أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحمن البيطار - قراءة في تفاصيل الموقف الأمريكي من قرار التقسيم رقم ١٨١ الصادر في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧- الحلقة الأولى















المزيد.....

قراءة في تفاصيل الموقف الأمريكي من قرار التقسيم رقم ١٨١ الصادر في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧- الحلقة الأولى


عبد الرحمن البيطار

الحوار المتمدن-العدد: 6237 - 2019 / 5 / 22 - 21:22
المحور: القضية الفلسطينية
    




في يومية ٣٠ آذار ٢٠١٩، كَتَبْتُ عن ليلة القَبض على صحراء النَّقب ، ودور حاييم وايزمان في إقناع الرئيس الأمريكي ترومان في تشرين الثاني من العام ١٩٤٧ في إبقاء “صحراء النَّقب” ضمن المنطقة من مساحة “فلسطين” التي خصصتها “اللجنة الخاصة بفلسطين” (لجنة اليونسكوب UNSCOP) للدولة اليهودية في مقترحها “تقسيم فلسطين” الذي عَرَضَته اللجنة في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧ على الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقراره .
كَتَبْتُ حينها أنَّ لقاء “وايزمان – ترومان” حَصَل في الغُرفة البيضاوية في البيت الأبيض قبل يوم واحد من إجتماعٍ لجنة اليونسكوب مع الجمعية العامة في يوم ١٩ تشرين الثاني ١٩٤٧ ، لعرض مُقْتَرَحها عليها . وفِي الإجتماع المذكور ، عَرَضَ وايزمان مُخَطّطاً يُبَيِّن المشاريع التي تنوي الحركة الصهيونية تنفيذها في صحراء النَّقب ، وأنَّ ترومان إستمع لوايزمان باٌهتمام ، وأصغى إليه وهو يفرد خريطة أمام الرئيس الأمريكي ويُؤشِّر بإصبعه على نقطة عليها إسمها ” العَقَبة ” (يَقْصُد المنطقة المعروفة بِـ “أُم الرَّشراش”)ويقول:
” هذه المنطقة(أُم الرَّشراش) لا يمكن للدولة اليهودية أنْ تَسٌتَغني عنها “، “إنها الآن مجرد خليج ذو أهمية قليلة . سنقوم بتَجريفها وتَعميقها وسَنُحولها إلى ميناء بحري قادر على إستقبال السفن ذو الحمولات الكبيرة” .
“إذا ما تمَّ أَخْذها مِنّا ، سَتَبقى ( المنطقة ) مجرد صَحْراء ، ولا أَحَدَ يَعلم إلى متى سَتَبقى كذلك . لكن إذا تم ‘إعطاءنا’ إياها ، سَنُحولها إلى مركز إتصالات جديد لهذا العالم . ورُبّما سَيَأتي الوقت الذي سَتُصبح فيه هذه المدينة نهاية لقناة تمتد من نُقطة ما على البحر المتوسط …. وسَتُوَفِّر عندها مَمَرّاً (بحرياً) موازياً لقناة السويس ، والتي سَتؤول السَّيطرة عليها بلا شك للمصريين خلال سنوات قليلة …”.
الوقائع المَذكورة أعلاه نشرها ” دان كيرزمان “(Dan Kurzman) في كتابه المعنون “Genesis 1948 “الذي يتحدث فيه عن تفاصيل الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (The First Arab Israeli War)في العام ١٩٤٨ التي أفضت الى ترسيخ قواعد دولة اليهود في فلسطين ، وقد نُشِرَت طَبعته الأولى عشية حرب الخامس من حزيران ١٩٦٧، وفيه يُبَيِّن ، أنه وقبل عشرة ايّام فقط من صدور قرار الجمعية العامة رقم ١٨١، أي قبل أن يتحول “مُقترح” التقسيم الى “قرار” أُمَمي صادر عن منظمة الأُمم المتحدة، إستنجدت الوكالة اليهودية في واشنطون -التي كانت تتابع بدقة تطورات ” مُقترح تقسيم فلسطين ” في كل من واشنطون (أوساط البيت الأبيض ووزارة الخارجية) وفِي نيويورك ( أوساط منظمة الأُمم المتحدة)- أقول ، إستنجدت الوكالة بوايزمان عندما شَعَرَتُ أنَّ هناك إنقساماً في أوساط وزارة الخارجية الأمريكية وفي البنتاچون حول مُقْتَرح “تقسيم فلسطين “وضرورته وجدواه للمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الاوسط في ضوء إندلاع الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك في ظل مُحاولات بريطانية كان يقودها في ذلك الوقت وزير الخارجية البريطاني “إيرنست بيڤن” لإستثناء “صحراء النَّقب” من الأراضي المُخصصة للدولة اليهودية في مُقترح “لجنة اليونسكوب” تقسيم فلسطين ، والذي كانت اللجنة على وَشَك طَرْحِه على الجمعية العامة للأُمم المتحدة لإقراره ، وقد خَشِيَت الوكالة أن ينجح هؤلاء في التأثير على الرئيس الامريكي ترومان وأن يدفعوه لتبني موقف يُفضي الى تقليص مساحة المنطقة من فلسطين المُخَصّصة في مقترح التقسيم (أي باستثناء صحراء النَّقب) للدولة اليهودية. .
