أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نزار المنشد - هل كان الحلاج مسيحياً ؟!















المزيد.....

هل كان الحلاج مسيحياً ؟!


نزار المنشد

الحوار المتمدن-العدد: 6233 - 2019 / 5 / 18 - 12:04
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هل كان الحلاج مسيحياً ؟!

أقول كما قال المسيح " في البدء كانت الكلمة ..... ‎كتبت عدة مواضيع عن الحلاج والمسيح وكانت الكلمة الفصل لماسينيون المستشرق الفرنسي المعروف الذي عنى عناية خاصة بمعلومات دقيقة عن حياة وتراث الحلاج فاخرج كل ما تبقى منه الى النور وكل من كتب عن الحلاج بعده كانوا عيالاً عليه .

أطلاع ماسينيون ومعرفته الشاملة بالتراث العربي والاسلامي عميقة جداً لكنه صب جهده العظيم في التنقيب عن اَي اثر له صله بالحلاج , حتى انه درس شخصيته بعمق من نواحي عدة سواء كانت سياسية او أجتماعية او دينية وفلسفية وحتى النفسية ، أخذ يدرس كل مايجل في أحاسيس وأنفعالات وخواطر الحلاج حتى وصل الى قناعة بان الحلاج رغم انه ظاهرياً صوفي لكن معتقداته ضارعت معتقدات المسيحيين وأمن في اخر حياتة بالنصرانية وبكل ما جاء به المسيح فكلام الحلاج ومحاكمته وقتله على الصليب ، فالحلاج في نظر ماسينيون كان صوفيا متشبعاً في المعتقد المسيحي وأنه مات عليها مصلوباً كالمسيح لكنه لم يعتنق المسيحية ظاهراً .
ولشدة تمسك ماسينيون لهذا الرأي انتقده زميله هاملتون چب Gibb Hamilton فقال : بان من الصعب وضع خط فاصل بين دقته العلمية وبين اتجاهاته الشخصية وحماسته الذاتية ، فقد رفع الحلاج الى حد نصرنته .

ذكر الدكتور محمد غلاب في مقالة له عن الحلاج ، ان المستشرق ماسينيون حدثه شخصياً انه كتب عن الحلاج اكثر من تسعمائة مؤلف ، منها خمسمائة باللغة العربية ، وأكثر من مائتين باللغات الأوربية ، ومائة باللغة الفارسية ، وسبعون بالتركية ، والباقي بالهندية والسريانية والعبرية . وهذا في منتهى العجب ؟ .
‏‎ وذكر العلامة اللغوي الشهير أنستاس الكرملي ان ماسينيون كان في سنة 1920 ( اَي عمره كان 37 ) قد تم مراجعة ألف وسبعمائة وستة وثلاثين مصنفاً في اكثر من ثماني لغات تتصل كلها بالحلاج وسيرته وآرائه .. انتهى. والله يعلم كم راجع خلال اكثر من الاربعين سنة المتبقية من حياته . انظر شرح ديوان الحلاج : د كامل مصطفى الشيبي .

‏‎فما هي إذا تلك العلاقة والرابطة بين المسيح والحلاج ؟ فحينما نبحث في كتاب ( الطواسين ) الأثر الصغير والمهم الذي تركه الحلاج والذي فصل به عقيدته ، كذلك في كتب ورسائل ودواوين والمذهب الذي يدعو اليه ، نجده يحاول مراراً في تشبيه نفسه بالمسيح اكثر من تشبيه نفسه في نبي الإسلام .

‏‎يرى الحلاج في بعض تعاليم الإسلام هي العائق الأساسي بين علاقة الإنسان وخالقه ويجب ان تكون العلاقة مباشرا بدون اَي وسائط حتى لو كان النبي نفسه لانه يرى ان النبي محمد لم تكن علاقته مع الله مباشرة بل كانت بواسطة الوحي جبرئيل وهذا عائق بحد ذاته يمثل نقص في مستوى هكذا علاقة لانه لا يمكن الاتصال المباشر مع الله....على عكس المسيح الذي يخاطب الله مباشراً ، لان المسيح لم يكن يوحى له كباقي الأنبياء والمسيح لم يدعي قط انه الله بل كان يعتقد انه كلمته وانه على صله مباشر به ، فالحلاج هو النسخة الثانية من المسيح في المجتمع الاسلامي، واغلب عقائد المسلمين أراد الحلاج اسقاطها ، لانها يعتبرها عائق أمام دعوته ومعتقدة الجديد الذي سعى الى تحطيم تلك السجون روحياً ، فالكعبة والحجر الأسود مثلا اعتبرهما صرحاً وثنياً موسومة بطابعها الوثني القديم .
‏‎ وكان يقول :

‏‎( اذا عجز الانسان عن الحج فليعمد الى غرفة من بيته فيطهرها ويطيبها ويطوف بها ويكون كمن حج البيت ) .

