أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - بين سلفة الزواج ودخول -القفص الذهبي- . . لماذا نصح مسؤول موظفه بعدم الاقتران ..؟!















المزيد.....

بين سلفة الزواج ودخول -القفص الذهبي- . . لماذا نصح مسؤول موظفه بعدم الاقتران ..؟!


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6255 - 2019 / 6 / 9 - 09:39
المحور: المجتمع المدني
    


( أدون أحداث هذه القصة الواقعية هادفاً التذكير بأن الزواج بين شخصين يعني وجود عقد يتم بمقتضاه الإتفاق على بناء منظومة عائلية يتشارك في مسؤوليتها الرجل والمرأة وفق بديهيات معروفة ومتفق عليها أو محددة من قبل المجتمع والدين والطائفة وغيرهم من المعطيات. ويكون هذا العقد واضحاً وصريحاً لايسمح بتجاوز أحد الطرفين على مكانة الطرف الآخر كأن يحاول أحدهما أن يكون معبراً عن موقف الرجل والمرأة بنفس الوقت تجاوزاً على الحقوق الشرعية والمدنية للطرف الآخر.أنها قصة واقعية بأسماء مستعارة، قصدت منها الإشارة إلى أهمية أن تكون العلاقة الزوجية مبنية على التفاهم والإحترام المتبادل بين الزوجين وليس عن طريق التسابق من أجل الإستحواذ على مكانة الآخر وبالتالي تذويب شخصية الطرف الثاني بالكامل مما يفقد ثقة الناس بأحدهم ويصبح كلاهما مجالاً للتندر).
كعادته في كل صباح ، كان يدعوني لمكتبه لتناول فنجان قهوة معاً، والإستمتاع بتدخين سيكارة على الرغم من كونه ليس من المدخنين. كانت أحاديثنا تدور على الأغلب حول مواضيع عامة ومن ثم نعرج على القضايا المالية والمحاسبية للشركة. وكنت في الحقيقة أنجز الكثير من الأمور في تلك الجلسات الصباحية من خلال الحصول على موافقاته على أمور إدارية ومحاسبية تتعلق بعملنا خاصة في الأيام التي يكون فيها مزاجه رائقاً. كان ضخم الجثة ، أنيقاً، يسير بسرعة مخترقاً قسم الحسابات بإتجاه مكتبه ذي الموقع الجميل حيث يطل على نهر دجلة من خلال نافذة زجاجية كبيرة. كنا نشعر وكأن الأرض تهتز تحت قدميه بسبب من ضخامته.
في أحد تلك الأيام ، راجعه أحد الموظفين الشباب طالباً منه الموافقة على إستمارة "سلفة زواج ". وهي سلفة كانت يومذاك بمبلغ مائة دينار عراقي..، يوم كان الدينار الواحد يساوي ثلاثة دولارات وثلاثين سنتا أمريكيا، وكان أحد المصارف العراقية يمنح هذه السلفة للموظفين الراغبين بالزواج لمساعدتهم في الإقتناء والصرف لتلبية مستلزمات الزواج. و كان الحصول على تلك السلفة يتطلب موافقة دائرة الموظف وتأييداً منها على أن بإمكانه تسديدها على أقساط شهرية من راتبه.
- نعم أبني . . قال المدير
- صباح الخير أستاذ . . ممكن توقيعك؟ وناوله الإستمارة.
- هاي شنو؟ أستفسر المدير ، رامياً قلم – الباندان – من يده بعصبية ملحوظة . .
- إستمارة سلفة زواج أستاذ . .
- أدري ، بس ، بس أبني . . أنت فكرت بالموضوع بصورة جدية؟ قالها المدير بعصبية
- طبعاً أستاذ ، هي بنت خالتي وأحنه من زمان مخطوبين.
- زين أبني ، أنت عندك أحد أكبر منك ومتزوج تستشيره بمثل هذي الأمور قبل ما تقرر؟ مثل هذه القرارات تستدعي التروي والتفكير بعمق لأن هنالك مسائل كثيرة تترتب عليها. يعني مو شغلة هينة.
- أي أستاذ ، آني أبوية ميت ، وسألت خالي وهو موافق. أريد أكمل ديني أستاذ وأبني عائلة ، الله يخليك. بعدين آني ما مطلوب أبداً وأكدر أسدد السلفة بسرعة.
- أبني ، المشكلة لاعلاقة لها بالسلفة ، المشكلة أنك تتجه نحو كارثة كبيرة وتحتاج لنصيحة . . . أبني آني خايف عليك ، أنت راح تدمر حياتك . .
- لا أستاذ ألله يخليك ، وافقلي على السلفة حتى أفرح . . .
- تفرح؟ . . . قالها بإستهزاء . . شوف أبني ، نصيحتي إلك ، خلي الإستمارة عندي، وروح فكر بالموضوع من جديد ، أخذلك يوم ، يومين ثلاثة وأرجعلي وبعدين أوقعلك الإستمارة . . .
- لا أستاذ ، آني من زمان دا أنتظر هذه الفرصة . .
- امسك المدير بقلم الباندان بيده باحثاً عن المكان الذي يجب أن يوقع فيه . . ثم تراجع وتوجه بالسؤال ثانية للموظف:
- إبني ، آخر مرة أنصحك ، فكر بالموضوع قبل ما أوقع ، تره الشغلة بيها هجمان بيت. .
- أستاذ الله يخليلك أولادك ، وقعلي ، لأن كلشي مرتب وراح نتزوج بنهاية الشهر.
