أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - المثقف ورجل الدين وليس من أحد معصوم















المزيد.....



المثقف ورجل الدين وليس من أحد معصوم


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعودنا من زمن على سماع وقراءة بعض الملاسنات الفكرية بين المثقف ورجل الدين , وهذه الملاسنات عادة ما تأتي في كتب ومؤلفات , أو مقالات , أو خطب وندوات ومحاضرات.
وحصيلة هذه الملاسنات التي تدور بين المثقف ورجل الدين , أن كل واحد منهما يظن في نفسه العصمة وفي طرحه وفي فكره , وكل واحد منهما يرى الآخر على أنه الشر المستطير , وأنه سبب البلايا والفساد والحروب والخراب الذي حل بكوكب الأرض . وترك كل منهما البحث عن الأسباب الحقيقية للبلايا والفساد والحروب والخراب التي حلت بالإنسان على مر العصور.
ولكل من رجل الدين والمثقف مرجعيته الفكرية والثقافية التي ينطلق منها ، فرجل الدين مرجعيته تتلخص في التراث والسلف ، أما المثقف فمرجعيته تتلخص في الحضارة الغربية وثقافتها ، وكل من رجل الدين والمثقف ، يبذل قصارى جهده في إثبات العصمة والخير والسعادة في ما يطرح وما يقول ، ويستميت كل منهما في نقد الآخر ، وتحقيره وتشويهه ، بكل ما أوتي من وسائل، حتى لو كانت من بين الوسائل بعض وصلات الردح الشعبي ، مما يشعر المرء بأن هناك حسابات شخصية لكل منهما ، ومما يشعر المرء أيضا بأنه ليست لدى كليهما موضوعية وحيادية وعقلانية.
إن الدين والفكر والعقل والحداثة والتطور والعلوم الطبيعية , لا تحوي في داخلها إلا الخير والنفع للإنسان ودفع الأذى والضرر عنه , وما أفسد هذه الأشياء ، وما أساء استخدامها إلا الإنسان نفسه ، الإنسان الشرير المتسلق الحاقد الوصولي الطامع الأناني .
وقد يسأل سائل إذا كان الدين والعقل والفلسفة والحداثة والتطور والعلوم الطبيعية ليست شرا في ذاتها بل كلها خير , فمن أين يأتي البلاء والفساد والحروب والخراب الذي أول ما يحرق , يحرق الإنسان نفسه ويهينه ويذله ويضطهده ويجيعه ويسفك دمه ؟
أقول هذا سؤال مهم جدا جدا والإجابة عليه أكثر أهمية , ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال يجب أولا أن نستعرض بعض الحقائق والموضوعات حول طبيعة تناول كلا من رجل الدين والمثقف لموضوعات الحياة ... ونبدأ برجل الدين .

أولا : رجل الدين :
رجل الدين هو الشخص الذي يفرض من نفسه وبنفسه الوصاية على الدين وعلى الناس , ويمكن أن نستعرض مبادئ هذه الوصاية على النحو التالي :
1- الوصاية على الدين :
وتتركز وصاية رجل الدين على الدين واحتكاره له في النقاط التالية :
- احتكار فهم الدين وتدبره .
- يرى لنفسه أفضلية أو أحقية وفوقية على الناس .
- يقوم باختراع وتخليق واستنساخ أحكام من عند نفسه لم تأت نصا في الدين وذلك عن طريق التلفيق والتبرير والاعتذار والنسخ والتجميع والتكييف والترقيع .
- يحاول من خلال هذه السلطة إخضاع أكبر عدد ممكن من الناس لسلطته المختلقة .
- إضافة مصادر أخرى مصطنعة إلى المصدر الوحيد للتشريع وإضفاء الشرعية الإلهية عليها .
- محاولة إخضاع كل ساكن ومتحرك وكل قائم وقاعد وكل فعل وكل قول للتديين , بمعنى اعتقاد حرمة جميع علوم البشرية وتصرفاتها وأقوالها بأحكام دينية مصطنعة تحرم وتمنع وتحظر كل شيء إلى عبر المرور على مصافي التديين .
- استخدام كل السبل الممكنة بما فيها سفك الدماء للحفاظ على أسس المذهب أو الطائفة أو الفرقة وتكفير وتضليل بقية الطوائف والمذاهب والفرق .
- إمكانية الانفصال بكل سهولة ويسر عن الجماعة الأم وتكوين فرقة أو طائفة أو مذهب جديد عند تعارض الرغبات والشهوات والمصالح .
- اعتبار كل جديد وحديث وكل علم وتطور واكتشاف هو ضد الله وضد الدين وضد الكتب السماوية .
2- الوصاية على الناس :
وتتركز وصاية رجل الدين على الناس في النقاط التالية :
- إصدار الأحكام بالكفر والتفسيق والتبديع على الناس .
- إقناع الناس بأن الأصل في كل شيء يحدث في السماوات والأرض حرام ما لم يأت النص بحليته وإباحته .
- إشعال الفتن والحرائق الدينية بين الناس بحجة الانتصار لله ولدينه على حد زعم رجال الدين .
- انتحال رجل الدين صفة الرقيب والمحاسب للناس في تنفيذ أو عدم تنفيذ الأوامر الإلهية التي جاءت بها الكتب المقدسة .
- منع رجل الدين للناس من فهم الكتب السماوية إلا بشروط تعجيزية تحرم على الناس أي محاولة للاقتراب من فهم وتدبر الكتب المقدسة .
- إدخال رجل الدين في روع الناس أن لدية علم وفهم عن الله لن يصل إليه أحد غيره سواء بطريقة مباشرة كرجال الدين المسيحيين أو بطريقة غير مباشرة كرجال الدين المسلمين .
- لرجل الدين الحق في التحليل والتحريم والإفتاء بما شاء ولمن شاء وله وحده حق الرجوع في الفتوى عند أي ظروف طارئة , وعند تغيير المواقف وتبدل المصالح .
- دائما ما يتبنى رجل الدين السلطة السياسية الحاكمة أو تتبناه السلطة السياسية الحاكمة لإغداق المناصب والأموال والامتيازات عليه حتى تحظى السلطة السياسية بالشرعية الإلهية المطلقة في التصرف في الحرث والنسل كيفما شاءت ، ومن هذه الشرعية التي يمنحها رجل الدين للحاكم مثلا : ( لا يسأل عما يفعل – وما ينطق عن الهوى – يسجن من يشاء ويفرج عن من يشاء – يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء – ويحيي ويميت – وكل من عليها فان في سبيل أن يبقى وجه الحاكم ذو الجلال والإكرام ) .
- يجعل رجل الدين من نفسه غطاء للحاكم لشرعنة رغباته وشهواته ونزواته وحماقاته ومراهقته .
- إدخال رجال الدين في معتقد الناس أن الظروف والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة وقت نزول الرسالات هي من الدين ومن صميم الأوامر الإلهية كطريقة اللبس والمأكل والمشرب والتحدث وغيرها من العادات والتقاليد السائدة في ذلك الوقت .
- إدخال رجل الدين في معتقد الناس أن الحياة والتطور قد توقف وانتهى بنزول الرسالات السماوية.
إذا من هذا المنطلق وبهذا المنطق ومن خلال هذه المعتقدات الباطلة التي انتحلها رجل الدين لنفسه وعلمها وفرضها على الناس وأقنع بعض الناس بها يتبين لنا السبب الحقيقي وراء هذا الخوف والرفض الدائم لكل تطوير وتجديد وتحديث , ولأي محاولة للعقل بالتدخل لفهم أو تدبر الكتب المقدسة والأديان , وقد حاول رجل الدين من خلال هذه المعتقدات والانتحالات أن يخوف الناس ويرهبهم من الحداثة ومن العقل , ومن أي محاولة للنبش في التراث والموروث حتى ثبت في خلد الكثير من الناس أن العقل شر والحداثة شيطان رجيم والمراجعة والغربلة والبحث عن الحقيقة هرطقة وبدعة ومروق من الدين .
ومن أكثر دعاوى رجل الدين كذبا إضفاء العصمة والقداسة على الأولين السابقين إلى الاستجابة لدعوات الأنبياء والرسل أو ما يسمون بالرعيل الأول , وما ادعى رجل الدين ذلك إلا لينال هو أيضا نصيبا من هذه العصمة وتلك القداسة .
إن عملية إضفاء القداسة والعصمة الإلهية على ما يسمون بالتلاميذ أو الصحابة أو القديسين أو الرعيل الأول ومن ثم الوصاية على الناس لهي من صنع رجال الدين أنفسهم , بل إن القرآن يكذب ذلك في قوله تعالى : { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} آل عمران (79 : 80) .
بل إن الكثير من الرعيل الأول في جميع الديانات أياديهم ملطخة بالخيانة والنفاق والدماء , ألم يكن يهوذا الأسخريوطي الخائن الذي وشى بالسيد المسيح مقابل بضع أوزان من الفضة , ألم يكن تلميذا للسيد المسيح , فلو كان معصوما أو قديسا فلم فعل ما فعل ؟ أم كان بقية التلاميذ معصومين إلا يهوذا ؟
وألم تكن عائشة (أم المؤمنين) زوجة النبي صلي الله عليه وسلم قد خرجت تقاتل المسلمين في موقعة الجمل؟ ( لقب أم المؤمنين جاء مكرمة من الله لرسوله وليس مكرمة لزوجاته).
