أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب الوكيلي - كيف اللعب وسيلة للتعلم والإبداع؟















المزيد.....

كيف اللعب وسيلة للتعلم والإبداع؟


أيوب الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 6242 - 2019 / 5 / 27 - 22:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تقديم:
يعد اللعب من العوامل الأساسية المساهمة في تطور الذكاء البشري، عبر تطوير المهارات الذهنية والعقلية من خلال اللعب، عبر وسائل مختلفة ذهنية وجسدية فردي وجماعي، مجرد رؤية سريعة على الحياة اليومية سوف نجد أن اللعب يتخلل مجمل أنشطة الحياة، ومن جهة أخرى توجد مجموعة من النظريات التي ترى أن نشأت الحضارة الإنسانية نفسها نشأت عن طريق اللعب، اضافة لذلك فإن اللعب يعد الية مهمة في تطور الوجود البشري من خلالها نستطيع تجاوز التحديات والصعوبات النفسية والمادية، إذ يعزز التعلم عن طريق الألعاب حاجة نفسية إبداعية لدى الأطفال والشباب حيث لا ينظر للمتعلم باعتباره متلقي سلبي للمعرفة بل هو عنصر فاعل في بنائها وتشكيلها، وهذا الأمر نجد حاضرا في النظرية البنائية عند جون ديوي الذي يرى أن اللعب يلعب دورا أساسيا في تطور الإبداع البشري. حيث يكتسي اللعب أهمية بالغة في حياة الطفل إذ يتعدى كونه ملهاة إلى ضرورة حتمية قد تكون أقوى من ضرورة الغذاء و النوم، لأن اللعبة تتضمن مجموعة من القواعد والنظم التي تحفز الخلايا العصبية على العمل والتركيز، باعتباره أساس التعلم أي مهارة أو معرفة، وهذا الأمر نجده حاضرا بقوة في الدراسات العلمية المتخصص في علم الأعصاب إذ وجد العلماء أن الدماغ أثناء اللعب ينتج مجموعة من الهرمونات التي تحفزه على النشاط والفعالية.
منه يمكن طرح التساؤلات التالية: لماذا تجذب الألعاب اهتمام المتعلمين وتحفزهم على المشاركة أكثر؟ كيف يكون اللعب مصدرا للحب والإبداع؟ إلى أي حد يمكن القول أن اللعب ومهاراته، وسيلة فعالة في تعزيز الإبداع والابتكار لدى الأطفال؟ ما طبيعة العلاقة الوجود بين اللعب والدماغ؟
تقر العديد من الأبحاث التربوية أن السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل هي الركيزة الأساسية في طريق تنمية قدراتهم الإبداعية؛ حيث يلاحظ عليهم في هذه السنوات سعة الخيال ومهارات البحث والتفتيش والأسئلة الفلسفية التي يطرحونها على الوالدين والمعلمين، حيث نجد علاقة جوهرية بين اللعب والإبداع من خلاله ندرك عمق التجربة البشرية، والقدرة على التواصل الجيد، لأن التعليم القائم على تلعيب القدرات العقلية، ينمي حس الابتكار ويشجع على عملية التعلم الذاتي و يعزز ثقافة التعاون والخدمة المتبادل للقيم الإنسانية، إضافة لذلك يكتسب الثقة في النفس لأن اللعب يقلص من التوتر التي يعترض الأطفال.
كما أن اللعب في حياة الشعوب ، يخلق نوعا من الالفة والانسجام وأيضا التنافس من خلال اللعب الرياضي، وهو أكثر ما يعتمد على القدرات البدنية والجسدية ومهارات التنظيم والتدريب، كما أنه يعتمد على استراتيجية خاصة بكل لعبة ومدى توافق الفريق بشكل جماعي، منها يتعلم المتدربين أهمية خطط الدفاع والهجوم وكيفية تحقيق النصر للفريق، وهناك اللعب الفردي أيضا لا يقل أهمية عن اللعب الجماعي ،ويعتمد على قدرات الفرد الواحد وإمكانية تحقيق توازنه وأيضا الاعلان عن مهارته وقدرته في تحقيق النصر.
اللعب مصدرا للحب والإبداع:
