أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مثنى حميد مجيد - أحمدي نجاد وشبح أكاكي أكاكافيتش النووي














المزيد.....

أحمدي نجاد وشبح أكاكي أكاكافيتش النووي


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:22
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يساعدنا المنهج الظاهراتي في تأمل ورصد الحدث التاريخي كظاهرة جمالية تقربنا أكثر من رؤية المجرى الواقعي والجدلي لإنسياب وسير أحداث التاريخ بأشكالها المعقدة والمتداخلة بل وصياغة رؤية مستقبلية و محتملة لها على المدى القريب أو البعيد. والظاهرة يمكن أن تلتقطها ريشة رسام أو قلم روائي أو شاعر لتجسدها في عمل إبداعي لا يستغني عنه المحلل السياسي أو الباحث أو المؤرخ في عمله.والمعطف واحدة من جواهر الإبداع الإنساني للبشرية التي خطتها أنامل غوغول في القرن التاسع عشر والتي يمكن التأمل فيها وفي حياة صاحبها صوب فهم أفضل وموقف أكثر صوابآ من أحداث عصرنا.
ويبدو إننا نعيش في مرحلة أقرب الى تسميتها بمرحلة ـ معطف غوغول ـ أو الشبح النووي لأكاكي أكاكافيتش بطل القصة.ومنذ تسنمه مقاليد الرئاسة في إيران وظهوره على شاشة التلفزيون يذكرني أحمدي نجاد بأكاكي وخاصة حين يظهر وهو يزدهي بالمعاطف الطويلة وبقامته القصيرة كقامة أكاكي وبساطته في وصف غوغول له.كان أكاكي موظفآ فقيرآ من الدرجة السادسة في بلدية بطرسبرغ كنجاد الذي كان أيضآ موظفآ في بلدية طهران.وكلاهما له طموح واحد وإصرار واحد فالأول كان يحلم ويدخر الروبلات من أجل معطف بسيط يقيه زمهرير بطرسبرغ والثاني له ذات الطموح في إمتلاك إيران لمفاعل نووي يقيها نقص الطاقة الذي يتوقع أن ينتج بنضوب إحتياطيها النفطي عام 2016 كما يتوقع المحللون. ومثلما رفعت نجاد شعارات الإنحياز لفقراء إيران وإشاعة وإحقاق أسس النزاهة والعدل رفعت دموع القراء قصة المعطف التي رصدت المصير المأساوي لفقراء روسيا الى واحدة من جواهر الأدب العالمي وأدخلت القصة الروسية الى عصرها الذهبي حتى وصفها عملاق القصة الروسية دستويفسكي قائلآ ـ كلنا خرجنا من معطف غوغول ـ وكل من البطلين يمتلكان المشروعية في طموحهما وسط مجتمع أرستقراطي مخملي جائر في حالة أكاكي ونظام عالمي إمبريالي يرفع الشعارات البراقة لحقوق الإنسان ويمتلك ترسانات إقتصادية ونووية كبرى تجعل حال الدول الصغيرة الفقيرة والمدقعة كحالة أكاكي المسكين وهو يلفظ أنفاسة وحيدآ تعسأ من الحمى بعد أن جرده أحد اللصوص من معطفه في اليوم الأول الذي إزدهى به مسرورآ أمام الموظفين في قسم الأضابير من بلدية بطرسبرغ .
كان أكاكي يجلب الأضابير معه الى غرفته كعمل إضافي ويسهر الليالي وهو يستنسخ ولسنوات كان يدخر الروبلات من أجل إمتلاك معطف جديد وفي يوم أبلغه صديقه أن معطفه الحالي قد تهرآ تمامآ ولم يعد يستطيع ترقيعه وبعد مداولات وأخذ ورد تتم الصفقة ليستلم أكاكي من صديقه الخياط المعطف وقد تجسد واقعآ ملموسآ.ويفرح أكاكي ويقيم أصدقاؤه حفلآ متواضعآ بالمناسبة وفي طريق عودتة وفي ظلمة الشارع ينزعه المعطف كما أسلفنا أحد اللصوص. وتفشل محاولته في تقديم شكوى الى مدير الشرطة للبحث عن المعطف وبدلآ عنها ينال توبيخآ من المدير البيروقراطي تزيد من تعاسته ومرضه وموته السريع بأيام.
بعد موت أكاكي تنتشر شائعات في بطرسبرغ عن شبح يظهر في ساعة متأخرة من الليل يقطع الطريق على السيدات والسادة من الإرستقراطيين العائدين من حفلات اخر الليل لينزع عنهم معاطفهم الفاخرة ويبث في نفوسهم الرعب وتفشل كل محاولات الشرطة لرصد الشبح أو إلقاء القبض عليه وتنتهي القصة بالشبح وهو يجرد إحدى الشخصبات الهامة من معطفها الثمين ويطلق عطسة قوية مخيفة تهز صمت الليل ويختفي في الظلام.
ليس ثمة شك أن صراع إيران مع الدول الكبرى إذا ما إستمر على هذا المنوال في المماطلة من الحانبين سينتهي بضربة شديدة لمفاعلها من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة و ربما الى حرب بأسلحة الدمار الشامل في المنطقة وتزيد هذه الإحتمالات سياسة الولايات المتحدة المتذبذبة في إدارة صراعها مع الإرهاب والصراع العربي الإسرائيلي وإحتمالات وصول الإخوان المسلمين في مصر الى السلطة مما سيزيد القلق الإسرائيلي إضافة الى تدهور الوضع في أفغانستان.
إن المسرح السياسي والإجتماعي في المنطقة مشابه من نواح عديدة للمسرح في روسيا زمن كتابة غوغول لقصته حيث كانت روسيا تعاني من تخلف كبير مقارنة بأوربا وكان نظامها رجعيآ أوتوقراطيآ تهيمن عليه القنانة ومسحة من العصور الوسطى .وإذا ما حدثت تلك الضربة أو الضربات التي بلا شك ستكف المنطقة بأسرها ثمنآ فادحآ فهل ستكون هي الأخيرة ؟ ألن تكون هي المفتتح لظهور شبح نووي ولنطلق عليه شبح أكاكي أكاكافيتش أو شبح نجاد لضربات ذرية متبادلة بين الدول الكبرى؟
إن قصة المعطف ليست فقط جوهرة ثمينة في التراث الإنساني بل هي رؤيا حقيقية وظاهرة ذات معان عظيمة إستطاع غوغول بحسه المرهف النظيف والإنساني وقدرته على تسجيلها وتثبيتها كخطوط بيانية لعصرنا ، للخيرين ودعاة السلام ، كي يعيدوا قراءتها بإمعان لبناء سياستهم ورصدهم للأحداث بالشكل الصحيح . إن دراسة حياة غوغول القصيرة والزاخرة بالإبداع وموته وإهتماماته الروحانية وحتى أوهامه ستقربنا أكثر من الظاهرة التي عبر عنها بعمق فهناك أوجه تشابه كثيرة أخرى لا تتسع لها هذه المقالة تجمعنا بغوغول وتجعلنا نتذكر شخصيته الرائعة والواقعية ، أكاكي أكاكافيتش.فالظلم والإستغلال وكل عوامل الجور والإستلاب وحتى العبودية والأوهام هي السمات التى تطبع حياتنا في المنطقة والعالم والتي مازالت تجمعنا بغوغول وعصره ومعطفه.
لكننا بلا شك يجب أن نفرق بين شبح إبتدعه الكاتب يبث الرعب ثأرآ لمعطفه المسروق وبين شبح جديد نووي لا يبقي ولا يذر وفي ذات الوقت ليس من المستحيل تحويل هذا الشبح الى شبح حقيقي للشعوب من ذلك النوع الذي تحدث عنه كارل ماركس وفردريك إنجلز في البيان الشيوعي الذي ظهر تقريبآ في حقبة مقاربة لظهور الشبح الطيب والثوري لأكاكي أكاكافيتش ليقض أمن المجتمع الإرستقراطي المترف في بطرسبرغ.


