أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - أزمة المثقف العربي: كاتب هذه السطور نموذجا















المزيد.....

أزمة المثقف العربي: كاتب هذه السطور نموذجا


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 09:50
المحور: الادب والفن
    


سجال تسفيهي وجدل عقيم تذكيه أزمة المثقف العربي: من المؤسف حقا أن يقبل المثقفون العرب بتوزع ولاءاتهم لتغذي خلافات الأنظمة والحكام في وطنهم ،وهم كتلة الوعي الفاعل في الأمة،وأحد أهم مصادر قوتها وتأثيرها وتدبيرها إذا ما جمعوا على وحدة الموقف ووحدة الهدف والرؤية ،إلا أنهم ابتعدوا عن هذا وانبهروا بالعقل الغربي ومنجزاته ،محتقرين العقل العربي ومنجزاته ، فزادوا من اتساع الشرخ الثقافي الذي يعيشه الإنسان العربي بدرجات لا تتفاوت كثيرا من جماعة عربية إلى جماعة عربية أخرى ، وبدلا من منطقة وسط يأخذ فيها المثقف العربي ما يتناسب مع ثقافته العربية ، وتراثه المجيد ،نجد الغالبية تعيش الثنائية بكل تناقضاتها وفصامها .ما أدى إلى أزمة يعيشها المثقف العربي العلماني ،والنهضوي ،والسلفي والإسلامي على حد سواء .
وهنا أشير إلى أن أزمة الثقافة والمثقفين العرب هي اليوم أخطر من أي وقت مضى ، ذلك أنها بدأت تهدد وجودهم وكيانهم ، فالخطاب التسفيهي والجدل العقيم هو الذي يحكم فكرهم وحوارهم،كما أن مصطلحات التكفير والتخوين والتأثيم هي سيدة خطاباتهم
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
فهل سيبقى المفكرون العرب على ماهم عليه أم تراهم سيحققون مناخا ثقافيا وفكريا يحقق سموهم وارتقائهم الحضاري،وينتزعهم من الواقع المزري الذي وضعوا أنفسهم فيه ، وهل باستطاعة المثقفين العرب أن يخلقوا دورا ورؤية في عالم كل مافيه متغير وسيبقى متغيرا؟ أمل كبير يبنيه الشارع العربي على مثقفيه ولكن هل سيكون المثقفون العرب أهلا للمسؤوليات الملقاة على عاتقهم وأهلا لما يعلقه الشعب عليهم من آمال؟
إن ثقافة "كن بين يدي شيخك كالميت بيد مُكَفنه"،هي نفسها ثقافة "نفذ ثم ناقش" ثقافة خضوع وعبودية واستعباد بمسميات مختلفة، ثقافة واحدة تلغي الحرية ولا تحترم العقل بل وتلغي وجودهما ، وهي قيد للعقل وخصي للإبداع، هي ثقافة صناعة العبيد، والعبد ألة إنتاج، وليس عقلاً مبتكراً أو مبدع، هي ثقافة تستهلك الحضارة ولا تنتجها، تقود المنتسبين لها للخروج من الحضارة بل ومن الوجود ذاته .
أزمة الثقافة العربية بكل مكوناتها هي أنها تستخدم نفس أدوات التراث المعرفية التي أنتجت ذات التراث المعيق والمغلوط أياً كان مسماه، فقهي قومي يساري ليبرالي ، وهي هنا تُعيد إنتاج نفسها بصور مختلفة وتسميات جديدة، معتقدة أنها أحدثت تجديداً وتغييراً ثقافياً بينما هي لا تزال أسيرة ذات التراث.
وللخروج من هذه الإشكالية ( الأزمة ) على العقل العربي أن يعيد قراءة تراثه الفقهي والحزبي، بمعارف عصره وأدواتها المعرفية وإشكالياته المعاصرة، ليصيغ ثقافة جديدة تُعيد صياغة العقل العربي بِمُكَون معرفي جديد يجعل للعقل والحرية حيّز وتأثير، هنا فقط يستطيع العقل العربي الخروج من أسر التراث لينتج ثقافة عصره وحضارته.
إغتراب المثقف:
التجارب التاريخية في وطننا العربي تشير الى مرض الاغتراب والتهميش والاقصاء الذي عانى ومازال يعاني منه المثقف العربي عبر الاجيال والعصور، ففقدان الحرية والديمقراطية وانتهاك حقوق الانسان كلها عوامل ادت الى اغتراب المثقف العربي وتهميشه،سواء داخل وطنه (كاتب هذه السطور واحد ممن نالت منهم الغربة والإغتراب داخل وطنهم ومدينتهم أيضا سيما بعد أن أشاحت السلط الجهوية بتطاوين بوجهها عنه وتركته في-عين العاصفة-مرض عضال ينخره..إبن يافع رحل إلى الماوراء حيث نهر الأبدية ودموع بني البشر أجمعين،إبن آخر قضى ثلاث عجاف خلف القضبان..زوجة ملتاعة تشكو تةترات عصبية حادة..عجزه عن إصدار كتاب يضاف إلى بقية كتبه في شكل مقاربات نقدية..إلخ) ولا مغيث حيث اصبح من الغرباء فيه لا يتعرف عليه ولا يتفاعل معه كما ينبغي لانه اذا فعل ذلك مصيره يكون مجهولاً، او اننا نجده يلجأ الى الهجرة طلبا للحرية ولمتنفس يجد فيه مجالاً للتفكير والابداع، لكن تبقى الغربة والعيش خارج المحيط الطبيعي للمثقف بمثابة الموت البطيء. والمثقف مهما كانت الصعاب والمشاق والمشاكل والعراقيل يبقى دائما مسئولا ازاء مجتمعه لتحقيق الأهداف النبيلة التي يناضل من أجلها،وهي العدالة والمساواة والحرية والقيم الانسانية النبيلة ومن اهمها توفير الظروف المناسبة للفكر والابداع.
