أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكرد والوعي الصحيح- 1/2














المزيد.....

الكرد والوعي الصحيح- 1/2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6275 - 2019 / 6 / 29 - 21:26
المحور: القضية الكردية
    



قابلية المرء لتحقيق الأمور الصعبة مرهونة بإدراكه السليم. وما الإنجازات العلمية الهائلة، منذ القديم وإلى عصرنا الحالي، سوى نتيجة لذلك الإدراك الذي امتاز بها على مر العصور شخصيات من بين المجتمع؛ والذي كان منشؤه أمرين أساسين: أولهما مثابرة المرء على ما أدركه أنه ممكن التحقيق. وثانيهما من ولد ومعه هذه الإمكانية، وكان الأخير أقل من الأول نسبة بين البشر، علماً إن كليهما انتقلا بالبشرية إلى العصور المزدهرة في شتى المجالات.
فنحن الشعب الكردي من بين معظم شعوب العالم، نعاني من التجزئة المهلكة والمعرفة القليلة والإحاطة الشحة بسبب مخططات المقتسمين المطبقة علينا، تجعلنا دوما في المؤخرة، فتغيب عنا سبل الانعتاق المطلوب منا. فلو أنه ظفرنا بنصيب كاف من الوعي الصحيح؛ لاستطعنا نيل ما نصبو إليه من تحرر. ولكن الواقع السائد يبدي أننا نحن الكرد نفتقر كثيرا إلى تنمية هذه الخاصية، وقليلا ما ننحو نحو المجازفة العقلانية في تطبيق ما نراه مفيدا. إذا حاولنا تحقيق المطلوب على أرض الواقع، كثيرا ما يصادفنا الارتباك، وتخوننا الثقة بالنفس. ومختصر الكلام، أننا في الغالب، نفتقر إلى جرأة القوي حين يكون إدراكنا سليما في أمر ما، بالأخص في مجال التحرر.
ولا شك، لدينا طاقات كامنة، عموما لا ندركها؛ وإن أدركناها ستخوننا الاستفادة منها. والدليل على طاقاتنا الهائلة، يتجلى ذلك عندما نخرج من محيطنا الكردي وندخل رحابة المعرفة في وسط غير وسطنا، سرعان ما نتأقلم معه، وتنفرج مداركنا في الإبداع في عالمنا الجديد ونبدع في أمور عديدة، ويذاع صيتنا...
كما يقال: "أن لكل قاعدة شواذ" وبخلاف ما مر معنا أعلاه، هناك مَن من جرب إدراكه هذا في ظل الحظر والمنع، فكانت نتائجه الناجحة دليل على أن الإدراك السليم هو من يقودنا إلى الانعتاق، وأيضا دليل على طاقتنا الكامنة حقا.
كي لا نطيل في المقدمات نتحول إلى المضمون، الذي نحن بصدده، وفي بيئة متواضعة، وشخص متواضع جازف بما وجده مستحقا للمجازفة مستخدما بطريقة سليمة معرفته المتواضعة في تحقيق ما خطط له.
صاحبنا هذا تعين وكيل معلم للمرحلة الابتدائية في قريته وقرر أن يحقق عمليا ما يجول في خلده، وكان له ما أراد، ويشهد على ذلك تلاميذه في تلك المرحلة وبالشكر والامتنان، وليس التلاميذ وحدهم بل ومعهم آباؤهم.
تعين (أحمد صابر عباس) وكيل معلم في قريته )نصران( في الأعوام 1971-1973م. حينها كان البعث يشدد وبقوة الخناق على الكردية في شكلها العام والخاص، بالرغم من ذلك باشر بتنفيذ ما رتبه في مخيلته، قبل أن يكون معلما لتلاميذ من الكرد أينما كان؛ مصمما على إحساسهم بالقضية الكردية بما يلائم مستواهم العقلي، قاصدا من وراء ذلك تنمية المشاعر القومية في خلية صغيرة من المجتمع الكردي في هذا الجزء الملحق بما يعرف بسوريا.
وبتنفيذ قرراه على التلاميذ درسٌ لنا جميعا؛ لإعادة الثقة بالنفس وتهذيب إدراكنا من الشوائب. فكيف بدأ هذا وكيل المعلم بتطبيق فكرته تلك؟
بدأ أولا بالتحدث لهم عن السرية ومدى أهميتها في تحقيق الأمور المحظورة، كما بين مساوئ الإجهار بها ومخاطره على صاحبها. وفي الفترة المخصصة لها من قبله كان كل حديثه عن هذا المجال ومدى أهميته يأخذ بعدا واسعا من أجل ترسيخها في نفوسهم بشكل لن تتلاشى دعائمها. بعد أن تيقن منها انتقل إلى الحديث عن الكرد وما عليهم من بعض المحظورات، وأن ما يدعو إلى حظرها هو أن ما يمتلكونه الآن سوف ينتقل إلى قوم آخر غيرهم، أي أنهم سيُستبدلون بأناس آخرين كمالكين لممتلكاتهم الحالية، ومن بعد أن جسد هذا في مخيلة تلاميذه باشر إلى القول إنه على الكردي أن يكون يقظا وفطنا من أجل أن يمنع استبدالهم بالغير. إلى هذه المرحلة لم يكن الأمر بتلك الخطورة، كأن يظن التلميذ لماذا سيستبدل بغيره، وهذه الأرض تملكها أبا عن جد... وما تلت هذه المرحلة كانت أخطر من ذي قبل، فبدأ يشرح لهم أن للكرد تاريخ عريق حكموا فيه من البحر إلى البحر، ولكن نتيجة غزوات الأعداء وابتعاد قادتهم عن سنن العمل من أجل البقاء ضاع حكمهم وتلاشى ملكهم. جعل التلاميذ يستقرئون ما جرى ويستنبطون منها نواقص أسلافهم، في هذه المرحلة تبين لهم مخاطر الإهمال وعدم تلافي النواقص في الذات.
حين انتهى من هذه الفترة صار يفطنهم إلى تهذيب الذات نحو تلافي هذه الفاقة. مضى فترة أكبر في التركيز عليها، ومن ثم بادر إلى إلقاء بما يشبه المحاضرات أو الدروس في الجغرافية والتاريخ الكردي، وكان يحدثهم عن أبطال الكرد وأمجادهم، ومآثرهم، فخلق لديهم رغبة في أن يكونوا مثل أبطالهم، وأن يصبحوا خلية تفكر بالأسلوب العلمي من أجل الصمود في وجه الاستبدال. فحفظهم نشيد أي رقيب جنبا إلى جنب تعليمهم القراءة والكتابة باللغة الكردية، وكذلك حاول أن يدربهم على بعض فنون الدفاع عن النفس وغيره. استطاع وبدقة رائعة أن يضبط تلاميذه عندما يدخل هو الصف أن يبدأوا بأي رقيب، أما إذا صادف أن زارهم على حين غرة مفتش التربية أو أحد المسؤولين الحكوميين أن يستقبلوه بنشيد حماة الديار بعد إخفائهم دفاترهم في تعليم اللغة الكردية. وصادف أن تكرر زيارة المفتشين من التربية وبعض المسؤولين الحكوميين مدرستهم، ويا للروعة! كيف استطاع هؤلاء التلاميذ إخفاء دفاترهم لتعليم الكردية، واستبدلوها بغيرها، لتوخي هذا الحذر كلف بعض التلاميذ أثناء تلك الدروس الممنوعة مراقبة الطريق الذي تأتي من جهتها سيارات المفتشين والمسؤولين. هذا نموذج بسيط عن كردي أراد أن يوثق الأمور قبل المباشرة بها. لم تقف جهوده عند تعليم التلاميذ الكردية، بل طال سكان القرية، مبديا لهم ما يترتب عليهم إن أرادوا المحافظة على وجودهم ككرد. وأفلح في هذا أيضا بأسلوب اختلف عما جربه على التلاميذ، وإن تشابها في العموميات، فحظي لدى أهالي قريته بالاحترام الكبير والتقدير اللائق...