وألم يكن علي بن أبي طالب ومعاوية من الصحابة ثم كانت الفتنة الكبرى على أيديهما والتي قتل فيها آلاف من المسلمين ؟
إذن فليس كل تلاميذ الأنبياء والرسل قديسين وليس كل الرعيل الأول معصومين, بل كان فيهم الصالح والطالح , وكان فيهم الطيب والخبيث , وكان فيهم المصلح والمفسد .
فما تلاميذ الأنبياء والرسل ولا صحابتهم بملائكة وقديسين ولا بمعصومين , وما رجال الدين من بعدهم كذلك , فما الجميع إلا بشر يصيب ويخطئ , يصلح ويفسد, وليسوا بأنبياء ولا رسل ولا ملائكة .
ولو ألقينا نظرة سريعة على دور رجال الدين عبر التاريخ في سفك دماء الناس لوجدنا كثيرا من المآسي التي تقشعر لها الأبدان , ولرأينا كيف أن الإنسان الذي هو رجل الدين والمفترض أن يكون قدوة للناس في السماحة والعفو والصفح والسلام كيف هذا الإنسان يتحول إلى وحش آكل للحوم البشر وماص لدمائهم.
ونلقي نظرة سريعة على تاريخ رجال الدين الدموي في الديانة المسيحية والإسلامية كمثال :




أولا : التاريخ الدموي لرجال الدين المسيحي :
لقد بدأت المسيحية في فلسطين واحتكت أول الأمر باليهودية التي اضطهدت دعاتها فرحل بعضهم إلى الإسكندرية ورحل آخرون إلى روما .أخذت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية الرومانية انتشاراً سريعاً فجعلها (قسطنطين ) دين الدولة الرسمي.
ولما تولى( ثيودوسيوس ) أخذ يحارب الوثنية فأغلق معابدها وجعل الناس يُعَمَدّون قسراً، ومع ذلك فلم يلبث المسيحيون أن انقسموا فرقاً اشتد الخلاف بينها اشتداداً صحبه اضطراب في الأمن مما اضطر الأباطرة إلى التدخل بينها ومناصرة بعضها على البعض الآخر .
ونشاهد في تاريخ المسيحية ومنذ أوائل عهودها خلافات مذهبية عميقة جداً كان لها آثارها الخطيرة إن على مستوى تاريخ أوربا أو مستوى الشرق.. وأهم مشاكل الخلاف هي طبيعة عقيدة التثليث والعلاقة بين الأقانيم الثلاثة (الأب ـ الابن ـ روح القدس).. واستفحلت تلك المشكلة حين حدث خلاف حاد بين اثنين من رجال الكنيسة في الإسكندرية وهما (اريوس) و(اثناسيوس).. حيث قال اريوس: أن المسيح مخلوق لإله عظيم وحيد متفرد بطاقاته وصفاته، وإذا لم يكن الحال كذلك فإن المسيحيين يكونون غير مؤمنين بعقيدة التوحيد ويعبدون اكثر من اله.. أما (اثناسيوس) فقد قال: أن فكرة الثالوث المقدس تقضي أن يكون الابن مساوياً للأب ومن نفس العنصر تماماً ودونما خلاف في القدرة والمكانة رغم تميزهما عن بعضهما... وقد حققت مقولات اثناسيوس مع الأيام تقدماً ملحوظاً على حساب الأفكار التي طرحها (اريوس) من خلال ما دخل إلى العقيدة المسيحية من تقديس للشهداء والقديسين وبقاياهم التي أدت إلى عبادة المخلفات المقدسة والصور حيث حدث إقبال شديد على اقتناء ما سمي (بالأيقونات) سواء من قبل الكنائس أو الأفراد..
وانقسموا إلى ثلاثة فرق : الملكانية والنسطورية واليعاقبة .
و الملكانيون هم اتباع أريوس الذي قال بأن المسيح مخلوق وليس مولوداً من الأب ولذا لا يساويه في الجوهر .
أما النسطوريون وهم أتباع نسطور فقد قالوا إن للمسيح طبيعتين إحداهما إلهية والثانية بشرية، فهو بالأولى ابن الله وبالثانية ابن مريم.
أما الحزب الثالث وهو حزب اليعاقبة فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض.
فنشأت بينهم أحزاب مختلفة ولم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في النظريات والعقائد والطقوس بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف، ومن أمثال تلك الفظائع ما ارتكبه الرومان مع أقباط مصر، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني والمصريون معظمهم من اليعاقبة وعقب استرداد هرقل لمصر من الفرس حاول أن يوفق بين المذهبين فأبى القبط ذلك فلجأ الرومان إلى القوة وكان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى حتفه وكان القساوسة من القبط يقتلون أو يشردون . أما بطرقهم بنيامين فقد اختفى وطلبه الرومان فلم يعثرا له على أثر . وقد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس عن عقيدتهم وأخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب . و ليت الأمر اقتصر على مصر فقط ، بل إن أباطرة الدولة الرومانية الشرقية اضطهدوا النسطوريين أيضاً في آسيا الصغرى والشام وفلسطين مما كان سبباً في التجاء علمائهم إلى العراق وفارس .
و لقد كانت حركة الإصلاح الديني فيما بين القرن الخامس عشر والسابع عشر أعنف حركة دينية شهدها التاريخ فقد أدت الخلافات الدينية إلى مشاحنات ومطاحنات واضطهادات كانت أشد ما عرف من نوعها في تاريخ الأديان ولكي نرى مبلغ ما أثاره من عداوة يجب أن نستعرض أهم مظاهرها وهي :
حرب الثلاثين عاماً :
وقد استمرت من 1618 على 1648 وكان تأثيرها في ألمانيا تأثيراً سيئاً إذ ظلت ميداناً للحرب فريسة للنهب مدة ثلاثين سنة هلك فيها نصف سكانها تقريباً واندثرت فيها معالم الصناعة والتجارة والفنون .


اضطهاد هيجونوت فرنسا :
كان بروتستانت فرنسا يدعون الهيجونوت وكانوا أقلية ضئيلة في وسط أغلبية كاثوليكية عظيمة ولذلك كان تاريخهم فيها حافلاً بالاضطهادات والحروب والمذابح التي من أشهرها ( سان برثلميوا) في 24 أغسطس سنة 1572 إذ بينما كان (كوليني ) زعيم الهيحونوت وأحد وزراء الملك شارل التاسع في ذلك الوقت ماراً أطلق عليه رجل الرصاص فأصابه إصابة غير قاتلة فعزم الملك على الانتقام فخاف الكاثوليك عاقبة التحقيق وانفضاح أمرهم فبيتوا يوم ( عيد القديس _ ثلميو) مذبحة هائلة ووضعوا علامات على بيوت الهيجونوت وانتقل الخبر من باريس إلى الأقاليم فقلدوها وكانت النتيجة أن قتل من الهيجونوت ألفا نفس في باريس وثمانية آلاف في الأقاليم وحينما تولى رشيليو مقاليد الأمور في فرنسا عمل على إخضاع الهيجونونت وكانوا إذ ذاك يقيمون في مدن محصنة فاستلزم إخضاعهم حروباً طويلة الأمد.
محاكم التفتيش :
وهي محاكم لم ير التاريخ لها مثيلاً كان شعارها القسوة التي لا رحمة فيها والاضطهاد الذي لا هوادة فيه لأعداء الكاثوليك وكانت تستمد سلطتها من البابا مباشرة. وكانت تتجسس بكل الطرق وتقبض على من تشاء وتعذب المقبوض عليهم بما تراه حتى تكرههم على الاعتراف بإلحاد وحينئذ توقع عليهم عقوبة الإحراق أو السجن المؤبد ومصادرة الأملاك حتى التائبون منهم يسجنون طول حياتهم تطهيراً لهم من جريمة الإلحاد وكانت هذه المحاكم تراقب المطبوعات وتحرق ما لا يتفق منها مع المذهب الكاثوليكي . ويذكر التاريخ هذه المحاكم كأعظم نقطة سوداء في تاريخ المسيحية لما أجرته على الشعوب البريئة من الويلات .
مجلس الدم :
لما كثر في سكان الأرض المنخفضة مذهب كلفن أشتد شارل في معاملتهم وأقام محاكم التفتيش بها فأحرقت عدداً من البروتستانت ولما خلفه ابنه فليب الثاني ملك أسبانيا استمر في سياسة الاضطهاد وأخذت الجنود تتحرش بالأهالي فقامت الثورة وأنقض الناس على الكنائس الكاثوليكية وكسروا ما فيها من تماثيل وصور فما كان من فليب إلا أن أرسل (دوق الفا ) على رأس جيش عظيم من الأسبان لمعاقبة الثور فكون المجلس المعروف بمجلس الدم لكثرة ما اهرقه من الدماء وقد اقترف ( الفا ) من الفظائع ما يندر وجود مثله في التاريخ .
http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=31&select_page=1
الحروب الصليبية وفتاوى الجهاد المقدس.
