أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جليل البصري - المظلومية البناءة














المزيد.....

المظلومية البناءة


جليل البصري

الحوار المتمدن-العدد: 1539 - 2006 / 5 / 3 - 06:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالتأكيد ستحس عزيزي القارئ من العنوان بالموضوع , وسيولد لديك إحساس بمضمونه .. لكن كون هذا الموضوع , شائكا ويكاد يكون من المحرمات أو المقدسات التي تجعل المروجين له يستفزون بمجرد أن تقع عيونهم على هذه الكلمة .. ويأتي هذا الاستفزاز من كون الكثير من القوى السياسية والدينية قد بنت برنامجها ودعايتها السياسية وتحريضها واصطفافها ولمحتها الداخلية على أساس هذه المظلومية التي غالبا ما تلوح بها كبعبع لإخافة أعضائها ومؤيديها قبل الآخرين لإدامة زخم التأييد والالتفاف , في الوقت الذي تنادي فيه بالوحدة الوطنية والإخوة والتعايش التي تتطلب التثقيف بالتسامح والمغفرة وتعزيز الثقة والإقدام على التعايش دون بغضاء لا مبرر شخصي لها , أو على مستوى علاقة الفرد بالفرد المعرف .. ولذلك فان الأدبيات الحزبية والداعمة لها تنطلق غالبا من المظلومية نحو الحق وكأن الحق دون هذه المظلومية ليس له ما يبرره , وهو أمر فيه الكثير من الخلل السياسي إذا ما أخذنا بالحسبان قواعد الدعاية والتحريض بين الجماهير التي تتطلب اعتماد أسباب وقواعد تتطور وتنمو أكثر لكلما اقتربت من هدفها وهو ما لا تستطيع المظلومية تحقيقه , كما إن هذه القواعد يجب أن تعتمد الموضوعية لان الدعاية والتحريض الشعوري (وهو ما تتضمنه المظلومية) لا يمكن الاستناد إليه في أي بناء صلب .. إن البناء السياسي الصحيح يجب أن يستند إلى نظرية الحق التي تفسر المظلومية التاريخية باعتبارها ثمن تدفعه الفئة أو القومية أو الحزب المعين نتيجة إصرارها عليه .. لا أن تتحول المظلومية إلى صنم مقدس نخشع عند ذكره ونحولها إلى قيود تعيق التفاوض والصراع في العملية السياسية وهو أمر يتطلب الكثير من المرونة والأخذ والعطاء والبراكماتية للوصول إلى اكبر هدف ممكن , وهو ما لا تسمح به قدسية المظلومية المتقولبة .. لذلك فان البناء السياسي على أساس تضخيم حجم ودور المظلومية فيه يعني بناء هيكل متصلب غير قابل للتعامل مع حقائق الحياة المتجددة دوما والتي لا يعنيها من التاريخ إلا ما يتداخل فيها ويدفعها نحو الأمام . ورغم أهمية المظلوميات العراقية الكردية والشيعية والتركمانية في زمن النضال ضد نظام الطاغية صدام وكونها كانت أدوات لتحريك الشارع ضده , فان سقوط النظام وصعود أصحاب المظلوميات إلى السلطة قد خلق ظروفا أخرى تتطلب الكثير من التروي وإعادة النظر في الستراتيجيات حيث من الممكن أن تتحول تزكية الإحساس بالظلم والترويج له في السلطة إلى الاحتقان الطائفي وبالتالي إلى خلق ماسي جديدة في وقت يحتاج فيه البلد إلى زرع ثقافة التسامح وبناء جسور الثقة والتعايش بعد زوال مسبب هذه المظلوميات , كما يجب السعي لبناء الحياة الجديدة على أساس الحق المدني وإصلاح آثار هذه المظلوميات التي تتشابك أحيانا بما يضمن العيش المشترك والتقدم .. ويكمن الخطر الآن في استخدام مظلومية ما لأسباب الظلم السابق للنيل من مظلومية أخرى بدل التعاطف معها والسعي بصدق إلى الخروج نحو عالم مشرق كان تاريخنا المظلم يحلم به .. وأسوق مثلا لتقريب الفهم وليس التحديد فقد قرأت مرة قبل عام لكاتب ينتمي للمظلومية الشيعية يتحدث عن موضوع كركوك فيحاول أن (يخفف) ! من عملية التطهير العرقي ضد الكرد والتركمان فيها ويبرر لنفسه ما جرى من مظلومية كبيرة سعيا منه لتبرير ((حق)) غير مكتسب والدفاع عن أدوات هذه المظلومية .. وهذا النوع من الترويج يشكل خطرا محدقا بوحدة وتماسك هذا البلد الذي يجب أن يبنى على أساس إحقاق حقوق المظلوميين , نعم إحقاقها بشكل لا يتحول فيه إلى أداة لمظلومية جديدة . إن محاكمة الواقع بمظلومية التاريخ وهو ما يجري على مستويات مختلفة بين السنة والشيعة , هو خروج عن المنطق وخروج على المظلومية نفسها التي يجب أن لا تتحول الى ثارات بني هلال .. لذلك فان اعتماد مظلومية بناءة تثقف بأسبابها وتدحض الفكر الدكتاتوري والشوفيني وتعتمد دولة القانون والنظام لإحقاق الحقوق المدنية , ولا تفسح المجال لبناء جدران برلين بين المكونات العراقية وهو ما يجب أن تسعى إليه أقلام المثقفين وتوجهات السياسيين ورجال الدين ليصبح بالإمكان بناء بلد متحضر خالي من الضغائن والعقد .



#جليل_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الميليشيات مجددا
- حرب أهلية أم لا ؟


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جليل البصري - المظلومية البناءة