أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - بين ثلاث معتقلات (الحلقة الاولى)...














المزيد.....

بين ثلاث معتقلات (الحلقة الاولى)...


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 6259 - 2019 / 6 / 13 - 02:00
المحور: سيرة ذاتية
    


بين ثلاث معتقلات (الحلقة الاولى)...
(يا عزيز الروح يا بعد عيني...شنهو ذنبي وياك ما تحاجيني...)، أغنية ترددت على السنتنا عند كل لقاء يكون فيه الشهيد عبد الكريم احمد (ابو شروق) حاضرا بيننا سواء في بغداد بعد اطلاق سراحنا من المعتقلات او في موسكو عند زيارته لها، وكان هو عادة من يبدأ بترديدها ثم ننظم نحن اليه مساندين. وتشاء الاقدار ان يغادرنا الى العالم الاخر صاحب عزيز الروح و (شمر بخير)، العبارة التي كان يجيب بها عندما تسأله عن الوضع، ليبقي من بعده العديد من اعزة الروح الذين حرمهم من مَن كان "يحاجيهم"، حسب كلمات الاغنية التي بقت نغماتها راسخة في ذاكرتهم، بعد أن تغير حال (شمر) وولى خيرها وتبخرت احلامها...
اول لقاء لي بالشهيد ابو شروق كان في سيارة صغيرة نقلتنا من معتقل (قصر النهاية) الى دائرة الامن العامة في نهاية ستينات القرن الماضي، وكان جالسا الى جانبي في المقعد الخلفي، أما المقعد الامامي بجانب السائق فقد شغله حسن المطير مسؤول هيئة التحقيق الثانية ونائب ناظم كزار. في الطريق الى الامن العامة وجه حسن المطير حديثه لي باسلوب الشخص الحريص على مستقبلي داعيا لي ان اترك السياسة والافكار السياسة وان اهتم بمستقبلي الشخصي فاني ما زلت في بداية الشباب وعلي ان لا اضيع مستقبلي.
وهنا لاحظت ان جاري في السيارة (ابو شروق) بدأ يندسني برجليه ويغمز لي بعين ساخرة من المتحدث، علما بأنه كان يجلس في وسط المقعد الخلفي مما يجعله عرضة للرصد من حسن المطير. حاولت ان انظر الى ابو شروق بطرف عيني دون الالتفات اليه، فحركاته اثارت استغرابي وشكي في ان يكون تصرفه جزء من مسرحية للايقاع بي.
وصلنا الى مديرية الامن العامة وتم احتجازنا هناك على ذمة التحقيق الذي يبدو انه لم ينته. وفي معتقل الامن العامة التقيت بابي وكان معي اخي ايضا فوضعنا فراشنا في غرفة من زنزانة (غرفة مفتوحة الابواب) المعتقل التي سبقنا اليها والدي. وهناك عندما خرجنا لباحة المعتقل في اليوم التالي لاحظت ان على جدار الزنزانة الاولى وهي الاولى بعد تخطي بوابة المعتقل على الجهة اليمنى من المدخل، على ما اذكر، كانت هناك جدارية جميلة مرسومة على كل الحائط الامامي لأمرأة ريفية وزرع وماء. عندما سألت نزلاء تلك الزنزانة عنها قالوا ان الذي رسمها هو الشاعر الكبير مظفر النواب عندما كان من نزلاء تلك الزنزانة.
لم تمر الايام في المعتقل دون تحقيق شبه يومي يرافقه تعذيب يحتمل، سألوني فيه فجأة عن صديق عملت معه في الاتحاد العام لطلبة العراق وهو الزميل اياد الطائي. استغربت في البداية لسؤالهم ولكني بعد ثوان تذكرت بأن أحد زملائنا في الاتحاد كان معتقلا وهو يعرف علاقتي بأياد، ويبدو ان هذه المعلومة لم تكن من الاهمية بحيث يسألونني عنها في قصر النهاية.
