أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد زكريا السقال - الشعر والانتصار على الحياة















المزيد.....

الشعر والانتصار على الحياة


محمد زكريا السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1542 - 2006 / 5 / 6 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


قراءة لديوان "نشيد حب لفاطمة" للشاعر الفلسطيني ابراهيم مالك

الديوان الذي صدر للشاعر ابراهيم مالك* (نشيد حب لفاطمة) عمل إستثنائي ، والاستثناء هنا ليس ابراهيم مالك الذي يشارف الستينات من العمر، الاستثناء هو هذا القلب الذي مازال طفلا ، وفاطمة التي ما زالت قادرة على العطاء والانجاب بمعنى آخر قادرة على الحياة والتجدد.
ماقصة هذا النشيد ؟ ومن هي فاطمة الذي يلهج بها ابراهيم ويتعبد في محرابها ويلجأ إليها كلما ضاقت به السبل؟
يشي أحد أصدقائه بان فاطمة مهما رمزت فهي من لحم ودم.
لكن ابراهيم يدخلك عالم ذو فضاء رحيب جميل أكبرمن اللحم والدم فيقول: "جمال كوننا مختزل في فاطمة " .
صدق المقولة هنا يحدده البوح الذي باحه ابراهيم ،فالحميمي لا يظهر إلا بالبوح ومعروف لدينا أن البوح لايظهر إلا على نطاق ضيق فكيف إذا كان كشفا شعريا يطاول التعميم ويتجاوزه ؟
نحن هنا أمام حالة من التمام في التواصل التي لا يرقى إليها إلا كبار الصوفيين وفاطمة هي حالة موازاة بين السر الالهي والتجسد الجمالي للانسان والأرض والطفولة والمرأة والمجتمع، كتعبير عن حالة توجد مفقودة ، واللهاث ورائها غاية لذاتها بذاتها، وهنا يكون ابراهيم مالك قد دخل البرزخ الانساني كانسان وتغلب على حالة الضياع التي كانت طريقا طويلا في أيديولوجيات كثيره لم توصله لفاطمة. فلماذا الآن ؟

كنا ثلاثة
أنا وفاطمة وشهوة الحياة
جمعتنا لحظة عابثة
حركت جنوني القديم
وخلفتني أسير ملاءة فاطمة

لقد أوحى إلينا ابراهيم مالك بفاطمة وكانت معجونة في كل شئ ، بالأرض وقريته كفر ياسيف وسمخ وعشقه فكانت الأم والحبيبة والأرض .
أما في هذا النشيد فلقد أخذت فاطمة شكل المخلص وكانت قيامة ابراهيم .
صرخة تنتابك كلما واصلت القراءة في ديوانه منساقاً معه مطلقا عنان الشعر على سجيته ليضرب المألوف والعادي والرتيب ولو لمرة واحدة كما يفعل ابراهيم.
بين صفحات ديوانه يقف امامك ابراهيم ، قلقا ويدخلك لهذا القلق ، الشعر هنا يكهرب أعضائه فيتوهج ويضيء كل ما يحيطه و فاطمة تنبت في كل اتجاهاته زهرة بل قل كل الورود . عطرها يضوع في المكان ولا يملك ابراهيم إلا إندهاشه وتسليم فاطمة قيادة الركب، لفاطمة، للشعر يأخذك مستسلما دون إرادة لذلك عندما كتب( في انتظار أن تأتي) * لم يكن يملك خيار الاتجاه رغم حضوره وتلمسه الذي يتمازج بين فاطمة كمعطى، واستلاب يجاهد فك إساره لحضورها الذي لم يغب .
تأتيك فاطمة همسا مسموعا و ابراهيم يختال زهوا . أليس هو من أطلق على نفسه أسم الصعلوك سردوك * ! يختال أبراهيم أمام هذا الحضور، يستحضر خياله لاستجلاب فاتنات العرب وفرسانهن ويزهو بتفوق، هذه التراجيديا الدائمة الحضور لماضى لم يغب وواقع محطم، لكنه يتقدم ويهزم كل هذا الخراب المُحيق.

في وضح النهار رأيتهن
مليحات العرب
أقبلن سافرات
تسبقهن وشوشة
لا تخلو من غيرة وتطفل أنثويين
يتساءلن في همس
من تكون ؟
هذه التي ألهمت سردوك سر الغناء
وأفقدته حكمة الإتزان

لقد تحرر ابراهيم من هذا التشويه الغير مقصود في ركام الأيديولوجيا والتنظير المعاش وهماً مفتقداً للتوازن، حيث عجزت كل الأيديولوجيات عن اكتشاف انعكاس النور على بحيرة سمخ ليقارب وجه فاطمة وأقول يقارب ، فجمال فاطمة المرصود يختزل الجمال نفسه، وهنا اشكالية ابراهيم الطفل الذي يرفض عقلانية الواقع الذي أضاع فاطمة في السابق وتركها مقالا في صحيفة أو نقاش على منضدة إلا أنه وفور لقائها .

