أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبال تيسير الخماش - من أين يأتوننا بهم ؟














المزيد.....

من أين يأتوننا بهم ؟


نبال تيسير الخماش

الحوار المتمدن-العدد: 6283 - 2019 / 7 / 7 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" من الشارع "، هكذا بمنتهي البساطة والتكثيف لخص نائب رئيس الوزراء الأردني السابق - ممدوح العبادي - قصة اصطفاء وزراء في حكومة بلاده. في البداية لم يُفهم كلام العبادي وفق الدلالة السياسية لمفردة " شارع "، التي تحتمل بالأصل عدة معاني، من بينها " التنشئة السياسية" أو الانخراط عمليا في كل شأن له صلة بتشكيل رأي عام أو تهيئة لحالة جماهيرية، فهذه معان أضيفت لاحقا على إعلان العبادي للتخفيف من وقعه في نفوس البعض. ومع ذلك فإن المعنى استقر عمليا في الوعي السياسي الأردني لوجهته التي أرادها العبادي تحديدا، وليس للشروحات أو الاستدراكات اللاحقة، التي لم تكن في الخلفية الذهنية للرجل لحظة إطلاقها، وهي لحظة يدرك كل من شاهدها هذا الكم المشبع من مرارة الشكوى لما يمكن وصفه بـ " الفوضى المنظمة " في اصطفاء الوزراء. وبالمناسبة فإن هذا المصطلح لفظ سياسي قديم، شاع في أوروبا منذ قرون، قبل أن تعيد وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، توظيفه من جديد، وإدخال تعديل عليه ليصبح " الفوضى الخلاقة ".
وفقا للمنافحين عن المعايير التقليدية في الاختيار للموقع الوزاري، فإن المشهد بنظرهم أقرب إلى المصطلح السياسي القديم " الفوضى المنظمة "، ويتعمق هذا الشعور لديهم وهم يرون المهام الأكثر حساسية في الدولة تُسند إلى من هم أقل اكتراثا، وأكثر حظا، والذين كان يطلق شيخ المؤرخين العرب، الراحل عبد الكريم غرايبة، على نظرائهم "حكام ليلة القدر"، من الذين يستقرون في مواضع سياسية أو اجتماعية متقدمة، وهي ذات المواقع التي كانت في مراحل سابقة لا تبلغها أقصى طموحاتهم أو أماني ذويهم، ونتيجة تبدلات عميقة في كيان الدولة يغدو ما كان خارج نطاق التوقعات والاحتمالات أمرا واقعا، ومجالا متاحا. ومن الطبيعي أن يثير هذا الاختلال القوى التقليدية التي أخضعت لعملية تجريد تدريجي من كافة مواطن القوة التي تملكتها فترة غير قليلة. وبالتالي تغدو الشكوى المنبعثة من هذه الشريحة، والتنبؤ دائما بأن الآت منذر بعواقب لا تبعث على الشعور بالاطمئنان، حالة تنسجم مع التغيير العميق الذي تشهده الدولة في أسلوب التعامل مع ركائز مواقع الحكم والإدارة، وأن عملية اختيار المصطفين لشغل هذه المواقع، كانت ضمن ضوابط واشتراطات معينة، تتوافق بالكامل مع الهدف الكبير، والحالة الختامية التي ينبغي الاستقرار الوطني وفقا لمحدداتها.
وبغض النظر عن موقف المعارضين/المتضررين من حالة التغيير هذه، أو من تتملكهم الحماسة في انجاز التجربة والبلوغ بالمرحلة إلى مداها، من المنخرطين مباشرة في عملية التغيير أو المنتفعين منهم، تبقى هناك قضايا عالقة في المنتصف، لا يلمس أثرها سوى المواطن العادي، وهي قضايا مرتبطة عادة بأداء أي من الحكومات. بالطبع هناك وسائل وأوجه عديدة لمعرفة وجهة نظر الرأي العام في الأداء الحكومي بوجه عام وبصورة فنية وربما منهجية، ومؤشرات استطلاعات الرأي وأدوات رصد الانجاز الحكومي، أبرز هذه الأدوات، ومخرجات هذه الوسائل تشير على نحو واضح مدى تراجع ثقة الناس بالجهاز الحكومي وأداء مسؤوليه الكبار، وكان هذا الموقف شديد الوضوح في التقارير والاستطلاعات المتعلقة بالحكومة الحالية، التي جاءت نتائج مواقف الجمهور مها صادمة ومفاجئة، كانت النتائج متوافقة وتتناسب مع حجم الرجاء الذي كان معقودا عليها.
