أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (10)















المزيد.....

ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (10)


غياث المرزوق
(Ghiath El Marzouk)


الحوار المتمدن-العدد: 6246 - 2019 / 5 / 31 - 23:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ. قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ


قلتُ مُؤَكِّدًا تأكيدًا من قبلُ، في القسمِ الآنِفِ من هذا المقالِ، إنَّ كلاًّ من هٰذَيْنِ المشهدَيْنِ الثوريَّيْنِ الشَّعْبِيَّيْنِ، في السُّودانِ وفي الجَزائر، لَمْ يَزَلْ سَائرًا، حتى هذا الآنِ من ثَوَرَانِهِ السِّلْمِيِّ الجَلِيلِ، لَمْ يَزَلْ سَائرًا على قَدَمٍ وسَاقٍ مَتِينَينِ ثابِتَيْنِ بكلِّ ما يقتضيهِ السَّيْرُ من عَزْمٍ ومن حَزْمٍ لا يعرفانِ أيَّ معنًى لقيدٍ من القُيُودِ معنًى سَليلٍ، ولا حتَّى يعرفانِ أيَّ مغزًى للخُمُولِ أوِ الخُمُودِ أوِ الحُيُودِ مغزًى غَلِيلٍ، وبالرَّغمِ من كلِّ أشكالِ ذلك التَّدْوِيمِ الدَّخِيلِ واللادَخيلِ، تدويمِ طورِ الثَّوَرَانِ المُضَادِّ كطورٍ ذَمِيمٍ دَميمٍ بِسِيمَائِهِ اللااستثنائيِّ «الضَّلِيلِ»، وعلى الرَّغمِ من كلِّ ما ينجُمُ عنهُمَا عِلاوَةً على ذلك كُلِّهِ من حالاتِ الاِسْتِعْصَاءِ الاِستثنائيِّ المُسْتَطِيلِ. فالثَّائراتُ والثَّائرُونَ السُّودَانيُّونَ، من طَرَفِهِمْ، يواصلونَ سَعْيَهُمْ بسَائِرِ أطيافِهِمْ مطالبينَ بكلِّ إصْرَارٍ، على أقلِّ تقديرٍ، بتسليمِ «مقاليدِ» الحُكْمِ العسكريِّ إلى نظيرٍ مدنيٍّ قلبًا وقالِبًا، وبتمثيلٍ رَمْزِيٍّ من الجَيْشِ جِدِّ مَحْدُودٍ لأسبابٍ بَدَهِيَّةٍ تخُصُّ المَجْلِسَ السِّيَاديَّ بهَيْكَلِهِ الأخيرِ، مَهْمَا حاولتْ عناصرُ من ذاك «المجلس العسكري الانتقالي» أفَّاكَةً في تَسْويفِ التفاوُضِ الجَادِّ تشبُّثًا بهذهِ «المقاليدِ»، من جهةٍ، ومَهْمَا حاولتْ كذاك عناصرُ من «قوات الدعم السريع»، تيك الشَّبِيهَةِ بقطعانِ «الشَّبِّيحَةِ»، فَتَّاكَةً بالقوَّةِ، أو حتَّى بالفِعْلِ، في استخدامِ العُنْفِ بارتدادِهِ العَكْسِيِّ تشبُّثًا أكثرَ حتَّى بذاتِ «المقاليدِ»، من جهةٍ أخرى. والثَّائراتُ والثَّائرُونَ الجَزَائِرِيُّونَ، من طَرَفِهِمْ هُمُ الآخَرُونَ، يُتَابِعُونَ جَهْدَهُمْ بكافَّةِ أطيافِهِمْ أيضًا، مطالبينَ بكلِّ إلحَاحٍ، في الحَدِّ الأدنى من الدستورِ الجزائريِّ بالذَّاتِ، بتفعيلِ كلٍّ من المادةِ السابعةِ التي تنصُّ على أنَّ «الشَّعْبَ مَصْدرُ كلِّ سُلْطَةٍ» والمادةِ الثامنةِ التي تنصُّ على أنَّ «السُّلْطَةَ التأسيسيَّةَ مِلْكٌ للشَّعْبِ»، من ناحيةٍ، وبترحيلِ كُلٍّ مِمَّا تبقَّى من «أشلاءِ» النظامِ الفاشيِّ المَافْيَويِّ الهَرِمِ المُتَهَرِّئِ الهِرْدَبَّةِ الهِرْشَفَّةِ الآسِنِ حتَّى القِحْفِ من الرَّأسِ في مستنقعاتِ الفسَادِ والرَّذيلةِ والمُحَابَاةِ والمحسوبِيَّاتِ بكلِّ أشكالِهَا، من ناحيةٍ أخرى. وقلتُ مُؤَكِّدًا تأكيدًا كذلك، إنَّهُ لَمِنَ الخَطَأِ الفادِحِ أن يلجأَ «التحليلُ السياسيُّ»، أيًّا كانَ، مَحْثُوثًا بذلك «الحَمَاسِ الثوريِّ» المُفْرِطِ إفراطًا إلى حَدِّ الافتعالِ (وقد سَمَّيْتُهُ هناك تَسْمِيَةً نفسَانِيَّةً بِـ«الحَمَاسِ فوقَ-الثوريِّ» Hyper-Revolutionary Fervour)، فيلجأَ من ثَمَّ مَحْثُوثًا إحْثَاثًا أشدَّ إلى استخدامِ فَيْضٍ من بلاغيَّاتِ اللِّسَانِ التَّخْيِيريِّ، ومَا تَنْطَوِي عليهِ بدورِهَا من دلالاتٍ تمييزيةٍ، أو من دلالاتٍ تفضيليَّةٍ – لا بل جِدِّ تفضيليَّةٍ، في مَعْرِضِ الحَدِيثِ عن «إنجازاتِ» ثورةٍ شعبيةٍ عربيةٍ مَا (كالشقيقةِ السُّودَانيَّةِ، مثلاً) دونَ الأخْذِ بعَيْنِ الاعتبارِ بَتَّةً مَا يُنَاظرُ هذهِ الـ«إنجازاتِ»، في الأصْلِ، من أسَاسٍ مَادِّيٍّ (تاريخيٍّ) وَ/أوْ لامَادِّيٍّ (لاتاريخيٍّ) تأسَّسَتْ عليهِ بنحوٍ أوْ بآخَرَ أيَّةُ ثورةٍ شعبيةٍ عربيةٍ أُخرى، سواءً كانتْ هذهِ الثورةُ قد عاصرتْها في الهَيَجَانِ (كالشقيقةِ الجزائريَّةِ، بسَيْرِهَا) أمْ كانتْ قدْ سَبَقَتْهَا بمرحلةٍ أو أكثرَ في الزَّمَانِ (كالشقيقةِ السُّوريَّةِ، وغَيْرِهَا)، كما رأيتُما في مَظِنَّتِهِ – ناهيكما، بالطَّبْعِ، عن أنَّ هذا الخَطَأَ المُتَكَلَّمَ عنهُ من هكذا خُصُوصٍ إنَّمَا يزدادُ فّدَاحَةً أكثرَ فأكثرَ حينمَا يصدُرُ هكذا «تحليلٌ سياسيٌّ» اِنتقائيٌّ اِصطفائيٌّ (حَائِدٌ) عن مصدرٍ مَرْبُوصٍ على «اليسارِ العربيِّ» الماركسيِّ أوِ اللاماركسيِّ أوْ حتَّى الـ«مَا بَيْنَ بَيْنَ». وقدْ أشرتُ، في القسمَيْنِ الثامنِ والتاسع من هذا المقالِ، إلى شيءٍ من بلاغيَّاتِ اللِّسَانِ التَّخْيِيريِّ التي تَنْجُمُ عن ذلك «الحَمَاسِ فوقَ-الثوريِّ» على