أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود عيسى - رحلة المناضل سلامة كيلة في السجون من 1992-2000















المزيد.....

رحلة المناضل سلامة كيلة في السجون من 1992-2000


محمود عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6265 - 2019 / 6 / 19 - 11:40
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


بعد قيام الكيان الصهيوني الغاصب بسنوات كانت ولادة "سلامة كيلة" عام 1955، في بيرزيت، في بيتٍ وطني. تفتح وعيه على كلمات مقاومة " الاحتلال". وعندما خرج من فلسطينيه ليدرس العلوم السياسية-القانون السياسي في جامعة بغداد، لم يتمكن بعد تخرجه من العودة إلى فلسطين، لأنه بات مطلوباً للكيان الصهيوني بسبب نشاطه السياسي ضمن صفوف حركة " فتح"!
ظلت عيناه معلقتان على فلسطين ومشدودتان نحوها، فأختار " دمشق" لكونها أقرب إليها، وفيها أكبر المخيمات الفلسطينية ومئات آلاف الحالمين بالعودة إلى ديارهم، في عام 1981.
أحبّ سوريا ودمشق فأحبه ياسمينها، وهو الذي ما أنفك يُعّرف نفسه بـ " المواطن العربي". وفي دمشق تواصل مع مثقفيها وقواها السياسية المعارضة، وركّز اهتمامه على القوى اليسارية الماركسية المناضلة. عاملاً من أجل " ماركسيةٍ مناضلة"!
تسارعت التحولات العالمية بدءاً من " البيريسترويكا" و"الغلاسنوست" وانهيار جدار برلين، عندما أخذ العالم ينقلب ليسير على " رأسه" في أعقاب الهزة التي زلزلت النظام الاشتراكي القائم وحطمته! كسلطات بيروقراطية مستبدة...! ولم تكن أخطاءً عاديةً تلك التي ارتكبت ضد الحرية وتحويل النظام الاشتراكي العالمي إلى " ما يشبه الكنيسة البابوية" كما سماّه حيدر حيدر في رواية " شموس الغجر" انهدام اليقين!
وسط تلك الأجواء، كانت بداية صلته مع اليسار السوري المعارض، الذي كانت العلاقة معه والصلة به جريمةً، تستحق العقوبة المضاعفة ولا يتساهل النظام في سوريا مع مرتبكيها!
رغم كل ذلك كان المناضل سلامة كيلة حريصاً على تمتين صلته مع " حزب العمل الشيوعي". حتى أوائل التسعينات عندما توطدت العلاقة أكثر، وأصبح على صلةٍ مباشرةٍ مع المناضل " الدكتور عبد العزيز الخيّر"، وعقد عدة لقاءاتٍ مع قيادة الحزب آنذاك، وشهدت حواراتٍ نظريةٍ وسياسيةٍ، حتى وصلت إلى الفضاء التنظيمي وترتيباته!
لكن يد القمع طالت المناضل " عبد العزيز الخيّر" ورفاقه: بهجت شعبو، محمد غانم، محمد الخطيب وعبد الله فاضل في أوائل شباط 1992. وقد اجتمعت قيادة الحزب آنذاك وتم تكليف " سلامة كيلة ونعمان عبدو" في إعداد بيان اعتقالهم الشهير " أيها الجلادون أرفعوا أيديكم عن المناضل عبد العزيز الخيّر ورفاقه"! نعم سلامة كيلة ونعمان عبدو هما من صاغا ذلك البيان الذي طبعه ونسخه سلامة على طابعته!
لم تتأخر يد القمع في الوصول إلى المناضل سلامة، في الحملة البوليسية القمعية التي شنها النظام ضد مناضلي حزب العمل الشيوعي ووسطه. بعد شهرٍ على اعتقالات شباط 1992، اعتقل المناضلين: جريس التلي وفدوى محمود وخديجة ديب وسلامة كيلة، و كمن عناصر الأمن السياسي في منزل سلامة في مساكن برزة بدمشق واعتقلوا من جاء لزيارته آنذاك كان منهم أحمد حسّو " أبو شهاب" لسنواتٍ، و " هيام عبدو" لأشهرٍ و " حسيبة عبد الرحمن" لعشرة أيام، وهي التي لم يكن قد مضى على خروجها من السجن سوى عدّة أشهرٍ!
وفي فترة الاعتقال الأولى التي بدأت في 6/3/ 1992، كان التحقيق مع سلامة كقياديٍ في حزب العمل الشيوعي، ورغم تدخل أقارب سلامة، وخاله المناضل " ناجي علوش"، لم يوافق النظام على إطلاق سراحه وبقي بين زنازين فرع المدينة في الميسات وفرع التحقيق في الفيحاء أكثر من سنةٍ وشهر قبل تحويله إلى السجن!

