أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب الوكيلي - الفكرة... بداية الابداع















المزيد.....

الفكرة... بداية الابداع


أيوب الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 6261 - 2019 / 6 / 15 - 16:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفكرة تحمل قوة وجودية تصنع الفارق بين المبدع الناجح والإنسان العادي، مجرد إطلالة سريعة على التاريخ البشري يتبدى واضحا أن الإبداعات الكبرى التي أنتجها العظماء والعباقرة انطلقت من فكرة، لكن هذه الفكرة لم تصدر عبثا إنما هي نتيجة خبرة ومعاناة وقراءة سنوات من الجد والعمل، لأن الأفكار المبدعة والخلاقة لا تصدر عن عقل كسول وخامل، لهذا يوجد ارتباط بين الإبداع والأفكار التي نتبناها في نفوسنا، لذا يجب أن ندرك أن الفكرة التي تجول في رؤوسنا هي البداية الأساسية لكل تغيير، حينما نرسم خطة مباشرة لما نريد تحقيقه نصبح أكثر نجاحا في بناء المشاريع وتوسيع رؤيتنا العقلية حول ما يجب أن نعرفه وندركه. كيف تساهم الأفكار في تطور الإبداعات الإنسانية؟ ما طبيعة العلاقة الموجودة بين الإبداع وطرائق التفكير؟

والمقصود بالتفكير هو اعمال العقل في موضوع حيث ننطلق من معلوم للوصول إلى مجهول، والتفكير نشاط عقلي راقي يشمل الشك والتذكر والتحليل والتركيب والمراجعة والاستنتاج والتصور والتخيل والتأمل، حتى على المستوى الفلسفي يعد التفكير والتأمل أول طريق نحو التفلسف كما قال ديكارت "المبدأ الأول لا أقبل بأي شيء على نحو صحيح حتى اعلم أنه على هذا النحو من دون شك واحد"، هنا تظهر قيمة التفكير باعتبار وسيلة للحصول على كل الطموحات، والتفكير يقود صاحبه إلى الفلاح كما قال الإمام علي بن أبي طالب" إذا قدّمت الفكر في جميع أفعالك حسنت عواقبك". كما أن التخيل الذهني لأي مستقبل، يفعل عملية التغيير داخل الدماغ، لذلك في كل مرة نقوم بهذه العملية التخيلية نقوم بوضع مسارات عصبية جديدة "في ذات الوقت" تغير كلية من أدمغتنا لتصبح كما لو أنها تعايش فعليا الأحداث المستقبلية التي نتصورها.
كل الابداعات بدأت بفكرة:
والتفكير نتعلمه عن طريق التعلم والمعرفة والمعاناة مع الكتب والعلوم حتى نكتسب هذه الملكة حيث" لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر" كونفوشيوس، من هذا المنطلق ندرك أن الابداعات العظيمة في التاريخ بدأت بفكرة، فعل الطيران بدأ باعتباره فكرة، المطبعة نشأت في ذهن شخص أمن بها وتمثلها في ذهنه لمدة طويلة حتى أضحت حقيقة عبر المجهود والعمل، إذ أن توماس اديسون أنشأ الالاف من المحاولات من أجل اشعال المصباح، لأن الفكرة لم تزاوله طيلة فترة العمل، كانت تلك الفكرة هي الشعلة و الشغف الذي جعله يصبر على كل الوقت الذي أمضاه في بناء المحاولات الفاشلة.

لأن العلوم والمعارف هي صقل واختيار للمعارف اليومية التي تجول في عقولنا وأذهاننا، وأغلب الناس لا يحب التفكير العميق الذي يتطلب امعان النظر في الظواهر والتحديات، الشيء الذي يقود إلى أشياء غير مرغوب فيها، فليس المهم هو القراءة إنما تخيل وتمثل بع القراءة، فذلك الأمر يشكل فعلا جوهريا يؤثر على تصرفاتنا وردود أفعالنا. ومن جهة أخرى فإن التفكير الايجابي سيتيح لك أن تفعل كل شيء أفضل من التفكير السلبي، الذي يقتل الملكات الإبداعية ويمنعها من النمو والتطور على المستوى المعرفي والروحي.