أقام باباوات الكنيسة في بادئ الأمر مجمعاً سموه (بالاساس) شارك فيه فئتان من علماء وبطارقة المسيحيين وثلاثون ألفا من الإشراف أو الخيّالة العسكرية.. وتحدث في هذا الجمع الراهب (بيرار ميت) الذي كان يحمل الصليب في يده ويطوف في أوربا مدينة مدينة محرضاً الناس على حرب المسلمين..
أما القرارات التي أصدرها المجمع الكنسي الذي عقد في (كليرمونت) في العام 1095 فقد لخصت المشروع الذي قدمه البابا اوربان الثاني ودعا فيه إلى قيام الحملة الصليبية الأولى على النحو التالي (أن كل من يرحل إلى بيت المقدس بدافع التقوى والورع وبهدف تحرير كنيسة الرب وليس بغية الحصول على المجد أو المال فانه يستطيع بهذه الرحلة أن يكفر عن ذنوبه وآثامه كافة)..
وقال: لا يجوز لكل رجل يسعى في خلاص روحه أن يتوانى عن سلوك طريق الرب بكل خشوع وإن احتاج إلى المال فالعناية الربانية ستسعفه.. وأضاف في بيانه قائلاً: أيها الإخوان عليكم أن تتحملوا كثيراً من المشقة والفقر والعذاب من اجل اسم المسيح وتعانوا العري والاضطهاد والمذلة والمرض والجوع والعطش وما شاكل هذا من صنوف الشرور كما قال الرب لحوارييه (سأريكم كم ينبغي أن تتألموا من اجل اسمي.. وقوله (إني أنا أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها).. أو كما قال أيضاً (إنكم ستأخذون ميراثاً عظيماً)..


الحملة الصليبية الأولى ومذابح الصليبيين.
يصف ابن الأثير في الكامل الاستيلاء على القدس: ولبث الفرنج في البلدة أسبوعا يقتلون فيه المسلمين، وقتل الفرنج في المسجد الأقصى ما يزيد على السبعين ألفا منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم ممن فارق الأوطان وجاور ذلك الموضع الشريف، ثم بدأ النهب والسلب..
ويكتب (وليم الصوري): كانت المدينة تمثل بمذبحة الأعداء هذه مشهداً ما كان حتى للمنتصرين أنفسهم إلا أن يتأثروا بالرعب والتقزز، أما الانويم فيستعمل صورة سوف يستعيدها التاريخ حيث يؤكد انه داخل المسجد الأقصى كان جماعتنا يمشون في الدم حتى عراقيب أرجلهم، ويتحدث اخباريون آخرون أن أكوام الجثث تلك التي ظلت تحرق تحت أسوار المدينة على امتداد أسبوع بكامله..
http://www.annabaa.org/nba45/hroobsalebee.htm
وصف للمجاز الصليبية التي حدثت في القدس حين دخول الصليبيين إليها:
ذكر غوستاف لوبون في كتابه الحضارة العربية نقلا عن روايات رهبان ومؤرخين رافقوا الحملة الصليبية الحاقدة على القدس ما حدث حين دخول الصليبيين للمدينة المقدسة من مجازر دموية لا تدل إلا على حقد أسود متأصل في نفوس ووجدان الصليبيين. فقال الراهب روبرت أحد الصليبيين المتعصبين وهو شاهد عيان لما حدث في بيت المقدس واصفا سلوك قومه ص325 ( كان قومنا يجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل وذلك كاللبؤات التي خطفت صغارها ! كانوا يذبحون الأولاد والشباب ويقطعونهم إربا إربا وكانوا يشنقون أناسا كثيرين بحبل واحد بغية السرعة وكان قومنا يقبضون كل شيء يجدونه فيبقرون بطون الموتى ليخرجوا منها قطعا ذهبية فيا للشره وحب الذهب وكانت الدماء تسيل كالأنهار في طرق المدينة المغطاة بالجثث )
وقال كاهن أبوس ( ريموند داجميل ) شامتا ص326-327:
(حدث ما هو عجيب بين العرب عندما استولى قومنا على أسرار القدس وبروجها فقد قطعت رؤوس بعضهم فكان هذا أقل ما يمكن أن يصيبهم وبقرت بطون بعضهم فكانوا يضطرون إلى القذف بأنفسهم من أعلى الأسوار وحرق بعضهم في النار فكان ذلك بعد عذاب طويل وكان لا يرى في شوارع القدس وميادينها سوى أكداس من رؤوس العرب وأيديهم وأرجلهم فلا يمر المرء إلا على جثث قتلاهم ولكن كل هذا لم يكن سوى بعض ما نالوا).
وقال واصفا مذبحة مسجد عمر:
لقد أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان وكانت جثث القتلى تعوم في الساحة هنا وهناك وكانت الأيدي المبتورة تسبح كأنها تريد أن تتصل بجثث غريبة عنها فإذا اتصلت ذراع بجسم لم يعرف اصلها. ولم يكتفي الفرسان الصليبيون الأتقياء (!) بذلك فعقدوا مؤتمرا أجمعوا فيه على إبادة جميع سكان القدس من المسلمين واليهود و خوارج النصارى الذين كان عددهم ستين ألفا فأفنوهم على بكرة أبيهم في ثمانية أيام و لم يستبقوا منهم امرأة و لا ولدا و لا شيخا )
وفي ص396 يقول : ( و عمل الصليبيون مثل ذلك في مدن المسلمين التي اجتاحوها ففي المعرة قتلوا جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين في الجوامع و المختبئين في السراديب فأهلكوا صبرا ما يزيد على مائة ألف إنسان في أكثر الروايات و كانت المعرة من أعظم مدن الشام بعدد السكان بعد أن فر إليها الناس بعد سقوط إنطاكية و غيرها بيد الصليبيين).
(وهذا غيض من فيض)
http://arabic.islamicweb.com/christianity/salibi_wars.htm

ثانيا : التاريخ الدموي لرجال الدين الإسلامي :
حروب الردة
كان من بين الذين حاربهم أبو بكر في الحروب التي عرفت باسم بحروب الردة من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب وطليحة بن خويلد الأفاك وسجاح الدجالة .
وكان من بينهم بعض القبائل العربية التي ارتدت عن الدين كقبيلة بني سليم وغيرها ، وقد أرسل الخليفة أبو بكر إليهم خالد بن الوليد على رأس جيش لقتالهم ، حيث روي أنه كان يجمع المرتدين منهم في الحظائر ثم يحرقها عليهم بالنار ، وهكذا فعل أبو بكر بإياس بن عبد الله المعروف بالفجاءة حيث أمر بإحراقه . وقد اشتهرت هذه الحادثة في كتب التاريخ لا سيما لاحتجاج الصحابة واعتراضهم على الخليفة لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (لا يعذب بالنار إلا رب النار). وقد دلت روايات تاريخية عديدة على أن معظم القبائل العربية التي حاربها الخليفة لم يكن بسبب ردتها عن الدين ، وإنما بسبب رفضها دفع الزكاة أو تريثها في ذلك لارتيابها بشأن الخلافة التي تنازعها المهاجرين والأنصار ، واختلاط الأمر على هذه القبائل في مدى أهلية الحكومة الجديدة .
وقد كان الخليفة عمر معارضا " لقتال هذه القبائل التي لم تعلن ردتها عن الإسلام وإنما اختلط عليها الأمر في فهم بعض الأحكام الشرعية أو التطورات السياسية التي حصلت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال عمر لأبي بكر : ( كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها ، وحسابهم على الله ) ، ولكن أبا بكر كان مصرا " على موقفه ، وقال : ( والله لو منعوني عقالا " كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعه ) .
ومن ضحايا سياسة أبي بكر هذه مالك بن نويرة ( والذي كان قد سبق وأن ولاه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صدقات قومه لثقته به واعتماده عليه حيث أرسل الخليفة قائد جيوشه خالد بن الوليد لمقاتلة مالك وقومه بذريعة الردة عن دين الإسلام . ولما علم مالك بقدوم خالد ، أخلى له الديار وأمر أصحابه بالتفرق تجنبا " للاقتتال . ولكن خالدا " أرسل في أثرهم حتى جئ إليه بمالك ونفر من قومه فحبسهم عنده ، ولما كان وقت الصلاة صلوا جميعا " بمن فيهم مالك ومن معه ، ثم سيق مالك ومعه زوجته وأصحابه إلى خالد . وبعد محاورات بين الفريقين ، أصر خالد على قتل مالك وجماعته بالرغم من صلاتهم وكل تأكيداتهم له بإسلامهم ، حتى أن مالكا " طلب من خالد أن يرسله إلى أبي بكر ليحكم بأمرهم . ولكن دون جدوى ، حيث كان لخالد ما أراد من قتلهم ، وقد أوعز بالمهمة إلى ضرار بن الأزور.