سجن عدرا
جرى تحويل "سلامة كيلة" ومن معه إلى السجن و" محكمة أمن الدولة العليا" الاستثنائية، وكما كان الاعتقال في الفرع على مرحلتين، كذلك كان الدخول إلى سجن عدرا على مرحلتين، إلى الصالة أولاً حتى انضمام بعض أعضاء المجموعة القيادية الثالثة من حزب العمل الشيوعي التي اعتقلت أواخر عام 1992، نعمان عبدو ومحمود عيسى، وتهامة معروف وضحى عاشور، الذين حُوّلوا إلى " محكمة أمن الدولة العليا" أيضاً. وضعت تهامة وضحى في سجن دوما للنساء! ووضع نعمان ومحمود في الصالة التي كان قد سبقهم إليها سلامة وجريس وأحمد حسو وأحمد معتوق ومروان غازي! كان ذلك في بداية صيف 1993!
ثم جرى توزيع السجناء الجدد على غرف الجناح الثاني للسياسيين في سجن عدرا: وكان سلامة وأبو شهاب في الغرفة الثانية، ونعمان ومحمود في الغرفة الرابعة، وأحمد معتوق ومروان غازي في السادسة، وأخيراً جريس التلي في الغرفة الثامنة.
محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية
نصت المادة السادسة من مرسوم تشكيل محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية في 28/3/1968 رقم /47/، على أن محاكم أمن الدولة لا تتقيد بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات العامة، كما أنه لا يجوز الطعن بالأحكام الصادرة عنها!
هكذا أحيل المناضلون الديمقراطيون إلى المحاكم الاستثنائية، التي لا تحتاج إلى أدلة. وجهت إلى سلامة تهمتي: " الانتساب إلى جمعية سرية (حزب العمل الشيوعي) ومناهضة أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية!
وكان حكم المحكمة المذكورة سيئة الصيت بالسجن 8 سنواتٍ مع التجريد من الحقوق المدنية على المناضل سلامة كيلة، قضاها في الفرعين وسجني عدرا وتدمر!
من عدرا إلى تدمر
في صباح 3/1/1996، نُودي على ثلاثين معتقلاً، نفس المعتقلين الذين تعرضوا للمساومة في 22/11/1995، إثر " العفو" الصادر بمناسبة الذكرى الفضية " للحركة التصحيحية" وكانت شروط المساومة واضحةً ومذلةً، لذلك رفضها كل الشيوعيين وهي: (ترك العمل السياسي والانسحاب من التنظيم والتعاون مع الأمن)، وكان ردُّ فعل السلطات القمعية العقوبة والترحيل إلى السجن الصحراوي-تدمر!
وفي نفس اليوم جاء رئيس الفرع الأمني وجمع كل المعتقلين المتبقين في غرفةٍ واحدةٍ ...وقال: أين الشيوعيين" أعطى أوامره لعناصره " اعزلوهم كل واحد في غرفةٍ، وخلوهم ينتظروا على كيفهم، حتى نلحقهم برفاقهم!"
جرى سحب كل "الامتيازات" والمكاسب التي انتزعها السجناء على مدى سنوات اعتقالهم قبل ترحيلهم: التلفاز، الجريدة الفاتورة الخارجية...الخ. وانقلبت الحياة في السجن الى الأسوء، وكان اغلاق الأبواب وتقنين التنفس لنصف ساعةٍ في اليوم والاكل والنوم بالأوامر!
زواج وراء القضبان
كانت الزيارة للسياسيين في يوم الاثنين، وهو اليوم الذي كان " أبو علي" يستيقظ فيه باكراً ويحلق ذقنه، ويرتدي لباسه منتظراً قدوم حبيبته، مشرق الوجه ضحوك ...لأن رفيقته " ناهد بدوية" السجينة السياسية سابقاً والعاشقة ستأتي لزيارته، محملةً بالورد والحلوى...واظبت المناضلة ناهد على زيارته سنيناً وعقدوا قرانهم في السجن في 24/1/1998، قبل الرحيل إلى سجن تدمر بنصف عامٍ.
