أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحسْن - قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا ( استفاقةٌ ) للقاصة السورية رغداء العلي ، بقلم: رائد الحسْن














المزيد.....

قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا ( استفاقةٌ ) للقاصة السورية رغداء العلي ، بقلم: رائد الحسْن


رائد الحسْن

الحوار المتمدن-العدد: 6237 - 2019 / 5 / 22 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


استفاقةٌ
أنارَتْ سَوادَ ليْلِهِ ، بَشَّرَ بِها نُظَرَاءَهُ المَسْحُوقينَ ، افتَرَّ ثغْرُ الحَقِّ .
معَ إطْلالَةِ الفَجْرِ؛ حَلّقَتْ أفْكارُهُ عالياً حامِلةً مَعَها رأسَهُ.
__________________________________________
العنوان: استفاقة
وهو اسم ، مصدر اِسْتَفاقَ
اِسْتَفاقَ مِن الغفلة: أي انتبه
اِسْتَفاقَ مِن الجنون: عاد إليه عقله
اِسْتَفاقَ مِن السكر: صحا
اِسْتَفاقَ مِن النوم: استيقظَ
عن أيّ استفاقةٍ تتحدّثُ الكاتبةُ؟ هذا ما سنعرفهُ ونسبرُ غورهُ من خلالِ قراءةِ المتنِ كاملًا.
الاستفاقةُ هنا، هي استفاقةُ رجلٍ من شعبٍ مقهورٍ، مسحوقٍ، متألمٍ و مضطهَدٍ، عاشَ - ذلك الشعب - ويلات الظلمِ والاستبدادِ وبيدهِ أغلال الظالمين، الذين أغلقوا عليه منافذَ و نوافذ نور الشمسِ وشيَّدوا جدرانًا عاليةً مِن العزلةِ ووضعوا ستائرَ قاتمة؛ فأحالتْ نهارَهم ليلًا، بل أمسى ليلهم امتدادًا لنهارهم؛ فغطّاه بسواده ، لا شمس تطلعُ ولا فجر يبزغُ ولا نورٌ ينبثق. إنّها استفاقةُ ثائرٍ من رقادِ ظلمِ الظالمين أعداءِ الإنسانيّة.
المتن:
أقضَّ الطغيانُ مضجعَ - بطل قصتنا - وقطعَ الظّلمُ شرايينَ جسده المسجونِ بقيودِ الطغاةِ؛ لينتفضَ قبل أقرانهِ؛ فتسرّبَ نورُ الحقّ مِن بين مساماتِ الظلامِ، ليستحيلَ إلى نورٍ يتوهّجُ وينيرُ فكرهُ بحلمٍ سيتحققُ وأملٍ سيقبلُ وشمس ستشرقُ ليبدّدَ الظلمَ والظلامَ؛ لتنيرَ سوادَ ليلهِ، سواد ليلِ شعبٍ بأكملهِ يرزحُ تحت عبوديةٍ شاختْ في سني عمرها.
علمَ جيدًا، أنّ الطريقَ طويلٌ وشاقّ وشائكٌ وخطير، لكنّ الصُّبْحَ انبلجَ بين أضلعهِ وفي ثنايا خلايا دماغه ورأسهِ، فليسَ له القدرةُ والمقاومةُ على منعِ دخولِ نورِ الحياة من ثغرةِ نافذةِ الخلاصِ؛ لترسمَ أولَ خطوةٍ على طريقِ التغييرِ للوصول للحياة الكريمةِ ، وأدركَ أنّ عطرَ زهرته سيفوحِ وإنْ قُطعتْ ودُهِستْ تحتَ الأقدامِ، وتيقّن بأن لا بذور ستُنثَر وتنبت بلا موتٍ لسنبلةٍ قرَّرتِ العيشَ والامتداد مِن خلال فنائها لتحيا كلّ السنابل الأخرى الكثيرة لتكوّن وتؤلّف أجملَ بيدرٍ يستمتعُ بنور الشمسِ السّاطعة في أرضٍ معطاء واسعة وسط أجواءٍ وفضاءات مِن الحرية والعدالة.
بعد أن أنارتْ استفاقتُه سوادَ ليله، بشّر أقرانَه، نظراءَه في القهرِ، فالنورُ ينتشرُ ويضيء مديات بعيدة مِن المكان ليستقرّ في القلوب والرؤوس؛ لينفتح على آفاقٍ أوسع وأشمل؛ ولتنطق الأفواهُ المغلقةُ والألسنةُ الصامتةُ وتقول كلمةَ الحقّ بصوتٍ عالٍ موحّد.
بُشراه لم تطُل بزمنها، فكانت حياتهُ على موعدٍ مع الرحيلِ القسريّ ، فالفجرُ الذي أراده أن يطلع ، طلعَ مع أدواتِ فناءِ جسدهِ ، هُم ظنّوا أنّ بتصفيته - جسديًا - سيُصمِتوا صوتَ الحقِّ ونوره إلى أجلٍ غير مُسمى، ونسوا أو تناسوا بأنّ ثغرَ الحقّ انفتحَ والبذرة التي سقطت، ستُثمِر بثمارٍ كثيرة.
حلَّقت أفكارُه مع روحِه عاليًا وهي مُطمئنةٌ راضية بما تراه مِن هناك ، حيثُ الأمل والتغيير والثورة.
فبدون تضحية، لا خلاص وبدون موتٍ لا حياة، الفجر بزغ وإن افُلتْ روحُ - بطلنا - لكن الذي يواسي ويعزّي فقدانه هو أنّ أفكارًا جديدة ولدتْ وستكبر وتتعمّق وتنمو.
إنّهُ ترك نواةً للتغييرِ وهذه النواةُ ما كانت لتلد دون التضحية بحياتهِ.
أنها قمّةُ الإيثارِ والتضحيةِ، وهذا هو ديدنُ الشعوبِ الحيّةِ، تهبُ قرابينها على مذبحِ النضالِ لتمنحَ الحياةَ الكريمة لمواطنيها.
استخدمتِ الكاتبةُ لغةً بلاغيةً جميلةً برمزٍ شفّافٍ :
الإنارةُ رمزٌ للتّفتحِ الفكريّ، والسّوادُ لسباتِ الماضي
أمّا الفجر فيرمز دائماً للخلاص، ولكن عند البطل كان خلاصاً أبدياً من الحياة. عندما ألحقَ الطغاةُ أو الأعداءُ رأسَ هذا المسحوق بأفكاره التنويريّة..
كعادةِ المستبدّ الذي يخشى من النورِ الذي يزلزلُ عرشه وكأنّنا نتذكّر قول الكواكبي : ( المستبدّ عدو الحقّ، عدوّ الحرية، وقاتلها. و الحقّ أبو البشر و الحريةُ أمهم، والعوامُ صبيةٌ أيتامٌ نيامٌ لا يعلمون شيئاً و العلماء هم إخوتهم الراشدون، إن أيقظوهمْ هبّوا و إن دعوهم لبّوا… ).
النصّ جميلٌ ومكثّفٌ ويحمل المعاني الكبيرة والعبر العميقة، انتهى بقفلةٍ مدهشةٍ ومناسبة.
اختارت الكاتبة فيه، كلماتٍ معبّرة لها دلالاتها الغنية بمعانيها واستخدمتها في أماكنها الملائمة.
أمنياتي للكاتبة رغداء العلي بدوام الإبداع والتألّق والنجاح.



