|
الخطاب المعكوس. اهم اسرار السياسية الخارجية الأمريكية
طلال الحريري
سياسي عراقي
(Tallal Alhariri)
الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 21:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل سمعتم بالخطاب المعكوس؟ واحد من اهم اسرار فهم السياسة الامريكية ومواقف صناع القرار خاصة السياسة الخارجية. من يُدرك هذا السر بإستطاعتهِ فهم الكثير من المواقف الأمريكية والتنبؤ بمستقبل الاحداث الدولية. حيث يمثل مفتاح الشيفرة الاكثر غموضا وتحولا في السياسة الخارجية الامريكية ودورها في ادارة الازمات الدولية واحتواءها، وصناعة الاحداث، والتحكم في الصراعات. لقد مرت السياسة الخارجية الأمريكية بعدة مراحل وتجارب تاريخية مهمة جعلتها اهم وابرز فاعل في النظام الدولي والسياسة الدولية واكبر لاعب في العلاقات الدولية. فمنذ عام 1776 ولغاية 1911 كانت السياسة الخارجية الامريكية تتخذ من استراتيجية العُزلة مبدأ لايمكن الانحياز عنه. ولقد ساعدت هذه الاستراتيجية في بناء اميركا الحديثة بعيدا عن احداث القارة الأوربية وصراعاتها. ومنذ عام 1911 ظهرت اميركا كقوة مؤثرة شهدت تحولا كبيرا نحو تغيير سياستها الخارجية ووضعت لها اهدافا عالمية حددت من خلالها الدور الامريكي في الصراع الاوربي الذي استثمر الحربين العالميتين وجعل من اميركا قوة عظمى وبأكلاف محدودة جدا. ومع بدأ الصراع على زعامة العالم مع السوڤييت وخلال الحرب الباردة التي استمرت لنصف قرن كانت السياسة الخارجية الإمريكية تجمع بين الموقف الصريح والموقف المستتر في ادارة الصراع الدولي وتحديد الدور الامريكي في النظام الدولي المنقسم حينها. وبعد سقوط الاتحاد السوڤييتي انتهت القطبية الثنائية، واصبحت اميركا هي القطب الاوحد، والقائد الأوحد للعالم. وخلال عقدين من الزمن تميزت السياسة الخارجية الأمريكية بالواقعية المطلقة وفرض الامر الواقع على العالم. ولكن بعد بروز الخطر والطموح الصيني المتنامي رافقهُ عودة جزئية لروسيا وريث الاتحاد السوڤييتي وتحديدا منذ عام 2009 بدأت السياسة الخارجية الأمريكية تحكمها النظرية وترتبط بمؤسسات متعددة مختصة بصنع القرار ووضع الرؤية السياسية للمواقف الأمريكية تجاه العالم والازمات الدولية حتى اصبحت اميركا تفعل مالم تُريد فعلهُ صراحةً،ولاتفعل ما تُريدهُ صراحةً! وبالجمع بين هذه الاستراتيجية، والمواقف المتناقضة،وزخم التعليقات والمواقف تجاه الاحداث والازمات الدولية اصبحت السياسة الخارجية الأمريكية اهم مدخلات السياسة الدولية المثيرة للجدل بسبب غموضها وتضاربها وعدم القدرة على التنبأ بها كمدخل يصعب تحليل مخرجاتهِ المستقبلية. ولكي نفهم هذه السياسة ونحل لُغز شيفرتها علينا ان نفهم معنى الخطاب المعكوس. ولتوضيح ذلك لابد من امثلة نذكرها كي يفهم المتلقي والرأي العام ما نُريد ايصالهُ. على سبيل المثال صرح اوباما بسحب القوات الامريكية من العراق بشكل شامل ونهائي لكن ذلك لم يحصل الا بشكل جزئي وفعلت اميركا مالم تريد فعله صراحةً حيثُ بنت في العراق قواعد امريكية مهمة واصبحت قواتها تتزايد بمرور الوقت ليعرِف العراقيين بعد ذلك بأن الانسحاب كان تكتيكياً ومرتبط بمستقبل الصراع في المنطقة. وفي عام 2013 صرح اوباما بعدة خطابات مهمة بعدم التدخل المباشر بالأزمتين الأوكرانية والسورية لكن ذلك لم يحصل وفعلت اميركا ما لم تريد فعله حيث تدخلت بشكل مباشر في اوكرانيا ودعمت المعارضة واسقطت النظام الموالي لروسيا. وتوغلت القوات الامريكية في الشمال السوري وتلقى النظام السوري بعدها عدة ضربات جوية في الوقت الذي كان فيه الخطاب الأمريكي يؤكد عدم التدخل بأستخدام القوة العسكرية في سوريا!
اليوم وفي هذه المرحلة المهمة من الصراع التي تشهد تصاعدا في المواقف وتصعيد عالي ضد سياسات النظام الايراني في ظل اجواء مشحونة بالإستعدادات للحرب تتضارب المواقف الامريكية ويصرح ترمب بأن امريكا لا تريد اعلان حرب على النظام الايراني وعدم رغبتها في تحول الضغط الى صراع مفتوح! هنا توقف العالم المغيب مصدوماً ومذهولاً ومصدِقاً لهذا التصريح الخطير الذي لا يفهمه الا من لديه معرفة وادراك في الخطاب المعكوس ومعانيه الخفية. ومن خلال ما اوضحناه نستطيع ان نُترجم تصريح ترمب عكسيا وموضوعيا: عكسياً يقول ترمب بأن النظام الايراني لا يُريد الحرب. موضوعيا يقول ترمب ان النظام الايراني ليس لديه القدرة على مواجهة اميركا وحلفائها لأنه يُدرك خسارته وانهياره. والقول بأن اميركا لاتريد صراع مفتوح مع ايران تصريح خطير في العلاقات الدولية وهذا يعني بأن الصراع لابد ان ينتهي،والصراع لاينتهي الا بزوال احد الطرفين! فماذا يعني ذلك؟ اذن ترُمب سيفعل ما لا يُريد فعلهُ صراحةً. وان السياسة تتحكم بها المتغيرات السريعة ولا تتحكم بها المواقف الثابتة.
طلال فواز الحريري 2019/5/18
#طلال_الحريري (هاشتاغ)
Tallal_Alhariri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستُضرب إيران وتشن امريكا حرباً لإسقاط نظامها؟
-
ماذا بعد ظهور البغدادي
-
سقوط النظام الايراني
-
الاصلاح السياسي في العراق خدعة العصر !
-
#داعش_الشر_المقيم! نهاية نظام #الاسد
-
الانتخابات العراقية2014(صوت الناخب والتوجه السياسي)
-
العراق دولة مدنية وسيبقى كذلك
المزيد.....
-
جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات
...
-
أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
-
-بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي
...
-
كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص
...
-
دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
-
هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا
...
-
استئناف حركة المرور بين تونس وليبيا بعد غلق المعبر لإجراءات
...
-
-استعدادات الصين العسكرية لمواجهة الغرب-.. فيديو متداول يثير
...
-
الكرملين يرفض زعم أرملة نافالني بموته مقتولا
-
أوباما في لندن بزيارة مفاجئة ويلتقي سوناك في -داونينغ ستريت-
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|