أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!














المزيد.....

ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6258 - 2019 / 6 / 12 - 10:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



قبل ما يزيد عن نصف قرن، وبعد أن خضّت هزيمة حزيران/ يونيو 1967 كل البنى السياسية في المنطقة العربية، جاء صعود المقاومة الفلسطينية في مخيّمات الأردن ولبنان وسوريا ليوازن وقع الهزيمة في النفوس ويعزّز العزائم في مواجهة المحنة. في ذلك الزمن، غدا الثوّار الفلسطينيون أبطال الجيل الصاعد بامتياز. ولم يكسر سحق المقاومة الفلسطينية في الأردن عام 1970 شوكة ذلك الجيل، بل أتى انفجار حرب لبنان في عام 1975 يجدّد أمانيه. فبات أفراد الجيل المقاوم في أرجاء المنطقة كافة ينظرون إلى الصراع الدائر في لبنان، تُلهمهم كلمات الشاعر الفلسطيني توفيق زيّاد على وقع ألحان الفنّان اللبناني أحمد قعبور: «أناديكم، أشدّ على أياديكم»…
كاد ذلك الزمن ينتهي هو أيضاً بالهزيمة في مواجهة الدولة الصهيونية بعد أن أخرجت هذه الأخيرة المقاومة الفلسطينية من بيروت في عام 1982، لو لم تهبّ الانتفاضة الشعبية في قطاع غزّة والضفّة الغربية في نهاية عام 1987. وقد جاء مفعول تلك الانتفاضة بعد مرور عقدين على هزيمة حزيران/ يونيو أكبر من كل ما أنجزه الكفاح المسلّح خلال ذينك العقدين، ففرضت على الحكم الصهيوني البحث عن سبيل لتكليف غيره بإدارة فلسطينيي الضفّة والقطاع تحت إشراف الاحتلال، ولاستعصى عليه الأمر لولا أبدت قيادة «منظّمة التحرير الفلسطينية» استعدادها للمشاركة في تلك العملية، مُجهضة بذلك الطاقة الثورية التي نجمت عن «ثورة الحجارة».
بقي أن العبرة من المسيرة الفلسطينية الطويلة قد رسخت، وهي أن قوة الشعب عندما تلتئم في فعل موحّد، حتى ولو كان الشعب عارياً من السلاح، إنما هي قوة جبّارة. وقد جاء «الربيع العربي» يؤكّد تلك العبرة عندما تمكّنت الحشود الجماهيرية حيثما التأمت الإرادة الشعبية شاملة عارمة، في تونس كما في مصر، أن تسقط الطاغية. وهو ما جعل من قصيدة أبي القاسم الشابّي نشيدَ ذلك الربيع: «إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بدّ أن يستجيب القدَر». أما حيث تمكّن الحكم من شقّ صفوق الشعب وإبقاء قسم منه تحت سطوته، استحالت الثورة حرباً أهلية يفوز فيها، كما في أي حرب، الطرف الذي يحوز على أكبر إمكانيات عسكرية، سواءً أكانت محلّية أم آتية من الخارج.