بداية الإبداع تنطلق من حبك وشغفك لما تقوم به، حيث يأخذ مجمل تركيزك حتى تدخل حالة الاستغراق الذهني، فإنه إذا كان الفرد محبا لعمله سوف يبدع فيه لأنه يطور مهاراته وقدراته العقلية والنفسية، وتدفعنا عملية الحب إلى ثلاث دوافع عصبية تتجلى في المجازفة والمثابرة والدقة، هذه العمليات هي الخطوات الأساسية لكل عملية ابداعية في المجال الإنساني. وبالتالي فإننا عندما نحب العمل الذي نقوم به تكون الإنتاجية والعطاء أكبر وأكثر لأن الدماغ يفرز هرمون الدوبامين الذي يحفز الذهن على النشاط والفعالية والشغف، وهذه الاليات البيولوجية تحفز الخلايا العصبية على النشاط والاشتغال.
كما يقر الباحث الجزائري الفرنسي ادريس أبركان في كتابه حرر عقلك comment libéré votre " cerveau" على أن السبيل الأفضل لتعلم والفهم و التطور على مستوى الدماغ، يتجلى في اللعب الذي يفعل هرمون الدوبامين داخل الدماغ الشيء الذي يعزز التركيز والانتباه بشكل جيدا. لكن لسوء حضنا نجد المدارس تضع فاصلا بين عملية التعلم واللعب باعتباره شيء غير مفيد لبناء المعرفة الذهنية والعقلية، غير أن اللعب يساهم في عملية التعلم عن طريق الخطأ واعتبار الفشل محاولة يمكن التخلص منها وتجاوزها، وهذه الطريقة نجذ لها محددا بيولوجيا نابع من الطبيعة البيولوجية لدماغ.
فكل أنواع الحيوانات المتطور الدلافين والقرد العليا وغيرها من الحيوانات تطور مهارتها عن طريق اللعب، لهذا يجب على المدارس أن تشجع اللعب من أجل أن يكون التعلم أفضل و أن تكون البرامج الدراسية مبنية على اجراءات وأنشطة تتضمن اللعب، الذي يسمح بهامش الخطأ، كما يقول ادريس أبركان" يتعلم الطلاب بشكل أفضل عندما يكون لهم الحق في ارتكاب الأخطاء والفشل من أجل النهوض من جديد". وهذا الأمر مختلف ومنعدم في ثقافتنا العربية لأننا نعشق منطقة الأمان ونكره أي شيء فيه المخاطرة والمغامرة، وهذا ما يجعلنا في مصاف الدول المتخلفة على المستوى الابداعي والعلمي.
ما الذي يجعل اللعب ممتعا؟
إن أحاسيس الفوز والخسارة هي المحرك والمسبب الأول, فهذا التناوب أو الانتقال من الهزيمة إلى النصر وما يصاحبه من أحاسيس لذيذة هو ما يسعى إليه اللاعبون وهو الدافع الأساسي للعب, فعندما يكون الربح سهلاً جداً أو تكون الخسارة دائمة، عندها تضعف كثيراً أحاسيس اللذة المرافقة للعب, وكذلك يتضاعف مقدار الأحاسيس اللذيذة عند حصول الفوز بعد مجهود كبير وخسارة متكررة, أما إذا كانت الخسارة متكررة بشكل محبط فعندها يتم السعي لتحاشي اللعب.
وبذلك فإن التناوب بين الربح والخسارة أو التناوب بين النجاح والفشل أو شحن وتفريغ للأحاسيس يستخدم أيضاً في كافة أشكال الرياضات خاصة الرياضات الجماعية مثل كرة القدم، إضافة إلى الفن والأدب والسينما، خد على سبيل المثال مسلسل لعبة العروش game of thrones أخد شهرة كبيرة إلى درجة اعتباره أعظم مسلسل في تاريخ النتاج السنيمائي، نجد له تفسيرا في حبكة القصة كما لو أن العروش والسلطة لعبة تحتاج إلى نوع من التدبير من أجل الحفاظ عليها وامتلاكها.
لهذا السبب يجب على المدرسة اليوم أن تطور برامجها لكي تتلاءم مع الطريقة التلقائية التي يعمل بها الدماغ، فالحركة واللعب هي أساس الموجه للمعرفة الذهنية، ولنا مثال من المعلم أرسطو الذي كتب معظم أعماله الإبداعية و هو يمشي في قصر الاسكندر، يجب أن يكون عنصر الشغف والتشويق والانتباه حاضرا داخل مدارسنا وإلى سوف تحصل فجوة كبيرة بين التعليم والشباب الذي يبحث عن المتعة والفعالية، لهذا يجب على المدرسة أن تكون أكبر محتضن للعب باعتباره ألية مهمة في التعليم في جميع المواد الدراسية.
العلاقة بين اللعب والإبداع:
فالدراسات تؤكد أن الأفراد يتعلمون بصورة أفضل عندما تكون عملية التعلم ممتعة ، فالألعاب طريقة جذابة وطبيعية ، فنحن مفطورون على حب المرح والنشاط والمتعة الذي يعد اللعب أحد مصادره، كما يقول نيتشه " في داخل كل منا طفل يتوق للعب". وبذلك يتم تطبيق فنون اللعب لأجل تحقيق أهداف تتجاوز ما تخدمه اللعبة بحد ذاتها، لكن إذا ثم توظيف هذه المسألة في التعلم سيكون لها مردودية جيدة على مستقبل المدرسة.