اشكال آخر مهم جدا ضمن سياق ظاهرة اغتراب المثقف يتمثل في الرقابة الذاتية وممارسة الانسلاخ الارادي والمباشر من المجتمع والعيش في ضفافه وقشوره،وهذا موت بطيء أخر يعاني منه المثقف العربي وهو نوع من الانتحار،حيث لا يستطيع المثقف ان يجرؤ على التعبير عما بداخله ولا يستطيع ان يضع افكاره في خدمة المجتمع وفي خدمة المهمشين والمحرومين.فالاشكال هنا يتمثل في التقرب من السلطة وهذا يعني بعبارة اخرى الانسلاخ عن الجماهير،او التقرب من الواقع ومن الجماهير وهذا يعني غضب السلطة على المثقف واسكاته او تهميشه بطرق مختلفة(حالة كاتب هذه السطور)، البعض منها معلن والبعض الاخر سري وضمني.وفي كل هذا نجد ان المجتمع في نهاية المطاف هو الخاسر الكبير لأن المجتمع الذي لا يملك نخبة من المثقفين العضويين-مع الإعتذار لغرامشي- ونخبة من المفكرين تنظر وتنتقد وتقف عند سلبياته وهمومه ومشاكله وتناقضاته وافرازاته المختلفة،لا يستطيع ان يكون مجمتعاً يتوفر على شروط النجاح والابداع والتحاور والنقاش البناء والجاد بين مختلف الفعاليات والشرائح الاجتماعية. وآليات الاتصال داخل المجتمع مهمة جدا،فكلما كانت مرنة وسلسة ويسيرة كلما نجم عنها التفاهم والوئام والوصول الى الافكار النيرة.لكن كلما تعقدت آليات الاتصال والتواصل في المجتمع وكلما اصبحت عسيرة ومفتعلة ومتملقة ومنافقة كلما زادت مشاكل المجتمع وتفاقمت،وكلما زاد سوء الفهم وانعدم التفاهم والحوار واحترام الآخر.
هذا ما يقودنا للكلام عن الثقافة التي افرزتها القوى المختلفة في المجتمع،فهذه الثقافة هي بكل وضوح ثقافة التبرير والتملق والتخدير والتزييف،وكأن الهدف في نهاية المطاف هو تجهيل الرأي العام وتخديره بدلا من توعيته والرقي به الى مستوى الفعل والمشاركة في صناعة القرار وفي تحديد مصيره ومكانته بين الشعوب والأمم.
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:
ما هو دور المثقف في المجتمع؟ وما هي علاقته بالسلطة؟ اسئلة تفرض نفسها في وطننا العربي وخاصة في الازمات المتعاقبة والعويصة التي تعيشها الأمة العربية من المحيط الى الخليج.في البداية نتساءل عن مكانة المثقف في المجتمع وعن وضعيته وعن الدور الموكل اليه.ولماذا نتكلم دائما في وطننا العربي عن ازمة المثقف؟ لماذا مثلا لا نتكلم عن المثقف العضوي في المجتمع(مع الإعتذار ثانية لغرامشي)،المثقف الحقيقي الذي ينتقد ويقف عند هموم وشجون المجتمع،المثقف الذي يعمل على تغيير الواقع وليس تكريسه، المثقف الذي يساهم في صناعة الفكر والرأي العام،المثقف الذي يحضر مجتمعه شعبا وقيادة لمواكبة التطور الانساني والحضاري والتفاعل الايجابي مع ما يحدث في العالم؟! في البداية يجب الاشارة الى ضرورة النظر الى المثقف كجزء فرعي من نظام كلي وهو المجتمع،ونتساءل هنا هل المثقف ينتج المجتمع أم انه جزء من المجتمع؟ فالمثقف عادة ما يكون مرتبطة بواقعه وبمجتمعه يتفاعل معه،يؤثر ويتأثر به.لكن الاشكالية التي تطرح هنا تتمثل في ماهية وطبيعة العلاقات التي يقيمها المثقف مع الجهات المختلفة الفاعلة في المجتمع.وهنا نقف عند علاقة المثقف بالسلطة،هل هي علاقة تملق وذوبان في هذه السلطة ام انها علاقة احترام متبادل وبذلك امكانية التأثير وابداء الرأي والاختلاف وصولا الى علاقة التضاد؟! ما هي إذا علاقة المثقف العربي ببيئته؟اي علاقة المثقف بالسلطة وعلاقة المثقف بالجمهور وعلاقة المثقف بالقضايا اليومية للمجتمع وعلاقة المثقف بالقضايا الطارئة.ففيما يتعلق بعلاقة المثقف بالسلطة بقيت الأمور على حالها رغم المطالبة بتجسير الفجوة الموجودة بينهم،والمحاولات القليلة التي سجلت كانت مع الأسف الشديد من قبل المثقفين ازاء السلطة ومن جهة واحدة الأمر الذي يدعي الى التشاؤم والتحسر على واقع سلبي للغاية في عصر العولمة والثورة المعلوماتية.
على سبيل الخاتمة:
إن المثقف-التونسي-يعيش اليوم،ونحن على أبواب نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أزمة خانقة تحول دون قدرته على تحمل مسؤولياته حيال تنوير السياسي والحكام بصفة عامة بآراء وأفكار وتصورات من شأنها أن تزرع الأمل والثقة والاطمئنان في نفسية التونسي التي لم تعد تحتمل الاستمرار في الصبر والصمت والرضى بما قسمه لها السياسي الحاكم الفاسد وسياساته العرجاء التي أهلكت الضرع والنسل وحركت المياه الراكدة ..
إنه لا مناص للمثقف من الاضطلاع بدوره المنوط به المعروف والمحدد في تنوير الرأي العام وتقريبه من عمق قضاياه المصيرية على كل المستويات،ومواجهة الحاكم بأسئلة محرجة ومستفزة تدفعه دفعا إلى إعادة النظر العاقل والمتعقل والديمقراطي في أولويات الشعب المغربي من سكن وخبز وكرامة وحرية وصحة وتعليم وأمن وسلام،وهي أولويات المثقف وحده من يكرس لدى السياسي الحاكم والسياسي المدبر الإيمان القوي بجدوى الاهتمام بها وبما يفرزه هذا الاهتمام الجاد والدائم من سلم اجتماعي من شأنه أن يسهم بسلاسة في تنمية مستدامة للمجتمع التونسي.

