أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد كشكار - اليوم مساءً، تعرّضتُ إلى عملية تحيّل في العاصمة














المزيد.....

اليوم مساءً، تعرّضتُ إلى عملية تحيّل في العاصمة


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6284 - 2019 / 7 / 8 - 04:08
المحور: كتابات ساخرة
    


نزلتُ اليوم مساءً من حمام الشط إلى تونس لأشتري لبنًا لكسكسي الغداء. وصلتُ محطة برشلونة ولَبَنِي في نهج المنجي سليم. استقلّيت "لوّاجًا" صفراءَ اللونِ (سيارة أجرة جماعية، ليست تاكسِي). وصلتُ ساحةَ TGM. دفعتُ للسائق 500م، أجرةَ النقلِ. طلبَ 200م أخرى. ناولتُه 5 د، وأرجع لي الباقي. أحسستُ أن النقودَ ليست كالنقودِ. نزعتُ نظارات الشمس، وضعتُ نظارات الطب، تفحصتُ باقيَّ، فوجدتُ أن بعضَه نقودًا مزيفةً. نويتُ الاحتجاجَ، نزلتُ ودُرْتُ حول "اللوّاج" الصفراء لأكلّم السائق، فاكتشفت أن السائق ليس هو السائق الذي غشني، و"اللوّاج" بيضاء وليست الصفراءَ التي نقلتني منذ حين. دلّني السائق غير المعني على السائق المعني، فقصدتُه مباشرةً لكي أطالبَه بحقي في نقودٍ غير مزيفةٍ. وجدتُه رجلَ أمن أسمرَ البشرة مُهابًا، يحثُّ بثباتٍ خطاه نحو مركز الشرطة المجاور لمحطة "اللوّاجات". رمقني وتجاهلني. تبّعتُه إلى بابِ مقرّ عمله. نزلَ الدرجَ وكأن المركزَ يقع في سردابٍ، ووجدتُ جميع الشاكين يحدّقون النظرَ إلى تحتٍ. انضبطتُ أرقبُ مثلهم من علٍ. فكرتُ في تقديم بلاغ ضد مَن غشني، لكنني وبسرعة البرق عن فكرتي تراجعتُ خوفًا من انتقام زملائه، قلتُ في أعماقي، ربما يحتجزونني في "التخشيبة" ليلة بكاملها، ثم قررتُ مغادرةَ المركز فاكتشفت فجأة أنه كان لي "ساكْ" يرافقني وقد سُرِقَ مني في المركز، "ساكْ" فيه كيلو "ﭬوتة". حمدتُ الله أن محفظتي التي في يدي لم تُسرق مع "الساك" التي لم تكن في يدي، محفظةٌ فيها أوراق سيارتي وأنا سبق لي وأن بعتُ سيارتي منذ عشر سنوات. سألتُ أحد المارة عن نهج المنجي سليم فقال لي: "ليس بعيدًا ولا تحتاجُ إلى لوّاج تنقلك إليه". وعند انتقالي من TGM إلى شارع بورﭬيبة، نزلتُ سلمًا حديديًّا طويلاً "ﭬَدْ صوم العام" وفي آخره وجدتُ نفسي في البلاد العربي وليس في شارع بورﭬيبة والليل بدأ يطيحُ، فقررتُ العدولَ عن شراء اللبن، وصممتُ على المرواح ولو دون اللبن "الرايبْ". وعند مغادرتي لـ"البلاد العربي" قاصدًا برشلونة عبر "البلاد السوري"، اعترضَ طريقي خندقٌ طويلٌ عميقٌ، ذكّرني بِصِبايَ وخنادﭬ الواحة القديمة بجمنة، خندقٌ عليه قنطرة وحيدة، سمّوها "قنطرة الغواني" وأصبحت حالتُها "حْوِيلَه" من دَوسِ أقدامهن، يشتغلنَ عندما تنامُ الشمس. كل مَن كان حواليّ في الطريق نساء، مُسِنّات شمطاوات، يلتحفن السوادَ ويحثثن الخطى على رنّة الشيشخان. عَبَرْتُ إلى الضفة الشرقية، ثم بادرتُ إحداهن بالسؤال عن الاتجاه الذي يجب عليّ اتباعه نحو محطة الأرتال الجنوبية، ضيّعتُ البوصلة، "كَشَّتْ" في وجهي قائلة أنّ لها موعدٌ غراميٌّ مع عشيقها وليس لها وقت لتدلني، ثم واصلت طريقها غير عابئة بحيرتي. عايرتُها بكلمة جارحة تخدش الحياء، كلمة يحدفها عادةً الرجل ضعيف الحجة في وجه امرأة قوية الحجة، ومرادفها في اللغة الفصحى هو "بائعة الهوى". سمعتْها، رجعتْ أدراجَها وتسلحتْ بحجرٍ، تسلحتُ بمثله، قَرُبَتْ فبان سحرها الأربعيني بعد أن كنتُ أراها من بعيدٍ شمطاء، العيبُ في قِصرِ النظرِ، راقتْ لي ورقَّ قلبي لها، قالت: "أنتَ لا تعرفُ كم ضحّيتُ لأحافظ على حبيبي وكم انتظرتُ موعد عشيقي الذي ينتظرني على نار، وأنا ذاهبة إليه أستعجل الخطى كمن يمشي على الجمرات"، فهوى حجرانا على الأرض من شدة الهوى. هي قصدتْ حبيبها وأنا قصدتُ برشلونة. وحتى أتثبت من باقيّ، أدخلتُ يدي إلى جيبي ثم أخرجتُها، وتحت نور كشاف الجوال وجدتُ أن كل الباقي، وليس بعضه، نقودًا مزيفة، ولم يبق لي حتى 850م ثمن تذكرة الإياب من تونس إلى حمام الأنف، وفجأة كالبركان، انتفضتُ في فراشي الوثيرِ، أفقتُ مذعورًا، وقلت بيني وبين نفسي: "سْتَرْ ربي"، لو كان المبلغ أكبر لَمِتُّ في الحلم بالسكتة القلبية كمدًا وحزنًا على ما تبخّرَ مني. إنه كابوس أحلام "غرغور الـﭬايلة الصنـﭬارية".. خسارة فيها "الكْلِيمْ" و"الجرّاية الطبية الهوائية".. أعرف السببْ.. الكل من "البِينْ" الكلبْ!



