|
جبهة البوليساريو في مفترق الطرق
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6277 - 2019 / 7 / 1 - 18:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يسبق لجبهة البوليساريو ان تلقت من الصفعات المتوالية ، ما تلقته مؤخرا على صعيد الساحة الدولية . ولعل ان السبب في هذا التراجع الخطير بالنسبة للجبهة ، ولعرابها الدائرة الضيقة في قصر المرادية وامتداداتهم من جنرالات الجيش ، هو تجاوزهم من قبل الاحداث الدولية ، والتطورات الجديدة التي أصبحت تحكم العلاقات الدولية ، والتي أضحت مبنية على المصالح الاقتصادية والسياسية ، وليست مبنية على المبادئ التي سقطت منذ نهاية الحرب الباردة ، وتفكك الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين . ولعل اسطع مثال نقيس به هذا التحول الذي اصبح يتحكم في تحديد العلاقات الدولية ، ان الجبهة لم تكن تتصور يوما ان ردة الفعل للأطروحات القديمة المبنية على تقرير المصير، ستأتي من وسط الشعب الجزائري الذي ضاق درعا بتصرفات قياداته ، التي رهنته لخدمة اجندات لا علاقة لها بالمصالح الخاصة للشعب الجزائري ، ومن هذه القضايا التي ابانت عن فشلها البيّن ، نزاع الصحراء الغربية ، حيث ان الشعب الجزائري لم يتوانى اثناء حراكه من رفع شعار موجه لجبهة البوليساريو ، عنوانه العريض " إ رحل " . كما تجلت ردة الفعل هذه ، في الهيجان الذي ضرب جبهة البوليساريو عندما وصف المعلق الجزائري حفيظ دراجي ، اثناء نقل المباراة بين فريق موريتانيا وفريق انغولا ، بكون الحدود الموريتانية يحدها شمالا المغرب ، وهو نفس الوصف سبق لمعلق تونسي ان تبناه في وقت سابق . ان ما قام به المعلق الجزائري لم يكن مفاجئا ولا مستغربا ، بل هو ما ينطق به الشعب الجزائري الذي لا علاقة له بنزاع استنفد مالية الجزائريين ، ورمى بها في مشروع ومخطط ، فشل فشلا ذريعا على الصعيد الإقليمي والدولي . لقد تطور النزاع منذ سقوط الجبهة ، وعرابها في مقلب الحسن الثاني عند توقيعها على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، في اتجاه تراجعي ، أذبلته السنين التي تجاوزت الثمانية والعشرين ، دون التمكن من تنظيم الاستفتاء التي اوكله الاتفاق الى " المينورسو " ، " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، كما اثر هذا التحول الذي كان مدروسا بجد ، وبفعل الإرهاق والملل والتعب ، انْ أصبحت قيادة الجبهة بممارساتها الذيلية لقصر المرادية ، من اكبر المتسببين في افشال مشروع الانفصال ، بحيث تم تعويض الكفاح المسلح الذي كاد ان يعطي نتائج ، بالنضال الدبلوماسي والسياسي في أروقة الأمم المتحدة ، التي لعبت بدورها بقراراتها التعجيزية ، دورا في افراغ نضال الانفصاليين من مضامين الاستفتاء ، وتعويضه بحل الحكم الذاتي الذي طرحه النظام المغربي في سنة 2007 . وهنا كيف للجبهة ان تفسر ما قالته مؤخرا السيدة فريديريك موگريني الممثلة السامية للاتحاد الأوربي في الشؤون الخارجية ، من انه لأول مرة يتمكن المغرب والاتحاد الأوربي، من ضبط تصور واحد لكل القضايا المطروحة المشتركة ، وبما فيها نزاع الصحراء الغربية . بل كيف للجبهة ان تفسر قيام الاتحاد الأوربي بتجديد اتفاقية الصيد البحري والتجاري والفلاحي ، رغم صدور حكم من قبل محكمة العدل الاوربية بفصل الأقاليم الجنوبية عن مغرب ما قبل 1975 ؟ بل كيف للجبهة ومنها الجمهورية الصحراوية ، ان تهضم قيام دولة ساحل العاج بفتح قنصلية لها بعاصمة الأقاليم الجنوبية بالعيون ؟ بل كيف تشعر الجبهة ومعها عرابها ، بفوز ولد الغزواني حليف المغرب في الانتخابات الرئاسية الموريتانية ؟ وكيف تفهم الجبهة ومعها عرابها ، سحب العديد من الدول التي كانت تناصر الجمهورية ، اعترافها بها ، لتعود مجددا وتعترف بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافها بحل الحكم الذاتي ضمن السيادة المغربية ؟ ان سحب الدول لاعترافها بالجمهورية الصحراوية ، لا يعني كما كان الحال سابقا ، التزام موقف الحياد ، طالما ان القضية هي بيد الأمم المتحدة ، وطالما ان حل الاستفتاء لم يتم تنظيمه ، لتتخذ على ضوء نتائجه تلك الدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية موقفها النهائي من النزاع ، بل اضحى سحب الدول لاعترافها بالجمهورية الصحراوية ، هو اعتراف بمغربية الصحراء ، من خلال تدعيم ومساندة الحكم الذاتي الذي سيمارس ضمن الوحدة الترابية للمغرب . لقد ايدت مجموعة دول أصدقاء الوحدة الترابية للمغرب مؤخرا بجنيف حل الحكم الذاتي ، وهذا التأييد والدعم ، هو اعتراف صريح بمغربية الصحراء ، وليس نهجا لموقف الحياد كما كان الامر يحصل في الماضي . ان الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء هي : العربية السعودية ، الامارات ، قطر ، البحرين ، الكويت ، سلطنة عمان ، الأردن ، جمهورية الكونغو الديمقراطية ، الگابون ، بوراندي ، دجيبوتي ، السنغال ، جمهورية افريقيا الوسطى ، غينيا ، ساحل العاج ، سوتومي ، بركينافاسو ، گواتمالا ، الباراگواي . وقبل هذه الدول التي اعترفت بمغربية الصحراء ، هناك دول أخرى سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وايدت الحكم الذاتي الذي يعني الاعتراف بمغربية الصحراء . ان هذه الدول هي : كلومبيا ، السلفادور ، بوگوطة ، باربادوسة ، الطوگو ، إيرلندة ، المعارضة الفنزويلية ، غينيا ، السورينام ، هايتي ، أنطاريو ....لخ ان جبهة البوليساريو الآن في مفترق الطرق . فإمّا ان تستمر في غيّها ، وعمائها ، وهنا ستستمر في حصد المزيد من الانتكاسات والهزائم ، وهو وضع منذر بقرب احتضارها النهائي ، ودون تدخل عنصر خارجي في هذا الاحتضار ، وإما ان تعود الى المغرب بدون شروط ، ولتنظم الى جانب الشعب المغربي للنضال سويا ، ومن موقع واحد ، لبناء الدولة الديمقراطية التي تتسع للجميع ودون تمييز او تحيز . وآجلا ام عاجلا ، سيتطور موقف النظام الجزائري ، من خلال تأثير الحراك الشعبي الذي يصنع جزائر الغد الديمقراطية ، وستجد جبهة البوليساريو ، نفسها في نفس وضع منظمة " مجاهدي خلق " الإيرانية بالعراق . فعودوا لتضيفوا قيمة مضافة لنضال احرار وشرفاء الشعب المغربي ، بدل المراهنة على حلول أضحت من اطلال الماضي .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟
-
تناقضات النظام المغربي
-
L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
-
في أسباب هزيمة يونيو 1967
-
بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
-
لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
-
La visite du conseiller principal du président Donald Trump
...
-
شروط الإمام المفتي في السعودية
-
عصر الشعوب / Le temps des peuples
-
خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم
...
-
10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال
...
-
جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
-
الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D
...
-
تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
-
ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال
...
-
مسيرة الرباط الثانية
-
الحركة النقابية المغربية
-
الجيش
-
تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال
...
-
تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
المزيد.....
-
مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن
...
-
الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم
...
-
الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
-
التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد
...
-
حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
-
الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
-
ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
-
بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
-
هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
-
وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|