ولقد جاءت والدته من الأرض المحتلة فلسطين-بيرزيت لزيارته في " الفرع" وزارته في سجن عدرا أكثر من مرة! وقضى تلك الفترة في القراءة، وتحضير المواد وإعداد الكتب التي نشرها تباعاً بعد خروجه من السجن عام 2000 منها: مقدمة عن ملكية الأرض في الإسلام عام 2001، عن دار المدى؛ و وفوضى الأفكار الماركسية واختبارات التطور عام 2001 عن دار الينابيع؛ و الاشتراكية والبربرية عام 2001، الصادرة عن دار بولاق، عمان؛ و أطروحات من أجل ماركسية مناضلة ، الصادرة عن دار التنوير، عام 2002؛ ومشكلات الماركسية في الوطن العربي الصادر عن دار التكوين عام 2003...والعديد من الكتب والدراسات الأخرى التي كان قد أعدّ مادتها الأولى في السجن!
انتظر سلامة ورفاقه الذين لم يكن قد صادق على أحكامهم نائب الحاكم العرفي، حتى 24/6/ 1998، ليتم ترحيلهم إلى سجن تدمر في ذلك اليوم الكئيب!
صباح 24/ 6/1998
كأنه زمنٌ لم يبق فيه شيئاً سوى الاستخفاف بالمرحلين على الطريق الصحراوي، بعد وداع من بقي من رفاق السجن من الأكراد والتركمان...بصمتٍ، بصمتٍ كانت الحركات سريعةً وعصبيةً تحاول العيون أن تهرب، فضحتها الأصوات، وملأ الحزن القلوب وأرجاء المكان. تبقى الأغراض الشخصية أمانةً عند الشباب. كان الجميع في عزاءٍ حقيقي، وكانوا كالجنازات التي تعيش موتها! في سلسلتين متقابلتين في الميكرو الذي أقلهم إلى " جهنم"، كانوا ثمانيةً: سلامة كيلة، جريس التلي، نعمان عبدو، محي الدين شنانة، محمود عيسى والأخوين "كردو" من حلب بتهمة " الاخوان المسلمين" وكذلك بسام عزة وشخصٌ آخر بتهمة " بعث العراق" وهما معادين ثانيةً إلى سجن تدمر!
على مفرق دير الزور-تدمر اجتاحتهم الرغبة بالتبول، وقف الميكرو ونزلوا يجرجون الجنزير، ابتعدوا عن الطريق العام في الأرض القاحلة، عناصر الدورية المدججين بالسلاح والجعب يقفون ورائهم...دقائق عصيبات أغمضوا أعينهم وبالوا. وعندما صعدوا في الميكرو ثانيةً عاودتهم الرغبة بالتبول ثانيةً!
الاستقبال في سجن تدمر
دخلوا كغرباء مدينة "تدمر". استلم كل واحدٍ منهم أحد العناصر يجره من نقرته، يحملون أمتعتهم: ثيابهم في أكياس من النايلون، ممنوعٌ في ذلك المكان إلا الثياب والأدوات البلاستيكية، واحداً واحداً عبر بابٍ واطئ وضيق، وسط السباب والشتائم، ركعوا على ركبهم، النعرات تنهال وتواصل الراكعين بين الأرجل، مع بعضهم روحياً، كانوا يحاولون أن يبثوا قوةً داخليةً بينهم!
يشق فضاء هنيهات الصمت، الذي يبدو دهراً، ركلةٌ لأحدهم ويتلوون جميعاً مع كل ضربةٍ، ولا يعرفون من تلقى الضربة إلا من رجع أنينه أو من صراخه المكتوم...!
سجلوا أسمائهم في غرفة مساعد انضباط السجن " قلم السجن"، وتدوين المعلومات: اسم " الجرم"، الحكم، كانوا في صفٍ واحدٍ أصحاب التهمة الواحدة!
وقبل النقل إلى الباحة الخامسة كانت حفلة التعري، التام، وحركتي الأمان، الفصل الأكثر وجعاً للكبار في السن، والأعين معصوبة، وسط السباب واللكمات أنجزت تلك الحفلة بسرعةٍ وصمتٍ قاتلٍ!

