أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - الكرد وكردستان - الاصل والواقع الراهن (الحلقة الثانية)















المزيد.....

الكرد وكردستان - الاصل والواقع الراهن (الحلقة الثانية)


محمد يعقوب الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 6280 - 2019 / 7 / 4 - 04:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكــرد وكردستان - الأصل والواقع الراهن

كردستان، وطن شعب كوتو الذي تحدّر منه أكراد اليوم البالغ عددهم أكثر من ثلاثين مليون نسمة يعيشون واقع التمزّق القومي والجغرافي والحضاري وأقسى ظروف التخلّف والبؤس والمشرّدين على امتداد القارات الخمس في كرتنا الأرضية من دون أن تكون لهم أية بلادٍ معترف بها أو كيانٍ سياسيّ ثابت ولا أية آفاق مستقبلية في عالم ينكر عليهم حقّهم في معرفة وحفظ وتطوير لغتهم وتاريخهم وحضارتهم بل وحتى أواصرهم الاجتماعية والثقافية والسياسية رغم كفاحهم المسلح طوال مائتي عام متصلة من الزمن لم تزد واقعهم الا خراباً وبؤساً وتدهوراً.

هذا الشعب الذي حاول أن يعيش في أرضه آمناً دون أن يطمع في غزو جيرانه وتوسيع رقعة بلاده على حسابهم، فكانت نتيجة قناعته تلك، البالغة التخلف والبؤس، أن تنازعتْ حكمه واستعباده إمبراطوريات عديدة طوال أكثر من ثلاثة آلاف عام قاسية.
وما ان آذن عصر الامبريالية بالشروق حتى كانت بلاده ممزّقة توزّعتها عدة دول عصرية لم تتّفق على شيء مثلما اتّفقت على كون كردستان خرافةً لا وجود لها وذكرى منقرضة.

ثم ورثت كردستان المجزّأة خمس دول حديثة تعتبر حدودها الدولية أزلية مقدسة لا سبيل الى الشك فيها أو زحزحتها ناهيك عن اقتطاع شبرٍ منها لصالح شعب لا يعترف بوجوده أحد.

في هذه الدول لم يعد ثمّة ما يستحق الصيانة والحماية من قبل الجميع، جلادين ومجلودين، حكاماً ومعارضين، سوى الخرائط التي أقرتها معاهدة سايكس - بيكو الانكلوفرنسية التي وضعت في الأقفاص شعوباً متخلفة تدافع عن أقفاصها تلك بإسم صيانة الاستقلال الوطني وحفظ الوحدة الوطنية، وإن كان لهذا الكلام معنىً ما، فهو يعني أن لا وطن للأكراد الذين يجب أن تبقى بلادهم مجزّأة وشعبهم لا شخصية له ولا كيان.

ويمكننا رسم خريطة تقريبية لكردستان برسم خطّ مستقيم مائل يصل بين مدينة قلعة صالح العراقية (الواقعة جنوب العمارة في محافظة ميسان) والنقطة الواقعة بين مدينتي ديار بكر وملاطية التركيتين، وتحديداً على بعد ثلاثين كيلومتراً الى الشمال الغربي من ديار بكر، ومن هذه النقطة نرسم خطاً يمرّ الى الشمال من مدينة أرضروم التركية ليبلغ مدينة دربند على ساحل بحر قزوين في اذربيجان السوفييتية، ثم نهبط نحو الأراضي الايرانية لنصل قرية شيخ ولي قرب مدينة طسوج الايرانية على الساحل الشمالي لبحيرة رضائية، ونجتاز تلك البحيرة لنبدأ على اليابسة مجدداً من قرية خانقاه على الساحل الشرقي للبحيرة (جنوب مدينة گلوكان في محافظة تبريز الايرانية) ونتّجه نحو الجنوب الشرقي مروراً بمدينة أراك ثم نتوقّف جنوب شرق مدينة شهرضا وسط ايران لنتجه غرباً هذه المرة الى الجنوب من بروجن وايزه ومسجد سليمان وشمال مدينة سوسنگرد (في خوزستان ايران) ولننتهي مجدداً عند قلعة صالح العراقية.

وبكلمة اخرى، فإن منطقة كردستان الجغرافيّة تشمل سلاسل زاگروس الايرانية وأنتي زاگروس التركية وحمرين العراقية ومحافظة القامشلي السورية أضافة الى جزء كبير من اذربيجان الغربية في الاتحاد السوفييتي.

وإذا كان عصر الامبريالية قد حمل الى الأكراد واقع التجزئة ضمن حدود دولية محميّة بالسلاح، فهو قد حمل إليهم أيضاً عناصر الوعي القومي التي لم يعرفوها في الماضي ومَنَح حركتهم السياسية المحدودة وطموحاتهم المبعثرة، ذات الطابع العشائري غالباً، أفقاً واسعاً جديداً تلتقي ضمنه عشائر بهدينان الشمالية والجنوبية بحركات عشائر لُرّستان الممتدة في العراق وإيران، ضمن حدود كردستان الجنوبية، المعروفة في العراق اليوم بإسم الأكراد الفيلية.