والحقيقة في هذه الحادثة أن مالكا " لم يرتد عن الإسلام وإنما رفض دفع الزكاة لأبي بكر تريثا " لما ستسفر عنه الصراعات التي خلفتها فلتة السقيفة ، أو كما قال ابن القيم الجوزية التلميذ الشهير لابن تيمية : إن رفض دفع مالك وجماعته لم يكن بسبب ردة عن دين ، وإنما لشبهة شرعية تخيلوا بها أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن خاطبه الله ( سبحانه وتعالى ) بالآية : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها ) هو وحده المخول بجمع الزكاة منهم ، ولما توفاه الله ، أصبحوا في حل من دفعها . ومن الثوابت التاريخية أنه وفي يوم مقتل مالك ، قام خالد بالدخول في زوجته والتي روي أنها كانت من أجمل نساء العرب، وقد قال مالك لخالد قبل مقتله : هذه التي قتلتني ( يعني زوجته ). فقال له خالد : بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام ، فقال له مالك : إني مسلم . فقال خالد: يا ضرار اضرب عنقه . وكان عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري من شاهدي تلك الواقعة ، وقد كلما خالدا " في أمر مالك قبل قتله ، ولكنه كره كلامهما. ومما يشير أيضا " إلى عظيم ما اقترفته يدا خالد ، أن أبا قتادة أقسم أن لا يشارك بعد تلك الحادثة بجيش فيه خالد . وأما عمر بن الخطاب ، فقد ثارت ثائرته لفعل خالد وطالب الخليفة أبا بكر بإقامة حدي القتل والزنا عليه . وكان جواب الخليفة له بالرفض بحجة أن ما فعله خالد يعد من التأول والاجتهاد وإن أخطأ فيه ( ؟ ! ) ثم قال : يا عمر ما كانت لأغمد سيفا " سله الله عليهم.
ولأن عمرا " لم يقتنع ( باجتهاد ) خالد وتأويله ، ولا بصفح أبي بكر عنه ، فإنه عندما تسلم الخلافة ، كان من قراراته الأولى عزل خالد عن قيادة جيش المسلمين والذي كان حينها في غمرة انشغاله بقتال الروم في الشام .
http://www.shiaweb.org/books/khelafa/pa17.html


موقعة الجمل
في الوقت الذي أخذ فيه علي بن أبي طالب يجهز للخروج إلى الشام، جاءه ما لم يكن يتوقع؛ فقد كانت أم المؤمنين عائشة قد أدت فريضة الحج، فسمعت وهي في طريقها إلى المدينة بنبأ مقتل عثمان، فغضبت لهذه الجريمة البشعة، وقفلت راجعة إلى مكة، وأخذت تردد: "قتل والله عثمان مظلوما، لأطلبن بدمه". وفي مكة التقت بطلحة والزبير وبعض بني أمية من قوم عثمان، واتفقوا جميعا على تجهيز جيش للأخذ بالقصاص من قتلة عثمان، واتجهوا إلى البصرة؛ باعتبارها أقرب بلد من البلاد التي اشترك أهلها في الفتنة والخروج على عثمان بن عفان.
وصلت هذه الأنباء إلى علي بن أبي طالب؛ فاضطر إلى تغيير خطته بالذهاب إلى البصرة لا إلى الشام قبل أن يصل جيش عائشة ومن معها إلى البصرة، لكنها كانت أسبق منه في الوصول إليها، غير أن والي البصرة "عثمان بن حنيف" أصر على منعهم من دخول البصرة، ودارت معركة صغيرة قتل فيها نحو 600 من الفريقين؛ فارتاعوا من كثرة القتلى، وتنادوا إلى السلم وعقد الصلح وانتظار قدوم الإمام علي إلى البصرة. وكان هذا مقدمة لحرب "الجمل" التي راح ضحيتها نحو 20 ألفا من المسلمين.
معركة صفين
بعد وقعة الجمل استعد على بن أبي طالب لمحاربة معاوية، وتحرك بجيشه الكبير الذي يبلغ عدده 100 ألف إلى صفين، وهو سهل يقع على الجانب الغربي لنهر الفرات شمال بلدة الرقة، وفي الوقت نفسه استعد معاوية لهذه المعركة الحاسمة بجيش يقترب من جيش علي، وقبل المعركة دارت مراسلات بينهما بلغت أكثر من شهر ما بين أواخر شهر ذي الحجة سنة 36 هـ إلى بداية شهر المحرم 37هـ، لكنها لم تؤدِّ إلى نتيجة، وفي غرة صفر من عام 37هـ اشتعلت الحرب بين الفريقين، وظلت 10 أيام متصلة قتل خلالها الآلاف من المسلمين، واشتد الخطب على الفريقين، ووقعت الخسائر الضخمة في جانب جيش معاوية، وأصبحت هزيمتهم قاب قوسين أو أدنى، وعند ذلك رأى معاوية أن يضع حدا لهذا الأمر، فطلب من "عمرو بن العاص" الرأي والمشورة؛ فأشار عمرو بطلب التحكيم.
رفع المصاحف
أصدر معاوية إلى كبار رجاله بأن يرفع كل منهم مصحفا على رمحه، إشارة إلى الاحتكام إليه، وارتفعت صيحة في جيشه تقول: كتاب الله بيننا وبينكم، مَن لثغور الشام بعد أهل الشام؟ ومَن لثغور العراق بعد أهل العراق؟ ومن لجهاد الروم؟ ومن للترك؟ ومن للكفار؟ ورُفع في جيش معاوية نحو 500 مصحف.
توقفت الحرب، وارتضى الطرفان أن يعودا إلى الحكمة وتحكيم القرآن بينهما، وأناب كل واحد منهما شخصا ينيب عنه، ويتفاوض باسمه في القضايا محل الخلاف؛ فأناب "علي" أبا موسى الأشعري، وأناب "معاوية" عمرو بن العاص، وعقد لذلك وثيقة كُتبت في يوم الأربعاء الموافق (13 من صفر سنة 37هـ = 1من أغسطس 657م) عُرفت بوثيقة التحكيم.
وجعلت الوثيقة شهر رمضان من سنة 37هـ أقصى مدة لإعلان قرار التحكيم، إلا إذا رأى الحكمان مد المدة، وفي "دومة الجندل" اجتمع الحكمان، وبعد مباحثات طويلة وصلا إلى نتيجة ظنا أنها أفضل الحلول، وهي عزل علي بن أبي طالب من الخلافة، ورد الأمر إلى الأمة تختار من تشاء على أن تبقى البلاد تحت المتخاصمين في يديهما؛ فتبقى البلاد التي تحت حكم علي، وهي الدولة الإسلامية عدا الشام في يده، ويتصرف معاوية في حكم الشام التي تحت يديه.
رفض علي بن أبي طالب هذه النتيجة؛ لأن الخلاف لم يكن قائما على منصب الخلافة، وإنما على إقامة الحد على قتلة عثمان، وعلى بيعة معاوية لعلي بن أبي طالب.. وتطورت الأحداث بعد ذلك، وانقسم جيش "علي" على نفسه، وظهرت فرقة "الخوارج" الذين انشقوا عليه، واضطر علي لمحاربتهم؛ مما أضعف جبهته، واستنفد كثيرا من جهده، وشاءت الأقدار أن تكون نهايته على يد واحد من الخوارج.
http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/04/article26.SHTML
مأساة كربلاء
استقرت الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان في سنة 41 هـ، بعد أن تنازل له الحسن بن على بن أبي طالب عن الخلافة، وبايعه هو وأخوه الحسين وتبعهما الناس، وذلك حرصًا من الحسن، على حقن الدماء، وتوحيد الكلمة والصف، وقد أثنى الناس كثيرًا على صنع الحسن، وأطلقوا على العام الذي سعى فيه بالصلح "عام الجماعة".
وكان الحسن والحسين ابنا على بن أبي طالب، يترددان على معاوية، في دمشق فيكرمهما ويحسن وفادتهما، ويعرف لهما قدرهما ومكانتهما، ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين- رضي الله عنه- يفد كل عام إلى معاوية؛ فيحسن استقباله ويبالغ في إكرامه، وظل الحسين وفيًا لبيعته، ويرى في الخروج على طاعة معاوية نقضًا لبيعته له، ولم يستجب لرغبة أهل الكوفة في هذا الشأن، بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه "يزيد" في سنة 49هـ.
فاجأ "معاوية بن أبي سفيان" الأمة الإسلامية بترشيح ابنه "يزيد" للخلافة من بعده في وجود عدد من أبناء كبار الصحابة، وبدأ في أخذ البيعة له في حياته، في سائر الأقطار الإسلامية، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، ولم يعارضه سوى أهل الحجاز، وتركزت المعارضة في الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير.
توفى معاوية بن أبي سفيان سنة 60 هـ، وخلفه ابنه يزيد؛ فبعث إلى واليه بالمدينة لأخذ البيعة من الحسين الذي رفض أن يبايع يزيد، كما رفض- من قبل- تعيينه وليًا للعهد في خلافة أبيه معاوية، وغادر المدينة سرًا إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث.
