلفين في زمن الضعف، إلى أقصى العنف والقسوة في الأمر الإلهي للمؤمنين بمُقاتلتنا في زمن القوة!
تبايُن يُحَيِّر العقل فعلاً، وتناقُض جاء في نفس الكتاب الذي تؤمنون بتطبيق أحكامه حرفاً حرفاً ! أيّهما نصدِّق : إله التعذيب والإذلال، أم إله الرحمة والحنان ؟ لغة الحرب أم لغة السلام؟
ردَّتْ الماليزية وعيناها مُفعمتان بنظرة الودّ :
ــ المؤمن يا سيدة يحْمِل أمانة نشْر دين الله بالأمر بالمعروف بِلُغة السلام، والنهي عن المُنكَر بلُغَة النصْح والإرشاد، وإلا فقِتال الدفاع لمنْ يُعادي الدين وأهله ..
ــ لكن إسبانيا والبلاد المفتوحة في الشرق كانت مُسالِمة، أهلها لم يصلوا إليكم لِمُقارعة الإسلام وأتباعه حتى تدافعوا عن أنفسكم بالقتال، أنتم منْ اعتدَى وظلمَ!
ــ دعيني أتابِع ولا تقاطعيني من فضلك ..
أما العذاب الإلهي فهو للخائنين مِمَّنْ كذَّب الرسُل، لِمنْ يُشيع الفاحشة، للزناة، للربوِيين، لِآكلي الأموال الحرام، للغارِقين في أوحال المادة ومُزَيِّني وسائل اللهو، للعابِثين بأمن المجتمع كهؤلاء المجرمين الذين نرفض أعمالهم ونستنكرها .... أظنّ أن كل الديانات توصي بالابتعاد عن الشرور والسيئات وتنذِر بالقصاص، ولا يتفرَّد الإسلام بتهديد الضالّين.

فَوَالله لَنثأرنَّ ! ولَتفتحنَّ روما إن شاء الله !

علا صوت السيد الألماني قائلاً :
ــ إن كنتِ كمُسالِمة تستشهدين بآيات المودة والتقوى وبنصوص التعايُش السلمي، فأنت لا تستطيعين مَنْع الآخرين من انتقاء العكس من نصوص الترهيب في نفس الكتاب الإلهي.
فأجابتْه الصومالية :
ــ المُعتدون على الأبرياء قَتَلة، وباء على العقيدة مُشوِّهون لِصورة الدين المُسالِم، يشْهدون ويصيحون ( الله أكبر ) لتبرير جرائمهم .. أفّاقون انتهازيّون، يسعون إلى منافع مادية بِدَعْمٍ من جهات سياسية خارجية لا تخفَى عليكم.
رفع الصقر الألماني يده سائلاً :
ــ لماذا تشُكِّين بإيمان هؤلاء البشر ؟ أليسوا مؤمنين مثلكم بنفس كتاب الله، ويستندون في سلوكهم إلى تراث مقدَّس ساهَمَ فيه علماء وفقهاء وخلفاء وسلاطين ؟ فيه يجِدون الهدى والنور لأعمالهم التي تعتبرينها الآن إجراماً وتشْويهاً ! ألا يُصلّون إلى القبلة ؟ ألا ينطقون بالشهادتين مثلكم قبل كل عملية انتحارية طمعاً بالشهادة لِنيْل نعيم الجنة ؟ اسمعوا ما يقوله أمير الدولة الإسلامية، أم أنّ في آذانكم طَرَشاً؟
بسطتْ السيدة الناعمة كفّيها وبدتْ كأنها تحاور نفسها وتساءلت :
ــ هل الله عاجِز فيحتاج إلى جهود عباده على الأرض لِعقاب ناكِريْ شرعِهِ ؟! هل يُحاسبنا على ما قَسَمَه لنا، وقد كان بإمكانه وهو القادر على كل شيء أن يجعل البشرية على دين واحد؟
هزّتْ السيدة الماليزية رأسها وعلامات الإشفاق بادية على وجهها وقالت :
ــ يؤسفني حقاً أن أسمع أن لك ابناً قد أصيب إصابة بالغة في عملية إرهابية، الحمد لله على نَجاته . نحن يا سيدة ندين هذا الإجرام، ومرجعيّاتنا الدينية لا تُقصِّر في إصدار بيانات استنكار هذه الحوادث الدموية، المُرتكَبَة بِحقّ إخوة لنا في الإنسانية.