وفي مقابل ذلك، حمل عصر الامبريالية للأكراد صنوفاً من الاضطهاد والقهر والقمع الرهيب الذي طال حتى حقيقتهم العِرْقيّة فأُطلق عليهم في تركيا إسم أتراك الجبال وفي إيران الفرس المتوحشين. أما في سوريا والعراق فاعتبروا طويلاً وعلى لسان رجالات الدين الاسلامي من العرب "قوماً من الجن كشف عنهم الغطاء"، ولذا لا زال لدى بعض الطوائف الاسلامية، من العرب خاصةً، اعتقاد عميق بأن التزاوج مع الأكراد مكروه عند الله لأنه يُنجِب ذريةً أقرب الى الشياطين منها الى البشر.

أما النظام البعثي العربي الحاكم في العراق فيُقدّم منحةً ماليةً كبيرة لكلّ رجلٍ عربيّ يتزوّج امرأةً كرديّة فيما يُعرقِل زواج العربية من الرجل الكرديّ، ولهذه الممارسة مغزاها العميق.

وهكذا صار على الأكراد إنتزاع الاعتراف بوجودهم كبشرٍ في ظلّ هذا الحصار الوحشيّ الرهيب. ولذا كان طبيعياً، أيضاً، ضمن الظروف الموضوعية ومستوى التخلف الهائل المفروض على كردستان وشعبها، ألاّ تتجاوز الحركة الكردية المعاصرة آفاق العشائرية والقومية، وقد ضُوعِفت في العقود الأخيرة الحملات الشوفينية العسكرية والاعلامية ضد الأكراد حتى بلغت اعتبارهم كائناتٍ من الدرجة الثالثة أو الرابعة مما يجعلهم مادة مناسبة للاحتقار والهزء والاذلال بلا مبرر ودونما حاجة لوضع أية عواطف أو مشاعر انسانية في الحسبان.

أما عسكرياً، فاستهدفت الحملات إبادتهم جماعياً وبمختلف الأسلحة وبشكل يعمّ قراهم ومزارعهم وحيواناتهم ومستلزمات وجودهم كافة، ناهيك عن تصفيتهم الجسديّة دون أي تمييز بين طفل ورجل أو مقاتلٍ ومسالم.

وطبيعيّ أن من المضحك محاولة الحديث عن حقّ الأكراد في صيانة وتطوير وتدريس لغتهم القومية وحضارتهم وتاريخهم وكلّ ما يشمله ذلك من إقامة المنشآت والمؤسسات الثقافية والحضارية والسياسية التي تشير الى شخصيتهم القومية، بل ان القوى السياسية التي تضطرّ الى العمل والتواجد في صفوف المعارضة القائمة لحكومات الدول المحتلّة لكردستان، والتي لا تجد، غالباً، إلاّ قرى ومناطق الأكراد ملجأً لها فتعتاش متطفّلة على وجودهم، حتى هذه القوى تجد نفسها متطرّفةً جداً حين تُعلن في صحافتها ومنشوراتها، رغم تفاهتها وعقمها وطابعها النفعي المنافق، بتعابير مطاطة عن حقوق الاكراد، فتُطالب لهم، حين تبلغ أقصى درجات تطرّفها وانفعالها، بحقّهم في حكم ذاتي في ظلّ وبإشراف وتحت سيطرة ذات الحكومات المركزية للدول التي تستعبدهم.

وهي في ذلك لا تتحدث إلاّ عن جزءٍ واحدٍ من أجزاء كردستان (كردستان العراق مثلاً) طامسةً تماماً صلته بأجزائها الاخرى، بل ومتجاهلةً واقعَ تجزئةِ كردستان أصلاً، في حين تجد مفردات: العرب والوحدة العربية والامة العربية والشعب العربي والوطن العربي والمصير العربي والتضامن العربي مكاناً لها في أدبيات تلك القوى ذاتها بمناسبة أو دون مناسبة، وكأنّ وحدة العرب هي فحوى رسالات السماء التي حكمت، في ذات الوقت، أن يولد الأكراد أجزاءً وأجزاءً يموتون لا وطن لهم ولا هوية.

ولعلّ من أجمل ردود الفعل التي أبداها بعض فرسان العروبة على صفحات إحدى جرائدنا الوطنية التي تحيطها المملكة البريطانية بالرعاية والدعم، ردّاً على الدعوة الى منح الأكراد حقهم بالتحرّر وحقّ كردستان بالاستقلال، قوله: "ان ذلك أصاب فينا كعراقيين وعرب، تقدميّين أم رجعيّين، قطريّين أم قوميّين، يساريّين أو يمينيّين، أقول أصاب منا جميعاً مقتلاً"... ويصف ذلك التطلّع بأنه "نابع عن الأحلام والتخيّلات ذات المنشأ المرتبط بالتكوين النشاز والفشل المريع والحقد الأسود." (ترى ماذا يعني ذلك كلّه ومن المقصود به!؟)، ويضيف:

"ان حق الأكراد بالاستقلال والتحرّر يطعن في الصميم مجمل المشروع القوميّ العربي، بل ويُجهِض نضال الأمة العربية والاسلامية، ويمكّـِن الصهيونية والأطراف الحاقدة من فرض طروحاتها... ولا أظنّ أن الصدفة هي وحدها التي جمعت بين الفريقين".

* * *



#محمد_يعقوب_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استفتاء -استقلال كردستان-


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد يعقوب الهنداوي - الكرد وكردستان - الاصل والواقع الراهن (الحلقة الثانية)