رأى أهل الشيعة في الكوفة، أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الخلافة الحسين بن علي، بعدما علموا بخروجه إلى مكة؛ فاجتمعوا في بيت زعيمهم "سليمان بن صرد"، واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعونه بالخلافة، وتتابعت رسائل أشراف الكوفة إلى الحسين، كلها ترغبه في الحضور، حتى بلغت خمسين رسالة.
وأمام هذه الرسائل المتلاحقة، ووعود أهل الكوفة الخلابة بالنصرة والتأييد، استجاب الحسين لدعوتهم، وعزم قبل أن يرحل إليهم أن يستطلع الأمر، ويتحقق من صدق وعودهم؛ فأرسل ابن عمه "مسلم بن عقيل بن أبي طالب" لهذا الغرض، وما إن وصل إلى الكوفة، حتى استقبله أهلها بحماس بالغ وحفاوة شديدة، ونزل دار "المختار الثقفي" واتخذها مقرًا لاستقبال الشيعة، حتى إذا اجتمع عدد كبير منهم، قرأ عليهم "مسلم" كتاب الحسين، الذي جاء فيه أنه مجيبهم إلى ما يريدون إن لزموا العهد، وصبروا على الجهاد؛ فأخذوا يبكون. ولما علم "يزيد بن معاوية" بما يحدث في الكوفة، عزل واليها "النعمان بن بشير" لتساهله مع مسلم وتغاضيه عما يفعله، وولّى مكانه "عبيد الله بن زياد" فحضر على الفور، واتبع مع أهل الكوفة سياسة الشدة والترهيب، واشترى ولاء بعضهم ببذل الأموال، فانفضت الآلاف من حول مسلم وتركوه يلقى مصرعه وحده، بعد أن قبض عليه "ابن زياد" وألقى به من أعلى قصر الإمارة فمات، ثم صلبه؛ فكان أول قتيل صُلبت جثته من بني هاشم.
خرج الحسين من مكة إلى الكوفة في 8 من ذي الحجة 60 هـ، وعندما بلغ "القادسية" علم بمقتل مسلم وتخاذل الكوفيين عن حمايته ونصرته، فقرر العودة إلى مكة، لكن إخوة مسلم أصرّوا على المضي قدمًا للأخذ بثأره، فلم يجد الحسين بدًا من مطاوعتهم، وواصل السير حتى بلغ كربلاء على مقربة من الكوفة في (2من المحرم 561 هـ) ووجد جيشًا كبيرًا في انتظاره يقوده عمر بن سعد بن أبي وقاص، في حين كان مع الحسين نحو تسعين نفسًا، بعدما تفرق عنه الناس، ولم يبق معه إلا أهل بيته وقليلاً ممن تبعوه في الطريق، وعسكرت القوتان غير المتكافئتين في هذا المكان.
حاول الحسين أن يخرج من هذا المأزق بعد أن رأى تخاذل أهل الكوفة وتخليهم عنه كما تخلوا من قبل عن مناصرة مسلم، وبلغ تخاذلهم أنهم أنكروا الكتب التي بعثوا بها إلى الحسين حين ذكرهم بها، فعرض على عمر بن سعد ثلاث حلول: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، وإما أن يذهب إلى ثغر من ثغور الإسلام للجهاد فيه، وإما أن يأتي يزيد بن معاوية في دمشق فيضع يده في يده.
وكانت هذه الاقتراحات خطوة طيبة نحو الحل السلمي، وترك الثورة، وحقن الدماء؛ فبعث بها "عمر بن سعد" إلى واليه "عبيد الله بن زياد" فرفض هذه الحلول، وأبى إلا أن يسلم الحسين نفسه، باعتباره أسيرًا، ويرسله بهذه الصفة إلى يزيد في دمشق، وسخر من عمر حين أبدى عطفًا تجاه الحسين، وكتب إليه: "إني لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، وانظر فإن نزل الحسين وأصحابه على الحكم واستسلموا، فابعث بهم إليّ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنهم لذلك مستحقون".
رفض الحسين بن علي هذا الطلب، وجمع أصحابه مرة بعد مرة وقال لهم: "لقد بررتم وعاونتم، والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدًا، فإذا جنّكم الليل فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم"، فما كان منهم وهم لم يكونوا جميعًا من ذوي عمومته وأقربائه إلا أن قالوا له: "معاذ الله، بل نحيا بحياتك ونموت معك".
وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الحسين وصحبه، فلبثوا أيامًا يعانون العطش، يستهدفون من ذلك إكراه الحسين على التسليم، ثم بدأ القتال بين قوتين غير متكافئين في العاشر من المحرم، فكان مع الحسين اثنان وثلاثون فارسًا وأربعون راجلاً، في حين يبلغ جيش أعدائه أكثر من أربعة آلاف، يكثر فيهم الفرسان وراكبو الإبل، ويحملون صنوفًا مختلفة من السلاح، ومع هذا التفاوت فقد أظهر الحسين ومن معه ضروبًا عجيبة من الشجاعة والإقدام، وتساقطوا واحدًا بعد الآخر وهم ملتفون حول الحسين، ويقاتلون بين يديه، وتعدى القتل الرجال المقاتلين إلى الأطفال والصبيان من عترته وآل بيته، ولم يبق إلا هو، يقاتل تلك الجموع المطبقة عليهم، حتى أثخنوه بالجراح؛ فسقط قتيلاً، ثم قطعوا رأسه الشريفة وأرسلوا بها إلى يزيد بن معاوية، ولم ينج من القتل إلا "علي زين العابدين ابن الحسين"، فحفظ نسل أبيه من بعده.
وكانت نتيجة المعركة واستشهاد الحسين على هذا النحو مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين وهزت مشاعرهم في كل مكان، وحركت عواطفهم نحو آل البيت، وكانت سببًا في قيام ثورات عديدة ضد الأمويين، حتى انتهى الأمر بسقوطها، وقيام الدولة العباسية على أنقاضها.‏ (وهذا غيض من فيض)
http://www.islamonline.net/Arabic/news/2001-04/04/article20.shtml
ثانيا : المثقف :
وأقصد بالمثقف هنا بعض أو كثير من الكتّاب الذين يدافعون عن العلمانية والحرية والعقل والعلم ضد رجال الدين وضد أطروحاتهم ، وهنا أقول البعض وليس الكل ، وهذا البعض من المثقفين هم من تنطلق فكرتهم أو أطروحاتهم من منطلق العداء لفكرة الدين أو لبعض أفكار الدين , أو لدين بعينه على حساب دين آخر , أو لعدم التقيد ببعض مبادئ الأديان , أو من يرون الحياة جميلة وكلها ربيع وورود بدون فكرة الأديان , فتعالوا نلقي نظرة على مبادئ ومنطلقات وأهداف هذا البعض من الكتّاب والمثقفين الذين حصروا الدنيا كلها في العلم والعقل والحرية فقط .
ولكن قبل البدء في هذا السرد أحب أن أنوه على أمر هام ألا وهو : أنني لست ضد العلم ولست ضد العقل , ولست ضد الحرية , ولكنني فقط أبين للناس أن سعادة البشرية ليست في الدين ولا في العلم ولا في العقل ولا في الحرية , ما دام أن هناك نفوس شريرة طامعة حاقدة متسلقة أنانية تسطوا وتحتكر وتجعل من نفسها وصيّة على الدين وعلى العقل وعلى العلم وعلى الحرية وعلى الناس, بمعنى أن هذه النفوس الشريرة تقوم باستخدام كل من الدين والعقل والعلم والحرية لمآربها الشخصية ولنفعها الذاتي ثم تحرم الآخرين من المشاركة في كل هذا , بل إنها تتعالى على الآخرين وتحتقرهم وتذلهم وتستبح حرمتهم وتستحل دمائهم وأموالهم وأعراضهم باسم الدين وباسم العلم وباسم العقل وباسم الحرية .
ونقوم الآن بسرد منطلقات المثقف وملاسنته لرجل الدين في النقاط التالية :
· بعض المثقفين ليست لديهم دراية كافية أو دراسة حقيقية للأديان وأصولها الصافية النقية.
· يفتقر الكثير من المثقفين إلى الموضوعية والحيادية عند حديثه عن الأديان .
· البعض يتعامل مع الأديان بمنطق " البقالة " أي بالتجزئة والقطعة , ولا يتعامل مع الكتب السماوية كمنج كلي متكامل .
· بعض المثقفين في حديثه عن الأديان ينطلق من أجندته الخاصة وحساباته الشخصية .
· بعض المثقفين يتعمد الخلط بين الدين وبين اختلاقات رجال الدين .
· بعض المثقفين قام ببناء أطروحته الفكرية الكاملة على الصيد في ماء رجال الدين العكر , والصيد في مياه التاريخ العكرة .
· بعض المثقفين يصور الله والرسل في كتاباته على أنهم عبارة عن عصابة يجندون الناس للقتل والبغي والسرقة وهتك الأعراض .
· بعض المثقفين يعتبر أن جميع الحروب التي حدثت على كوكب الأرض منذ فجر التاريخ وإلى الآن كان سببها الله والأديان.