وجدتُ نفسي طوال الجلسة أرْدعُ نفسي عن المشاركة في الحوار، لكن الخبر الصحفي المؤلِم الذي قرأْناه بالأمس القريب، عن قَطْع رأس شاب في الشمال السوري لأنه جاهَرَ بمسيحيته، وقبله تفجير كنيسة في مصر، وذبْح أقباط في ليبيا تحت عنوان " رسالة مُوقَّعة بالدماء إلى أمة الصليب "، وما لا يُحْصى من الأحداث المهولة في العالم، كل هذا دفَعَني إلى المشاركة.

رفعتُ يدي طالِبة المداخلة . قلتُ للسيدة الماليزيّة :
ــ بالتأكيد يُحسَب لكم شخصياً التنديد بالإرهاب ومُناهضته، إنما هذا الموقف لا يُحسَب للإسلام ؛ فالقتل لم يتوقّف رغم استنكار علمائكم المتواصِل . تكتفي المؤسَّسة الدينية بعد كل واقِعة بإدانةٍ ذات قالب جاهز، بالقول إن الأزهر لا يقرّ القتل والحرق فهما من الكبائر، وأن الوطن قادر بعون الله على دَحْر جماعات الجهل التي تستغلّ النزعة الدينية لدى العامة، لِزَرْع أفكارهم التكفيرية عبر فَهْم خاطئ للدين بوعود الجنة وحور العين، وأن الإسلام من تلك الأفاعيل بريء، والله سيَرُدّ الفاسِقين مخزِيّين.
ــ وأين الخطأ في هذا الموقف الرائع المُشرِّف؟
ــ إلى متى سنظلّ نسمع عبارة ( الفهم الخاطئ للدين ) ؟ أيّة جهة دينية يُناط بها مسؤولية وَضْع الضابط أو المقياس، الذي به نعرف الدين الصحيح من الدين الخاطئ أو المَدْسوس؟
هناك عشرات الهيئات الدينية غير الرسمية قد اخترقتْ احتكار الأزهر للموقف الرسمي، تتباينُ ردود أفعالها حول قضايا تثير الجدل، وتشكّل قلقاً عظيماً للمجتمع الدولي ؛ فإذا سمعنا من مؤسسة دينية رسمية تنديداً بحادثة القتل على أنها جريمة ضد حقوق الإنسان، سمعْنا تأييداً للجريمة من مرجعيّة أخرى تُنافسها في الزعامة الدينية، على أن الواقِعة جهاد وفريضة من حقوق الله !
بين منطق حقوق الإنسان ومنهَج حقوق الله، يُهدَّد الإنسان وتُسْحَق كرامته ويُذبَح.
ــ مصير الإرهابيين والمُحرِّضين على العنف، النار والعذاب.
قلتُ متعجِّبة :
ــ ولكنهم يعتقدون أنهم يُلبّون بإخلاص أوامر دينهم ويُرهِبون أعداء الله .. ألا يمكن بِفَضْل الحج أن يمحو الله الغفّار خطاياهم وإفراطهم في العنف، إنْ تابوا توبةً نَصوحاً؟
ــ هذا حقّ الله، هو الذي يعاقب وهو الذي يغفر ولا اعتراض لنا.
أجبْتُها مُدافِعةً عن رأيي ما وَسِعني الدفاع :
ــ وأين حقّ الإنسان على الأرض ؟ أين القانون الذي به يَسترِدُّ المظلوم حقوقه المهدورة في الدنيا؟
قالت الماليزية بلغة الأتقياء وهي تُغمِض عينيها :
ــ إن الله سيُوَفّي أجْرَ الصابرين على شدائد الدنيا ومصائبها بغير حساب، فتكون لهم الجنة وجوائزها.
ألْجمَني منطقٌ مُفْعَم بالثقة والاطمئنان . فقلتُ بعد لحظات :
ــ عفواً، أحتاج إلى قوة كبيرة لِردْع شكوكي في حقيقة مواقفكم ؛ نحن المُبْتَلين اسْتَغثْنا بالله الجبار، طمِعْنا في نَجْدته لِيتدخَّل مباشرةً بذات جلاله على الأرض، وليس عن طريق عباده المُتصارِعين .. رَجَوْنا حضور المُجيب بذات عظمته لِيردع فوراً المُنحرِفين عن نهجه السلميّ، عمّا يقترفونه من إرهاب باسمه، وعقابهم *( في الدنيا والآخِرة وما لهم من ناصرين )* لكي يُحقِّق عدله الإلهي في الدنيا وليس في الآخِرة فَحَسْب كما ذكر في وَحْيِه المقدس .. أليس الله قادراً وإذا أراد شيئاً قال : كنْ فيكون؟
ما العمل إذاً وشيوخكم لا يستطيعون لَجْم الإرهاب، ولا الله يستجيب لدعاء منْ جعلهم كافرين، ولا لصلواتكم أنتم أبناء دينه المُفَضَّل؟
أجابت الماليزية :
ــ إن الله يمهل ولا يهمل، ولا يتأخر وعْده بِعقاب منْ ظلمَ وتجبَّر، يصبر عليه ولا يعاجله، فإذا حان الوعْد أخذه قصاص أليم.
