أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليلي فريد - التعامل الإيماني والعقلاني مع تحدي المقدسات إنجيل يهوذا وشفرة دافنشي مثلا















المزيد.....

التعامل الإيماني والعقلاني مع تحدي المقدسات إنجيل يهوذا وشفرة دافنشي مثلا


ليلي فريد

الحوار المتمدن-العدد: 1543 - 2006 / 5 / 7 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حدثان يمثلان إساءة للمقدسات المسيحية تزامنا معا:
الأول هو إطلاق النص الخاص بإنجيل يهوذا في مؤتمر كبير عقدته الجمعية الوطنية الجغرافية في واشنطن.
وإنجيل يهوذا هو مخطوط يرجع إلى القرن الثالث أو الرابع الميلادي، مكتوب باللغة القبطية ومكون من 13 ورقة بردي مغلفة بغلاف جلدي سميك. عثر عليه فلاح مصري في نهاية السبعينيات في كهف في الصحراء بالقرب من بني مزار في محافظة المنيا وباعه لأحد تجار الآثار وتنقل من يد ليد حتى استقر به المطاف في أمريكا ليعود أخيرا إلى مصر ويعرض في المتحف القبطي.
والفرق الأساسي بين هذا الإنجيل والأناجيل الأربعة المعروفة: متي ومرقص ولوقا ويوحنا هو في العلاقة التي ربطت السيد المسيح بيهوذا الإسخريوطي. فهو يزعم أن يهوذا لم يكن بالخائن الجشع بل هو التلميذ المطيع الذي ضحى بصورته التي توارثتها الأجيال من أجل الاستجابة لطلب المسيح الذي كلفه بأن يسلمه ليكتمل الفداء والخلاص. بل وتحمل يهوذا الصلب عوضا عن المسيح!
وكان رد الفعل المسيحي تجاه الإعلان عن إنجيل يهوذا عقلانيا وأكاديميا على مستوي العالم. لم تكن القضية أبدا هي الدفاع عن العقيدة الراسخة فلم يثبت يوما أن نشر هذا الإنجيل أو أمثاله كأناجيل برنابا ومريم المجدلية قد أثر فيها أيما تأثير.
بل تركزت النقاشات على النواحي التاريخية والعقائدية والسياسية والمنطقية. فمن الناحية التاريخية لم يفند أحد ما أكده العلماء بخصوص صحة الإنجيل. ولكن براءة يهوذا التاريخية ما كانت لتؤثر كثيرا على جوهر العقيدة المسيحية. ربما كانت تؤثر بعض الشيء في عالم السياسة. فلو نجحت في إقناع كل المسيحيين واليهود فلربما خفف ذلك من العلاقة المتوترة بينهما والتي تأثرت إلى حد ما على مدي العصور بصورة يهوذا اليهودي الخائن الذي باع سيده من أجل ثلاثين من الفضة.
بل ربما كان تأثيرها الأكبر في عالم الشعر والأدب حيث يستخدم يهوذا كرمز شائع وجذاب للخيانة شأنه كشأن "بروتس" في الغدر و "شيلوك" في الجشع.
ما ادعاه هذا الإنجيل من أن يهوذا قد صلب عوضا عن المسيح لم يقلق المؤمنين كثيرا حيث أنه من المعروف أن إنجيل يهوذا غير معترف به من الكنائس المسيحية عموما منذ القديم مثله كمثل أناجيل توما ويعقوب ونيقوديموس وغيرها.
وإنجيل يهوذا على وجه الخصوص يبدو وثيق الصلة بالفكر "الغنوسي" الذي ظهر في المراحل الباكرة من المسيحية وحكم عليه بالهرطقة.
والادعاء بأن يهوذا قد تغيرت هيئته ليظهر في صورة المسيح ويصلب بدلا عنه لا يستقيم من ناحية المنطق وخصوصا وأن الفداء لم يكن ليتم إلا بشخص المسيح نفسه. كذا ما الداعي لأن يحث المسيح يهوذا على خيانته؟ ألم تكن هناك فرص كثيرة ليقع بإرادته في أيدي المتآمرين عليه من الرومان واليهود وهو وسط الجموع يعلم ويعمل معجزات؟! ولو كان يهوذا قد سلم يسوع إطاعة لرغبته فكيف نفسر إذن ندمه القاسي الذي دفع به إلى الانتحار؟!