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توضيحٌ حول تدوينتي الأخيرة التي أثارت سُخط بعض أصدقائي المار ...
- وكما هو الشأن عند الحيوانات، النباتات أيضًا تتأثر بما هو -فو ...
- سيناريو خيالي محتمَل لنتائج الانتخابات التشريعية التونسية ال ...
- ما زلتُ أسعدُ كثيرًا بصحبة علماء -فوق الوراثي- (les biologis ...
- حزب -النهضة- التونسي ومناوئوه اليساريون والتجمعيون؟
- علماء -فوق الوراثي- (les biologistes de l’épigénétique) أنتج ...
- -معجزات- علماء -فوق الوراثي-: مخلوقة فاقدة العينين والنظرْ، ...
- بلاغ نابع من -جواجي- مختص في تعلمية -فوق الوراثي المخي-
- الجديد الجديد في علم -ما فوق الوراثي-؟
- أحدثُ تعريفٍ لعلم -ما فوق الوراثي أو التخلّق- (l’épigenèse)
- هل تخلت كوبا عن الشيوعية في دستورها الجديد (2019)؟
- الديمقراطيةُ، في السياسةِ خيرٌ كثيرٌ، وفي المؤسساتِ شرٌّ كبي ...
- رجاء مواطن العالَم، يساري غير ماركسي
- شاركتُ اليوم صباحًا في مظاهرة لمناهضة التعذيب بمناسبة اليوم ...
- حضرتُ اليوم ندوة فكرية تبحث عن حل اقتصادي للفقراء أقِيمت في ...
- رأيٌ أقنَعني، أراه وجيهًا!
- تفاهةُ أن يكون المرءُ مثقفًا!
- ما هي مصادر النمو الاقتصادي المزيف في تونس، قبل وبعد الثورة؟
- كل تونسي من النخبة هاجر وترك تونس تغرق فقد غرق معها حضاريًّا ...
- قصة واقعية من التراث الجمني


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد كشكار - اليوم مساءً، تعرّضتُ إلى عملية تحيّل في العاصمة