ــ هذا حقّ الله كما ذكرتِ قبل قليل، أما على الأرض فليس أمامنا إلا طريقة واحدة للخلاص : أن ننصاع كلنا لسلطة القانون الوضعي الذي يضمن حقّ كل البشر، ويساعد كل فرد منا على الدفاع عن نفسه، فيُحاسَب المجرِم، والمُحرِّض على الجريمة، ومنْ يُغذّي الجريمة .. ويبقى الحساب الأخير على الله.
إن الإرهاب أصبح أكثر قسوة وشراسة وأشدّ جُموحاً وأعْظم فظاعةً تحت نظر الله والشيوخ والعالم !
قالت السيدة الماليزية بأسف :
ــ الحقيقة أن شيوخ الفضائيات يتحمّلون مسؤولية تفسير الدين بشكل لا عقلاني، وإصدار فتاوى تحرِّض على كراهية المختلفين وتضرّ بالعقيدة.
ــ لكنكم يا سيدة لا تسْتنكِرون، وأضيف أنكم لا تعترضون على تجاهُل مؤسساتكم الشرعيّة، أن المناهج التعليمية تزخر بفَقْه التطرُّف، والقائمون على هذه المؤسسة يعلمون تماماً أن الفضائيات والمواقع، تعجّ ببرامج تَزْدهر فيها فتاوى غريبة لا إنسانية لشيوخ معروفين، ينشرون فيديوهات يتعمَّدون فيها تَسْفيه العقائد الأخرى والاستهزاء بها، ويُديرون ندوات يركِّزون فيها على الاختلافات بين الأديان، وإقناع أتباعهم في الوطن وفي المهْجر بأن الجهاد ضد أعداء الله، فَرْضٌ على المؤمنين التمسُّك به بأمر قرآني صريح يُنذِر الكافرين بالعذاب المُريع على الأرض، *( يُقاتلون الكفار ويعذِّبهم الله بأيديهم )* ، حتى الإخوة الشيعة يتناولونهم بالنقد المرير وهم على نفس دينهم !
تلك الفضائيات تَحْظى بمشاهدات عريضة واسْتحسان كبير من الشارع الإسلامي وخصوصاً في المهجَر الكافر، فقَوِيَت شوكتها، حتى فقدَتْ المؤسسة الدينية مقدرتها الفعلية على لَجْم العنف المُسْتَشري في العالم.
عادت السيدة وقالت بلهجة متبرِّمة :
ــ جماعات الضلال يخدعون الأغرار من شباب فقدوا الأمل في مستقبل واعِدٍ وسيطر عليهم اليأس، لم يعد لديهم ما يخسرونه لِيَقَعوا ضحايا الفكر المتشدِّد.
ــ هذه مشكلة مُتشابِكة تُسأَل عنها الجهات القائمة على التعليم الديني، والحكومات، والتدخلات الدولية، والمصالح العالمية، ولكن علينا أن نعالج الأسباب الحقيقية المتعلِّقة بنا قبل أن نرمي بالتهمة على الأجنبي.
قالت السيدة الماليزية بلهجة من ضاقَ من النقاش :
ــ ضَعي التدخلات الأجنبية برأس القائمة.
أجبتُها :
ــ ليس هناك رأس وذيل للقائمة، الأمور مُلخبَطة، ما دام الدين مُتداخِلاً بالسياسة فلا حلّ ولا تقويم لهذه العاهات . نحن يهمّنا الآن مواقف الجماهير : ماذا تسمع وكيف تفكّر ؟ الطالب وماذا يقرأ ؟ المُشاهِد وكيف يتلقّى الجرعات القاتلة للإنسانية من فضائيات الشيوخ مُحرِّكيْ الفتنة، مُبارِكيْ عمليات الإرهاب والمُهلِّلين للفوضى .. إنهم يُسيئون إلى الدين أكثر بكثير من الملحدين ومُهاجِميْ الإسلام !
ــ لا أنكر أن المشكلة حاضرة، لكنكِ تُضخِّمينها.
ــ وهل المثقفون والصحفيون من ذوي الأصوات العاقلة، والغَيارَى على العقيدة يُضخِّمونها ؟ لقد عبّروا بوضوح عن قلقهم من الموقف المتردِّد للمؤسسة الرسمية، حول تكْفير الإرهابيين ومُثيري الفتنة، خَشْيَة أن ينال النقد من الشريعة القرآنية التي ورد فيها أحكام مُقاتلة الكفار، أو الأحاديث الشريفة عن إثارة الرعب في قلوب المشركين . موقف علماء الدين هذا قد دفَعَ قامات مثقفة محترمة من أهل الدين ذاته، لِحثّ المؤسَّسة الرسمية على إصلاح المناهج التعليمية، وحضِّها على اتّخاذ التدابير الرادعة.
عجْزُ علمائكم عن حلّ المعضلة يؤدي بهم إلى تفْويض أمْر الإرهابيين لله، الذي سيتوَلَّى حسابهم يوم القيامة وهو الذي يغفر أو يعذِّب .. وتظل حقوق الإنسان مهدورة على الأرض، والقتل شَغَّالاً على قدم وساق !