يتبع...

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
24/6/2019م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بشاعات سلطة بشار الأسد الأخيرة
- خسرنا إسلامياً وفشلنا علمانياً - الجزء الثاني
- خسرنا إسلامياً وفشلنا علمانياً - الجزء الأول
- إسقاطات الصراع الأمريكي-الإيراني على الكرد
- رسالة وزير الدفاع الأمريكي تشمل الكرد
- حصة الكرد من الضغوطات الأمريكية على إيران
- إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء الأول
- نحن المسؤولون عن الجاري
- هل سيكون الكرد حطب الصراع الروسي الأمريكي
- أحزاب كردية بلا سند -2/2
- أحزاب كردية بلا سند - 1/2
- الكردي بين التدخل والجهالة- الجزء الثالث
- كردستانية المنطقة الآمنة -2/2
- كردستانية المنطقة الآمنة- 1/2
- الخلاف الكردي المسيحي- الجزء الخامس
- هؤلاء من ينهبون عفرين- 2/2
- من نهب أموال السوري المشرد-1
- الكردي بين التدخل والجهالة-الجزء الثاني
- الخلاف الكردي المسيحي- الجزء الرابع
- الخلاف الكردي المسيحي - الجزء الثالث


المزيد.....




- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الكرد والوعي الصحيح- 1/2