باب أسود ضيق-الباحة الخامسة
اثنان اثنان إلى السواليل نعمان ومحمود في الرابع وسلامة وجريس في الخامس، ومحي الدين شنانة في سالول آخر.
منهكين وسط ذلك الجو المرعب، أعطوهم الأوامر ممنوع " رفع الراس"، ممنوع النظر إلى الشرطي، ممنوع القيام بأي شيء دون أوامر، عندما يأتي الشرطي، ويفتح الباب مع الأمر بـ "وجهك ع الحيط" ...! أي على كل نزلاء السواليل أن يقفوا واوجههم على الحائط، طالما أن هناك عمل أو أي عنصرٍ في الباحة الخامسة! وكلما فتح باب الباحة الخامسة، كان ينادي صوت " وجهك ع الحيط باحة" وكان يقف الجميع أوجههم على الحائط والأرض ولو استغرق الأمر ساعةٍ أو ساعات!
صباح 25/6/1998
دقائق معدوداتٍ، بدأت حفلة الاستقبال " التشريفة" للوافدين الجدد. بدأ الضرب في القارص الحديدي، واحداً واحداً، بالدور، وكلما اشتد الضرب يعلو الصراخ، حتى يهمد الصوت ويستسلم الجسد!
عادوا أطفالاً ينادون أمهاتهم وآبائهم لحمايتهم من تلك المهانة ونجدتهم في محنتهم تلك. كان الجميع ينادون أمهاتهم بلهجاتهم الأولى التي رضعوها مع القطرات الأولى والشهقات. وكان سلامة ينادي أمه نداءً مميزاً يا يّما يا يمّا يا...!
لم يكن الهدف من دولاب الاستقبال، من الضرب والإذلال، سوى تحويلهم إلى قطيعٍ مطيعٍ، فالخائف الذليل لا يعرف سوى الامتثال والاستجابة!
هذا هو نظام " السالول" المنفردات، نطامٌ قائمٌ على إخضاع السجين وإذلاله! تبدأ عملية الإخضاع باكراً مع توزيع الفطور في وسط الباحة الخامسة من أجل الشاي والحلاوة والخبز، يخرج نزيل السالول مسرعاً إلى وسط الباحة، بأقصى سرعةٍ يملأ زبديات البلاستيك ويعود إلى سالوله مسرعاً يتلوى بجسده كالفريسة اتقاءً للضربات فينسفح الشاي وتتدحرج حبات الزيتون على الأرض وتتكرر المأساة مرتين يومياً عند الفطور والغداء!
في أحد الأيام نسي " أبو علي-سلامة"، بسبب السرعةٍ ورغبةً في اختصار تلك المواجهة الصباحية اليومية الخبز، فقرع باب السالول وطلب الخبز. فردّ عليه العنصر: " شوي تانية بجلبك كاتو!"
استمرت الإقامة في عملية الإخضاع والتدجين والإذلال تلك عدة أسابيعٍ! قبل أن يتم نقلهم إلى الباحة الثانية والمهجع الثاني " الحمّام".
بعد استقبال الرفاق لرفاقهم من الوافدين الجدد، بدأوا يتعرفون على بعضهم من جديد، كانت الملامح الخارجية هي التي تشدهم، سجلات الزمن وأدواته والقهر والإذلال والشيب والصلع والتجاعيد والحزن الشفيف كالأنين!
الفرح من جانب الخارجين من توابيت السواليل واللقاء برفاقهم، والحزن من قبل سكان المهجع الثاني " الحمّام"، لأن مجيئهم كان علامةً قاهرةً، لا يمكن اثبات عكسها، واحباطاً لحلمهم بالعودة إلى سجن " عدرا" أو " صيدنايا" أو أي سجنٍ غير هذا " الجهنم"!
زمنٌ مفتوح في جوٍ مملوءٍ بالكره والاضطهاد، وهموم " الحرس الليلي" والتعّليم وسوء التغذية والخوف من الإصابة " بالسّل" حيث كان يوجد مهجعين في الباحة الثانية " للمسلولين!"
هناك تبدو الإنسانية وكأنها لفظةٌ بائدةٌ، كأن العالم وكل منظماته المدافعة عن الانسان وحقوقه قد نسيت ذلك المكان المظلم!
كانت الزيارات القليلة تبدد وحشة ذلك المكان قليلاً ولو أنها كانت تتم مرةٌ في السنة للبعض كزيارات أم مازن، التي قدمت للسجناء ما لم يقدمه أحد، وما كان يبدو مستحيلاً!