◦ لقد كان لتدخل ” وايزمان ” في تلك اللحظة التاريخية أثراً حاسماً في إبقاء ” صحراء النَّقب ” جُزْءاً من الأراضي العربية الفلسطينية التي خصصها قرار التقسيم للدولة اليهودية . وها هو “دان كيرزمان” يَكْشِف مَرَّة أُخرى في كتابه المذكور الدور الذي لعبه ” وايزمان ” في إبقاء الرئيس الأمريكي ترومان مُتَمَسِّكاً بِـ ” قرار التقسيم ” في الوقت الذي أَخَذَت فيه تطورات الأُمور في فلسطين بعد صدور القرار في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧ و حتى الأسبوع الثالث من شهر آذار ١٩٤٨ ، تدفع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الامريكية ، وكذلك الإدارة الأمريكية الى مراجعة موقفهم من خطة تقسيم فلسطين برمتها ، لصالح تعليق الخُطّة ، ووضع فلسطين تحت الوصاية المؤقتة الدولية Trusteeship لإفساح المجال امام الأطراف المتنازعة للتوصل الى حل متوافق عليه لمسألة فلسطين .
فماذا قال ” دان كيرزمان ” في هذا الخصوص ؟!.
يقول ” دان كيرزمان” أن الصِّراع ما بين “المؤيديين” لقرار تقسيم فلسطين و”معارضين” للقرار داخل الادارة الأمريكية بَقِيَ مستمراً بعد صدور قرار التقسيم رقم (١٨١) في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧.
ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي ترومان كان يَرى في تقسيم فلسطين ، وإقامة دولة يهودية على جزء منها حلاً لمشكلة اليهود في فلسطين ، ولمشكلة يهود أوروبا الناجين من محارق النازيين كذلك.
لذا فقد كان يؤيد قرار التقسيم ويرى فيه حلاً لا مَفَرَّ منه. هذا من جهة ،لكنه من جهة أُخرى، لم يكن في ذِهْنِه إرسال قوات امريكية الى فلسطين لفرض تطبيق خطة التقسيم في فلسطين . ولقد عَبَّر عن ذلك -كما يقول”دان كيرزمان” على الصفحة (٨٣) من كتابه- في إجتماع له مع كبار موظفي وزارة الخارجية والمسؤولين في البنتاچون بعد صدور القرار ، حيث قال :
“إن الولايات المتحدة مَحدودة فيما يمكن أن تقوم به لفرض التقسيم ، لأني لن ارسل قوات أمريكية لهذا الغرض”.
وبالنسبة لمعارضي القرار الأمريكان ، فقد كان هذا ما كانوا يرغبون سماعه من الرئيس .
وعليه ، ولأنَّ “قرار التقسيم” المُتَّخَذ لا يَتَضَمَّن مَتْنُه آليه مُعَيَّنة لتطبيقه ، فقد وَجَدَ هؤلاء في هذا الأمر بالتحديد الفُرصة المؤاتية للإنقضاض على القرار، ومَنْع وَضْعَه مَوْضِع التّطبيق . وقد عمل هؤلاء على مستويين :
المستوى الاول : الحيلولة دون تسليح اليهود في فلسطين ، وفِي هذا الخصوص ، فقد نجحوا في ٦ كانون أوَّل ١٩٤٧، أي بعد أُسبوع من إصدار الجمعية العامة قرارها رقم (١٨١) ، في إنتزاع قرار من الإدارة الأمريكية فرضت فيه حظراً على تصدير شحنات السلاح لبلدان الشرق الاوسط.