هنا ، أضطر المدير لتوقيع الإستمارة بعد محاولات جادة قام بها لإقناع الشاب بالعدول عن فكرة الزواج، الأمر الذي أثار شديد استغرابي، لأنني لم أكن متفهماً الدوافع التي دعته لذلك خاصة وأنه متزوج وأب لأطفال يعشقهم ويبذل قصارى جهده لتوفير حياة حرة كريمة لهم.
لم أرغب بالإستفسار منه عن سبب محاولته أقناع الموظف بالعدول عن فكرة الزواج ، كنت أعتقد في بداية الأمر أن موقفه هو من باب المزاح لكن معرفتي بشخصيته وتعابير وجهه أقنعتني بأن للأمر سبباً آخر.
وكأنني كنت على موعد مع الصدفة التي وفرت لي فرصة إستنتاج السبب الحقيقي وراء تصرفه مع الموظف، ففي الإسبوع التالي وبينما نحن نتحدث حول بعض الأمور الإدارية وإيفادات بعض الموظفين للفروع خارج بغداد من أجل أنجاز بعض الأعمال المحاسبية، رن هاتفه الخاص، فتوقف كل شيء فجأة. تسمر على كرسيه وتغيرت ملامح وجهه وهو يطيل النظر للهاتف، وبدت يداه كأنهما مصابتان بالشلل. كان لديه جهازان للهاتف أحدهما مع بدالة الشركة والثاني هاتف خاص ، كنت أعلم أن رقم الهاتف الخاص لايعرفه سوى شخصين، زوجته والمدير العام للشركة.
نظر إلي ، شعرت بأنه يرغب بالبقاء لوحده ، أشرت له بيدي بأنني سأخرج ، أجابني بإشارة من يده طالباً مني البقاء. مرت لحظات شعرت فيها برعب الموقف الذي لم أفهم سببه.
يبدو أنه قد تمالك أعصابه فمد يده اليمنى رافعاً سماعة الهاتف مردداً بهدوء ، ألو . . . . وجاءه الجواب واضحاً وقوياً حتى أنني سمعته بوضوح من مكاني: . . . محمــــــد . . . . . كانت زوجته.
فجأة قفز من كرسيه واقفاً وكانه جندي مستعد لتأدية التحية لقائده ، كانت قامته منتصبة ، سماعة الهاتف بقيت ملتصقة بإذنه ، تحركت يده الثانية لتعديل ربطة عنقه . . . وأجاب . .
- نعم أم سمير . . . . عيوني أم سمير . . ردد ذلك لعدة مرات بصوت يرتجف.
- أكول . . شلون نسيت تشتري بامية البارحة؟ . . .
- العفو عيني أم سمير . . أنشاء الله اليوم أجيب بامية من أرجع للبيت ، ولايهمج. قال ذلك وهو مازال واقفاً أمام جهاز الهاتف.
- زين ، لاتنسى . . . قالتها بصيغة الأمر وكأنها ضابط يلقن جنديه . . ثم أغلقت الهاتف.
وبحركة سريعة وقوية ، أغلق الهاتف ، وتسمرت نظراته عبر زجاج نافذة مكتبه حيث يجلس خارجها فراشه الخاص نجم . . . . وصرخ بصوتٍ عالٍ أشعرني وكأن هزة أرضية قد أصابت المكان . . .
- ولِكْ نجــــــــــــــــم . . . . .
- نعم عمي . . قالها نجم وهو يقف أمامه ويداه خلفه بإنتظار التعليمات . .
هنا تغيرت نبرة صوته حيث عادت له قوته وجبروته المنسجمتان مع ضخامته . . .
- ألزم ، هذا السويچ خليه بچيبك ، لتضيعه ، وهذا دينار . . . تروح رگض للمربعة ، تستنگي بامية جديدة وناعمة ، كلهن نفس الحجم ، ومن ترجع تخليها بالسيارة . . . يالله أركض . .
- صار عمي . . .
خرج نجم راكضاً ، أما مديري فمازال قلقاً وبدأ يتمشى في مكتبه والعصبية بادية على حركاته. حاولت أن أغادر مكتبه لإكمال بعض الأعمال في مكتبي لكنه أصر على بقائي معه وكأنه بحاجة لمن يسنده في محنته هذه.
مرت فترة غير قصيرة وهو ما أنفك يتمشى في مكتبه بإنتظار عودة نجم ، دخنّ كلٌّ منّا سيكارة، جاءه أحد المراجعين فاعتذر عن قبول مراجعته بسبب أنشغاله ! قال له أنه في إجتماع معي ! خلال تلك الفترة العصيبة كنت أسمع تنهداته وتنفسه . . .
وفجأة أنفرجت أساريره عندما شاهد نجم في مكتبه . .
- عمي ، البامية بالسيارة وهذا الباقي . . . وضع باقي المبلغ و- السويچ – على الطاولة.
لم يشكره ، خرج نجم ، عاد المدير للمكان الذي يوجد فيه الهاتف ، رفع السماعة ، توقف ، فكر ملياً ، أدار وجهه نحو الحائط ربما كي لا أرى تعابير وجهه ، أدار الرقم ثم بدأ بالحديث بصوت خافت جداً . . .
- عيوني أم سمير . . . البامية موجودة بالسيارة ، أطمئني . . . سامحيني.
ثم أغلق الهاتف . . .تنفس بعمق . . . أرتسمت إبتسامة على وجهه معبرة عن الإنتصار في معركة لم تكن متعادلة . . .
رمى بجثته الكبيرة على كرسيه ودفع بظهره للخلف موجهاً نظراته لسقف المكتب ، اطلق حسرة قوية . . . . ثم قال مستفسراً :
مدري عليمن چنه نحچي ؟