المُسْتَوَيَيْنِ الجَمْعِيِّ والفَرْدِيِّ، على سبيلِ التمثيلِ لا التحْصِيرِ، في كُلٍّ من مقالِ الباحثِ الجامعيِّ جلبير الأشقر، «التضامنُ مع الثورةِ السودانيةِ ملحٌّ!» (القدس العربي، 23 نيسان 2019)، ومقال الكاتبِ الرِّوَائيِّ إلياس خوري «السودانُ والربيعُ العربيُّ» (القدس العربي، 6 أيار 2019)، ومقالِ الكاتبِ الرِّوَائيِّ واسيني الأعرج، «أيقوناتُ الثوراتِ العربيةِ، والحراكُ السلميُّ؟» (القدس العربي، 21 أيار 2019). أقولُ هذا الكلامَ الاِحْتِرَاسِيَّ وذاك بكُلِّ تأكيدٍ هَا هُنَا، لماذا؟ – لأنَّنَا، نحنُ الجَاثِمَاتِ والجَاثمينَ في هذا المَكَانِ الكئيبِ وفي هذا الزَّمَانِ العَصِيبِ، قُدَّامَ مَرْحَلَةٍ تاريخيَّةٍ فريدةٍ بكلِّ المَعَايِيرِ من ثوراتٍ شعبيَّةٍ عربيَّةٍ ليسَ لنَا إلاَّ أنْ ننظرَ إليهَا كَافَّةً بمثابةِ «ثورةٍ شعبيَّةٍ عربيَّةٍ واحدةٍ» (فَلْيَذْهَبْ إلى الجَحِيمِ، دَرَكِ الجَحِيمِ، ذلك الشِّعَارُ الذي يَرِنُّ، لا بَلْ يَئِنُّ، بالصَّوتِ والإيقَاعِ رَنًّا مَرْنُونًا في الأسْمَاعِ من أولئك «البَعْثِيِّينَ» الاِزدواجيِّينَ والاِنهزاميِّينَ والاِنتهازيِّنَ في الدَّاخِلِ من سوريا والعراقِ وفي الخَارِجِ منهمَا، كذلك)، ليسَ لنَا إلاَّ أنْ ننظرَ إليهَا كَافَّةً، في كُلٍّ من أوقاتِ النَّدَاوَةِ والجَفَافِ، ننظرَ إليهَا جَسَدًا وروحًا لا ينفصِلانِ ملتهبَيْنِ التِهَابًا مَوْزُونًا بميزَانٍ مُتَوازِنٍ مُتَعَدِّدِ الكِفَافِ: فَثَمَّةَ كِفَّةٌ سُودَانِيَّةٌ وثَمَّةَ كِفَّةٌ جَزَائِرِيَّةٌ وثَمَّةَ كِفَّةٌ سُورِيَّةٌ وثَمَّةَ كِفَّةٌ يَمَانِيَّةٌ، وهَلُمَّ جَرًّا. فإذا رَجَحَتْ كِفَّةٌ أو أكثرَ من هذهِ الكِفَافِ في حَالٍ (صُورِيَّةٍ) استثنائيَّةٍ لا مَنَاصَ منهَا، كما هي الحَالُ الآنَ في كُلٍّ من الكِفَّتَيْنِ السُّودَانِيَّةِ والجَزَائِرِيَّةِ في مُقَابِلِ أخْتَيْهَمَا الكِفَّتَيْنِ السُّورِيَّةِ واليَمَانِيَّةِ، فإنَّ هذا الرُّجْحَانَ لا يعني البَتَّةَ اختلالاً بنيويًّا باطنيًّا في الميزَانِ المُتَوازِنِ ذاك بقَدْرِ مَا يعني اختلالاً بنيويًّا ظاهريًّا يتبدَّى تَبَدِّيًا مُؤقَّتًا كجُزْءٍ من سَيرُورةِ ذلك التَّدْوِيمِ الدَّخِيلِ واللادَخيلِ، تدويمِ طورِ الثَّوَرَانِ المُضَادِّ الذَّمِيمِ والدَّمِيمِ المُشَارِ إليهِ قبلَ قليلٍ.