الحلّ في حوار الطرشان.

ردّتْ ذات الخمار الأزرق وعلى وجهها علامات القرف :
ــ مَنْ هؤلاء ؟! منْ ؟ إنهم أقزام في علوم الدين، وما أبْعَدَهم عن فطاحل أيام زمان، هل تُصدِّقون أنه يؤخَذ عنهم أمور العقيدة ؟ أصبح ادِّعاء التَفَقُّه في الدين موضة .. جيلٌ مغامر جنحَ باتجاه الغلوّ، ثم وجدَ في هذا الطريق وسيلة للإثراء السريع والشهرة والتنفيس عن العقد النفسية ! إلا أن الأزهر يقوم بواجبه خير قيام ؛ فهو يتعقّب فوضى الفتاوى المُشوِّهة للعقيدة لِلتصدّي لها، ويقيم الندوات لِتَوْعية الجمهور حول الإرهاب وتبعاته، ونحن في بلاد المهجر نشارك دوماً في مظاهرات استنكار العمليات الإجرامية، والتعاطُف مع ضحايا لا ذنب لهم.
أجبتُها بشعور منْ فَقَدَ الأمل في انْفِراج الشدّة :
ــ يا سيدة، الإرهاب المُضْطَرِم يَطول الجميع : مع الإدانة ومن غيرها .. ومع مظاهرات التعاطُف وبدونها !
انبرتْ السيدة اليمنيّة قائلة بكل ثقة :
ــ الحل الوحيد في حوار الأديان !
أجبتُها بيأس :
ــ هذا حلّ تَخْديريّ ؛ فالتنديدات الشكليّة، والمظاهرات، وعقْد ندوات توعية، والجهود الدولية الخادِعة، ومؤتمرات حوار الأديان، لا تفعل شيئاً ولم تُحرِّك مثقال ذرة في الأوضاع المُتفاقِمة، والعالم يدرك أنها حركات لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر ما دامت العقول مُسَيَّجة بالمقدس.
أخذتُ نَفَساً عميقاً ثم نظرتُ باتجاه التيار المُعارِض وتابعت :
ــ وأما مواقف التنديد : الشعبية والرسمية، المعتدلة والمتطرفة، فهي ليستْ استهجانِ القتل في جوهره، وليست شَجْب التهديد والتعذيب في صميمه .. وإنما استِياء أو احتجاج لا أكثر، على سلوكٍ بشع ظالم صادر من منحرِفين ارْتكزوا على النص المقدس.
الفارق بين الموقفين كبيـــــــرٌ كبير !