وقال ايضا :
( يا دليل المتحيرين زدني تحيراً ، واذا كنت كافراً فزدني كفراً )

‏‎ وقريب من نفس المعنى الاول قول ابن الرومي :
‏‎((إن جعلت وجهى الى الكعبة ، فذلك لحبك ، ولولاه لانصرفت عن الصلاة ، وعن الكعبة جميعاً ))

‏‎وأبطال شريعة الحج هي في المقام الأول التهمة التي أدين بها ، ما الحجر الأسود الذي انتزعه القرامطة من الكعبة انتقموا له بعد الصلب وقالوا : انه نزعوه بأمر وردوه بأمر .
لان الحلاج يقال انه كان من اكبر دعاة القرامطة وأنه يمثل رقم مهم في التنظيم السري الإسماعيلي ودرجة عالية هي درجة الحجة او الباب .
‏‎وهولاء اَي القرامطة يرون كل هذه العبادات وشعائر الاسلام ليست سوى رموز وإشارات، وهي أقرب الى النوافل منها الى الواجب إن لم تكن باطلة برمتها ، فكل تلك الشعائر الدينية انها حواجز أمام الحلول والاتحاد والتجلي بالله في عقيدة الحلاج .
‏‎قال:

‏‎ كفرت بدين الله والكفر واجب … علي وعند المسلمين قبيح

‏‎رغم انه صرح علنآ انه يموت كافراً بشريعة الاسلام لكن أصحابه "الحلاجية"او من تطوع في الدفاع عنه من الصوفية كانوا دوماً يجدون له بعض المخارج والتأويلات وعدم أتخاذ اَي مؤاخذات عليه .
‏‎وقد قال مرة: لإبراهيم بن فاتك : يابنى إن بعض الناس يشهدون على بالكفر وبعضهم يشهدون لى بالولاية والذين يشهدون على بالكفر أحب الى وإلى الله من الذين يقرون لى بالولاية . فقلت : يا شيخ ولم ذلك . فقال : لأن الذين يشهدون لى بالولاية من حسن ظنهم بى . والذين يشهدون على بالكفر تعصباً لدينهم . ومن تعصب لدينه أحب الى الله ممن أحسن الظن بأحد ثم قال لى : وكيف انت يا أبراهيم حين ترانى وقد صلبت وقتلت وأحرقت وذلك أسعد يوم من ايام عمرى جميعة . ثم قال لى : لا تجلس واخرج في أمان الله .
وقال :

‏‎ سُبْحان من أظهر ناسوتهُ سرَّ سناء لأهوته الثاقبِ
‏‎ ثم بدا في خلْقه ظاهراً في صورة الأكل والشرابِ
‏‎ حتى لقد عاينه خلْقة كلحظه الحاجب بالحاجبِ

‏‎وقال يوماً وهو يبكى :
‏‎دخلت بناسوتي لديك على الخلق .. ولولاك لاهوتي خرجت من الصدق .

هنا لا بد من القول ان ..
‏‎اللأهوت والناسوت أو امتزاج الطبيعة الالهية بالطبيعة البشرية عقيدة مسيحية بحته تأثر بها الكثير من مفكرين الصوفية وبعض مذاهب الباطنية ومن الطبيعي جدا ان لا تتفق تأويلاتهم مع قاعدة التوحيد القائمة في الفكر الإسلامي .
‏‎وحلول الروح التي تكلم عنها الحلاج مراراً كما يتكلم بها أي مسيحي معتقداً في المسيح كان لها اثرها على الصوفية عموماً بعد وفاته في ابن عربي وابن الرومي وغيرهم .
‏‎قال ابن الفارض :

‏‎ ولم أله بالأهوت عن حكم مظهري … ولم انس بالناسوت مظهر حكمتي

‏‎( والأكل والشارب ) وهي الصفة التي أعطى به المسيح جسده ودمه مأكلاً ومشرباً لتلاميذه .
‏‎ وكما وجد له ماسينيون مخرجاً من القران حيث جاء عن عيسى ومريم انهما { كانا يأكلان الطعام } ويقول ايضا : اتخذت مشكلة ( الحلولية ) عند الحلاج بطابعين : فلقد رأى فيها البعض تأثيراً مسيحياً ، بيمنا رأى الآخرون إيماناً بأزلية الروح على شكل ما كوحدة عددية للعقل الإنساني وهذه الفكرة إما ان تكون مستقاة من الفلسفة اليونانية وما ان تكون مستقاة من الفلسفة الهندية .
‏‎قال :

‏‎ مزجت روحك في روحي …كما تمزج الخمرة بالماء الزلال
‏‎ فاذا مسك شيء مني … فاذا انت انا في كل حال