وكان إطلاق سراح بعض المعتقلين، ولو بعد فترةٍ على انتهاء احكامهم، قد أعاد الأمل بوجود ضوءٍ في آخر النفق! وخرج في 13/ 7/ 1999،
راتب شعبو وعبد الله قبارة ومحي الدين شنانة! ثم خرج محمد خير خلف، أبو طارق، وجاء دور " سلامة" حيث خرج في 22/ 3/ 2000، بعد أن احتفل مع رفاقه بحلول الألفية الثالثة في سجن تدمر!
حمل سلامة رغبات الباقين الستة في المهجع الثاني وأوجاعهم وآمالهم وكان يؤكد سلامة، على الجميع أن يمروا إلى منزله في مساكن برزة عند خروجهم من السجن، ويقول ضاحكاً العنوان بسيط " نحن في المهجع الثاني الباحة الثانية، وبيتي في الدخلة الثانية من مساكن برزة مسبق الصنع والمدخل الثاني على اليمين، سأشترى لكم ثياباً لكي ترتدوها وتتخلصوا من كل الثياب في هذا الجحيم!
ولما خرج سلامة من السجن، وهو يحمل آلامه وأمراضه، التي عانى عنها كثيراً، خصوصاً في سجن تدمر الذي يفتقد للرعاية الصحية مع سوء التغذية، والانقطاع عن العالم، والقهر المتواصل ليل نهار، خرج منهكٌ صحياً، ليكتشف بعد خروجه من السجن معاناته من العضالين الاستبداد والسرطان!
ومع ذلك لم يستسلم سلامة ولم يترك أحلامه، وأكمل مشروعه الفكري والنضالي مع أصحاب الحلم المشترك، وعمل من اجل تجمع اليسار الماركسي "تيم"، ومن أجل " الخط الثالث". وتجددت آماله كما آمال الملايين وتفاعلوا مع الهبات الشعبية والثورات التي اشعلت الحلم عام 2011، فاندفع سلامة كيلة، كما المئات من المناضلين والمثقفين من أبناء الشعب ونزلوا إلى الشوارع يسمعون فيها أصواتهم للمرة الأولى بين الناس، وكأنها الولادة الجديدة، مع تجدد الحلم بإنهاء الاستبداد الذي يعتبر الطريق إلى تحرير الأرض والانسان وتحقيق العدالة والمساواة. وأصدر مع بعض رفاقه نشرة " اليساري" التي أزعجت سلطات القمع، وجرى اعتقال سلامة في 24/4/ 2012، رغم السجن والضرب والإهانات كانت العقوبة الأقسى على سلامة هي الترحيل من دمشق، والإبعاد قسراً عنها وعن ناسها وشوارعها وأحلامها!
كان يقول دائماً سأعود إلى دمشق، سأعود إليها، ولن أغيب عن دمشق كثيراً!
وعندما أشتد المرض وفي لحظةٍ موجعةٍ خطف الموت جسد المناضل "سلامة كيلة" الذي لم يستطع العودة إلى دمشق، ولم يتمكن من العودة إلى فليسطينه، وترك آماله وأحلامه لأصدقائه وللشباب الجديد. ليستقر ويدفن في عمان وليسكن في قلوب محبيه وأصدقائه ورفاقه أخيراً!
كثيرٌ من الناس يموتون يوم وفاتهم، غير أن المناضل سلامة كيلة، سيبقى حياً في قلوب رفاقه وأصدقائه، وكل المناضلين من أجل غدٍ يتم فيه القضاء على الاستبداد وإنها القمع وإقامة دولة القانون وتحرير الأراضي المحتلة. وسيبقى مثالاً للأجيال القادمة من الشباب، وشوكةً في حلق المستبدين والمحتلين في غيابه كما في حضوره!



#محمود_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو ديننا يا أبي؟
- نحن لسنا مستأجرين على أرضنا


المزيد.....




- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...
- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - محمود عيسى - رحلة المناضل سلامة كيلة في السجون من 1992-2000