أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - روشيرو















المزيد.....

روشيرو


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 6277 - 2019 / 7 / 1 - 03:48
المحور: الادب والفن
    


في حالات القحط أو اليباب تختصر الأشياء الى مادونها وهذا ما فعله القاص حسين رشيد استطاع ان يختصر تأريخ القحط هذا بمشهد لبلد مدمر ، وانسان محطم ،وبناء مجتمعي مهدم ، وجسور لا تصل الى ضفة ، وإشكاليات تبتدأ ولا تنتهي 0 مختصرة في كلمة واحدة هي ( روشيرو ) و 160 صفحة . هذه الكلمة الساحرة التي لم اجد لها معنى في قواميس اللغة العربية فوجدتها في قاموس حسين رشيد السردي للقصة القصيرة جداً.
فهي ينبوع وعي واحاسيس وتفاعلات مع الواقع والفنطازيا والمهمل والهامشي والتابوهات فيحيلنا الى عوالم سحرية وخلابة مع الذَكر في هيجانه والأنثى في تمردها على نفسها والمجتمع ، فالكاتب يستدعي ام مصطفى ونوال وأم كرار ونجلة ونهلة ليقيم احتفاليته مع الجنس ، انها اللعبة الذكية للقاص التي تخطى فيها الكثير مما اكتنزته اقلام الأسلاف وراوغ مجايليه بتوجهاته الحسية وطريقة القص المغاير وتقنياتها المتنوعة واستدراج النصوص الى منطقة الشعر كون القصة القصيرة جداًقرينة الشعر ، والمفارقة سيدة الومضة ، والتكثيف سمتهما ، والسلاسة من مقومات ما بعد الحداثة فلا غموض ولا إبهام ، فقط تشكيل بمهارة فنان بعيدة عن الغلو في اللفظ قريبة من الوضوح في المعنى جرأة في الطرح خاصة مع التابوهات وأنسنة الأشياء .
انغمست روشيرو في لعبة التجريب في القص وما المتواليات القصصية ( فلمسيوس ، شيمكور ، وطنيوسو، رايندال ، الرب ، جسد ، الرئيس ، تك تك تك ) والمبوبة تحت عنوان ( تحدث معك / ثلاثيات ) ما هو الا الدخول في المنطقة الشائكة . ان هذا التجريب والمغامرة في عالم المتواليات القصصية التي خاض غمارها القاص حسين رشيد في روشيرو والتي افرد لها فصلاًكاملاً وان ابرز ما يبنى علية هذا النوع من القص هو ( المكان ) اَي انها تحدث في مكان واحد كما في ( حكايات حارتنا ) لنجيب محفوظ ، كما جا ء في كتابات الدكتور ثائر العذاري عن بنى المتوالية القصصية ويضيف العذاري أيضاً لمتبنيات المتوالية القصصية ان تركز على ( شيء) واحد كما فعل الكاتب الكويتي طالب الرفاعي في متوالية ( الكرسي ) كذلك تبنى على زاوية نظر واحدة وشخصية واحدة .

لم تحتل مفردة الموت في قاموس الفرد العراقي كضيف طارىء بل صارت احدى مقتنيات حديثه اليومي والاجرائي ، لهذا كان التوظيف في قصص روشيرو انسيابياً وسهلاًلتنوع تجلياته ، وما كان لتذكر من اجل زيادة وقع اثر الفجيعة والألم في نفوس العراقيين بل لانها تمنح القصة ضربة صادمة ومحفزة لإعادة انتاج النص بتان لاستكشاف أسراره وخفاياه ونواياه الزئبقية ، فبالاعادة يسترجع المتلقي كل تاريخه ويجعل من تأملاته إنعكاساً لبطل القصة وقد يكون قرينة وهذا ما تبناه القاص بتلاعبه بتنوعات موت ابطاله ، فمنهم من مات ميتة تتساوق مع رعشة جنسية عابرة واُخرى في مقبرة بين الأموات ، الأموات الذين بمجساتهم الانسانية يميزون الانسان المسالم من المجرم الإرهابي اكثر حدساً وخبرة من الأحياء ، ومنهم من قتلته تكتكة الساعات الكاذبة ، هكذ طرق بشعة للموت لا تحدث الا في العراق ولم تتباهى روشيرو في اعادة صور المأساة من اجل خلق اجواء سوداوية او نشر والحزن والتشائم وزرع الرعب في نفوس الناس بقدر ما تصور الواقع العراقي المزري بصوره المتنوعة والمفضية الى الخراب بعدسة القاص المنحازة للسخرية السوداء وادانة لمرتكبيها وفضح أساليب الإرهابيين وأخلاقياتهم المعادية للإنسانية والمتواطئة مع الجبن والخسة والقذارة .