ومِنْ أسبابِ هذا الاِختلالِ البنيويِّ الظاهريِّ في الميزَانِ المُتَوازِنِ يكمُنُ في الموقعِ الإستيراتيجيِّ (أو الجيو-سِيَاسيِّ، بالقمينِ) للبَلَدِ العربيِّ الذي اندلعتْ فيهِ ثورةُ الشَّعْبِ على طُغيانِ النظامِ الحَاكِمِ، أوْ طَبَقَتِهِ، كمثلِ سُوريا ومَا تمتازُ بِهِ منْ جِوَارٍ جغرافيٍّ شديدٍ لإسرائيلَ، بوَصْفِ هذهِ الـ«إسرائيلِ» المَخْلُوقَةِ في هذا الجِوَارِ بالذاتِ «نَشِيئةَ» بريطانيا في المقامِ الأوَّلِ وبوَصْفِها «ربيبةَ» أمريكا في المقامِ الثاني – ناهيكما، بطبيعةِ الحَالِ كذاك، عن كَوْنِهَا قبلَ ذاك كُلِّهِ «مَهِيدَةَ» عُصْبَةٍ أو عَصَابةٍ منْ كلابٍ «عربيةٍ» متوحِّشةٍ مَسِيخةٍ مَهينةٍ ليس لها سِوَى أنْ تُمَهِّدَ السَّبيلَ عندَ الطَّلَبِ شيئًا فشيئًا تحتَ أقدامِ أسيادِهَا منْ هذا الغربِ الإمبرياليِّ دونَ غيرِهِ من الغربِ «الديمقراطيِّ» و«الليبراليِّ» و«الخَيِّرِيِّ»، ليس لها سِوَى أنْ تُمَهِّدَ السَّبيلَ كُلَّهُ تمهيدًا حَثيثًا لاحتلالِ أجزاءٍ ومناطقَ إسْتيراتيجيةٍ (أو جيو-سِيَاسيَّةٍ) هامَّةٍ بدأتْ مدارسَتُها باهتمامٍ كبيرٍ منذُ بداياتِ ما كان يُسمَّى بـ«الثورة العربية الكبرى» عام 1916. وهكذا، في حَالِ نظامِ السُّحْتِ الفاشيِّ المَافْيَوِيِّ الطائفيِّ الإجْرَامِيِّ العَمِيلِ في سُوريا، مَا إنْ شَرَعَتْ أطيافٌ أبِيَّةُ من الشَّعْبِ السُّوريِّ في حَرَاكهَا السِّلْمِيِّ الأسطوريِّ الجَلِيلِ هُنا وهُناك، ذلك الحَرَاكِ السِّلْمِيِّ الذي كانَ، ولم يَزَلْ، يشهدُ لهُ كلُّ مَنْ كانَ شاهدَ العَيْنِ على مَاجَرَيَاتِهِ منذُ البدايةِ، حتى شَرَعَتْ أنْجَاسُ هذا النظامِ، نظامِ السُّحْتِ الفاشيِّ المَافْيَوِيِّ الطائفيِّ الإجْرَامِيِّ العَمِيلِ، بإيعازٍ جَلِيٍّ من إيرانَ قبلئذٍ ومن رُوسيا بعدئذٍ وبإشرافٍ خَفِيٍّ كذاك من ذاك الغربِ الإمبرياليِّ (بما فيهِ إسرائيلُ)، حتى شَرَعَتْ في اللجُوءِ إلى قوَّةِ الحَديدِ والنَّارِ بشتَّى سِلاحِهَا الثَّقيلِ والأثْقَلِ و«المُحَلَّلِ» والمُحَرَّمِ بَرًّا وبَحْرًا وجَوًّا (وشَرًّا وعُهْرًا)، وذلك منْ أجْلِ الحَيْلُولةِ والحُؤُولِ القَطْعِيَّيْنِ قَطْعًا بَاتًّا دونَ استمرَارِ ذاك الحَرَاكِ السِّلْمِيِّ الأسطوريِّ الجَلِيلِ، ومنْ أجْلِ القَضَاءِ عَلَيْهِ قَضَاءً وَحْشِيًّا هَمَجِيًّا حُوشِيًّا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ – وللضَّميرِ الإنسانيِّ، في هذا الزَّمَانِ الفقيرِ إلى الضَّميرِ الإنسانيِّ، أن يتصَوَّرَ هَا هُنا، إنْ كانَ في الوَاقِعِ أو حتَّى في الخَيَالِ مُسْتَطِيعًا مُطِيعًا للتَّصَوُّرِ، كلَّ مَا ارتكبتْهُ قُطْعَانُ «الشَّبِّيحَةِ» و«النَّبِيحَةِ» وأَقْطَاعُ العَسْكَرِ والأمْنِ والمُخَابراتِ «القَبِّيحَةِ» منْ مَجَازِرَ أو مَذَابِحَ أو شَنَائعَ أو فَظَائعَ منْ كلِّ الصُّنُوفِ بحَقِّ البريئاتِ والأبرياءِ، عَلى اختلافِ أعْمَارِهِنَّ وأعْمَارِهِمْ. ولَمْ يَقِفْ إجْرَامُ النظامِ، نظامِ السُّحْتِ الفاشيِّ المَافْيَوِيِّ الطائفيِّ الإجْرَامِيِّ العَمِيلِ، عندَ هذا الحدِّ: كانَ قدْ حَدَا بِهِ الإجْرَامُ البَهِيمِيُّ، لا بلْ ما دُونَ البَهِيمِيُّ، كذاك أيَّامَئِذٍ، وبالإيعازِ الجَلِيِّ ذاتِهِ وبالإشرافِ الخَفِيِّ ذاتِ ذاتِهِ أيضًا، إلى إطلاقِ سَرَاحِ كافَّةِ السُّجَناءِ (أوْ جُلِّهِمْ) منْ أولئك الإسلاميينَ و«المُتَأسْلِمِينَ» الأصوليِّينَ المُتَطرِّفِينَ، عَلى اختلافِ تَحَزُّبَاتِهِم وتَكَتُّلاتِهِمْ هُمُ الآخَرُونَ، وعَلى الأخَصِّ أولئك الإسلاميينَ و«المُتَأسْلِمِينَ» الذينَ سَرْعَانَ مَا اسْتَهْدَفَتْهُمْ بالدَّعْمِ التمويليِّ والتسليحِيِّ أرْجَاسُ الظلامِ والشَّرِّ والعُهْرِ من «عُرْبَانِ» المملكاتِ والإماراتِ، وبذاتِ الإشرافِ الخَفِيِّ ذاتِ ذاتِهِ من ذاك الغربِ الإمبرياليِّ (بما فيهِ إسرائيلُ) كذلك. كلُّ هذا الإجراءِ البَرَاحِ «المَحْرُوسِ» في هذا الإطلاقِ، إطلاقِ السَّرَاحِ «المَدْرُوسِ»، إنَّمَا كانتْ، وما زالتْ، غايتُهُ الأولى والأخيرةُ سَعْيُ النظامِ، نظامِ السُّحْتِ الفاشيِّ المَافْيَوِيِّ الطائفيِّ الإجْرَامِيِّ العَمِيلِ، إلى إيهَامِ العَالَمِ العربيِّ، خَاصَّةً، وإلى إيهَام العَالَمِ الإسلاميِّ، عَامَّةً، بأنَّهُ يخُوضُ، في سَاحَاتِ الوَغَى منْ كلِّ الجِهَاتِ، يخُوضُ غِمَارَ حَرْبٍ شعْوَاءَ مُزْدَوَجَةٍ خَوْضَ «الأشَاوسِ» و«البَوَاسِلِ» معَ كلِّ أشكالِ الإرهابِ الجِهَاديِّ (والتكفيريِّ)، منْ طَرَفٍ، ومعَ كلِّ أشْتَاتِ الغربِ الإمبرياليِّ (والتطهيريِّ)، منْ طَرَفٍ آخَرَ.