#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهرجان الثاني ل - ألوان بلاد الرافدين- يحقق نجاحاً منقطع ا ...
- رسالة إلى المفوضية العاليا المستقلة للإنتخابات في العراق
- الإنتخابات البرلمانية العراقية بين المشاركة والمقاطعة
- لماذا تسلب المفوضية (المستقلة) العليا للإنتخابات حق تصويت عر ...
- في رثاء الفقيد زيدون القصير
- رسالة إلى زينب
- متى نرتفع بالفعل إلى مستوى المسؤولية. . ؟!
- من عدنان القيسي إلى دونالد ترامب !!
- عندما لايفرق الإعلام بين الظالم والمظلوم !
- مَنْ يعزي مَنْ؟
- نحو تعزيز العمل الجاد من أجل وحدة العراقيين ودحر الإرهاب وال ...
- الإسبوع الوطني لإحياء الذكرى السنوية الأولى لإجتياح الموصل
- أين الجيش العراقي !
- عندما يكون الإرهاب وسيلة لرفع الإنتاج!
- خارج حدود المقارنة!
- في الذكرى المئوية لملحمة الإبادة البشرية : من سينصف الأرمن؟
- عندما تدار الحروب . . بالريموت كونترول!
- نيسان الجراحات .. واستعادات نازفة !
- اليمن الذي كان سعيدا قبل قرون غابرة ..! -عاصفة الحزم- . . سع ...
- إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق ، هل أصبحت جزءً من الحياة ال ...


المزيد.....




- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علاء مهدي - بين سلفة الزواج ودخول -القفص الذهبي- . . لماذا نصح مسؤول موظفه بعدم الاقتران ..؟!