· بعض المثقفين اتخذ من الهجوم على بعض الأديان هواية كلما قام أو قعد وكلما نام أو استيقظ .
· بعض المثقفين يفتقد إلى أدنى قيم العدالة والإنصاف حين يتحدث عن الأديان.
· بعض المثقفين يتعامل مع الله والأديان والأنبياء على أنهم شر مطلق لا خير فيهم على الإطلاق .
· بعض المثقفين يرى في نفسه أنه الوصي على العقل والفكر والثقافة , وأن كل ما يقوله وكل ما يراه وكل ما يكتبه هو الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
· بعض المثقفين يعتقد أن رؤيته حول الأديان وفهمه لها هي الحق , وفهم غيره هو الباطل والضلال .
· يقوم بعض المثقفين بعملية قص ولزق وتلفيق وتجميع وتكييف وترقيع لبعض النصوص الدينية ليخرج بأطروحة جديدة تختلف كل الاختلاف عن المبدأ الأساسي للدين.
· بعض المثقفين يقوم بعملية انتقاء من أفكار رجال الدين واجتهاداتهم فيأخذ منها ما يتناسب مع أطروحته ويترك منها ما لا يتناسب وأطروحته .
· يقع بعض المثقفين الانتقائيين في تناقض كبير في أطروحته الفكرية , وذلك بسبب إعلانه البراءة من رجال الدين وأفكارهم ثم في الوقت نفسه نراهم يتمسكون ببعض أفكار رجال الدين واجتهاداتهم ليبنوا عليها أطروحاتهم , مما يشعر المرء بأن عملية الانتقاء هذه مقصودة , ومن وراءها شيء ما . أو حاجة في نفس يعقوب لا يعلمها إلا الله ويعقوب نفسه .
من هذا المنطلق ومن هذه الأخطاء ومن تلك التناقضات التي يغرق فيها بعض المثقفين يمكننا أن نقول الآتي :
إن بعض المثقفين ما أن تقرأ لأحدهم مقالا إلا وتشعر برائحة الكره الكريهة والحقد الدفين والعداوة الظاهرة والمبطنة لله وللأديان وكأن الله شر مطلق وليست له أي حسنة على الإطلاق , والأديان شر في ذاتها لم تأت بحسنة هي الأخرى على الإطلاق ، لدرجة أن القارئ لهؤلاء يصعب عليه التفريق بين أسلوب هؤلاء المثقفين , وأسلوب رجال الدين المتعصبون , فمن عادة رجال الدين أن يصفوا خصومهم بالشياطين والعملاء والمارقين والمبتدعين والمهرطقين والخونة والكفار والمنافقين والمرتدين وغيرها من التهم والشتائم والسب والقذف . وعلى الجانب الآخر ترى المثقف يستخدم عبارات مماثلة كطيور الظلام وخفافيش الظلام والإرهابيين والمشعوذين والمخرفين والسفلة والقتلة ، والدجالين وغيرها من الألفاظ .
لقد تعودنا من بعض المثقفين عند ظهور أي مشكلة سببها أحد رجال الدين يسارع المثقف إلى نسف الأديان والحكم عليها بالخرافة هكذا بجرة قلم وبجملة واحدة في مقاله . أليس من الواجب على المثقف عند ظهور مشكلة ما أو فتوى ما من الفتاوى ذات البلاوي ، أليس من الأجدر به أن يناقش هذه المشكلة أو تلك الفتوى بأسلوب علمي متحضر وذلك بدراسة أسبابها وأبعادها وتلمس مواضع الخلل فيها ووضع الحلول العقلية والمنطقية أو الحلول البديلة لهذه المشكلة بعيدا عن الإسفاف والابتذال والاستهزاء.
لقد تعودنا من بعض المثقفين في بعض مقالته أن نشتم منها رائحة الكراهية من بين الأسطر ويكاد لون الدماء يفقع من بين الحروف , ونرى شظايا الانتقام تتطاير من بين الكلمات ، لدرجة أني ذات مرة سألت نفسي وأنا أقرأ بعض مقالات هؤلاء ، فقلت: ماذا لو هذا الكاتب تولى منصب وزارة الداخلية؟ وماذا لو هذا المثقف تولى رئاسة دولة ما؟ ماذا سيكون مصير معارضيه من رجال الدين؟
لقد تعودنا وتعلمنا من بعض المثقفين أن الطريقة الأمثل للتنوير والإصلاح هي لعن كل ساكن ومتحرك على وجه الأرض , ولعن كل بارق وخافت في السماء , لقد تعودنا من بعض المثقفين أنه عندما تضايقه زوجته أو تستفزه أو حتى تصفعه على قفاه , أو إذا كان مثقفنا يمشي في أحد الطرقات وتعثر في زجاجة فارغة أو حجر صغير شق له نعل حذاءه ، أو قام يوما من النوم وقد رأى كابوسا مفزعا , أو فرغت علبة سجائره ولم يجد شراء علبة سجائر ، يقوم فيمسك بقلمه ويكتب مقالا أو قصيدة يلعن فيها الله ويلعن الأديان ويلعن الأنبياء ويلعن السماوات والأرض ويلعن الكتب المقدسة ويسخر منها ويستهزئ بالعبادات, ويلعن الزمان ويشتم الأيام والرياح والرعد والبرق ويسب طوب الأرض , ويلعن اليوم الذي ولد فيه ثم يسارع بنشر هذا الفكر المستنير ،وإذا ما سارع أحد واعترض على كلامه أو انتقده أحد يسارع البعض من زملائه بالقول (دعوه أيها الجهلاء ولا تقفوا في وجه الإبداع وحرية التفكير).
لقد تعودنا من بعض المثقفين على الصيد في ماء الفقهاء العكر ، والصيد في ماء التاريخ العكر ، لا ليبين الحق من الباطل أو الصواب من الخطأ ، بل لا تقرأ لهم إلا أن كل شيء في الأديان وكل شيء في التاريخ أسود ومظلم وشر وباطل، ونسأل أين النور؟ أين الخير؟ لا يوجد خير ولا حق ولا نور على الإطلاق ، مما يشعر المرء بأن التركيز على الأخطاء فقط هو هدف في حد ذاته ، وأن عدم الموضوعية وعدم الحياد ، قد يكون لحسابات شخصية أو تطلعات أو حاجات في نفس يعقوب لا يعلمها إلا الله ويعقوب نفسه.
إلا أن كثيرا من المثقفين المحترمين والموضوعيين لهم محاولات بحثية في الديانات وفي التاريخ عظيمة وهادفة وجديرة بالاحترام وجديرة بالبحث والدراسة حتى وإن كنا نختلف مع بعض الأطروحات ، إلا أن هذا لا ينفي أن هذه المحاولات الإصلاحية بالفعل محاولات جادة وهادفة ومخلصة وجديرة بكل الاحترام والتقدير.
فكيف يتجسد العدل في مجتمعاتنا ونحن تفتقر إلى أدنى معايير ومقاييس العدالة سواء في الطرح أو التناول أو التحليل أو النقد , ونفتقر أيضا إلى الحيادية والموضوعية , فمن منا انتقد نفسه , أو تراجع عن خطأ ارتكبه أو أنصف أحدا من نفسه أو اعترف بخطئه؟
كيف يتجسد العدل والحرية والمساواة في مجتمعاتنا ونحن لا نلتزم العدل في أقوالنا وأفعالنا وطرحنا وبحثنا ونقدنا؟
كيف يتجسد العدل في مجتمعاتنا ورجال الدين يحتكرون الدين ويتكلمون باسمه . ورجال السياسة يحتكرون السياسة ويتكلمون باسمها , ورجال الفكر يحتكرون الفكر ويتكلمون باسمه , ورجال الثقافة يحتكرون الثقافة ويتكلمون باسمها , ورجال العقل يحتكرون العقل ويتكلمون باسمه ؟
كيف يتجسد العدل في مجتمعاتنا ورجال الدين والمثقفون والمفكرون والكتاب كل واحد منهم يعتبر نفسه أنه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين وأعدل العادلين وأصدق القائلين وأعقل العاقلين وحامي حمى الناس أجمعين ، ومن أصدق منهم قيلا ، ومن أعقل منهم عقلا ، ومن أعظم منهم فكرا ؟!!
كيف يتجسد العدل في مجتمعاتنا ونحن لا نعقل شيئا غير الذي يتوافق مع حساباتنا الشخصية وأغراضنا الشخصية ، ومن أجل هذه الحسابات وتلك الأغراض نجعل الشمس تشرق من المغرب وتغرب من المشرق ونجعل الحق باطلا والباطل حقا والظلم عدلا والعدل ظلما ، وأن هذه الشمس التي تشرق كل صباح وتغرب عند المساء ما هي إلا تهيؤات فليس هناك ليل ولا نهار ولا أيام ولا سنوات , وليس هناك فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال .
لقد تعودنا من بعض المثقفين على أن جميع الحروب وجميع البلايا التي لحقت بكوكب الأرض والكواكب المجاورة له كان سببها الله والأديان ، ونسي هؤلاء المثقفون أن هناك مئات الحروب التي حدثت على مدار التاريخ البشري لم تكن بسبب الأديان وراح ضحاياها ملايين من البشر . ونذكر فقط بعض النماذج القريبة من الحضارة الغربية وما حدث فيها من حروب ودمار راح ضحيته ملايين البشر ممن ماتوا في تلك الحروب التي قامت تحت مظلة العلمانية والحرية والمساواة ، وذلك على النحو التالي :
جرائم الثورة الفرنسية :
تتعتبر الثورة الفرنسية التي انطلقت شرارتها الأولى في العام (1789م) من أهم الأحداث ليس في تاريخ فرنسا فحسب بل في تاريخ أوروبا كلها، وثمة عوامل تضافرت مجتمعة في فرنسا أدت إلى حدوث هذه.
شعارات الثورة:
اتخذت الثورة الفرنسية مبادئها من أفكار الفلاسفة: "جان جاك روسو" و"فولتير" و"مونتسكيه"، ورفعت عبارة: (الحرية – الإخاء – المساواة) كشعار لها، ولكن إلى أي مدى التزمت الثورة بهذا الشعار سواء على صعيد الداخل الفرنسي إبان الثورة أو على صعيد سياسة حكومتها الخارجية فيما بعد؟
ويقول المؤرخ الفرنسي "بيير كارون" الذي أصدر عام ( 1935م) كتابًا عن المذابح التي حدثت في السجون الباريسية إبان عهد الثورة في ( 2 سبتمبر 1792م).. يقول عن هذه المذابح: إن هذه المذابح كان لها طابع (شعائري) جارف، وقد بدأت بالهجوم على بعض السجون بزعم القضاء على بعض المؤامرات التي كانت تدبر فيها للإطاحة بالثورة، وأقام "الدهماء" من أنفسهم محكمين وقضاة ومحلفين في فناء هذه السجون.
والغريب أن الذين كانوا يقترفون هذه المذابح كانوا يرتكبونها باسم الحرية وحقوق الإنسان و(المواطن والعدالة والمساواة)!
أما "سيرجو بوسكيرو" رئيس الحركة الملكية الإيطالية فيقول: إن الثورة الفرنسية كانت عبارة عن حركة معادية للشعب الفرنسي إبان قيامها، كما أن أسطورة السيطرة الشعبية على سجن الباستيل لم تكن سوى عملية سطو على مخزن الأسلحة في الباستيل الذي كان يستضيف 7 مساجين فقط، منهم 3 مجانين. ويضيف قائلاً: إن الثورة الفرنسية بحق قامت بأكبر مجزرة في التاريخ أو على الأقل في الشعب الفرنسي، حيث قتلت 300 ألف فلاح، وهي بذلك تعد منبع الإرهاب العالمي؛ إذ ولدت "ظاهرة الإرهاب" من الثورة الفرنسية.
أما على صعيد السياسة الخارجية التي انتهجتها حكومات الثورة الفرنسية فقد جاءت متناقضة تمامًا مع ما أعلنته الثروة من مبادئ (الحرية والإخاء والمساواة) وبخاصة فيما يتعلق بشعوب آسيا وإفريقيا التي استعمرتها والتي تعاملت معها بمنطق السيد والعبد. ولم تمضِ فترة وجيزة من الزمن حتى جاءت الحملة الفرنسية على مصر عام (1213هـ = 1789م)، ثم بعدها بفترة جاء الاحتلال الفرنسي للجزائر والمغرب وتونس وغيرها من المناطق في آسيا وإفريقيا.
ومما يؤكد أسطورية المبادئ التي رفعتها الثورة الفرنسية من الحرية والإخاء والمساواة إلقاء نظرة سريعة على بعض أفكار الفيلسوف الفرنسي "مونتسكيه" الذي قامت الثورة على مبادئه وأفكاره، وفي ذلك تقول الدكتورة "زينب عصمت راشد" أستاذة التاريخ الحديث بجامعة عين شمس: إذ يقول في تبرير استرقاق البيض للسود كلامًا لا يمكن صدوره من عقل مفكر، يقول مونتسكيه في بعض عباراته: "لو طلب مني تبرير حقنا المكتسب في استرقاق السود لقلت إن شعوب أوروبا بعد أن أفنت سكان أمريكا الأصليين لم تر بدًا من استرقاق السود في إفريقيا لتسخيرهم في استغلال تلك البقاع الواسعة، ولولا استغلالهم في زراعة هذه الأرض للحصول على السكر لارتفع ثمنه".
وتمضي د. زينب قائلة: يقول مونتسكيه مبررًا جرائم الاستعمار الأوروبي ما يأتي: "أولئك الذين سخروا في هذا العمل ليسوا غير أقوام من السود، فطس الأنوف لا يستحقون شيئًا من رحمة أو رشاد".
ويقول: "إنه لا يتصور مطلقًا أن الله بحكمته السامية قد وضع في تلك الكائنات السود أرواحًا يمكن أن تكون طيبة".
http://www.islamonline.net/arabic/history/1422/03/article14.SHTML
التاريخ الدموي للولايات المتحدة الأمريكية :
قاموا بإبادة ملايين الهنود الحمر، يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى أكثر من مائة مليون، وهم السكان الأصليون لأمريكا، وبعدها أصدرت قرارًا بتقديم مكافأة مقدارها 40 جنيهًا، مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر، و40 جنيهًا مقابل أسر كل واحد منهم، وبعد خمسة عشر عامًا، ارتفعت المكافأة إلى 100 جنيه، و50 جنيه مقابل فروة رأس امرأة أو فروة رأس طفل، هذه هي الحضارة الأمريكية.
وأصدرت بعد ذلك قانونًا بإزاحة الهنود من أماكنهم إلى غربي الولايات المتحدة؛ وذلك لإعطاء أراضيهم للمهاجرين، وكان ذلك عام 1245 هـ، وهُجّر إلى المناطق الجديدة أكثر من 70.000 ألف هندي، فمات كثير منهم في الطريق الشاق الطويل، وعرفت هذه الرحلة تاريخيًا: برحلة الدموع.
وفي عام 1763م أمر قائد أمريكي برمي بطانيات كانت تستخدم في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر؛ بهدف نشر المرض بينهم، مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين، ونتج عن ذلك شبه فناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية. إنها حرب جرثومية بكل ما في الكلمة من معنى، فكانت هذه الحادثة هي أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل ضد الهنود الحمر.
وقد نطق تيودور روزفلت في فترة لاحقة بالجملة الفظيعة التالية: "لو تركنا للهنود أراضي الصيد الخاصة بهم لوضعنا قارتنا تحت تصرف همج قذرين متوحشين؛ لذلك لم يبق أمامنا خيار غير إبادتهم". وروزفلت للتذكير حاز على جائزة نوبل للسلام سنة 1906!
وفي الحرب العالمية الثانية، دمرت 334 طائرة أمريكية ما مساحته 16 ميلاً مربعًا من طوكيو، بإسقاط القنابل الحارقة، وقتلت مائة ألف شخص في يوم واحد، وشردت مليون نسمة، ولاحَظَ أحدُ كبار الجنرالات بارتياح، أن الرجال والنساء والأطفال اليابانيين قد أحرقوا، وتم غليهم وخبزهم حتى الموت، وكانت الحرارة شديدة جدًا، حتى إن الماء قد وصل في القنوات درجة الغليان، وذابت الهياكل المعدنية، وتفجر الناس في ألسنة من اللهب، وتعرضت أثناء الحرب حوالي 64 مدينة يابانية للقنابل، واستعملوا ضدهم الأسلحة النووية، ولذلك فإن اليابان لا تزال حتى اليوم تعاني من آثارها.
وألقت قنبلتين نوويتين فوق مدينتي هيروشيما ونجازاكي، وقال بعدها الرئيس الأمريكي هاري ترومان، وهو يكنّ في ضميره الثقافة الأمريكية: "العالم الآن في متناول أيدينا". وما بين عام 1371هـ وعام 1392هـ ذبحت الولايات المتحدة في تقدير معتدل زهاء عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامي وكمبودي، وتشير أحد التقديرات إلى مقتل مليوني كوري شمالي في الحرب الكورية، وكثير منهم قتلوا في الحرائق العاصفة في "بيونغ يانغ" ومدن رئيسة أخرى.
وفي منتصف عام 1382هـ سببت حرب فيتنام مقتل 160 ألف شخص، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص، واغتصاب 31 ألف امرأة، ونُزعت أحشاء 3.000 شخص وهم أحياء، وأحرق 4.000 حتى الموت، وهوجمت 46 قرية بالمواد الكيماوية السامة.
وأدى القصف الأمريكي "لهانوي" في فترة أعياد الميلاد، وعام 1391هـ إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم. وقتل الجيش الأمريكي المدرب في "غواتيمالا" أكثر من 150 ألف فلاح. (وهذا غيض من فيض)
http://www.islamdoor.com/k/gareem.htm
التاريخ الدموي للحضارة الأوروبية:
الحرب العالمية الأولى.