المستوى الثاني : إجهاض أي توجه للأمم المتحدة لتشكيل وارسال قوة عسكرية لغاية فرض تطبيق القرار على أرض الواقع في فلسطين.
ولكي يتعرف المعارضين لقرار التقسيم في “إدارة الرئيس ترومان” فُرّص ذلك ، فقد وَجَّه Sam Kopper – وهو المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية عن الإتصال بالدول العربية – في أواخر كانون الأول من العام ١٩٤٧ (ص٨٣) سؤالاً لـ Bernhardt Bechhoeffer -وهو المستشار القانوني للوزارة – مفاده :
“في رأيك،هل يمكن فرض التقسيم من ناحية قانونية؟ ”
أما جَواب Bechhoffoer ، والذي كان قد درس نص القرار وأَعْمَل فيه فِكْرَه ، فقد جاء على النحو التالي :
“لا. لا يمكن فرض القرار من ناحية قانونية. هذا جوابي المباشر . أما من ناحية غير مباشرة ، فإن تطبيقه ممكن ،وذلك في حال حاول العرب مَنْع تطبيق القرار بوسائل عنيفة ، فمن المُمْكِن في هذه الخالة أن يُتَّخَذ إجراء أو عمل قانوني بحقهم بالإستناد إلى أحكام المادة (٤٢) ، من الفصل السابع من ميثاق الأُمم المتحدة ، وهو الفصل الذي يتعامل مع حالات إنتهاك السلام . وبكلمات اخرى، فإن البيان الوارد في مَتْنِ قَرار التقسيم يُتيح مجال فرض تطبيق القرار بصورة غير مباشرة ، وهو في رأيي ، أمرٌ مشروع”
مضى Bechhoffoer إلى جَرَّارِ مَكتبه، وأخرج منه نص “قرار التقسيم” ، وقَرَأ ، … وتطلب الجمعية العامة :
“ج- أنْ يَعْتَبِر مجلس الأمن كل محاولة لتغيير التسوية التي ينطوي عليها هذا القرار بالقوة تهديداً للسلام، أو خَرْقاً له، أو عَمَلاً عدوانياً، وذلك بحسب المادة 39 من الميثاق.
لذلك، وكما ترى، فإن هنالك أُسس قانونية لفرض تطبيق التقسيم”
عَلّقَ Kopper على ما سمعه من Bechhooffoer بقوله :
“هذا رأيك . ربما ان علينا ان نحيل الموضوع على مجمع غير رسمي من المحامين المختصين بالشؤون القانونية للأُمم المتحدة ليقرروا حول هذه المسألة.”
حول ذلك، قال Bechhoffoer :
“فِكرة جيدة. لكني متأكد أنهم سيتوافقون مع ما خَلُصْت إليه من نتائج “.
وبعد ان تشاور Kopper مع دين رأسك Dean Rusk – السكرتير المساعد للشؤون السياسية الخاصة – تم الإتفاق على تشكيل هيئة من ثلاثة أعضاء:
١- Alger Hiss- محامٍ حل دين راسك محله، وكان في حينها رئيساً لـ وَقْفْ كارنيچي Carnegie Endowment
٢- Joseph Johnson- وهو الرئيس الجديد لوقف كارنيچي.
٣- Leo Paswolsky – موظف سابق في وزارة الخارجية ، ومدير تنفيذي لمعهد بروكنچز Brookings Institute
إنعقدت الهيئة في مكتب “دين راسك” في مطلع كانون الثاني من العام ١٩٤٨. وبعد بحث مُطَوّّل ، توصلت الهيئة الى نفس النتيجة التي خَلُص إليها Bechhoffoer ، ومفادها:
لا تملك الأُمم المتحدة فرض قرار التقسيم كما هو ، لكنها تستطيع استخدام القوة ضد العرب اذا حاولوا تخريب التقسيم من خلال انتهاك السلام .
بعد أن إنتهى الاجتماع والذي كان قد حضره Bechhoffoer ، ذَهَبَ Bechhoffoer الى Robert McClintock – مساعد راسك ، وقال له:
أما وقد أعطت الهيئة الرأي ، هل أقوم بتحضير برقية لبعثتنا في الامم المتحدة لتوجيهها حول هذا الامر “.