هكذا تبيّن أن مفتاح مصير الثورات إنما هو قدرة غالبية الشعب الساحقة على الالتئام في فعل موحّد: عندما يتوفّر هذا الشرط، فإن الشعب قادرٌ على التغلّب على الحكم ببذر الشقاق والتمرّد في صفوف آلة الدولة وقواها المسلّحة، بدل أن يتمكّن الحكم من درء الثورة عنه ببذر الشقاق والتخاصم في صفوف الشعب. هذا هو بالضبط ما يتعلّق به مصير الثورة الجارية حالياً في السودان: فبعد أن تمكّن التئام غالبية الشعب الواسعة من إسقاط رأس الدولة، على غرار ما تمّ في تونس والقاهرة قبل أكثر من ثماني سنوات، وفي الجزائر قبل الخرطوم بأيام، دخلت الأوضاع السودانية في طور ثانٍ تحاول فيه قيادة القوات المسلّحة شقّ صفوف الحركة الشعبية لتتمكّن من سحق الثورة.
وقد اعتقد «المجلس العسكري الانتقالي» أنه قادرٌ على بلوغ ذلك المرمى، وظنّ أن نفاقه في التظاهر بالليونة والتعاون، ومحاولته إلقاء اللوم على قيادة الثورة في شأن تعثّر مسار التغيير، ومراهنته على نجاح سعي حكّام مصر والإمارات والمملكة السعودية وراء شقّ صفوف الحركة الشعبية السودانية وتجنيد حركة شعبية مضادّة، ظنّ المجلس العسكري أن هذه الأمور جمعاء سوف تمكّنه من فرض مشيئته وإخماد الثورة. غير أن القيادة الثورية السودانية أثبتت أنّها حقّاً متفوّقة على كافة القيادات التي عرفتها السيرورة الثورية الإقليمية حتى يومنا، وذلك بحيازتها على مستوى أعلى من التنظيم والانسجام السياسي ووضوح الرؤية البرنامجية.
فتمكّنت «قوى إعلان الحرية والتغيير» في وجه الأسلحة النارية التي استخدمتها قوات القمع في ارتكابها مجزرة فض الاعتصام السلمي، تمكّنت من أن تُشهر سلاح الإضراب العام والعصيان المدني، وهما سلاحان عجزت أي تجربة ثورية في منطقتنا منذ بداية «الربيع العربي» عن إشهارهما في سعي دؤوب وراء تحقيق برنامج تغيير جذري متكامل مثلما يحصل الآن في السودان. ولولا قدرة القيادة الثورية السودانية على إشهار هذين السلاحين اللذين هما أمضى ما في ترسانة النضال الجماهيري السلمي، لاضطُرّ الحراك السوداني إلى اللجوء إلى الأسلحة النارية دفاعاً عن النفس مثلما اضطُرّ الحراكان الليبي والسوري قبل ثماني سنوات.
بتنا اليوم نراقب نضال شعب السودان بأمل عظيم لا يضاهيه سوى قلقنا على مصير تجربته الطليعية، ونحيّي ثوّار وثائرات السودان الشقيق ونحن نُنشد في قرارة نفوسنا: «نناديكم، نشدّ على أياديكم». وللشاعر توفيق زيّاد أبيات أخرى تليق بالتعبير عن موقف الشعب السوداني البطل على أفضل وجه:
«فارفعوا أيديكم عن شعبنا / يا أيُها الصّم اللذين / ملأوا آذانهم قطناً وطين / إننا للمرّة الألف نقول : / نحن لا نأكل لحم الآخرين / نحن لا نذبح أطفالاً ولا / نصرع ناساً آمنين… / نحن لا نعرف ما طعمُ الجريمة / نحن لا نحرق أسفاراً / ولا نكسر أقلاماً / ولا نبتزّ ضعف الآخرين… / إننا للمرّة الألف نقول :… / إنّنا لن ننحني»….



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السودانية تواجه مناورات الرجعية
- بين نقد «اليسار العربي» والتجنّي عليه
- ترامب… كثور في متجر خزف
- تركيا والانحدار السلطوي
- إيران بين «الممانعة» والتواطؤ والتوسّع
- لتضامن مع الثورة السودانية ملحّ!
- تفوّق قيادة الثورة السودانية برجالها ونسائها
- الانتقال والمعضلة في السيرورة الثورية العربية
- روسيا تدفع بأحجارها على رقعة الشطرنج
- ضمّ الجولان توطئة لضمّ الضفة الغربية
- تحية إجلال لرئيسة وزراء نيوزيلندا
- الجزائر إلى أين؟
- بوتفليقة أو نحرق البلد!
- المعادلة الخطيرة بين إسرائيل وأمريكا وإيران
- المنافقون والعداء لليهود والمسلمين
- ماركس والشرق الأوسط 1/2
- مصر: تعديلات سيسيّة ومفارقات سياسيّة
- في تغليب أمن إيران على مصلحة العراق
- لا للبشير ولا للسيسي بل ديمقراطية غير منقوصة!
- أمريكا وبريطانيا: تجديد العظمة وتسريع الأفول


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - ارفعوا أيديكم عن شعبنا في السودان!