‏‎ ذكر الدكتور كامل مصطفى الشيبي في شرح ديوان الحلاج ، في هذا الموقف ، إذا نطق الإنسان بروح الله ، التي تعمل عملها فيه ، قد يخرج كلامه عن المألوف عند الناس .
‏‎وزاد الدكتور أبو العلا عفيفي في هذا المعنى قليلاً معتمداً على قول ماسينيون ان( اللأهوت والناسوت ) هما اصطلاحان أخذهما الحلاج عن المسيحين السريان الذين استعملوهما للدلالة على طبيعة المسيح . وقال والناسوت عند الحلاج هو المظهر الخارجي لأهوت وان الحلاج ( ادعى انه صورة الإله القائمة على الارض وأن كل إنسان يمثل واحدة من تلك الصور الإلهية التي لا تحصى ) انظر شرح الديون الدكتور لمصطفى كامل مصطفى .
‏‎قال :

‏‎ألا ابلغ أحبائي بأني … ركبت البحر وأنكسر السفينة
‏‎على دين الصليب يكون موتي … ولآ البطحا أُريد ولا المدينة

‏‎سأل الحلاج مرة ما معنى هذا فقال : ( أن تقتل هذه الملعونة وأشار الى نفسه ) فموت الحلاج على الصليب كان موتأ نصرانياً على هدى المسيح وأن كان المسلمون لا يؤمنون بالصلب .
‏‎فقد اوضح الشعراني مراد الحلاج ( أنه يموت على دين نفسه ، فانه هو الصليب ، وكأنه قال : أنا أموت على دين الإسلام ، وأشار الى أنه يموت مصلوبا وكذلك كان) انظر مقال ماسينيون المنحنى الشخصي لحياة الحلاج ، شهيد الصوفية في الاسلام : من كتاب د. بدوي - شخصيات قلقة في الاسلام .
‏‎وقال حافظ شيرازي الشاعر الفارسي المشهور ( العاشق الذي جعله الصليب متعلقاً كل التعلق بشوقه ، حتى صار سلوى له لا يستطيع الانفصال عنه ) وقال ايضا ( لن يموت أبداً من يعيش قلبه من العشق ) نفس المصدر
‏‎يبرز الحلاج هنا بكل قوة وشجاعة فيصح على قارعة الطرق ( يا أهل الاسلام ! أغيثوني فليس {اي الله } يتركنى ونفسي فآنس بها ، وليس يأخذني من نفسي فأستريح منها، وهذا دلال لا اطيقه -اخبار الحلاج - ) وصاح ايضا في جامع المنصور وقال : ( اعلموا ان الله تعالى أباح لكم دمى فقتلونى … اقتلوني تؤجروا وأستريح … ليس في دنيا المسلمين شغل أهم من قتلي ) وقال ايضا : ( تهدى الاضاحي وأهدى مهجتى دمي )
‏‎وقال :

‏‎ أقتلوني يا ثقاتي … ان في قتلي حياتي
‏‎ ومماتي في حياتي … وحياتي في مماتي
‏‎ فقتلوني وحرقوني … بعظامي الفانيات

يقول الحلاج لإحدى المسيحيات في رجال الدولة ( ان المسيح لا يمكن ان يكون قد تألم ولا قتل على الصليب) ويعلق ماسينيون انه لابد من التألم من أجل الخلاص وأن الصليب فداء وقداسة، ومنحنى حياة الحلاج كله ، ومناظر محاكمته كلها تجعل الحلاج يشبه المسيح ظاهرياً.

فنظريات الحلاج وتأثيرت المسيحية عليها واضحة مثل (التجسد والروح ) و( هو هو ) وكذلك ( أنا وأنت ) و( الكلمة المجسدة ) و ( الفناء ) وعندما صاح الحلاج ( أنا الحق ) ليس هو الذي صاح ولكنه الله نفسه .
قال الحلاج :
ليس في هذه العظمة ( أنا ) ولا ( نحن ) ولا ( أنت ) .
( فأنا) و ( نحن ) و( أنت ) شئ واحد .
قال :
وتحل الضمير جوف فؤادى … كحلول الارواح في الأبدان

كله هذا يقصد ان الله تلكم بلسان الحلاج كما تلكم موسى بلسان الشجرة التي اشتعلت نارا . انظر نيكلسون - الصوفية في الاسلام

قال:
انا من اهوى ومن اهوى انا … نحن روحان حللنا بدنا
فاذا ابصرتني ابصرته … وإذا ابصرته ابصرتنا

معاني وكلمات الحلاج كثيرة والأقوال متفرقة وقد يرى البعض تاثيراً بالمسيح والبعض الاخر يرى فيه العشق الإلهي المعروف عند المتصوفة .
والاكمال الموضوع على افضل وجه بين الجسر المشترك المسيح والحلاج يحتاج البحث الى عشرات الصفحات ففي ذلك الكفاية .

نزار المنشد



#نزار_المنشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان الحلاج مسيحياً ؟!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نزار المنشد - هل كان الحلاج مسيحياً ؟!