اذاًما هي روشيرو ، من وجهة نظرنا هي تأريخ بلاد جرها الغربا ء الى الدمار والخراب ، اما من وجهة نظر متبنيها انها ضبية بضّة ، انطلاقة في سهول متعرجة يتبعها آلاف الملتحين ، روشيرو أميرة إغريقية تلمذتها آلة الحب والجمال وزيّنتها حكايات ملوك الروم والفرس ، لكن المغول اغتصبوها ، وهي دمعة سقطت من جرف الكون وأسقطت معها بعض شعيرات من رموش عين الرب لتجري الأنهار منها ، هي حكاية من غير بداية ولا نهاية وكأس خمرة وعهر رجال ، روشيرو أكفان ونساء وأعلام وسيارات وصبيان وأيتام وعرائض وأكاذيب وفتاوى ، روشيرو فرط رمان وعسل تمر ذهبي وكرة قدم وألعاب شعبية وبلي استيشن وأول أغنية عشق رددتها الذاكرة ( يا عشكنا ) وروشيرو رفعة العلم في يوم الخميس وكيف مزقته الاطلاقات ، ويوم سجن طلاب الصف الخامس الابتدائي يوماً كاملاً في صفهم حين اسقط أحد الطلاب صورة القائد الضرورة بكتاب التربية الاسلامية .
انغمست روشيرو في لعبة التجريب المتمكنة من أدواتها والواعية لمنح إشكالياته المرنة في التنقل بين الزمكانية داخل القصة القصيرة جداً ، والكاتب يعرف انها تجربته الاولى ولهذا سوف يتصدى لها الكثر بسبب تغريبها وتفردها ، ولانها الملغمة بالاندهاش فهي تلعب مع اللغة مرة انزياحاً واُخرى مع ثنائية القبح والجمال ليس بالمفهوم الفيزيائي ، واُخرى مع الحدث كونه رجراج وزئبقي فيوقفه القاص عند تخوم الإثارة وأفعال المضارع ليؤدي الدور الذي رسمه له القاص ومرة اخرى يتمرد على طول القص فقد جنسها بالقصة القصيرة جداًليمنحها حرية التمدد المحسوب وعدم الركون الى الاختصار او الاختزال كما جاء في قول القاص والروائي أوغستو مونتيروسو المدون في استهلال روشيرو ( الكاتب لا يرغب في كتابة نصوص مختصرة موجزة ، بل أنه يفضّل كتابة نصوص طويلة لا نهاية لها ، إذ لا يحتاج فيها الى تشغيل مُخيلته ... ) .
لم يغادر الجمال روشيرو رغم القُبح المترسب حيناًوالطافح حيناًفيعالجها بالكلمات والصور والاحاسيس والمخيلات ، يقتحم كهوف الظلام ليشعل شمعة او يزرع وردة في بابه او ينفخ من روحه اوكسجين الحياة ، يغري القبح فيلبسه الجمال حلته الزاهية ، يفضح الجُبن فتتدفق الشجاعة ، يرفع الغطاء عن المستور ويقدم الهامشي الى المتن وتعزف له روشيرو من نايها المصنوع من قصب الأهوار ، تمتزج قصصها مع الميثولوجيا فيحيّ تاريخا مهملا ً ، تتحدث عن فحولة كاتبها ومغامراته العاطفية ليس من اجل المتعة الجنسية بقدر ما تفتح تاريخ نسا ء حرائر دمرهنَّ العوز في بلد الخيرات .

تجلت لنا روشيرو في أربعة تضاريس وهي تتساوق مع فصول السنة وتاخذ من تقلباتها شكل كينونتها فتبتدأ ب ( تعال لأريك ) فتريك الخليقة والشقتان واللعب مع عصافير الشباك وكيف تلعب الشطرنج وان تحتسي القهوة في حفلة هدى في ليلة نيسان ، وبعد ان تريك الضامر من القص والمدهش من القول خاصة في خواتيمها تأخذك من يدك الى ان ( تمعن بتلك ) الجريدة واختلاف الألوان بين البياض والزرقة فتكون زائرا بعطر استثنائي ، تدعوك الى تفكيك النص وانت مرتدياًقفازات بيض وأنها قد ( تتحدث معك ) بشكل ثلاثيات فتستيقض على صوت فيروز وهي تتكتك لام سليمان فتجد عند الباب فلمسيوس وشيمكور ووطنيوسو ورابعهم الرئيس يبارك لهم الرب للدخول في جسد المدينة حينها لا يسعك الا ان ( تتخيل ذلك ..بمشاهد قصصية ، دنيوية وآخروية .



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيمة بلا مزاج
- كيف تصبح أديباً فاشلاً
- أحياناً ... مرتبك انا
- صباح الخير علاوي الحلة ...السيناريو المحايد
- انتخابات الادباء والتحديات الجديدة
- بيت السياب
- فصل من مدينة مناضلة
- سيرة عصفور
- شجرة عيد الميلاد
- غيمة شجرة الميلاد
- رقصة
- كرنفال طريق الشعب
- أصدقاء
- جثة في منفى
- كامل شياع ... النبيل الكثير
- سوناتا الريح
- زجاج مدهون بالدهشة
- انت َ اللحظة … لستَ انت َ
- عام 2017 اللئيم
- الفلق في محنته


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - روشيرو