هناك شعور عارم لدى الغالبية أنه غُرر بهم، وأن الحكومة الحالية تستبطن شيئا، وتظهر نفسها بوجه مغاير. ومن أوجه هذا الاستبطان حالة التمييز التي لم يعهدوها - على هذا النحو - من قبل في علاقتهم مع الحكومات السابقة، فالتمييز بين الحكومة والناس حالة آخذة في التجذر، وكذلك في حالة التباعد بين مصالح الحكومة ومدى نجاحها في تحقيق الضوابط والاشتراطات المكلف طاقمها بانجازها على أي نحو من الأنحاء، وبين هيئتها وحالة الإدعاء والحرص المزعوم على إظهار الإجراءات الطبيعية التي من المفترض بأي حكومة القيام بها، وعرض هذه الإجراءات باعتبارها انجازات غير مسبوقة. من هنا كانت الصيغة المثلى في سبيل الموازنة بين الإدعاء والواقع، أن تدخل الحكومة في إبرام ما يمكن اعتباره صفقة غير معلنة بينها وبين الناس فحواها العام، إذا فعلتم ما من شأنه مخالفة التوجه والهدف المحدد، فإن لدينا ما يوازي هذا الفعل ويقابله، وهو منطق درج عدد غير قليل من الوزراء الحاليين على تبنيه.
لعل آخر هذه النماذج تصريح لوزير التخطيط يعلن فيه أن الحكومة لن تفرض ضرائب جديدة في حال التزم المواطنون بالدفع للخزينة ولم يتهربوا ضريبيا. وهو تصريح لاقى الكثير من التعليق والنقد لمضمونه المثقل أصلا بالعديد من المتعارضات التي تحتمل كلاما كثيرا، ناهيك عن ظاهر التصريح وشكله الذي يعبر عن حالة تمييزية تحمل نبرة " نحن " و " أنتم "، " فوق " و " تحت "، وكأن الدولة الأردنية دوائر منفصلة عن بعضها، وحالة من التراتبية يتموضع كل طرف في جهته، وهو منطق قديم لم يعد له وجود إلا في أنماط الحكم الأكثر استبدادا في العالم. إنه الإعلان، وكذلك أشباهه، الذي يكشف حقيقة أن هؤلاء المصطفين، أو نسبة غير قليلة منهم، لم يبلغ وعيهم السياسي بعد المعنى الحديث لمفهوم الحكومة ووظيفتها الحقيقية باعتبارها جهاز لخدمة الناس. ومع ذلك فإن الإعلانات والتوضيحات التي تصدر عنهم، تنظر الحكومة إليها باعتبارها شمس أفكار تذيب أشعتها على نحو تدريجي طبقة سميكة من الجليد تشكلت على جسد الدولة الأردنية منذ آماد بعيدة.
هناك مقولة في فلسفة الحياة والسياسة تقول:" على المرء أن لا يتكلم إلا عن الأشياء التي يكون قد تغلب عليها، وكل ما عدا ذلك سيكون ثرثرة وقلة انضباط "، والواقع المعيشي للمواطنين يكشف أن أحدا من " فوق " لم يتغلب على أي شيء، وأن المتغير الملموس هو في ارتفاع منسوب الضجيج، وتعاظم حجم المعاناة. إنها الحالة التي يتجسد فيها بالكامل حالة عدم الاكتراث.



#نبال_تيسير_الخماش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أين يأتوننا بهم ؟
- متدينون جدا...فاسدون جدا


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبال تيسير الخماش - من أين يأتوننا بهم ؟