وعلى الرَّغمِ من ذلك كُلِّهِ، أيَّتُهَا القارئةُ اللبِيبَةُ وأيُّهَا القارئُ اللبِيبُ، لمْ نبرحْ في هذا الآنِ والأوانِ نرى مثقَّفَاتٍ جِدَّ لامعاتٍ ومثقَّفينَ جِدَّ لامعينَ مَرْبُوصِينَ على «اليسارِ العربيِّ» الماركسيِّ أوِ اللاماركسيِّ أوْ حتَّى الـ«مَا بَيْنَ بَيْنَ»، لمْ نبرحْ نراهُمْ يتشدَّقونَ بعباراتِ «النقدِ الثوريِّ البَنَّاءِ والنَّاصِحِ والجَادِّ» تشدُّقًا بوضعِ اللائمةِ على ذَوَاتِ السُّوريَّاتِ والسُّوريِّينَ وضعًا مستترًا ومبطَّنًا وملغُومًا بأنَّهُنَّ وأنهُمْ ثائراتٌ وثائرونَ «فاشلونَ» يفتقرونَ إلى أيَّةٍ من تلك «الأيقوناتِ الثوريةِ» السَّاطعةِ، وبأنَّهُنَّ وأنهُمْ ثائراتٌ وثائرونَ «فاشلونَ» يفتقرونَ كذاك إلى أيٍّ من ذاك «الحُضُورِ القيَاديِّ الثوريِّ» الأشدِّ سُطُوعًا!