#رائد_الحسْن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا (سلاسل) للقاصة العراقية سمر العب ...
- الفيس بوك ومدى أهميته للأديب أو المثقف
- الغموض والإبهام في القصة القصيرة جدًا
- الكاتب بين الواقع والأدب
- قراءة نقدية للقصة القصيرة جدًا - ندم متأخر - للقاص مجيد الكف ...
- أصدقاء في العالم الأزرق
- قصص قصيرة جدًا/ زهرة
- قصص قصيرة جدًا/ طريقٌ آخرُ
- قصص قصيرة جدًا/ تَصريحٌ
- قصص قصيرة جدًا/ قلبان
- قراءة نقدية لومضة(فساد) للكاتب مفيد وسوف
- قراءة نقدية لقصة(صمت) للقاص علي غازي، بقلم الناقد: رائد الحس ...
- قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا
- قصص قصيرة جدًا/ مَشْهدٌ
- قصص قصيرة جدًا/ أريج الشوق
- قصص قصيرة جدًا/ قُبلَةٌ
- حديث عن النقد(بشكل عام)
- قصص قصيرة جدًا/ رَذاذُ المِسْكِ
- ربيعٌ - قصص قصيرة جدًا
- قراءة نقدية


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحسْن - قراءة نقدية لقصة قصيرة جدًا ( استفاقةٌ ) للقاصة السورية رغداء العلي ، بقلم: رائد الحسْن