يجب أن ندرك أن طبيعة الأفكار التي تجول في خواطرنا طيلة اليوم هي المحدد الأساسي للمستقل، الكل يعيش وفق مبدأ العادة التي تترسخ وتصبح سلوكا تلقائيا، وبالتالي فإن الشخص الذي أدمن وتعود على أن يرى أن الحياة كلها معاناة ومشكال وأزمات فإن العالم الخارجي والمحيط الذي يرتبط به سوف تعكس نفس التصورات، لكن الشخص الذي يعيش من خلال منظور" بدل أن تلعن الظلام الف مرة أشعل شمعة"، على مستوى الدماغ تتشكل لديه مجموعة من المشاعر الإيجابية والفعالة التي تكون طاقة قوية حتى يبدع هذا الشخص أشياء جميلة وجليلة، والدليل على هذا القول أن العقل صفحة بيضاء نحن من نصوغ ما نريده في الحياة التي نسعى اليها. لأنه عندما نفكر في الفشل يصبح صديقا مقربا إلينا، وإذا أجلنا اتخاذ القرار بصورة دائمة، فلن يتغير شيء، وكل ما نحتاج إليه هو أن نرغب في تحقيق شيء عظيم ثم نتقدم ببساطة لفعله، لا تفكر في الفشل والخوف والندم لأن ما تفكر فيه يتحقق، لهذا في أغلب الأحيان لا يوجد فارق بين الناجح والفاشل من حيث القدرات والإمكانات، بل يوجد الفرق في مستوى الشجاعة التي يتحلى بها المرء والمراهنة على أفكاره و تحمل المخاطر الممكنة للوصول إلى هدفه المنشود، ومنه فإن السعادة الحقيقة نحصلها عندما ننهمك بالكامل في فعل ما نستمتع به أثناء رحلتنا باتجاه الهدف الذي نريد تحقيقه لأنفسنا، لأن النجاح مشوار طويل من العمل والاجتهاد وليس شيئا بسيط نحصله بين عشية وضحاها.

وبالتالي فإن الابداع الذي ينبع من التجربة الحية في المجال الذي نبحث فيه يكون أقرب إلى نفوسنا، صدق التجربة يعطيها مشروعية تخدم الحياة، حينما نعطي معنى للحياة عبر فكرة أو هدف نسعى إليه، كل الأسباب تقترب منا للوصول إلى ما نريد تحقيقه من طموحات وأهداف، حيث لا توجد قيود وحدود تمنعنا من الإبداع سوى الأفكار التي تجول في خواطرنا، عندما نقول لأنفسنا مستحيل أن نتعلم لغة أو فكرة جديدة فإن الدماغ سوف يصدق ما تقوله لنفسك.

لأن الإبداع الحقيقي يتطلب منا أن نعيش الحياة كل يوم كما لو أننا نتسلق جبلا، إذا نظرة من حين لآخر باتجاه القمة ستحافظ على بقاء الهدف في عقلك، إلا أنه سيظل أمامك الكثير من المناظر الجميلة لتتأملها حتى تصل إلى القمة، لذلك تسلق ببطء وبثبات مستمتعا بكل لحظة تعيشها في المسار الذي يقودك، إلى القمة، كما أن الحكمة التي تقود إلى الإبداع تتطلب التفكير بشكل عميق بدل التركيز على السطح والقشور التي يعرفها الجميع.

بيد أن الأفكار الإبداعية تنمو عن طريق العمل والاجتهاد الجيد من أجل الوصول إلى القمم العليا، كلما استطاع الفرد الرقي بذاته كان أكثر نجاحا وتقدما، في الحقيقة توجد علاقة بين النجاح المهني والنجاح العلمي، لا يمكن الفصل بين المبدع والشخص العادي لأن المبدع شخص مبتكر يكره الروتين، وبموجب ذلك فإن الأفكار القوية تصنع مجتمعات راقية في جميع المظاهر الحضارية والعمرانية.

تكمن الحقيقة المأساوية في أن شعور الإنسان بكونه “ضحية” هو الذي يجعل الفرد بالفعل ضحية وهو المعوق الأكبر للنفوس والعقول الصغيرة، إن تلقين الشباب بأن حياتهم تحت السيطرة ليس فقط من خلال أفعالهم، ولكن من خلال توقعاتهم وتصورتهم، يعني تلقينهم السلبية والاستسلام والكسل والخمول واليأس، يقود إلى أفراد خاملين ليست لهم أي قدرة على الإبداع أو العطاء، يكون الفشل هو سبيلهم وطريقهم في الحياة، لأن أعظم شيء في هذا الوجود هو أن الإنسان له القدرة على التغيير عن طريق إعادة النظر في أفكاره وتصوراته عن الحياة.