حين ألتقيتها
أول مرة
كانت سماء بلا نجوم
بحرا بلا محار
خبزا بلا ملح
تمرة محرمة في كرم
لم تتفتح براعمه بعد .....

فاطمته لاتقبل أنصاف الحلول كما هو العشق لايترك مجالا إلا للجمال الذي يجمل الواقع بشفافية لدرجة لامكان فيه للقبح أبدا.
يدخلك ابراهيم عالم أمه وحبيبته وأرضه فاطمة ، لتكون وطنا لايفرط به أبدا وعالم أكثر من جميل ، جميل لدرجة التوافق والتطابق إلا أنه لامنطقي فكيف يكون تمازج السكين والنحر، والقلب الذي توسع لدرجة التشظي.
يهوي ابراهيم ، يهوي وهو يردد فاطمة فاطمة فاطمة وتكون المعجزة والقيامة لقد كانت فاطمة حقيقة فوق الموت كانت جدائلها فراشا طريا أحاط بابراهيم ولم تتركه لسقوطه. أم تحضن طفلاً كاد يودي به حراك في المجهول .
هنا لامعنى للكلام والصوت والحركة. هنا هذا الاحساس الذي تحول لنشيد ، ولا غرابة فابراهيم في أرض الرب وفاطمة هي النساء المقدسات التي باركت أرض الرب ووشت بذيلها كل هذا الجمال ، فصدحت المزامير وعلا نشيد الانشاد ، فسكر الرب وهو يعتلى العرش. فكيف بابراهيم وإدراك الحلم المفقود. ها هو في مملكة الشعر وها هي فاطمة سمفونيتة. عمل متكامل كان فيه ابراهيم يضيف اسمه بجدارة إلى مملكة الشعر وينتزع اعترافه. دون طقوس وتعميد تأبط فاطمة وخرج للشارع ليجد الكلمات تحتضنه والورود تطوق جيده وترسمه شاعرا مفتونا بالشعر حالة صلب واحتراق ، ليخط جحيمه كعمالقة الشعر الذين حددوا نسائهم في فصول من الجحيم ، وابراهيم لا يعترف بهذا الجحيم مطلقا ، ففصوله ورغم المصاب فردوس وفاطمة هي الملهم الأول والمخلص .
نشيد حب لفاطمة ، مائة واحدى واربعين صفحة من القطع المتوسط بالاضافة للغلاف تشكل مع بعضها واحد متكامل من رقص ذبيح لا يعرف حد السكين لأنه مازال قادرا على الحركة وفاطمة تنساب هواءً في كل القصائد ماخلا إثنتان تعشيان بروح بفاطمة فماذا يكون عنب الخليل لولا فاطمة اذا كانت وطنا وأي دم ينزف لغير فاطمة اذا كانت قضية.
الديوان رحلة كشف وبوح خارج المتاح وتنادم مع أصدقاء يعتقد ابراهيم أنهم يشاركونه لذة العذاب مع فاطمة، فحواريته مع أرغون حوارية جميلة يبدو فيها الخوف واضحا على فاطمة من تجار الحياة حيث كل شئ قابل عندهم للبيع

يا أرغون المعذرة
آتيك في عجالة
كالريح في جنونها
آتي بلا وعد كمثل عادتي
أبحث فيك
عن عيون إلزا
فعيون فاطمة
تعيش في فيء عيوني
أبدا عيونها تسكنني
أخاف
أن يسرقها التجارفي
أسواقنا القديمة

أما رسالته إلى غارثيا فهي تفجع صديق يبحث عن كتف للبكاء عليه ولا كتف غيرصدر فاطمته .

يا غارثيا
يا قمر الأندلس الحزين
ألم تزل
في سرك المعلن والدفين
تذكر أسم القتلة
وتعرف أسم القتلة

فالقتلة
من غابر السنين
من قبل سقراط
بلا لون
بلا اسم ولا رائحة

يا ابراهيم يا كليم فاطمة، لقد تفوقت الروح على السيف وتفوق الحب على الحياة وكان هذا على يديك. اللهم أجعلنا من متبعيك وأدم إلينا فاطمة. فلكل منا فاطمته شرط اكتشافها بصدق .
مريدك الفقير
محمد زكريا السقال

* ابراهيم مالك.: شاعر فلسطيني من قرية سمخ يعيش في مدينة الناصرة كان من قيادات الحركة الشيوعية في الأراضي المحتلة عمل كرئيس تحرير لمجلة السلم والأشتراكية لفترة طويلة ، وعمل رئيس تحرير جريدة "فصل المقال" التي تصدر في الناصرة ثم أسس مجلة الفكر الجديد.
*ديوان الشاعر الثاني "نشيد حب لفاطمة"
*ديوان الشاعر الأول" في انتظار أن تأتي"



#محمد_زكريا_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة مع نزار قباني
- الإخوان المسلمون في سوريا والحوار المطلوب
- أي سياق تسلك المعارضة في خطابها


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد زكريا السقال - الشعر والانتصار على الحياة