صرخت ذات الخمار الأزرق بِتشنُّجٍ وعصبية :
ــ هيّا .. هيا لِنُلْغِ الدين من الحياة، ولْنَعْمَلْ على نشر الرذائل ؛ اشْربوا الخمر، أبيحوا الإجهاض، شرِّعوا الدعارة وتبادل الزوجات والشذوذ وزواج المثليين والربا والأكل الحرام ...
قاطعتُ السيدة بصرامة :
ــ لا تُقوِّليني ما لم أقلْه، وأرجو ألا تُسيئي فهمي أو تُحرِّفي مقصدي .. أنا لا أدعو إلى إلغاء الأديان من حياتنا، ولا يستطيع أحد في الوجود أن يشْطبها من الحياة مهما ملكَ من القوة والجرأة ومهما برعَ طَعْناً وتشكيكاً فيها، فالأديان ما زالت توفّر الطمأنينة الروحية، وتشكِّل عامل توازن نفسي لِلإنسان ..
ولكني أقول : إذا كان الدين قد لعب دوراً هاماً في تكوين فكر البشرية في مرحلة طفولتها، فإن معطياته لم تعد قادرة على تلبية متطلبات الحياة العصرية وتحدّياتها ؛ فما نعلمه أن المجتمعات في تطور وحركة مستمِرَّيْن ومتبدِّلَيْن أبداً، والدين ثابت، مصدره إله ثابت أزليّ . ولا تنْسي من فضلكِ أن المخزون المقدس يصبُّ في مصلحة أتباع هذا الدين بالذات، وليس في صالح الأغيار .. فهل نستطيع في عصر التحدّي العلمي والتكنولوجي، أن نعتبر القوانين الدينية منطلقات صالحة لخدمة الإنسان ومنفعته؟
إذا كانت الأحكام الإلهية ثابتة لا اجتهاد فيها ولا تخضع إلى التجربة والاختبار، فكيف نثبت جدواها للإنسان؟
قالت السيدة المبحوحة :
ــ إذا تدخّل الدين في السياسة فلا قيامة للإنسان . شخص واحد إذا امْتلكَ السلاح واستند إلى الدين، يمكن أن يقلب العالم رأساً على عقب، فكيف لو عرفنا أن هناك جماعات وهيئات ومنظَّمات دينية وكلها مُسلَّحة ؟
ردّتْ سيدة الخمار بصوت ظهرت نبرة الضيق فيه :
ــ عجباً .. لا أحد فيكم يأتي بسيرة المسيحية العنيفة !

يتبع

للمراجعة :

حقوق الإنسان لا حُلول عباد الرحمن!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=642117


أنُدافِع عن مُهَيِّجيْ الفِتَن باسم حقوق الإنسان؟ 2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=642476



#ليندا_كبرييل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنُدافِع عن مُهَيِّجيْ الفِتَن باسم حقوق الإنسان؟ 2
- حقوق الإنسان لا حُلول عباد الرحمن!
- لحظة أسطورية في حياتي: تسونامي اليابان 2011
- الأديان من برّا هلّا هلّا ومن جوّا يعلم الله !!
- لا حياة لمَنْ تنادي، وأنت تنفخ في رماد
- اتّحادٌ فوَحْدة فمُتوحِّد في واحِد وَحيد
- جاوزَ الكفّارُ الأمْرَ، فحقَّ علينا الأمَرّان الأحْمران !
- الحوثيّون يستنفرون لِسلْخ البهائيين والمسيحيين
- اعترفوا يرحمكم الله أن أخلاقنا بلا أخلاق! 3
- هل اليابان حقاً يابانُ بِفضْل أخلاقها ؟ 2
- هل اليابان حقاً يابانُ بِفضْل أخلاقها ؟
- كأني موسى الناجي من ظلم فرعون !
- ورحلتْ مينامي في التسونامي
- زوروني .. حرام تنسوني بالمرة..
- طار صواب المتديّنين، وظلّتْ ( هاراجوكو ) متألقة !
- النفس البشرية ؛ في انتصارها وفي انكسارها.
- الضمير الذي لا ينام : الأحلام.
- لِيحْتفِظْ بوذا بجنّته لنفسه !
- الإقصاء، أشدّ الأحاسيس قسوة
- رُماة النِبال إذا تنكّروا في صورة النبلاء !


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - ليندا كبرييل - حوار في الأديان في حمّام مقطوعة مَيْتو 3