لأن الألعاب تخاطب جميع الحواس الشيء الذي يجعلها محفزة لدماغ، مخاطبتها لأكثر من حاسة لدى الإنسان، ففي حين تعتمد المحاضرات التقليدية على حاسة السمع لنقل المعلومة ، فإن الألعاب التربوية تستخدم ، بالإضافة للسمع : البصر، واللمس، وفي أحيان أخرى ، الشم والتذوق ، وكلما قم تنويع أساليب التعلم ، كلما كانت المعلومة أو السلوك ، أكثر ثباتًا وفهمًا لدى المتعلم، و تصلح أيضًا لغرس السلوكيات الإيجابية في نفسية الفرد.
ما هو التلعيب Gamification ؟
المقصود به تلعيب القدرات الذهنية، و القدرة على التحكم في التصرفات الذهنية التي تخدم مصلحة الإنسان المعرفية، إذ لا يوجد مجال نستطيع أن نحس من خلاله بنوع من الذكاء، فالمقصود بتلعيب القدرات، تفعيل عملية التعلم على المستوى الذهني بشكل أكبر، عن طريق استخدام اليات اللعب من أجل تعزيز المهارات الذهنية والعقلية، مثل التواصل والحوار والمناقشة، وغيرها من القيم التي تساهم في تطور العقل لدى الأطفال والشباب.
لأن الألعاب مبنية على عناصر يشكل التحفيز والتحدي أهم أهدافها. فإذا كان التعليم مبنيا كذلك على الدروس الموسومة بعناصر اللعب، فلن نجد فرقا واضحا بين تفاعل المتعلم مع اللعب وتفاعله مع الدروس، ولن ترتقي الدروس إلى مرتبة جاذبية الألعاب إلا بعد أن تخرج من نمطيتها المملة وتدخل إلى عوالم التحفيز عن طريق دمجها مع العناصر التي تجعل اللعب جذابا ومرغوبا فيه. في بعض الأحيان يحصل نوع من الشرود لدى المتعلمين في الدراسة، نظرا لغياب أي منهجية تحفيزية لعمل الخلايا العصبية على المستوى الذهني.
ماذا نعني التعلم باللعب؟
التلعيب في التعليم هو منحى تعليمي لتحفيز الطلاب على التعلم باستخدام عناصر الألعاب في بيئات التعلم، بهدف تحقيق أقصى قدر من المتعة والمشاركة من خلال جذب اهتمام المتعلمين لمواصلة التعلم. في السياق التعليمي يمكن للتلعيب ان يؤثر على سلوك الطالب من خلال تحفيزه على حضور الفصل برغبة وشوق أكبر، مع التركيز على المهام التعليمية المفيدة وأخذ المبادرة.
فوائد التعلم باللعب:
القيمة المضافة التي تقدمها الألعاب للمتعلم تكمن في امتلاك حرية التعلم، والقدرة على تنمية مهارة التعلم الذاتي من خلال المحفزات الذاتية لعملية التعلم، وتوسيع دائرة الخطأ والمحاولة مرة أخرى دون أي أثار سلبية، واعتماد وسائل مختلفة لعملية التعلم، وربط التعلم بالحياة الواقعية، والتطبيق العملي، لأن اللعب يجعل الأطفال نشيطين ومعنيين بالتعلم فالأطفال يتعلمون بشكل أفضل من خلال التجارب المباشرة والغرض من التعليم باللعب النشط أنه يحفز الأطفال ويحثهم ويدعمهم في تنمية مهاراتهم ومفاهيمهم واكتسابهم للغة ومهارات التواصل والتركيز.
خاتمة:
إن مستقل التعليم في العالم رهين، بفهم الشروط والإمكانات التي تقود للإبداع، وليس الحفظ لأن العقل المجتمع الإنسان في حاجة إلى جيل مبتكر ومبدع في كل المجالات، داخل الحياة، لهذا السبب نحتاج تعزيز عملية اللعب من أجل تعلم مبتكر ينمي القدرات العقلية والذهنية لدى النشأ، وخير دليل على أن اللعب أضحى وسيلة مركزية في نمو المعرفة المعرفية، نجد داخل أكبر الشركات العالمية مثل google و Facebook ، وغيرها من الشركات تعتمد بعض الألعاب في تكويناتها العلمية من أجل أن تحافظ على لياقة العقلية والذهنية لدى موظفيها.



#أيوب_الوكيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نماذج الألعاب النفسية
- نظرية الألعاب النفسية-علم تحليل المعاملات-
- قوة الكلمة


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيوب الوكيلي - كيف اللعب وسيلة للتعلم والإبداع؟