برزت على الساحة الأوروبية ألمانيا وإيطاليا كدولتين قويتين بعد تحقيق وحدتيهما سنة (1870م)، وأخذتا تطالبان بنصيبهما في المستعمرات، وتشاركان الدول الكبرى في التنافس الاستعماري، وفي الوقت نفسه ازدادت التناقضات الأوروبية، وازداد معها الشك وفقدان الثقة بين الدول الأوروبية، وكان مبدأ تحكيم القوة بشكل مطلق في النزاع يسود ذلك العصر؛ فظهرت سياسة الأحلاف الأوروبية الكبرى القائمة على مبدأ توازن القوى، وعرفت أوروبا سباق التسلح بين هذه التحالفات.
وكانت نهاية الحرب عندما بدأ الحلفاء يستعيدون قوتهم وشن هجمات عظيمة على الألمان أنهت الحرب، وقد عرفت باسم "معركة المارن الثانية" وكان يوم (8 أغسطس 1918 م) يومًا أسود في تاريخ الألمان؛ إذ تعرضوا لهزائم شنيعة أمام البريطانيين والحلفاء، وبدأت ألمانيا في الانهيار وأُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثلاثة شهور، ودخلت القوات البريطانية كل خطوط الألمان، ووصلت إلى شمال فرنسا، ووصلت بقية قوات الحلفاء إلى فرنسا.
واجتاحت ألمانيا أزمة سياسية عنيفة تصاعدت مع توالي الهزائم العسكرية في ساحات القتال، فطلبت ألمانيا إبرام هدنة دون قيد أو شرط، فرفض الحلفاء التفاوض مع الحكومة الإمبراطورية القائمة، وتسبب ذلك في قيام الجمهورية في ألمانيا بعد استقالة الإمبراطور الألماني، ووقعت الهدنة التي أنهت الحرب بعد أربع سنوات ونصف من القتال الذي راح ضحيته عشرة ملايين من العسكريين، وجرح (21) مليون آخرين.
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/11/article28.shtml
الحرب العالمية الثانية
كانت شرارة الحرب العالمية الثانية النزاع (الألماني – البولندي) حول ممر وميناء دانتزج، إلا أن الأسباب الحقيقية لتلك الحرب كانت أبعد من ذلك؛ إذ يرجع بعضها إلى تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أدت إلى تغير في رسم خريطة العالم، وبخاصة أوروبا، فأبرمت معاهدات عقابية أخذت طابع الانتقام ضد ألمانيا، ودفعت بأحد أعضاء الوفد الألماني في مؤتمر الصلح في "فرساي" سنة (1919م) إلى القول للحلفاء: "سنراكم مرة ثانية بعد عشرين عامًا"، وصدقت نبوءة الرجل؛ فكانت الحرب العالمية الثانية التي طالت أغلب دول العالم، وكانت الأعنف في حروب البشر وصراعاتهم.
وانتهت الحرب حيث هُزم الأسطول الياباني في معركة (ميداوي)، ثم هُزم القائد الألماني رومل في العلمين، وبعد بضعة أشهر كانت القوات الألمانية تستسلم في ستالنجراد بالاتحاد السوفيتي مسجلة بذلك نقطة تحول في الحرب الألمانية السوفيتية، وبدأ الحلفاء في غزو ألمانيا؛ حيث عبر الروس الحدود الألمانية لأول مرة، واستمر الحلفاء في التقدم رغم بسالة الألمان في الدفاع عن دولتهم وخسارتهم مئات الآلاف من القتلى، وأصبح قلب ألمانيا مفتوحًا، فتدفق داخله السوفيت والأمريكان، كذلك نجح الحلفاء في دخول روما، ثم أعدم الثوار الإيطاليون "موسوليني" وعلّقوه من قدميه في أحد أعمدة الإنارة في ميلان، أما هتلر فقد انتحر ، ووقَّع ممثلو ألمانيا وثيقة الاستسلام بلا قيد أو شرط. أما اليابان فقد وقّعت وثيقة الاستسلام بدون قيد أو شرط بعد إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجازاكي، وبعدها بثلاثة أيام رُفع العلم الأمريكي فوق طوكيو، وانتهت بذلك رسميًا الحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات من القتال الشرس، خسرت فيه البشرية حوالي (17) مليونا من العسكريين وأضعاف هذا العدد من المدنيين. (وهذا غيض من فيض)
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/10/article04.shtml

أين تكمن المشكلة وأين الحل :
إن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الله ولا في الأديان ولا في الكتب المقدسة ولا في الأنبياء ولا في العقل ولا في الحداثة ولا في الفكر الناضج الجاد الهادف، ولا في العلمانية ولا في الديمقراطية ، إنما المشكلة الحقيقة تكمن فينا نحن البشر وفي هذه النفس الشريرة التي تسكن فينا ، هذه النفس الشريرة الطامعة ، الطاغية ، الباغية ، الحاقدة ، الجاهلة ، المستحوذة ، المتسلقة ، المتنافسة ، المتطلعة ، الأنانية ، سواء حمل هذه النفس الشيطانية الشريرة شخص متدين أو علماني أو ديمقراطي أو عقلاني أو مثقف أو أيا كان كنهه أو علمه أو توجهه أو فكره ، فهذه النفس الشريرة هي التي تستطيع أن تطوع كل شيء لنيل أطماعها وتطلعاتها، فالنفس تطوع العقل لأغراض شريرة وتطوع الدين والثقافة والفكر والأدب والعلمانية والديمقراطية وكل شيء تطوعه لأغراضها الشخصية الشريرة.
فلنبحث عمن يستخدم هذه الأشياء النبيلة السامية ومن يقف وراءها ومن يوجهها ، فإن وجهها لخير فستكون خيرا ، وإن وجهها لشر فستعود بالشر، فقد يكون العقل مظلوم مع بعض أهل العقل، وقد يكون الدين مظلوم مع بعض رجال الدين، وقد يكون الفكر مظلوم مع بعض أهل الفكر.
فرجل الدين الشرير قد يستخدم الدين لسفك الدماء وهتك الأعراض وإضاعة العدالة ، وجعل الحق باطلا والباطل حقا ، وكذلك يفعل بالديمقراطية ، وكذلك يفعل بالعلمانية ، وكذلك يفعل بالديمقراطية ، إن غلبت على الشخص تلك النفس الشريرة .
إن القضية الأولى التي تحدث عنها القرآن في أول كلام نزل من السماء على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في سورة العلق ، قبل الحديث عن التوحيد والشرك والوثنية والأصنام ، كانت قضية الطغيان البشري قال تعالى: (كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى) ، فالطغيان ضد الرحمة وضد العدل وضد الحرية وضد المساواة ، وقد جاء القرآن بالأمر بالعدل في كل شيء ، في الحكم والوزن والمكيال والميزان حتى جاء بالعدل في القول ، حيث أمر الله بالعدل في الكلمة التي ينطق بها الإنسان ، قال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) يقال عدل في أمره عدلا : استقام وعدل في حكمه : حكم بالعدل . وعدل الشيء عدلا : أقامه وسواه . وعدل الشيء بالشيء : سواه به وجعله مثله . عادل بين الشيئين : وازن . اعتدل : توسط بين حالين في كم , أو تناسب . تعادلا : تساويا . العدل : الإنصاف , وهو إعطاء المرء ماله وأخذ ما عليه .
وإن من اللافت للنظر ظن البعض أو الكثير من الناس أن العدالة لا بد وأن تتمركز فقط داخل المحاكم أو داخل أنظمة الحكم الرئاسية ، بل إن العدالة يجب أن تتمركز في ضمير كل إنسان ، حتى تتمظهر في أقواله وأفعاله ، وتتمظهر في بيته وعمله ، وتتمظهر في حكمه ونقده وشهادته وتحليله وطرحه.
إن رجل الدين ورجل الثقافة ورجل العقل ما هم إلا بشر كبقية البشر , لهم نزعاتهم وأطماعهم وحساباتهم ونزواتهم , فلا الدين عصم بعض رجاله من الزلل والخطأ والجرم في حق الآخرين ، ولا العلم والعقل والثقافة عصموا رجالهم من الخطأ والزلل والجرم في حق الآخرين , فالكل له خطأه وضحاياه ، والكل يديه ملطخة بالدماء ، والكل تاريخه دموي.
فلو طابت نفوسنا من الحقد والحسد والمطامع والكره والأنانية وحب الذات والتعالي والكبر والبغي والرياء والطغيان والشهوات والمنافع والمصالح الدنيئة، لطابت لنا الحياة وطاب ما فيها ، وصدق الله إذ يقول: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا) الأعراف :58.



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ بين فتاوي بن باز وعقلانية ذكريا بطرس -الجزء ...
- الناسخ والمنسوخ بين فتاوي بن باز وعقلانية ذكريا بطرس - الجزء ...
- طاعة الرسول واجبة في حياته وليست بعد وفاته
- الله والآخر بين الأوصياء على الدين والكتب المقدسة
- الاجتهاد الديني تشريع إلهي أم اختراع بشري؟
- محاولة لقراءة جديدة للإسلام في كتاب نهرو طنطاوي


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - المثقف ورجل الدين وليس من أحد معصوم