مرثا بشارة
الحوار المتمدن-العدد: 6277 - 2019 / 7 / 1 - 02:13
المحور:
المجتمع المدني
وكأننا ولِدنا وعّاظ!
بقلم/ مرثا بشارة
موجة غريبة أحدثتها وسائل التواصل الإجتماعي بين الناس... فقط نظرة سريعة لمشاركات وتعليقات جمهور شبكات التواصل، سنجد أن صفة الحكمة تلبّست الجميع وكأننا جميعاً ولدنا وعّاظ نشارك تجاربنا وخلاصة خبراتنا في الحياة مع الأصدقاء والأهل والبعيدين والقريبين وكل عابر متصفح لحساباتنا ولو بالصدفة، لعلَّ الأمر مجرد مشاركة في الخير!
لكن المضحك المبكي أن مَنْ يتحفوننا بأقوال الحكمة العاقلة والأفكار السامية هم أبعد ما يكون منها عند التطبيق على أرض الواقع! بل والغريب في الأمر أن الجميع إعتلى كرسي القاضي ليصدر أحكامه على هذا وذاك وأمسك بسياط الجلاد لينفذ حكمه بالتحقير من الآخرين وإهانتهم، ونسيَّ الطين أنه طيناً، فكيف لعبدٍ أن يدين عبداً غيره هو لمولاه وخالقه؟!
لقد أصبحت صفحات التواصل الإجتماعي ملاذاً يهرب إليه الكثيرين لينفسوا كل واحد أفكاره ومشاعره بدون تعقل أو تدّبر عوضاً عن البحث والتفكير بجدية عن أسباب مشاكله والسعي الجاد من أجل الوصول لطرق حلها، أصبحنا نواجه مشاكلنا في الواقع بالهروب لعالم إفتراضي نتسوّل تعاطفاً وهمياً وتضامناً كاذباً من أصدقاء لا يرون الجانب الآخر الخفي من حياتنا!
تُرى كيف سيكون شكل الحياة لو استثمرنا ما نهدر من وقت على شبكات التواصل المختلفة في تشجيع صغار النفوس عوضاً عن التمركز بأنانية حول ذواتنا؟ ولو استثمرنا هذا الوقت في صنع السلام وبناء علاقات طيبة عوضاً عن تحليل دوافع ونوايا الآخرين بهدف إشعال الخلافات؟ أو توقفنا عن مشاركة أقوال في ظاهرها حكمة وفي باطنها تلميحات خبيثة لأشخاص بعينهم؟ أو عشنا الحياة ببساطة قلب دون التخفي في ثوب الحكمة الزائف والظهور بدور الضحية؟ والأهم من جميع ما سبق، لو وضعنا إهتمامنا الأول في البحث عن تلك العلاقة الحقيقية مع الله لنسجد له بالروح والحق بعيداً عن مظاهر النفاق الديني، فتترجم ثمار هذه العبادة الصادقة في أفعال وأقوال تبني نفوسنا وتقوي روباط المحبة الصادقة بيننا؟!
#مرثا_بشارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