عن المدرسة الظاهراتية يمكن للقارئ الإطلاع على كتاب بلاشير ـ جماليات المكان ـ ترجمة غالب هلسا.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستراتيجية وتكتيك قوى الشر والحرب وشارب محمود شنب
- الهمج شعر
- الى عباس البياتي الأبوذية شيعية والمقام سني ياكاردينال
- مندادهيي علم الحياة من منظور هيغلي
- من صابئي مندائي الى أية الله العظمى السيد على السيستاني ـ حف ...
- لماذا يرد إسم الايزيدية والصابئة كنكرة وليس معرفة في مسودة ا ...
- نوال السعداوي وأنصاف الرجال الأقزام
- لميعة عباس عمارة ـ المرأة العراقية المبدعة وجحوش التخلف
- ثلاث دقائق حداد ـ براعة في الدجل والتضليل
- تجربة إقتراب كارل يونغ من الموت
- كلمات ودية للأيزيديين والصابئين وكل الشعب العراقي ـ 1 ـ
- مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتقاربة 1-2
- أنباء عن أمريكا والقصر والبحر
- ستستعبدكم أمريكا مادمتم تستهينون بالأقليات
- تصغير الصابئة وإنكارهم دليل على خيبة الساحة السياسية
- محمد الطائي وصلافة عملاء إيران
- أليس من الجبن محاكمة صدام وعصابة الصدر تسرح وتمرح ؟
- الجذور التاريخية والاجتماعية لطقس التعميد الصابئي في أريدو
- الى علي الدباغ ـ الحقد على الشيوعية نهايته غير مشرفة لك
- قصيدة ـ مهداة الى روح بشر الحافي ميتافيزيا فيزا لجواز كوني


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مثنى حميد مجيد - أحمدي نجاد وشبح أكاكي أكاكافيتش النووي