إذن كان ظهور إنجيل يهوذا مدعاة للمؤمنين للتفكير والمناقشة النقدية البنائة. وكانت المحصلة النهائية لهذا التعامل الواثق الهادئ في صالح الأناجيل الأربعة المتفق عليها. فقد أسهم إنجيل يهوذا بتهافته الروحي والمنطقي في إعلاء شأنها وزيادة الاعتقاد بمصداقيتها وبذا صار عاملا إيجابيا وليس سلبيا في ترسيخ الإيمان بالكتاب المقدس الذي يجمع عليه غالبية مسيحي العالم.
أما الحدث الثاني فهو ظهور كتاب "شفرة دافنشي" لمؤلفه دان براون وتوقع عرض فيلم مأخوذ عنه قريبا جدا.
وبالطبع فليس هذا بأول كتاب أو عمل فني في الغرب يسئ للعقيدة المسيحية ويشوه حقائقها فقد سبقهما العديد من الكتب والأفلام والمسرحيات التي نحت هذا المنحي. وعلى سبيل الأمثلة القليلة كتب "أسطورة الإله المتجسد" و"الدم المقدس" و"الكأس المقدسة" وفيلم "الإغواء الأخير للمسيح".
ولقد تولي هذا الكتاب الأخير طعن المسيحيين في أخص مقدساتهم. فهو يفترض حدوث مؤامرة كنيسية على المستوي العالمي لإخفاء أن السيد المسيح قد تزوج من مريم المجدلية وأنجب منها نسلا.
ولأنه قد لاقي رواجا كبيرا (فقد بيعت منه 40 مليون نسخة ولشهور عديدة ماضية صار يصعب أن تستقل إحدى وسائل المواصلات العامة في الغرب بدون أن تجد أعين المونا ليزا – المطبوعة على غلاف الكتاب – تحدقان فيك من كل صوب) ، فقد أثار ردود أفعال قوية ومتعددة.
غني عن القول أنه لم تكن هناك أي دعاوى للانتقام أو أعمال عنف. لم يحدث اعتداء على بشر أو تدمير لممتلكات. ولكن تفاوتت ردود الأفعال:
البعض دعا إلى مقاطعة الكتاب والفيلم والبعض رأي ضرورة اتخاذ اجراءات قانونية ضد المسئولين عنهما.
وفي نفس الوقت رأي البعض في الانتشار الواسع لشفرة دافنشي فرصة لن تعوض لتقديم العقيدة المسيحية السليمة للقطاع العريض الذي يستقي كل معلوماته الدينية من أمثال هذه القصص والأفلام التجارية.
وبدلا من تبديد الطاقة في مهاجمة المؤلف والناشر ومنتج الفيلم ومخرجه، استعد الكتاب بمجموعة من الكتب التصحيحية للمعلومات المغلوطة التي وردت في قصة دافنشي. فعلى سبيل المثال ظهر "شفرة دافنشي: البحث عن إجابات" و "تفكيك شفرة دافنشي" و "حل رموز شفرة دافنشي".
وانطلق المؤمنون يحثون – بدلا من أن يثنوا – البعيدين عن الله على قراءة الكتاب ومشاهدة الفيلم ثم يستفيدون من الفرصة لفتح حوار معهم عن حقيقة رسالة الإنجيل وعمق الإيمان المسيحي ولدعوتهم إلى التفكير في الأمور الروحية التي لم تكن تشغلهم من قبل.
بل أن إحدى أقدم الكاتدرائيات في إنجلترا (كاتدرائية وينشستر) والتي صورت فيها بعض مشاهد الفيلم، قد استغلت الحدث وأعلنت عن برنامج مكثف يمتد لشهور ثلاثة الغرض منه مساعدة الناس البعيدين عن الإيمان للوصول إليه بقناعتهم الشخصية وبدون أي ضغوط. فقط عن طريق المناقشة والحوار وتصحيح المعلومات المحرفة التي وردت في قصة دافنشي.
وعلى عكس توقعات الكثيرين ومخاوف المؤمنين بالمسيحية فبدلا من زرع الشك في كلمات الإنجيل وفي نقاء السيد المسيح، يبدو أن كتاب وفيلم شفرة دافنشي سيكونان مدخلا للعديد من الباحثين عن معني للوجود لبدأ رحلة روحية للوصول إلى جوهر الإيمان.



#ليلي_فريد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة القبطية بين العمل الفردي والعمل الجماعي
- محفوظ قد سلمكم الأمانة كاملة أنتم من أضاعها


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليلي فريد - التعامل الإيماني والعقلاني مع تحدي المقدسات إنجيل يهوذا وشفرة دافنشي مثلا