الا أن McClintock رد قائلاً :
“لا تفعل شيئا . أنا سأتولى متابعة الأمر ” .
بَعْدَها، أَبْرَقَ McClintock للسفير Warren Austen – الذي كان يرأس بعثة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة- وطَلَبَ إليه ان يدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد جلسة خاصة للبحث بمشكلة فلسطين ، على خلفية أن قرار التقسيم لا يمكن تطبيقه من ناحية قانونية.
في الشهور الاولى من العام ١٩٤٨، كانت العلاقات فيما بين الولايات المتحدة والإتحاد السوڤييتي تتدهور على نحو خطير في ضوء محاولات الإتحاد السوڤييتي تخريب خطة مارشال (لإعمار أوروبا)، وتهديدات الشيوعيين في كل من فرنسا وإيطاليا ، والدعم السوڤييتي للمتمردين اليساريين في اليونان والشيوعيين في سكاندنافيا وإيران والصين وكوريا ، وكذلك في ضوء ازالة الحكومة الدستورية في البلقان ومطالب الروس بأواصر عسكريةمع فينلندا.
وفِي اجتماع تم عقده لمجلس الأمن القومي الأمريكي في ١٧ شباط ١٩٤٨، أعلن الجنرال Alfred Gruenther- وهو ضابط ركن عالي الرتبة بأنه يُقَدِّر بأنه سيكون هناك حاجة الى ما بين (٨٠،٠٠٠) و (١٦٠،٠٠٠) جندي لفرض تطبيق التقسيم في فلسطبن، وان الولايات المتحدة اذا ما كانت ستشارك في هذه المُهِمّة فستجد نفسها مضطرة للإعلان عن تعبئة جزئية للجنود.
في ضوء ذلك ، قامت وزارة الخارجية الأمريكية بوضع مُسَوَّدة تحدد موقف الولايات المتحدة من مسألة فلسطين شارك في وضعها المُخططون العسكريون ، وتَضَمَنَّت المُسَوَّدَة (ص ٨٥) ما يلي :
“١- إنَّ أي حَل لمشكلة فلسطين يتطلب مُشاركة مُباشرة للسوڤييت في إدارة و الإشراف على الأمن أو الإنخراط في عمليات عسكرية في فلسطين يمثل خطراً على أمن الولايات المتحدة .
٢-إنَّ أي حل لمشكلة فلسطين يَنْتُج عنه عَداء مُستمر للعالم العربي تجاه الولايات المتحدة سَيُسْفِر عن توليد ظروف من شأنها تهديد أمن الولايات المتحدة.
٣- إنَّ على الولايات المتحدة الإستمرار في دعم خطة الأُمم المتحدة للتقسيم بكل الوسائل باستثناء استخدام قوات مسلحة خارجية لغاية فرض تطبيق خطة التقسيم على شعب فلسطين”.
ويقول ” دان كيرزمان” في كتابه(ص٨٥) ، أنه ومع المضي في مناقشة المسودة من قبل أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي ، فقد حصل انقسام فيما بين الدبلوماسيين من جهة والعسكريين من جهة أُخرى حول التكتيكات التي يتعين إتباعها. وفِي هذه النقاشات، رفض العسكريون الأمريكيون تأييد التقسيم ، وخلصوا الى إستنتاج خاص مفاده أن على الولايات المتحدة أن تبحث عن حل آخر لمشكلة فلسطين.
ويقول بأنه وفِي نهاية المطاف ، فقد وافق جميع أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن على الولايات المتحدة تأييد إنشاء “وصاية للأُمم المتحدة” على فلسطين United Nation Trusteeship ، وهي سياسة دفع بها دين راسك بموجب مُقْتَرَح قَدَّمَه McClintock .
وبالرغم من الملاحظات التي أبداها الجنرال Gruenther في وقت مبكر حول محدودية توفر قوات لفرض تطبيق التقسيم ، فقد بلور أعضاء المجلس ورقة تَحُث على تشكيل قوة وإرسالها الى فلسطين بغَرَض ضَبْط الأمن الداخلي خلال المرحلة الإنتقالية لفرض ” الوصاية ” الدولية عليها.