أنكرت اي علاقة تنظيمية بمن ذكروه، ولكني لم انكر اني سمعت بهذا الاسم ولا اذكر ان كنت التقيته يوما. ولكنهم مع ذلك دعوني في اليوم التالي لمرافقتهم في سيارة لاعتقال اياد الطائي في محل سكنه الذي لا اعرف حتى اليوم اين يقع. ادركت وقتها انها خدعة من قبلهم لكي يكشفوا علاقتي بأياد.
ركبت السيارة وانا افكر كيف بي ان استفيد من مخططهم نفسه. أتوا بالزميل اياد الطائي واجلسوه في السيارة غير بعيد عني، ولم يرتبك اياد عندما رآني في السيارة لأنه يعلم علم اليقين بأني لا اعرف عنوان سكنه وخمن ان اعتقالي جاء ضمن حملة شملتني وشملته. ولكني لم اصمت في طريق العودة الى الامن العامة فخاطبت اياد وقلت له انه ضحية اعتراف من فلان وانهم لا يعرفون عنه اكثر مما ادلى به هذا الفلان فليكن على علم وحذر. ائر سماع رجال الامن لكلامي صرخوا فيً فارضين علي ان اصمت او انهم يتصرفون معي بطريقة اخرى. وكان تهديدهم معززا لهدفي الذي سعيت اليه في تثبيت موقف اياد الطائي.
هذا كان الامتحان الوحيد الذي مررت به في معتقل الامن العامة والذي فهمت فيما بعد من اخيه فؤاد الطائي في موسكو عند لقائي به، انه شاكرا لموقفي الذي افاد كثيرا اخيه اياد في الصمود امام محققي الامن العامة، وكنت متيقنا من انه قد خرج من المعتقل دون اي خسائر للتنظيم والا كانوا قد استدعوني بشأنه للتحقيق مرة اخرى.
ولكي انهي هذه الحلقة عن فترة وجودي في معتقل الامن العامة قبل نقلي مع والدي واخي الى معتقل الفضيلية بودي الاشارة الى اني وفي اليوم الاخير لوجودي في معتقل الامن العامة فوجئت باعتقال زبانية الامن لاحد اصدقائي ومسؤولي الحزبي او ربما الطلابي، فلم اعد اذكر، وقد فاجأني وجوده في باحة المعتقل وهو في حالة نفسية يرثى لها. كان هذا في اليوم الاخير لوجودي في معتقل الامن العامة قبل نقلي الى معتقل الفضيلية، ولكن رؤيتي له بحالته تلك قد جلبت لي الشؤم وجعلتني في هاجس ترقب ما هو اسوأ في المستقبل.
قلت في تقديمي لهذه الذكريات في مقالة سابقة اني سأمر بشخصيات عديدة وسأعود لشخصيات رافقتني لفترة طويلة وخاصة الشهيد عبد الكريم احمد (ابو شروق) وكل املي ان لا اسبب لكم الملل، فالى الحلقة القادمة عن معتقل الفضيلية ولقائي بجبار كردي وعمار علوش والشخصية المثيرة للشفقة الشرطي (هتلر).



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عثرة في الدبلوماسية الايرانية ام رؤيا منقوصة في السياسة الخا ...
- تغريدات امريكية في غابة التويتر
- الثورة السودانية وخياراتها الصعبة
- قلف المراكب لا يثنيها عن الابحار
- حوارات فكرية من اجل اشتراكية بضفاف واقعية
- المدنيون وسياسة التحالفات
- مفارقات العدوان الثلاثي على سوريا
- العلاقات الصينية السورية
- الحدث الايراني بين الافتعال والواقع
- ترامب ولعبة خلط الاوراق
- انقلاب القصر
- كردستان بين الطموح والواقع
- الموقف الامريكي من الاتفاق النووي مع ايران
- مغزى زيارة الملك سلمان لموسكو
- منعطفات جديدة في السياسة الامريكية
- الملك عاريا
- تأملات تسبق الانتصار
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي
- خاطرتان قصيرتان في موضوع وحدة اليسار العراقي
- تركيا، الى اين؟


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جاسم ألصفار - بين ثلاث معتقلات (الحلقة الاولى)...