أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - في مراسيم تشييع جنازة














المزيد.....

في مراسيم تشييع جنازة


جلال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6235 - 2019 / 5 / 20 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


في مراسيم تشييع جنازة
التفريط بالحياة فعل غبي، والأغبى نسيان النهاية
جلال حسن

لا تضاف أي أسئلة عن الموت، أنه جواب جاهز يغطس في الإعادة والاجترار والحيرة على أرض تتساوى الكائنات فيها في الحفر، وعلى هذا النحو يتساوي الفقد والرحيل بين التلاشي والاندثار والنسيان. فالموت لغز محير، وهو صحو بعد نوم عميق.
كنت هناك، خلف جنازة، أحدق في نهايات المنائر، فيخيفني دبوس السماء، هكذا كنت تسير في مراسيم تشييع جنازة على بقعة من أرض ضيقة الشهيق، كأنك رأيت الصمت يسير مع العويل، رأيت شيئاً خفيا يخفي ملامحه يمشي بمهابة ملك بين المشيعين، رأيت وجوها مصفرة متوجسة خائفة، وأكبادا حرى،
رأيت التراب يحكي، ينهال ويتفتت ويطير، والكفن يستر البدن ويخنقه، والتابوت يفرغ حمولته، ثم يفضح ويشهد على الفراغ، رأيت غسل الموتى يسيل من الدموع ، ورأيت قاع القبر، وسمعت كثيرا من الأدعية والتلاوات والتلقين، رأيت التراب يدثر بمعاول قصيرة كقش منفوش، ورأيت سدادة القبر، وحجر الاختناق من الهروب، رأيت معاول أخرى تضرب الأرض، وملقن الموتى يرتل التعاويذ الثقيلة ، رأيت ورأيت .. كأني رأيت السخط يسبق الخوف ؟!
الموت علامة الزوال حين تنهال سلسلة من الأسئلة التي لا جواب لها. أسئلة تجد أن من السذاجة أن تحكيها لكائن أصغر منك عمرا، قد تحتاج الى رأس حكيم، أو عمامة عالم أو جلباب ناسك أو مسبحة متعبد أو صوفي أو ملحد أو مؤمن.
لا شيء يخيف غير أسئلة الوجود، وأسئلة العدم، وأسئلة الإيمان.
أن أهم ما يعين على المعرفة هو امتلاك الوعي وتقدير أهمية الإقناع بالحجج والبراهين والأدلة، ربما تكون الأسئلة ساذجة ومخجلة من أن تسألها لأي إنسان. فلا جدوى منها!
أن الاحتماء من الأسئلة أو الخشية منها يشبه من يركب البحر ويخاف من قدح ماء، وعلى هذا الأساس تكون الحياة مذهلة ومرعبة وسمجة وتافهة وجميلة، نعم، أنها جميلة بجذوة ورغبة البقاء فيها، لذا تمسك بأسنان من حديد خشية ان تنهار هذه المتناقضات الثنائية.
كثير من الناس لا يفكرون بالموت كحقيقية وجودية ويظنون أنهم يعيشون الى الأبد، وهذا ضمن التمسك بها، لذا يكتفون بعدم ذكر الموت خشية الرعب منه، وهذا ما يعطي للإنسان سر التعلق بها والتخفي بثيمة النسيان والتجاهل عن عمد، وعن خوف من حقيقتها المرة،
أنه عالم مجهول لا يعلن عن إفصاحه في فج الأسئلة.
أن سر الموت لم يدركه الأولون ولا الآخرون، وغاص في ضيق المدارك والافتراضات التي يجتهد بها لكي يفهم التباسها على أجوبة مبهمة.
غالبا من يكون الشعور بالشفقة مرتكزا للعطف في تفسير خجول دون تقدير، ولكنه تجاهل عن ضعف، لان جدية الحياة لا تفصح عن الأشياء، بل تأخذ حيز المكان فيمن يفكر بها، وحيز الزمان فيمن ينساها، ولكن من النادر ان يتفوق الإنسان على ذاته بالاجتهاد النادر في مكنونات النفس . أن التفريط بالحياة فعل غبي، والأغبى نسيان النهاية.
.......................
جلال حسن



#جلال_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحيل نزيهة أديب
- هذا ليس أنا
- أصابع على وتر الكمان
- مرآيا الغياب
- عكاز يتوكأ بلا بوصلة
- آخر المطبات
- لا أحد يتوقع أن يرحل
- جزع الانتظار
- محابر الغياب
- العاشق في سره
- غزل البياض
- ما فعله الوجد
- الى أصدقائي المسيحيين الغائبين... سلاما
- صفصافة الحطاب
- رائحة الطائر المائي
- حلم فاسد
- متوارياً عن السراب
- على تلك المنضدة
- حوارية البحر
- شئ ما يخصني


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - في مراسيم تشييع جنازة