إننا بتنا نتعايش على مضض مع خرجات مثقف الأزمة،خرجات تزيده هو بعدا عن دوره الحقيقي في المجتمع،وتزيد الأزمة استفحالا إلى درجة لم نعد معها نميز بين مثقف أزمة ومثقف يعيش أزمة...وذلك لما في الوضع الأول من خنوع وتكسب ومداهنة ومهادنة مذلة،وما في الوضع الثاني من تراجع وتقهقر في وتيرة أداء مثقف اليوم.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ..حتى لا ننسى الزعيم التاريخي للثورة الفلسطينية المجيدة الشه ...
- على هامش المشهد الديمقراطي التونسي:سيذهب في الأخير الخطاب ال ...
- هل آن الآوان للقطع مع شتاء الخمول العربي!؟
- حتى لا يهرول – البعض منا – خلف التطبيع مع الكيان الصهيوني
- كيف واجهت قطر بإرادة فذّة الحصار الغاشم وانتصرت عليه..؟
- حين يشدّد القطريون على أنّ سيادتهم ستظل خطا أحمر
- حصار قطر-جريمة أخلاقية في عصر كنا نظن أننا نؤسس فيه لوحدة عر ...
- المثقف بتونس..بين جهد وزير الشؤون الثقافية لتخليصه من عقال ا ...
- قم من سباتك يا -صلاح الدين-فقد نالت منا المواجع في نخاع العظ ...
- الكاتب الصحفي الدولي يثمّن رجالا ما هادنوا الدهر يوما بالقول ...
- رجل الأعمال والروائي التونسي المبدع المحسن بن هنية: للحوار ا ...
- محاسن التقوى،الورع والزكاة..وفوائد الصوم في شهر العبادات:رمض ...
- نشيج..في هدأة الليل
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى رجل ا ...
- تحية إجلال وإكبار ..إلى رجال أمن ما هادنوا الدهر يوما ولا حا ...
- رجل الأعمال ياسين النوري: الإبن البارلولاية تطاوين بالجنوب ا ...
- السياحة الصحراوية بالجنوب التونسي..بين إكراهات الراهن..وآفاق ...
- رسالة شكر وإمتنان مقتضَبة.. إلى الأستاذ الفاضل سالم بوخشيم
- تونس: جمعية التنمية بتطاوين الشمالية: نبراس يضيء دروب المحتا ...
- جمعية خليل تونس للأعمال الخيرية..نبراس يضيء-بكل نكران للذات- ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - أزمة المثقف العربي: كاتب هذه السطور نموذجا