[انتهى القسم العاشر من هذا المقال ويليه القسم الحادي عشر]

*** *** ***

دبلن، 31 أيار 2019



#غياث_المرزوق (هاشتاغ)       Ghiath_El_Marzouk#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- يَا نِسَاءَ ٱلعَالَمِ ٱتَّحِدْنَ (4)
- يَا نِسَاءَ ٱلعَالَمِ ٱتَّحِدْنَ (3)
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- رَسِيلٌ يَفَاعٌ إِلى هَذَا الوَطَنِ العَرَبِيِّ الجُزَاعِ (2 ...
- رَسِيلٌ يَفَاعٌ إِلى هَذا الوَطَنِ العَرَبِيِّ الجُزَاعِ (1)
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- مِنْ حَقَائِقِنَا هُنَاْ، وَمِنْ حَقَائِقِهِمْ هُنَاكَ (8)
- مِنْ حَقَائِقِنَا هُنَاْ، وَمِنْ حَقَائِقِهِمْ هُنَاكَ (7)
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتّ ...
- ذٰلِكَ ٱلكَاتِبُ ٱلمُوسِيقِيُّ: شِقَاقُ &# ...
- ذٰلِكَ ٱلكَاتِبُ ٱلمُوْسِيقِيُّ: شِقَاقُ & ...
- ذٰلِكَ ٱلكَاتِبُ ٱلمَسْرَحِيُّ: تَهْمِيشُ ...
- مِنْ حَقَائِقِنَا هُنَا، وَمِنْ حَقَائِقِهِمْ هُنَاكَ (6)
- مِنْ حَقَائِقِنَا هُنَا، وَمِنْ حَقَائِقِهِمْ هُنَاكَ (5)


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (10)