وفِي ٢٠ شباط ١٩٤٨، رَفَعَت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) إلى الرئيس ترومان تقديرها السِّرّي الخاص بخصوص الوضع في فلسطين كَرَّرَت فيه مَقولات الجدل المعياري (المُتداول) ، المناهضة لدعم (قرار أو خطة) التقسيم . وقد دَعَت وكالة الإستخبارات في تقريرها السِّرّي إلى الإعلان عن هُدنة فيما بين العرب واليهود ، في الوقت الذي يتعين فيه على “محكمة العدل الدولية” التقرير في مدى مشروعية (أو قانونية) قرار التقسيم. هذا وقد تضمن تقرير الوكالة ما يلي:
“إنّه لخَطوة مُهِمّة جِدّاً للأمم المُتّحدة أن تُقِرَّ بالخطأ ، وأنْ تلتزم بإعادة النّظر ، وهو أمرٌ يَتطلب الكثير من الشّجاعة الأخلاقية ، كما أنَّ إجراءً من هذا القَبيل يَنْسَجِم تماماً مع المُمارسة المُعتاد أن ينهجها القُضاة في الحالات التي يَسمحون فيها إعادة الجدل في أَمْرٍ يَعْتَوِره الشَّك في مدى صوابية القرار الأصلي ”
في شباط من العام ١٩٤٨، تمكن الشيوعيون في تشيكوسلوفاكيا من استلام السلطة ، وقد ادى هذا الحدث الى استعار حالة الحرب الباردة فيما بين القوتين الأعظمين في عالم تلك الأيام ، وساهم في تدعيم موقف المعادين للتقسيم في “ادارة الرئيس ترومان”. وقد تتوج ذلك في اجتماع انعقد في البيت الابيض في مطلع آذار ١٩٤٨حضره موظفوا وزارة الخارجية والبنتاچون ، وفيه تم بيان أن حرباً في فلسطين في ذلك الوقت يجب أن يُحال دون السماح بحصولها بأي ثمن من الأثمان . في ذلك الاجتماع، منح الرئيس ترومان موافقته بأن ” الوصاية ” كحل ضمن ” حلول ” أُخرى يمكن أن يُشَكِّل خياراً مُحتملاً إذا ما أصبح “التقسيم” حلاً غير ممكن إعماله.
بعد أيام قليلة ، وأثناء سفره بقطار خاص، اقترب موظف من موظفي الخارجية الامريكية من الرئيس ترومان ، وقال له:
“هذه هي مُسَوَّدة لخطاب يمكن أن نُلقيه في الأُمم المتحدة” .
ألقى ترومان لَمحة عارِضة على المُسَوَّدة ، وذَكَرَ بأنه بدا له أن الخطاب يتحدث عن إمكانية فرض الوصاية كحل مؤقت لمشكلة فلسطين . وأنه يبدو أنَّ الخطاب وبصورته التي إطّلَع عليها لم يجد فيها شيئاً غير أفكار إحتياطية . لقد كانت من المُمْكِن أن تكون كافية في نظره لتهدئة “مُعارضي التقسيم” العاملين في إدارته دون أن يُشكل ذلك تهديداً جسيماً لحل التقسيم.
عَلَّق ترومان على مسودة الخطاب قائلاً :
“يبدو أنه مقبول.”
قالها دون ان يكون قد درس فحوى الخطاب بتفحص ودون أن يكون في نيته أن تحمل الملاحظة التي أبداها أي موافقة رسمية للمُسودة النهائية للخطاب.
سأتوقف في هذه اليومية عند هذا الحد في نقل تفاصيل الموقف الامريكي من قرار تقسيم فلسطين رقم ١٨١.
فماذا حصل بعد ذلك؟ .
سيكون هذا موضوعاً ليومية أُخرى.
عبد الرحمن البيطار – عمان / الاْردن



#عبد_الرحمن_البيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
- وقائع استجواب -بومبيو-: لا حل دولتين.. وضم الضفة الغربية -لإ ...
- الحل الديمقراطي في فلسطين
- في الهمِّ الوطني والقومي الراهن : رسالة الى والدي( وهيب البي ...


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبد الرحمن البيطار - قراءة في تفاصيل الموقف الأمريكي من قرار التقسيم رقم ١٨١ الصادر في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧- الحلقة الأولى