يعد الحافز والدافع الطريق الأساسي نحو الابتكار والإبداع، هذه الطريقة تجعلنا نبتكر من خلال مخيلتنا، وهذا هو الميل الطبيعي والفطري نحو الابداع، كما يقال الحاجة أم الاختراع، يبدأ الدماغ في رسم وتشكيل مسارات عصبية وأفكار تصب في المجال، الذي تتخيله وهنا يأتي دور الطموح، لأن الانسان الذي يعيش بدون غايات وأهداف لا تنشط عنده منطقة الفص الجبهي المسؤولة عن التفكير والتأمل والتخطيط وتصور، لأن كل بناء للمعرفة يحتاج إلى شرطين الانتباه المكتف لموضوع ما والوقت، لهذا السبب يقر العلماء أن الانسان إذا درس 10000 وحدة معرفية في موضوع معين سوف يصل إلى مرحلة الابداع لأن العقل قادر على التعاطي مع كم هائل من المعارف يحتاج إلى الوقود فقط، والذي يتجلى في الشغف والحب حتى يحصل إلى الاستغراق الذهني في أي موضوع، ونتيجة لذلك يبدأ الدماغ في تكوين بنيات وشبكات عصبية جديدة، فكل مرة نقوم بهذه العملية لا نغير فقط من عقولنا، فالعقل هو الدماغ أثناء التفكير، وبذلك نبدأ في تغيير تشكيلة الدماغ وهذا ما نطلق عليه اسم المرونة العصبية.

لذا فإن حضور الشغف في انجاز عمل يجعلنا نشعر بعواطف المستقبل مثل امتنان، فرح، حرية، وفرة، حماس، حب، في هذه الحالة ينتج الدماغ الأفكار الإبداعية داخل العقل تصبح حقيقة معاشية نخبرها في كل لحظة، إذ يتلقى الجسم إشارات كيميائية مرتبطة بهذه المشاعر، يتعامل الجسم بشكل أساسي مع هذه الإشارات وكأن هذا الحدث الذي نتجت عنه هذه المشاعر قد وقع بالفعل، وفي هذا السياق تؤكد آخر أبحاث علم التخلق "التعديل الوراثي" أن البيئة ترسل إشارات للجينات، وتصبح المشاعر المنتج النهائي الناتج عن التجربة التي أحدثتها البيئة.

لهذا فإن العقل يفرز مجموعة من الروابط العصبية التي تحتوي على معلومات يدركها الدماغ حسب نوعيتها وشكلها، لهذا فإن التفكير وحده قادر على صنع الفوارق، وذلك لأننا مبرمجين على العيش في عالم ثلاثي الأبعاد ونريد الاشباع الفوري أو التحرر من هذا النقص. لهذا فإن السبب الأساسي الذي يقف أمام طموحاتنا وأهدافنا أننا لا نتخيلها في المستقبل، فالافتقار الذي نعيشه يوميا عندما نلاحظ عدم حدوث شيء يتسبب في شعورنا بالانفصال عن أحلامنا وعدم إيماننا بمستقبلنا مرة أخرى، هذا لأننا نعود إلى مشاعر الماضي وعدم رؤيتنا للمستقبل من خلال نافذة الماضي، عندما نعيش في حالة النقص بينما لا نزال نبتكر صورة لمستقبلنا، مع مرور الوقت نتوقف عن الابتكار وننتظر شيئا ما خرجنا ليخلصنا من الشعور بالافتقار والنقص الذي نشعر به داخلنا، هذا الشعور يحرمنا من تحقيق أحلامنا وابداعاتنا، وبتالي فإن الإيمان بقوة أفكارنا وفعاليتها هو الطريق الأساسي نحو الإبداع.

أيوب الوكيلي



#أيوب_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفاتيح العشر لتربية الناجحة
- العبقرية والابداع
- الذكاء العاطفي
- كيف نكتسب عادة القراءة؟
- هل تقتل المدارس الإبداع؟
- هل أنا ما أعيه؟
- كيف يساهم الأدب في تنمية إنسانيتنا؟
- تغيير السلوك من منظور علم الأعصاب
- كيف اللعب وسيلة للتعلم والإبداع؟
- نماذج الألعاب النفسية
- نظرية الألعاب النفسية-علم تحليل المعاملات-
- قوة الكلمة


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب الوكيلي - الفكرة... بداية الابداع