الموقع الاستراتيجي لمضيق هرمز ودوره في الصرع الامريكي- الايراني بمنظور الجغرافية السياسية المعاصرة

نظير احمد هلال

الحوار المتمدن-العدد: 6282 - 2019 / 7 / 6 - 23:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يربط مضيق هرمز بين الخليج العربي من جانب وخليج عمان بالمحيط الهندي من جانب اخر, وتطل الامارات وعمان عليه من جانب وايران من الجانب المقابل, يبلغ طوله نحو 100ميل بحري, في حين يبلغ عمقه 100متر, واضيق منطقة في المضيق تلك المحصورة بين جزيرة لاراك وجزيرة كيوان الكبرى العمانية, حيث يصل عمقها نحو 21ميلاً بحرياً, ويصل عرض المياه الاقليمية لكل من سلطنة عمان وايران نحو 15 ميلاً بحرياً, ويمثل المضيق المنفذ الوحيد لعدد من الدول العربية المطلة على الخليج العربي مثل العراق, الكويت, البحرين, قطر, والامارات العربية المتحدة, وهنالك عدد من الجزر المتنازع عليها بين ايران ودولة الإمارات العربية المتحدة ومنها (ابو موسى, وطنب الكبرى, وطنب الصغرى) ولهذه الجزر أهمية استراتيجية كبيرة، من خلال قلة سكانها وكذلك موقعها المتمركز في المنطقة والتحكم في مضيق هرمز، وفي السيطرة على مدخل خليج عُمان وثم المحيط الهندي الى جانب توفر بعض الثروات وخاصة النفط، وتأتي جزيرة طنب الكبرى في المرتبة الاولى من الناحية الاستراتيجية ذلك لكونها تمتلك عمقاً وموقعاً بحرياً ذا أهمية خطيرة وهذا يمثل سبب النزاع بينهما
ويمثل مضيق هرمز اهم المضايق الملاحية في العالم حيث يمر عبره حوالي ثلث تجاره البترول البحرية فالناقلات العملاقة تستخدم الممر الملاحي العميق اي حوالي اكثر من 17 مليون برميل يومياً يمر عبره, ويقدر عدد السفن 80 سفينة يومياً, حيث يسمح عمق المياه بالمرور للناقلات النفطية العملاقة, وتوجد بالمضيق قناتان ملاحيتان تقع القناة العميقة منهما بالقرب من الساحل العماني وهذا لحسن حظ دول الخليج العربي, بينما توجد القناة الاقل عمقاً بالقرب من السواحل الايرانية, ويعترض الملاحة في المضيق بعض الصعوبات نظراً لعواصف المد والجزر والتيارات البحرية القوية والتي يصل تيارها بين 0,4-0,8 عقدة في فصل الشتاء و 0,6- 1,7عقدة في فصل الصيف كما ان الامواج العالية وانعدام الرؤية التي غالباً ما يكون مرجعها الغبار وتؤثر على الملاحة عبر المضيق.
ولا تقتصر اهمية مضيق هرمز في كونه معبراً للتجارة, وحلقة وصل بين اسيا وواربا وممراً استراتيجياً ذا اهمية سياسية ملحوظة فالخليج يزخر بالثروة البترولية وفي جوفه الذي يحوي كنوزاً من الثروات الحية والغير الحية كما تقع على شواطئ الخليج المراكز البترولية الرئيسية لإيران ومعامل تكرير البحرين التي تكرر ثلثي انتاج السعودية من البترول والذي يمر ايضاً عبر مضيق هرمز, وقد بدأت ايران بالاهتمام في هذا المضيق بعد انسحاب بريطانيا منه في العام 1971بما لا يضر مصالحها فيما عبر عنه البعض في ذلك الوقت بأنها تخطيط لخلافة بريطانيا في الخليج وهو اتجاه لم يخفه المسؤولون الايرانيون مستندين في شرعية هذا التفكير ان ايران اكبر دوله على الخليج العربي, وان هذا الخليج لايزال المتنفس الرئيسي لها ومنفذها الى العالم الخارجي من خلال المدن الايرانية على شاطئ الخليج في حوضه الادنى. ان الصادرات البترولية عبر هذا المضيق او ما يتعلق بأنواع اخرى من الطاقة تغذي اوربا واسيا" الصين, اليابان, كوريا الجنوبية, والولايات المتحدة الامريكية, اذ امنه في غاية الاهمية والحيوية فيما يتعلق بالاقتصاد الدولي ككل, والولايات المتحدة تقوم بتأمينه وخاصة منذ سقوط الشاه في ايران 1978 ووضع مذهب الرئيس الامريكي جيمي كارتر في عام 1979عرف الخليج ""بانه منطقة حيوية للمصالح الامريكية ولابد من التفكير بتوظيف واستخدام القوة العسكرية الامريكية هناك بشكل مباشر ضد كل القوى التي تحاول السيطرة عليه"". ان الشكل المورفولوجي المتعرج اي الغير مستقيم لمضيق هرمز سيكون هو ذريعة اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة وايران نظراً لاختراق الحدود الايرانية من خلال هذا التعرجات والتخصرات الغير مستقيمة.
وفي ظل الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وايران في الخليج العربي والتي سيكون فيها مضيق هرمز نقطة الانطلاق لهذا الصراع والذي سيؤثر بشكل كبير على الحركة التجارية والصادرات النفطية لدول الخليج, وتعد الموانئ العراقية التجارية اكبر المتضررين من جراء هذا الصراع والمتمثلة ب(ميناء البصرة (المعقل), ميناء ام قصر, ميناء خور الزبير, ميناء ابو فلوس, فضلاً عن الموانئ النفطية المتمثلة(الموانئ النهرية ميناء المفتية, ميناء الفاو, والموانئ البحرية ميناء العميق او العمية, ميناء البصرة), واغلاق هذا المضيق يعني توجيه الصادرات النفطية للعراق عبر الانابيب الى الجزء الغربي من العراق ومنه عبر سوريا الى ميناء طرطوس او الى الجزء الغربي عبر طريبيل والاردن الى ميناء العقبة, فضلاً عن الانابيب الممتدة الى شمال العراق ومنها الى ميناء جيهان التركي.
اما بالنسبة للدول الخليجية ستضطر الى تصدير نفطها عن طريق البحر الاحمر من خلال الموانئ السعودية التجارية (ميناء جدة الاسلامي, ميناء جازان, ميناء فهد الصناعي, ميناء ينبع التجاري, ميناء ضباء, ميناء الملك عبدالله), وبالرغم من ان تصدير النفط عبر هذه الموانئ امر في غاية الخطورة حيث تتواجد قوة تهدد امن ناقلات النفط وهي موالية لإيران مثل القراصنة الصوماليين والحوثيين, فضلاً عن كون هذه الناقلات تقطع طريقاً طويلاً للمرور من قناة السويس ثم الى مضيق جبل طارق وتتجه جنوباً الى رأس الرجاء الصالح ومنها الى المحيط الهندي وهذه المسافة تزيد على 13000ميل بحري, ان وقوع مضيق هرمز الذي يعد بمثابة عنق زجاجه بالنسبة للخليج في مرمى الحرب الامريكية - الايرانية قد يؤدي الى ارتفاع اسعار النفط عالمياً نظراً لتوقف صادرات النفط الايرانية من جانب وطول المسافة التي تقطعها ناقلات النفط للوصول الى جنوب شرق اسيا.

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات